العَرَّاب ..


..




نَضَبَتْ دُمُوعُ الوَجدِ بِالتَّنحابِ=فَرَدَفتُها بِالعَينِ وَ الأَهدابِ
شَتَّانَ ما بَينِي وَ بَينَ حَبِيبَةٍ=صَبَّتْ لِيَ الأَحزانَ فِي الأَكوابِ
حُورِيَّةٌ ؛ حارَتْ بِها أُنشُودَتِي=جُورِيَّةٌ ؛ جارَتْ عَلَى العِنَّابِ
ساهَرتُها ؛ وَ البَدرُ يَختَلِسُ الرُّؤَى=مُتَعانِقَينِ بِأَيكَةِ اللَّبلابِ
وَ اللَّيلُ يَكتَنِفُ - اللَّذَينِ تَوَسَّدا=راحاتِ بَعضِهِما - اكتِنافَ الصَّابِي
يا أَيُّها اللَّيلُ الذِي كَمْ أَرَّقَتْ=عَينَيكَ عَيناها ؛ اعتَبِرْ بِمُصابِي
إِمَّا نَظَرتَ إِلَيَّ تَلقَ حَشاشَتِي=مَيَّاسَةً مَعْ شَعرِها المُنسابِ
وَ أَضالِعِي مَكسُورَةً , وَ جَوانِحِي=مَأسُورَةً فِي حُسنِها الجَذَّابِ
يا لَيلُ ؛ يا حِضنَ الهَوَى ؛ لَو مَرَّةً=عانَقتَها - مِثلِي - وَقَفتَ بِبابِي
وَ سَأَلتَنِي : ( كَيفَ الفَكاكُ ؟ لِحاظُها=أَسرٌ ! ) , وَ لَكِنْ ما لَقِيتَ جَوابِي !
لَو مَرَّةً قَبَّلتَها - مِثلِي - اكتَوَتْ=شَفَتاكِ مِنْ تَقبِيلِها اللَّهَّابِ !
وَ إِذا رَكَنتَ إِلَى العَقِيقِ بِثَغرِها=أَدرَكتَ مَعنَى العَضِّ بِالأَنيابِ !
وَ إِذا تَذَوَّقتَ الطُّعُومَ كَأَنَّما=ذُقتَ البَهارَ بِزَنجَبِيلِ رِضابِ !
وَ إِذا مَرَرتَ عَلَى الخُدُودِ , حَوافُها=وَقَدَتْ سُرادِقَها بِقَدحِ ثُقابِ !
وَ إِذا عَلَى الـ .. يا وَيلَتاهُ ؛ رُمُوشِها=عُلِّقتَ - بَعدَ الطَّعنِ - بِالكُلَّابِ !
وَ إِذا لَمَستَ ضُلُوعَها ؛ فَكَأَنَّما=لَاعَبتَ زِئبَقَ قَلبِها الوَثَّابِ !
وَ صُعِقتَ بِالتَّيَّارِ بَينَ نُهُودِها=إِمَّا اقتَحَمتَ تَجاذُبَ الأَقطابِ !
هِيَ فِتنَةٌ يا أَيُّها العَرَّابُ ؛ لَمْ=يَنفَعْ لَدَيها الأَخذُ بِالأَسبابِ
إِلَّمْ تُحِطْ خُبرًا بِها فاحذَرْ , وَ لَا=تُلحِحْ بِأَخذِ الثَّأرِ وَ التَّطلابِ
فَإِذا وَقَفتَ هُناكَ وَقفَةَ غافِلٍ=أَمسَيتَ قُربانًا عَلَى الأَنصابِ
وَ شَكَوتَ - مِثلِي - وَ انصَهَرتَ بِحَرِّها=وَ غَرِقتَ فِي تَغناجِها الذَّوَّابِ
يا ليلُ ؛ يا عَرَّابَ عِشقِي ؛ فاتَّخِذْ=مِنِّي - أَنا - عِظَةً , بِلا أَتعابِ !