تطوير سياسات التعليم والعمل والتدريب العربية
في ضوء معطيات الثورة العلمية والتقنية المعاصرة

مقدمة

لن نأتي بجديد، إذا قلنا أن التعليم من أهم ركائز الأمن القومي للأمم. والدور الذي يقوم به المتعلمون لا يقل عن الدور الذي تقوم به الجيوش، بل يسبقه ويتكامل معه ويرفده.

كما تتصل قضية التعليم بالمستقبل، فتلاميذ اليوم سوف يشكلون القوى العاملة للعقدين القادمين، وسيكونون اللاعبين الرئيسيين على مسرح المجتمع المعولم، وسوف تتوقف طبيعة تقدمهم على ما يتاح لهم من تعليم جيد.

إن مستقبل أي تعليم هو محصلة ما يحدث من أداء وتفاعلات في الفصول اليوم، ومن هنا تأتي أهمية مراجعة نظمنا التعليمية العربية.

يحدد تقرير (نادي روما) الوظائف الأساسية للتعليم وخاصة التعليم العالي في الجوانب التالية:

اكتساب المعرفة.
بناء الذكاء، وتنمية القدرات النقدية وبناء القدرات العقلية.
تنمية معرفة الذات، وإدراك الفرد مواهبه وحدوده.
تعليم كيفية التغلب على النزوات غير المرغوب فيها.
إيقاظ القدرات الخلاقة والإبداعية لدى الفرد.
تعليم كيفية الاضطلاع بدور مسئول في حياة المجتمع.
تعليم كيفية الاتصال بالآخرين.

أما تنفيذها، فتقع على عاتق كل بلد، وعلى عاتق أوساطه الأكاديمية.*1

مجتمع ثورة المعلوماتية، وتحولات التعليم والعمالة

1ـ ثورة المعلوماتية

تقنيات المعلومات تقوم بثلاث وظائف رئيسية هي: تخزين المعلومات، ومعالجتها، ونقلها من مكان الى آخر.

ويمكن تحديد سمات مجتمع المعلومات في الجوانب التالية:*2

1ـ المنفعة المعلوماتية: من خلال إنشاء بنية تحتية معلوماتية، تقوم على أساس الحواسب الآلية المتاحة لكل الناس. (شبكات وبنوك المعلومات).

2ـ الصناعة القائدة ستكون صناعة المعلومات التي تهيمن على البناء الصناعي.

3ـ سيتحول النظام السياسي لتسوده الديمقراطية التشاركية، والتي تقوم على أساس الإدارة الذاتية للمواطنين.

4ـ سيتشكل البناء الاجتماعي من مجتمعات محلية متعددة المراكز، ومتكاملة إراديا (طوعيا).

5ـ ستتغير القيم الإنسانية وتتحول من التركيز على الاستهلاك المادي الى إشباع الإنجاز المتعلق بتحقيق الأهداف.

6ـ ستتمثل أعلى درجة متقدمة من مجتمع المعلومات، في مرحلة تتسم بإبداع المعرفة عن طريق مشاركة جماهيرية فاعلة، والهدف النهائي منها هو التشكيل الكامل لمجتمع المعلومات الكوني.

2ـ تحديات العلم والتقنية للنظام التربوي العربي

يهدف التعليم المدرسي Schooling الى تهيئة الشباب للحياة، وتستغرق هذه العملية بين 11 و 16 سنة في البلدان المتقدمة، حيث يقضي المواطن العادي حوالي 14 سنة من التعليم النظامي. وبالمقارنة يقضي المواطن العربي بين 4 و 7 سنوات فقط من التعليم.

وهناك علاقة قوية وواضحة بين تعليم الأفراد وإنجازاتهم خلال محيط تقني خاص. وهناك ثلاثة اعتبارات تدعو الى زيادة التعمق في فهم التفاعل بين المعرفة والتنمية*3:

الأول: تكامل واندماج الاقتصاد العالمي، فقد نمت التجارة الدولية من 24% عام 1960 الى 42% عام 1992.

الاعتبار الثاني: هو حصة الصناعات ذات التقنية المتطورة من القيمة المضافة الإجمالية للصناعات التحويلية وحصة الصادرات. ويستند أكثر من نصف الناتج المحلي في البلدان المتقدمة على إنتاج المعرفة وتوزيعها.

الاعتبار الثالث: تطور تقنية المعلومات بمعدل هائل مما يدعو الى استحداث معرفة جديدة تهيئ للمخترعين والمبتكرين أسباب الوصول الى المعرفة على وجه السرعة.

وهذا ما يجب أن تنتبه له الدول النامية ومنها بلداننا العربية، لتخفيف كلف حياة الفرد، ودفع مجتمعاتها للحاق بركب العلم والمعرفة والتنمية.

يتبع



هوامش (من تهميش المؤلف)
*1ـ عبد الله بو بطانة: اتجاهات وتوجهات إصلاحية في التعليم العالي/ المؤتمر السادس لوزراء التعليم العالي العرب/ الجزائر 1996

*2ـ السيد يسين: مجتمع المعلومات العلمي والنموذج الحضاري/ المنتدى، منتدى الفكر العربي عدد(173) عمان:شباط/فبراير 2000

*3ـ البنك الدولي للإنشاء والتعمير: تقرير عن التنمية في عام 98/99 مركز الأهرام للترجمة والنشر القاهرة: 1999