الباب النظري أثر المصطلح في الدرس اللغوي: ـ الفصل الأول أثر المصطلح في الدرس اللغوي
1ـ تقدمة‏
أصبح الدرس اللساني في السنوات الأخيرة موضوع اهتمام الدارسين كل إزاء لغته وبلسان قومه، وظهرت أصوات تدعو إلى عصرنة النقد العربي، تتحسس الظاهرة اللغوية في ضوء اللسانيات الحديثة و"تسعى إلى تأسيس المعرفة الإنسانية، والتأصيل للمناهج المحدثة، وإخصاب النظريات البلاغية القديمة وجعلها تتماشى مع العصر، تعتمد اللغة كعنصر قارٍّ في العلم والمعرفة" 1‏
من ههنا، بدأ النقد في القرن التاسع عشر يصطبغ باللغة العلمية، واتجه النقاد إلى الاستضاءة بالعلوم الطبيعية، يطبقون مناهج العلماء على النقد وفق النظريات اللسانية الجديدة، ويعدون النقد فناً لا يزرى ويُهجِّن النص الأدبي بقدر ما يقرره، ويعدون النص، نسيجاً قاراً من الرموز، يحمل الكثير من الدلائل والأسرار، مشحوناً بالمعاني والأصداء الدلالية، والكلمة فيه بمثابة الفكرة ولحمة النص، هي الثقافة وهي كل شيء.‏
وربما اعتدوا بهذا المنظار، اعتقاداً منهم، بأن اللغة داخل النص هي كذلك بمنزلة محور الفكر والخطاب، بها يتجدد كل شيء، وبها نتحدث عن الأشياء في واقعنا، ونتحدث عن اللغة نفسها، وهي الموسومة بالمكنونات الغامضة التي من الصعب التكهن بعناها إلا عندما تخضع للوسائل النقدية المتوفرة، وهي مادة الفكر والأدب، ترمز إلى الواقع المحسوس، أداة ترميزية ونظاماً من العلامات متغيرة بتغير النصوص وتعدد القراءات "فضمن مجموع الألفاظ والرموز يتكون عالم آخر.2‏
من هذا المنطق، جاء اهتمامنا في هذا البحث مبنياً على المصطلح أو الاصطلاح كعرف خاص يعني اتفاق طائفة خاصة على وضع شيء وتداوله في أدبيات الكتابة، مجال أولته العرب عناية كبيرة واهتمت بوضع المصطلحات والمناصبة بين مداليلها اللغوية ومداليلها الاصطلاحية. لما لـها من تأثيرات على الجوانب الفكرية العامة. لأن المصطلح "صورة مكثفة للعلاقة العضوية القائمة بين العقل واللغة ويتصل أيضاً بالظواهر المعرفية والمصطلحات في كل علم من العلوم هي بمنزلة ، النواة المركزية التي يمتد بها مجال الإشعاع المعرفي ويترسخ بها الاستقطاب الفكري3. وكل ذلك، لإسهامه في ربط الحضارات والأمم بعضها ببعض كما أسهم أسلافنا بمصطلحاتهم في استيعاب العلوم والفنون قديماً.‏
ففي صدر الإسلام وحتى نهاية القرن الثالث الهجري استفادت اللغة العربية بكثير من الألفاظ والمعاني الجدية واختلاط العرب بغيرهم من الأمم المتحضرة، مما رقى العقل العربي وأدخل على الحياة العربية كثيراً من المستحدثات، واتسعت دائرة الثقافة العربية من الثقافات الأجنبية ككل.‏
أما اليوم، ومع تأثير النظريات اللسانياتية الحديثة في النقد العربي، فقد أصبح المصطلح يأخذ حيزاً بليغ المرتبة لدى الدارسين لما لـه من أهمية في عملية الإيصال والتبيلغ Communication =، الأمر الذي جعل النقاد يأخذون بحظ وفير من هذه المصطلحات الوافدة من الغرب، حتى أصبح لكل ناقد منهم رصيده اللغوي الذي يمكنه من الكتابة والتأليف والنقد بحسب الأغراض. فاختلفت مصطلحاتهم من شكل إلى آخر، وانقسموا إلى فرق متباينة يحضر كل منها رأياً أو مدرسة.‏
وفي ضوء ذلك، استهدى هؤلاء النقاد بوسائل كثيرة قصد صياغة المصطلح النقدي الألسني أهمها: الوضع والقياس والاشتقاق والترجمة والمجاز والتوليد والتعريب4. وربما تارة بالإحياء وهي وسائل رفدت علوم اللغة العربية بكثير من المصطلحات الجديدة ورفدت الحركة النقدية الحديثة في الوطن العربي.‏
بيد أن، هذه الجهود التي غرفت من المصطلحات الأجنبية ادعاءً أو استسهالاً أوجدت إشكاليات المصطلح النقدي، حتى أضحى موروثنا النقدي يكاد يخلو من مواضعة عربية خالصة لمصطلحات متفق عليها يقرؤها المشارقة والمغاربة على حد سواء، ويقرؤها الباحثون من مثلي بعيداً عن إغراق النقد العربي في لجة المصطلحات الغربية المتباينة حيناً والمتشاكلة أحياناً أخرى.‏
من هذا المنتهى، اخترنا أن نروح في إشكاليات المصطلح مبتعدين ـ قدر الإمكان ـ عن اللحاق الكامل بالموقف الغربي والانتقائية العمياء، والسعي خلف خلق علاقة حميمة صحيحة بين الحضارات، نحاول جراها إخراج المصطلح البلاغي من قوقعته، وجعله يتماشى مع النظريات اللسانية الحديثة بالتوفيق.‏
وفي كل ذلك، نعتقد أن المصطلح العلمي ملك مشاع علينا أن نجعله ينسجم مع خصوصيات هذه اللغة (العربية)، وكيف نستفيد من المصطلحات التي تدرسها البنوك العالمية وحينما نقول المصطلح نعني العمل به والتحكم فيه وفي مستلزماته 5.‏
ثم إن معرفة المصطلح عنصر أساسي يدخل في صلب العلم ومنهاجه، والنقد أسلوب وحركة، وهو علامة دالة لحقل معرفي معين يسم الخطاب ويعلمه، وكلمة أو مجموعة من الكلمات تتجاوز دلالاتها اللفظية والمعجمية إلى تأطير، تصورات فكرية وتسميتها في إطار معين، تقوى على تشخيص المفاهيم وضبطها التي تنتجها ممارسة ما في لحظات معينة 6 وهو العرف الخاص الذي يعني اتفاق طائفة خاصة على وضع شيء وتداوله في أدبيات الكتابة.‏
أما الباحث أحمد حطاب في بحثه القيم في مجال المصطلحات العلمية وأهميتها فيقول: "فالمصطلحات العلمية إذاً عبارة عن مجموعة من الكلمات التي تم الاتفاق على استعمالها من طرف مجمع الباحثين لتقوم بوظيفة تتمثل في تجسيد نتائج البحث ووضعها في قالب لغوي يضمن تواصلاً فعالاً ومفيداً بين مختلف فئات المستعملين"7.‏
ولا أدل على مثل هذه الأهمية، من أن العرب أولت المصطلح عناية كبيرة، واهتمت بوضع المصطلحات والمناسبة بين مداليلها الاصطلاحية، كما اهتمت كل مدرسة لسانياتية حديثة بالمصطلح، وشكلت لنفسها مصطلحية خاصة بها، لكن غير مكتملة ولا محددة، أي لا وجود لأي علم من دون مصطلحية، بغض النظر عن التفرقة بين المصطلح والمصطلحية، لأن هذه المادة بشكليها لقيت اهتماماً كبيراً لدى النقاد والدارسين، لما لـها من خطورة وأهمية على الجوانب الفكرية العامة، لا سيما مع شيوع التيارات النقدية الألسنية.‏
ولعل من المجدي كذلك الإشارة، إلى أن "علم المصطلح" وليد مطلع هذا القرن تبعاً لمجهودات علماء أوروبيين إلى توحيد قواعد وضع المصطلح، ومن قبل وحتى نهاية القرن 3 الهجري استفادت اللغة العربية بكثير من الألفاظ والمعاني الجديدة، لاسيما اختلاط العرب بغيرهم من الأمم المتحضرة، أمر رقى العقل العربي، وأدخل على الحياة العربية الكثير من المستحدثات.8‏
في ضوء ما سبق يستحضر الدارسون بعض التآليف المصطلحية في هذا الشأن فيذكرون بعضها من ذلك كتاب "التعريفات للشريف الجرجاني" و"مفاتيح العلوم للخوارزمي" و"كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي" وعندئذ نوهوا بمجهودات المجاميع العربية في هذا المساق والساعية إلى التنسيق في وضع المصطلحات العربية والتقنين لـها.‏
ولما كنا لا نروم في هذه التقدمة الوجيزة التفصيل في المصطلح وآلياته، فحسبنا الإشارة كذلك إلى أهمية المصطلح والاصطلاح، كفاتحة لـهذه الدراسة لأننا نعتقد أن كل دراسة بمجرد ما تريد أن تكون عملية، تصطدم بمشاكلات الاصطلاح وأزمة المصطلح، ولا أدل على ذلك أننا نجد أغلب الباحثين يرفضون حق الدراسات الأدبية في أن تتوافر على مصطلحات محددة تحديداً دقيقاً.‏
وكذلك، تؤكد تعريفات حديثة للمصطلح، أن "تاريخ المصطلحات هو تاريخ العلوم، وكل علم جديد يحتاج إلى مصطلحات جديدة، وكل تصور جديد يدعو صاحبه إلى خلق مصطلحات جديدة، ومن صفات العلوم الطبيعية أنها دائمة النمو، وأنها دقيقة منظمة، قابلة للامتداد البعيد المدى، لذلك كان من الضروري، أن تكون للعلوم هذه المصطلحات نفسها، فيجب أن تكون دقيقة، وأن تكون منظمة، وأن تكون قابلة للنمو" 9.‏
وتؤكد تعاريف أخرى، أن المصطلح في الأصل اتفاق الباحثين على اختياره للتعيين عن مفهوم معين في علم أو فن محدد، وتأتي عادة المصطلحات في شكل ألفاظ مفردة مثل: قاموس أو حاسوب أو عدد من الألفاظ، مثل: هندسة المياه، أو الوصف مثل: الهندسة الكهربائية أو بهما معاً كما في علم اللغة الاجتماعي.‏
ونضيف، أن الحقول المعرفية تتحدد بتحديد دلالات مصطلحاتها واستقرار مفاهيمها، وبقدر رواج المصطلح وشيوعه وتقبّل الباحثين والمهتمين لـهذا المصطلح أو يحقق العلم أو الحقل المعرفي ثبات منهجيته، ويمكن لوضوح اختصاصه، وصرامة أدواته الإجرائية، ومن خلال ذلك يمكنه تناول موضوعه بالدرس والتحليل وهو مطمئن إلى النتائج التي يصل إليها تحليله10.‏
من هاهنا، جاء المصطلح والمصطلحية ليكوّنان حيزاً كبيراً من حجم هذا المشروع الذي نخوض فيه، وحيزاً من المعركة التي يخوضها الخطاب النقدي المعاصر، بما يعني أن لـه شأواً بعيداً ضمن نسيج هذا الخطاب، فجئنا نروم تشريح آليات المصطلح النقدي السيميائي، والضوابط المتحكمة في طرائق صياغته، بإجراء حفريات معرفية نلامس من خلالها إشكاليات الكلمة مصطلحاً ومصطلحية وأهم جذور القواعد الفكرية في أدق حيثياتها، معتقدين أن الوعي بالمفاهيم في مجال النقد الأدبي كثيراً ما يتخطى عتبة الوعي بدوالها.‏
ولذلك، تبرز إشكاليات المصطلح في النسق النقدي السيميائي، وتبرز قبلها كلمة مصطلح في اللغة والاصطلاح كمادة في القواميس العربية والأجنبية، ويبرز المصطلح السيميائي كلفظ أو مركب لفظي منزاح عن دلالته المعجمية الأولى، متفق عليه من أهل الاختصاص ومختلف بشأنه تارة أخرى.‏
ويذكر بعض الدارسين11 في هذا المجال، أن علم المصطلح هو الآخر، قد ظهر لدى بعض علماء الأحياء والكيمياء الأوروبيين الذين سعوا إلى توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالمي في حدود سنتي 1906 و1928 حيث أصدروا معجماً مصوراً للمصطلحات التقنية في 16 مجلداً، وتلت هذه المحاولة محاولات أخرى لتأسيس النظرية العامة لعلم المصطلحات في جميع الفروع وصولاً إلى العصر الحديث والمجهودات التي قام بها آخرين بخصوص مجامع اللغة العربية.‏
ونظراً لـهذه الأهمية التي ذكرنا، ارتأينا أن نخوض في إشكالية المصطلح Terme والمصطلحية Treminologie كعلم يدرس المصطلح في ذاته دراسة مرفولوجية مجردة، ونحن لا نروم وراء هذا الخوض تعقيد الأمر في التميز بين المصطلحين السابقين ولا بين المصطلحية وعلم المصطلح. وما هي أبعاد المصطلح وشروطه ومعايير الاصطلاح؟ وطرائق وضع المصطلحات المعروفة سلفاً لدى الباحثين في هذا المجال من مثل: الاشتقاق، النحت، المجاز، الترجمة والتعريب والقياس وسواها من الطرائق.‏
وربّما نذهب بعيداً، إلى غاية الخوض في مجال المصطلحات في علوم اللغة، وفي الفقه لدى اللغويين والنقاد السيميائيين على وجه أخص. وأملنا في كل ذلك كبير في أن يكون هذا العمل مفيداً للباحثين من اللغويين والعلميين، والمصطلحيين وحافزاً لـهم بغية التعرف عن قرب على وضع المصطلحية وطرائق وضع المصطلحات.‏
في ضوء كل هذا، وسعياً وراء هذه الغاية، نحاول التنقيب في الدلالات اللغوية والاصطلاحية للفظتين: مصطلح ومصطلحية، كاثنتين من أكثر المصطلحات ترداداً في الممارسات الثقافية الحديثة، والممارسات العلمية والنقدية. ونهدف من ذلك إلى تشخيص ضروب العلاقات التي تربطها وتصل بينهما، بما يكشف بالمفاهيم الدقيقة لـهما، سواء في انحدارهما عن أصول معينة، متشابهة أم مختلفة، وفي حقول معرفية محددة، أو في الانحراف الدلالي، الذي لحق بهما كونهما أداتين مفهومتين لإنتاج المعرفة، وكل هذا استدعى الحفر في أصولهما وتطوراتهما بما يكشف عن الأهمية التاريخية والمعرفية لـهما في سياق تكون الفكر الإنساني.‏
وسوف نتناول خلال هذا العمل، موضوعات تتعلق بأهم طرائق المصطلح. وهي طرائق وضعه، وكل ذلك لأجل إنماء اللغة العربية، وجعلها تستوعب المصلحات التي تعبر عما يستحدث من مفاهيم جديدة، عملاً بقول مصطفى الشهابي، إن العربية قد نمت بالاشتقاق والمجاز والنحت والتعريب، وهي الوسائل التي رجع إليها العلماء والنقلة عندما وضعوا آلاف المصطلحات في صدر الإسلام وهي الوسائل التي نتخذها مطية لنقل العلوم الحديثة إلى اللغة العربية.‏
2 ـ المصطلح /الحد‏
إن كلمة مصطلح في اللغة مشتقة من المادة "صلح" أو صلح ومنها الصلاح والصلوح، حيث أورد ابن فارس في معجمه أن "الصاد واللام والحاء أصل واحد يدل على خلاف الفساد..." 12 وفي الصيغة الاشتقاقية نفسها أورد ابن منظور أن الصلاح كلمة ضد الفساد، أي اصطلحوا وصالحوا وأصلحوا وتصلحوا، واصالحوا، مع تشديد الصاد، ثم قلبوا التاء صاداً مع إدغامها في الصاد بمعنى واحد 13.‏
ودائماً بخصوص هذه المادة، يلاحظ في اللغة العربية أنها في اللغة العربية مصدرٌ ميمي للفعل "اصطلح" مثل المادة (صلح) بحيث ورد في الصحاح بأنها "ضد الفساد" فنقول صلح الشيء يصلح صلوحاً. حيث قال الفراء: وحكى أصحابنا صلح أيضاً بالضمّ، من المصالحة. ثم أن الإصلاح نقيض الإفساد والمصلحة واحدة المصالح، والاستصلاح نقيض الإفساد 14.‏
أما الفعل اصطلح فقد ورد ذكره في أحاديث نبوية كثيرة، وورد ذكره في معاجم عربية بالدلالة نفسها. وهناك حديث آخر عن المصدرين (اصطلاح) و"مصطلح" بحيث وردت دلالة هذه الكلمة لتعني "الكلمات المتفق على استخدامها بين أصحاب التخصص الواحد للتعبير عن المفاهيم العلمية لذلك التخصص15.‏
بهذه الدلالة، جاءت كلمة "مصطلح" وجاء الفعل (اصطلاح) ضمن هذا المجال الدلالي المحدد، كما ورد في كتاب الجاحظ ضمن كتابه (البيان والتبيين) عن المتكلمين حيث إنهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن لـه في لغة العرب باسم. كما يعثر على تعريف آخر لكلمة (اصطلاح) نقله الجرجاني، في مادة (صلح) هو اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد نقله عن موضوعه الأول لمناسبة بينهما أو مشابهتهما في وصف و غيرهما"16. وهو بهذا المعنى، يستخلص تسميتين أساسيتين للمصطلح:‏
الأولى: اتفاق المتخصصين على دلالة دقيقة.‏
والثانية: اختلاف المصطلح عن كلمات أخرى في اللغة العامة.‏
وقد جاء في المعجم الوسيط، أن لفظة صلح بمعنى "زال عنه الفساد" واصطلح القوم: زال ما بينهم من خلاف، ثم أن "تصالحوا، اصطلحوا والاصطلاح مصدر اصطلح بمعنى "اتفاق طائفة على شيء مخصوص17 وهي الدلالة التي عثرنا عليها في جل المعاجم بمعنى الاتفاق والتواضع والمصالحة. وأما الاتفاق المقصود هنا فهو اتفاق جماعة من العلماء والمشتغلين بعلم من العلوم على إعطاء كلمة ما معنى جديداً فتصبح عندئذ دالة على مدلول جديد، وتدعى مصطلحاً أي كلمة تحمل دلالة جديدة متفقاً عليها، دلالة تغاير تماماً الدلالة الأصلية.‏
والشرط الرئيس في المصطلح أن يكون للمفهوم الواحد سواء أكان اسم معنى أم اسم ذات لفظة اصطلاحية واحدة يتفق عليها أهل الاختصاص.‏
وثمة أمثلة أخرى كثيرة وردت في هذه اللفظة وسواها من هذه المادة الأفعال التالية: صلح، صلُحَ، صَالَحَ، أصلح، تصالح، أصالح، والمصادر، صُلح، صلاح، ومصالحه، وإصلاح، واستصلاح والمشتقات صالح، وصليح ومصلح وصلحاء ومصلحة، وقريباً من هذه المواد، مصطلح (اصطلاح) الذي ورد ذكره في أحاديث كثيرة، وذكرته معاجم عربية أهمها، لسان العرب لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي، وفي الحديث مثلاً: "اصطلحا على أن لنوح ثلثها" واصطلح أهل هذه البحيرة" ثم "يصطلح الناس على رجل" وكلها أحاديث اشتملت على أن الفعل اصطلح رديف اتفق.‏
وبهذا المعنى، استخدمت لفظة (مصطلح) وأضحى الفعل (اصطلح) يحمل هذه الدلالة الجديدة المحددة، كما استخدمت لفظة علم المصطلحات تسمية لذلك التخصص الذي يبحث القواعد العامة لـهذه الألفاظ الاصطلاحية 18 وقد ورد في الاصطلاح لدى الجاحظ"... وهم تخيروا تلك الألفاظ لتلك المعاني، وهم اشتقوا لـها من كلام العرب تلك الأسماء، وهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن لـه في لغة العرب اسم فصاورا ذلك سلفاً لكل خلف وقدوة لكل تابع" 19.‏
ويحدد كثير من الباحثين المحدثين، أن المصطلح أو الاصطلاح، بأنه العرف الخاص، وهو اتفاق طائفة مخصوصة على وضع شيء والاصطلاحي، وهو ما يتعلق بالاصطلاح ومقابلة اللغوي20. وعليه فالمصطلح يؤدي دوراً رئيساً في اللغة بما يغدقه من إثراء على اللغة، وأول باكورة لـهذه كانت بفضل القرآن الكريم الذي جاء بمعان لغوية مختلفة عن سابقاتها القديمة، وأضفى المعاني الدلالية والتشبيه والمجاز.‏
ومن المجدي كذلك الإشارة، إلى أن مؤلفين آخرين عبروا عن المصطلحات بلفظ (الكلمات) أبرزهم، الرازي أحمد بن حمدان، وعبر آخرون عن المصطلحات بكلمة ألفاظ ـ على نحو ما أورده علي بن يوسف الآمدي، في مؤلفه (المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتحكمين).‏
وتجاوزاً للتعريفات العربية القديمة، فإن أقدم تعريف غربي لكلمة مصطلح هو ما أورده فاتشيك (J.Vachek) ضمن مدرسة براغ اللسانياتية الأوروبية حيث أورد التعريف الآتي في اللغة الفرنسية: 21 أمكن ترجمته ضمن الصياغة الآتية "المصطلح كلمة لـها في اللغة المتخصصة معنى محددة وصيغة محددة، وحينما يظهر في اللغة العادية يشعر المرء أن هذه الكلمة تنتمي إلى مجال محدد ودقيق".‏
فمن خلال هذا التحديد يستخلص ارتباط المصطلح باللغة المتخصصة.‏
وهناك تعريفات أخرى للمصطلح المفهوم الذي يدل عليها أهمها أن "المصطلح كلمة أو مجموعة من الكلمات من لغة متخصصة علمية أو تقنية، يستخدم للتعبير عن المفاهيم وليدل على أشياء مادية محددة". وبهذه الدلالة يصبح المصطلح دالاً على المفاهيم والأشياء المادية.‏
أما الرأي الراجح لدى المتخصصين في علم المصطلح، فهو أن أفضل تعريفات المصطلح، تكاد تكون متفقة من حيث النطق والإملاء، وهي الكلمات Trem في اللغة الإنجليزية، وTrem في اللغة الألمانية، وTerme في الفرنسية، وTermine في الإيطالية وTermino في الإسبانية، وTermo في البرتغالية، وTernin في الروسية، وغيرها من الكلمات في اللغات الأوروبية التي تنتمي إلى أسرة لغوية واحدة.‏
والتحديد المتفق عليه في هذا المساق، هو أن هذه الكلمة تدل في الاستخدام المتخصص على أية كلمة أو تركيب يعبر عن مفهوم أو عن فكرة قابعة في الأصل في اللغة اللاتينية وبناتها، بيد أنه يعثر على بعض المظاهر التي تومئ إلى الكلمة، ففي اللغة اليونانية يعثر على كلمتين هنا: Terma وtermon وكلمات من قبيل Termen وTerminus ثم كلمة Termo هذه الأخيرة تدل على الحدود الفاصلة، كما تدل كلمة Terminus على المجال والحيز.‏
ومع مرور الزمن، بدأت المعاجم الأوروبية المتخصصة في المجال المصطلحي تخص كلمة (Terme) في الفرنسية (Terme) في الإنجليزية ببعض التحديدات أهمها ما أورده معجم ماروزو (1951) على أنها مرادفة لفظة Mot أي الكلمة 22 ووفق هذا المنظور، عَدّو الكلمة الاصطلاحية أو العبارة الاصطلاحية ومفهوماً مفرداً أو عبارة مركبة استقر معناها وحدد بوضوح، كما أن مثل هذا التحديد لا يقصر المصطلح على الكلمة المفردة بقدر ما يعومه على العبارة المركبة.‏
وقد ورد في بعض المعجمات السيميائية في إطار علم المصطلح، تحديد آخر لـه دلالته الاصطلاحية هو كالآتي: Terme: non définissable d un systeme coherent enumeratif. “nomlenclature” ou structure “Taxonomie” et correspondant sans ambiguîte aune notion ou concept 23.‏
بناء على هذا التحديد، فإن المصطلح مرتبط بوضوح المفهوم الذي يدل عليه كما أن المصطلح الواحد تتحدد دلالته بين مصطلحات التخصص الدقيق نفسه أي عن طريق مكانته وسط المصطلحات الأخرى، ثم أن المصطلح يخضع في تطوره بحسب التخصص وهو يتحدد داخل النظام الذي يكونه هذا التخصص، كما أن المصطلحات ينبغي أن تكون دالة على نحو مباشر ودقيق.‏
وقد يعثر على أن المصطلح يقابله في اللغة الفرنسية Treme المشتقة من اللاتينية Terminus التي تعني في ما تعنيه النهاية والحد الزمني 24 ما ورد في معجم لاروس الصغير، وقد استخدمت كلمة terminal حتى اليوم في اللغة الإنجليزية، بمعنى المحطة لخط المواصلات وهي الدلالة التي تلتقي مع المعنى في اللغة الأم اللاتينية.‏
وهناك سمات أساسية أخرى يتميز بها المصطلح، حيث ينبغي أن يكون لفظاً أو تركيباً وألا يكون عبارة طويلة تصف الشيء وتوحي إليه 25 أي "تمثل تصوراً ما لوحدة لغوية ويتكون من كلمة أو أكثر".‏
من جانب آخر، يمكن اعتبار المصطلح رمزاً اتفاقياً لتصور ما، يتألف من أصوات منطوقة أو الشكل الذي تمثل به كتابياً أي عن طريق الحروف، ويكون في صورة كلمة أو عبارة. ووفق هذا الاعتبار، يمكن كذلك أن يرد المصطلح في شكل كلمة، وقد تحوي مورفيما واحداً أي عنصراً معنوياً غير قابل للتقسيم، أي حرفما ـ أو يحوي عدة موفمات. كما يمكن أن نعثر في المصطلحات على مجموعة تركيبية Syntactic Group من الكلمات.‏
بيد أن الخواص الذين يميزون المصطلح عما عداه يعتبرون أن "تحليل مضمون المصطلح يكشف عن درجة عالية من الدقة أو المضمون الخاص الذي لا تعرفه لغة الأغراض العامة. وبما أن المصطلح يمثل تصوراً، وهذا بدوره يشكل عنصراً داخل منظومة التصورات المعينة، فالمصطلح يمثل عنصراً في المنظومة المصطلحية، المقابلة لمنظومة التصورات أي مصطلحية Terminologie الحقل الموضوعي الخاص" 26 ووفق ذلك، قد يحوي المصطلح خصيصات تميزه عما عداه، هي الدقة وحقيقة انتمائه إلى منظومة مصطلحية.‏
بيد أن بعض الدارسين يرون أنه من غير الممكن أن يحمل المصطلح من البداية كل الصفات، وبمضي الوقت يتضاءل الأصل اللغوي لتصبح الدلالة العرفية الاصطلاحية دلالة مباشرة على المفهوم كله، كما أن الاختصار والاختزال لابد أن ينظم نسق المصطلحات، حتى تكون دالة في وضوح على المفاهيم، ومن ثم تتخذ مكانها في لغة العلم.‏
ما دمنا في مساق الحديث عن المصطلح، يجدر بنا التسليم بأن أمر تعريف المصطلح ليس يسيراً لأن تعدد الحدود يغيب معالم الدقة والوضوح. فقد يلفي المرء نفسه قبالة تعريفات متشابهة ومختلفة لطائفة من الباحثين والدارسين، من ذلك، ما أشار إليه محمد طبي في مؤلفه "وضع المصطلحات" 27، وحامد صادق قنيبي في مؤلفه 28 دراسات في تأصيل المعربات والمصطلح كما هو الحال فيما جاء به علي القاسمي 29، أو الفاسي الفهري 30، حيث برزت مجهودات هذين الأخيرين في معجم روبير الصغير ومعجم روبير المنهجي. كما هو الحال في الثقافة الفرنسية في قاموس اللسانيات Dictionnaire de Linguistique لصاحبه جان ديبوا 31.‏
فجل هذه المعجمات أو المعاجم يحدث فيها اختلال في تحديد كلمة مصطلح فتلفي أصحابها يعرفونك بالكلمة ويحيلونك على مصطلحات أخرى من مثيلات Le xi cographie. Nomenclature. Ternimologie 32 في اللغة الفرنسية، وكما شاهدنا من مثيلات: Terminus وTerminal وفي الدراسات العربية من مثيلا ت اصطلاح، مصطلحية، علم المصطلح. بل حتى لدى المتقدمين من أمثال الجرجاني والآمدي وسواهما.‏
وربما حدث مثل هذا الاختلال بخصوص الكلمة وغابت الدقة في التحديد، نتيجة تداخل بعض الحقول الدلالية تداخلاً غريباً تغيب معه أدنى علامات التمييز في القواميس التي هي مرتبة ترتيباً ألفبائياً.‏
ووفقاً لـهذه الخصوصية التي يتميز بها البحث في مجال المصطلح وأهميته، أضحت المسألة مسألة ملحة تشغل بال العلماء والباحثين، مما أدى إلى جعل هذا المجال علماً قائماً بذاته، من أسسه صياغة مبادئ تحكم وضع المصطلحات الجديدة، والسعي إلى توحيد المصطلحات القائمة، ومحاولة تقييمها وتوثيقها ونشرها في شكل معاجم متخصصة.‏
وأضحى كذلك المصطلح، يمارس دوراً أساسياً وفاعلاً في تكوين المعرفة، ومثل هذا الحقل يتشكل فيه المصطلح ويوجه مفهومه ويحدد دلالته، لأن هذا المفهوم الذي ينطوي عليه شكل المصطلح يتعدد بتعدد حقول المعرفة وتبعاً للأثر التاريخي الذي يتطور في ضوئه. ثم إن انتماء المصطلح إلى حقل معرفي محدد، يرتب عليه أن ينتظم في علاقة جدل خصبة، كونه منتجاً للمعرفة من جهة، وخاضعاً لأطرها العامة الموجهة، وكل هذا يكشف الأهمية التاريخية والمعرفية للوقوف على ممارسات المصطلح، بغية ضبط شكله ومفهومه.‏
وجدير بالذكر والتنويه، أن سمة الخلط هذه والاضطراب الكائنين في إشكالية المصطلح التي تسم جميع الممارسات والتي تتصل بأمره، تفاعلت حتى أصبحت إشكالية من إشكاليات الثقافة الحديثة عربية أم غربية مرتبطة في الأصل بأسباب أهمها:‏
1 ـ إشكالية الأصالة المتجلية في الممارسات الثقافية، وذلك حين نقل مصطلح أنتجته ثقافة معينة، ويستعمل في حقل معرفي آخر دون مراعاة خصائصه التي اكتسبها ضمن حقله الأصل، الأمر الذي يوجد مصطلحات ذوات مفاهيم تحيد عن المساقات الثقافية المخصصة لـها.‏
2 ـ إشكالية المعاصرة المتجلية في الممارسات الثقافية الأكثر تردداً وتنوعاً على نقل المصطلح من ثقافة غربية إلى الثقافة العربية من دون مراعاة الخصائص التي تتميز بها.‏
ومثل هذا النقل في المصطلحات ذات الدلالات المحددة إلى ثقافة أخرى غير الثقافة المبيئة، أفضى إلى ارتباك واضطراب كبيرين وقاد إلى غموض لا يقبل اللبس في دلالة المصطلح.‏
وعليه، فقد شغلت قضية المصطلح، منذ عصر النهضة العربية في عهد محمد علي باشا، جميع المشتغلين بمجالات البحث العلمي، على الرغم من تفاوت مقاصدهم، وعكس هذا الانشغال اختلافاتهم المعرفية الزمانية والمكانية، لكن الشيء القمين بالذكر، هو أن كل واحد منهم كان يرغب أن تنال لغته مكانتها الجديرة بها كلغة علم بكل ما تعنيه الكلمة من دلالة.‏
ومادمنا في صدد الحديث عن المصطلح، فإنه ليستحسن بنا الإشارة إلى وجود اختيار الألفاظ المناسبة للمفاهيم المناسبة للمفاهيم المقصودة، لأن الأمور لا تجري بصفة تعسفية، بل لابد من وجود علائق تشابه بين المعاني اللغوية التي وضعت لـها الكلمات للدلالة عليها وبين المعاني الاصطلاحية التي يراد تحميلها لـهذه الكلمات.‏
وبهذا المعنى، يجب استعمال اللفظ المناسب للمفهوم المناسب مع مراعاة عنصر الاتفاق لدى أهل الاختصاص، حتى لا يحدث للمفهوم الواحد عدة ألفاظ أو عدة مفاهيم وبالتالي تضطرب عملية التواصل Communication وينعدم التفاهم بين الناس.‏
3 ـ المصطلح/ الأثر‏
ما من شك في أن للمصطلح دوراً أساسياً وفاعلاً في تكوين المعرفة، وأن أية ثقافة كانت، لن تنهض ويستقيم صرحها، إلا إذا أفلحت في إنتاج معرفة خصبة وجديدة، توجهها اصطلاحات واضحة للدلالة. وفي الحال نفسه فإن ثقافة أية أمة من الأمم، تقوض وتفكك بالنظر لعدة أسباب أهمها اضطراب دلالة المصطلح وتكاثر المصطلحات وتعارض مفاهيمها وعدم استقرارها.‏
وعليه، فللمصطلح دور كبير في حياة الناس، وهو الذي ينظم التواصل بينهم، في شتى ميادين النظم والعمل، لأن المفاهيم ترسخ في الأذهان بحسب الكلمات المتفق عليها لدى الناس أجمعين.‏
ولسنا نحن العرب وحدنا من يحتاج إلى المصطلح بلغته، بل إن الكثرة الكاثرة من لغات العالم تفتقر إلى ما تفتقر إليه اللغة العربية من ألفاظ فنية تدل على المعاني والأعيان المستحدثة33. لأن الغزو اللغوي ظاهر في كثير من البلدان. يحمل في طياته غزواً ثقافياً من خصائصه وتنميطاً للأفكار والمفاهيم والعادات والسلوكيات، ويخضع للغزو الصناعي الذي تقوم به الدول المتقدمة وتخضع لـه الدول النامية.‏
وغني عن القول، أن بعض الدارسين ـ فيما أوردوه من تحديدات للمصطلح، يقرنون بين المصطلح والمفهوم وفي ذلك ما أورده بعضهم ترجمة عن جون ولسون J.Wilson حيث أشار أن "المصطلح هو تعيين مفهوم ما في شكل حروف أو أرقام أو كتابة رسم أو تأليف ما من هذه العناصر" 34 ومن خلال ذلك رأوا أنّ للمصطلح علاقة وطيدة مع المفهوم. وفي ضوء ذلك، اقترحوا تحديداً قوامه أن المفاهيم ليست هي المصطلحات، لأن المفاهيم هي بمنزلة مقولات أو فئات أو مجموعات تسمح بتصنيف الوقائع ضمن مفاهيم ومقولات محدودة جداً والمصطلح غير ذلك.‏
ونظراً للدور الرئيس في البنى المعرفية، فإن الحقول المعرفية تظل تتحدد دائماً بتحديد دلالات مصطلحاتها واستقرار مفاهيمها، وبقدر رواج المصطلحات وشيوعها وتقبل الباحثين والمهتمين لـهذا المصطلح أو ذاك، يحقق العلم أو "الحقل المعرفي" ثبات منهجيته 35.‏
ثم إن اللغة العربية مثلما لم تواجه الحاجة إلى المصطلح للمرة الأولى في هذا العصر، بل سبق لـها أن واجهت هذه الحاجة في القرن 2 هـ، في عصر ازدهار الترجمة أيام العباسيين. لأن العرب، آنذاك أيام الرشيد والمأمون لم يخطر لـهم التنبه أن يهجروا لسانهم، الذي كانوا يعتزون به أيما اعتزاز فصاحة لفظ وروعة بيان، ليطلبوا العلوم التي وجدوها متقدمة، قياساً على ما كانت عليه عندهم، بإحدى اللغات التي كانت تلك العلوم مدونة بها كاليونانية والفارسية والهندية، كما فعل بعض العرب في العصر الحديث الذين توهموا ومازالوا أن لغتهم تضيق بالعلوم المعاصرة، بل عمدوا دون تحرج أو تردد، ومن موقع الثقة بالنفس إلى نقل العلوم من اللغات المختلفة إلى اللغة‏
العربية" 36.‏
كما يحسن بنا التذكير، بأن ترجمة المصطلحات ظهرت لدى العرب في عهد بني أمية، ولكن أفقها لم يتسع إلا في عهد العباسيين، حيث جعلت منشطاً من مناشط الدولة يحظى بدعمها المعنوي والمادي. فيذكر في هذا المساق ما أتاه الخليفة المنصور من ديوان للترجمة الذي وسعه الرشيد، وما أتاه الخليفة المأمون في "بيت الحكمة" الذي كان بمنزلة المجمع العلمي والمرصد الفكري والمكتبة العامة التي أقام فيها طائفة من المترجمين وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال37.‏
وهكذا ترجمت المعارف عن الهندية والفارسية، واغترف العرب من كتب الإغريق ما يناهز مئة كتاب في الرياضيات وفي الطب. الأمر الذي جعل اللغة العربية لغة علمية بل لغة صالحة للتعبير عن بعض موضوعات العلوم الحديثة. وعلى الرغم من هذه الجهود، فلم تكن في ذلك العهد مجامع لغوية أو لجان جامعية أو مكاتب للتعريب أو دوائر معاجم تلّم مثل هذه الجهود، وظل المعيار الرئيس في هذه العملية هو الترجمة كحد فاصل يقتضي صياغة اللفظة العربية بدقة.‏
أما في العصر الحديث، ونظراً لأهمية دور المصطلح فقد رافق النهضة الثقافية في القرنين 19 و20 سعي حثيث لإيجاد المصطلحات العلمية التي تطلبها تدريس العلوم المعاصرة باللغة العربية في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. وقد أسهمت في مثل هذه المساعي جهات عدة، مثل الهيئات والمؤسسات والمجامع والجامعات والمجالس والمنظمات والاتحادات.‏
وظهر هذا خلال هذه الحقبة من الزمن رجال أفذاذ نابهون لم يوفروا جهداً أو وقتاً ولم يخشوا عناءً في خدمة لغتهم وإغنائها بالمصطلحات الجديدة، فمنهم من ترجم الكتب القيمة إلى العربية ومنهم من ألّف في الموضوعات العلمية وآخر وضع المعاجم المتخصصة ثم جاء دور الهيئات والمؤسسات.‏
والملاحظ خلال هذه الفترة الزمنية، أن دور المصطلح لم يكن منوطاً بأية هيئة من الهيئات، بل كان عملاً مشاعاً متروكاً لمبادرة الأساتذة الجامعيين ورجال العلم والثقافة والأدب والصحافة والترجمة.‏
وحين تأتي إلى اللغة العربية، تجد أن المصطلحات بالنسبة لـهذه اللغة غدت "جزءاً مهماً من اللغة كما في كل اللغات المعاصرة، باعتبارها مفاتيح المعرفة الإنسانية في شتى فروعها، ووسيلة التفاهم والتواصل بين الناس في مختلف المجالات العلمية والعملية"38.‏
4 ـ المصطلحية/الإشكالية:‏
لما كانت إشكاليات المصطلح تأتي في صدارة الطرح النقدي المعاصر، سعى بعض الدارسين إلى اعتبار علم المصطلح أو المصطلحية علماً قائماً بذاته باعتبار أن "كل علم بحاجة إلى مجموعة من المصطلحات المحددة بكل دقة، وهذه المصطلحات هي التي تحدد مصطلحيته" 39 ووفقاً لـهذا الاعتبار فلا وجود لعلم دون مصطلحية" 40.‏
ولا أدل على الأهمية التي يكتسبها علم المصطلح هو أن كل علم يحتاج أكثر من حقل من حقول المعرفة إلى مجموعة مصطلحات محددة تحديداً دقيقاً يستطيع بواسطتها التعبير عن المفاهيم التي يحتاج إليها: وتمثل مجموعة المصطلحات هذه مصطلحية، إذ لا وجود لأي علم من دون مصطلحية41. وعلى هذا الأساس فرق الدارسون بين المصطلح Terme والمصطلحية Terminologie هذه الأخيرة التي تعنى بدارسة المصطلح في ذاته، دراسة مورفولوجية مجردة وفي ارتباطه بالمفهوم الذي يعبر عنه.‏
تجاوزاً لإشكالية التفرقة بين علم المصطلح والمصطلحية والمصطلحاتية وسواها من التسميات. جاز اعتبار علم المصطلح من أحدث فروع علم اللغة التطبيقية يتناول الأسس العلمية لوضع المصطلحات وتوحيدها، ومعنى ذلك أن وضع المصطلحات لم يعد في ضوء المعايير المعاصرة يتم على أساس البحث المفرد في كل مصطلح على حده، وقد كان "فوستر E.Wuster" قد حدد مكان علم المصطلح بين أفراد فروع المعرفة بأنه مجال يربط علم اللغة بالمنطق وبعلم الوجود (الانطولوجيا) وبعلم المعلومات وبفروع العلم المختلفة" 42.‏
من بعد ذلك، حدد فوستر مجالات علم المصطلح العام أو النظرية العامة لعلم المصطلح تحديداً اتسعت مجالاته بتقدم هذا العلم، فيتناول علم المصطلح العام "طبيعة المفاهيم، وخصائص المفاهيم، وعلاقات المفاهيم، ونظم المفاهيم، ووصف المفاهيم، وطبيعة المصطلحات، ومكونات المصطلحات، والعلاقات والرموز، وأنماط الكلمات، والمصطلحات، وتوحيد المفاهيم، والمصطلحات ومعجمات المصطلح (...) أما علم المصطلح الخاص فيتضمن شكل القواعد الخاصة بالمصطلحات في لغة مفردة مثل اللغة العربية أو اللغة الفرنسية أو اللغة الألمانية" 43. ومثل هذا التمييز بين العلمين يوازي التميز بين علم اللغة العام وعلم اللغة الخاص.‏
وتعد المصطلحية (المصطلحاتية) جهازاً معبراً عن المعارف والقوانين وكشفاً مفهومياً يولي كل علم من العلوم أهميته وهو يتوافر على علاقة وطيدة بالعلوم الأخرى كعلم المعرفة واللسانيات وعلم المنطق وعلم الدلالة. وعلوم أخرى لا يمكن حصرها بالنظر لكثرتها 44. لأنه العلم الذي يتناول شتى الموضوعات الأساسية التي تلقى تطبيقاً في وضع المصطلحات وتوحيدها، وربما لـهذا الأساس عمل العالم فوستر Wuster عملاً متقناً في هذا المجال، إذ تعد نظريته من أحدث النظريات وأرقاها وأغناها وأكثرها اهتماماً بالمصطلحاتية بحيث تبنتها مدرسة فيينا.‏
ونحن نروم في هذا البحث محاولة صياغة تحديد للمصطلحية وعلم المصطلح يجدر بنا الأوبة إلى تفرقة عبد السلام المسدي في قاموس اللسانيات حينما عد المصطلحية "علماً ينحصر بحصر كشوف المصطلحات بحسب كل فرع معرفي، فهو كذلك علم تصنيفي تقريري يعتمد الوصف والإحصاء مع السعي إلى التحليل التاريخي، أما علم المصطلح فهو تنظيري في الأساس تطبيقي في الاستثمار لا يمكن الذهاب فيه إلا بحسب تصور مبدئي لجملة من القضايا الدلالية والتكوينية في الظاهرة اللغوية (...) فبين علم المصطلح والمصطلحية العلم فوق ما بين المعجمية والقاموسية، من كل زوجين جنس لبعض الزوج الآخر" 45.‏
على الرغم من أن الباحث تراجع في مثل هذه التفرقة وهذا التمييز بين المصطلحين، ضمن مقالاته المتأخرة حيث سعى ضميناً إلى اعتبار المصطلحين مرادفين لمعنى واحد. قائلاً: "إن ما يعكف عليه اللغويون عادة ضمن واحد من أفنان الشجرة المعجمية بعلم المصطلح أو المصطلحية" 46.‏
على النقيض من هذه الإرهاصات الأولية لعلم المصطلح، يمكننا الإشارة كذلك إلى مدرسة براغ Ecole de Prague التي حللت وظيفة اللغة. وأخذت من اللسانيات نقطة انطلاق لـها. لاسيما من خلال التقطيع المزدوج للغة ومسألة الوظيفة، فكلا التقطيعين ينجم عنهما دور ووظيفة. الفونم والمونم، لأن اللغة أي لغة في نظر اتباع هذه النظرية هي كلٌّ وظيفي أو مجموعة متشابكة من الوسائل اللغوية التي تخدم غرضاً اقتصادياً معنياً.‏
وفي المقابل، جاءت حركات أخرى دعت إلى التمييز بين نماذج من العناصر غير المصطلحية معتمدة العنصر التزامني أي التمييز بين العناصر المصطلحية والعناصر غير المصطلحية، ثم التمييز بين الوحدات العبارية الدالة للغة الأغراض العامة والوحدات العبارية غير الدالة لـها47.‏
مادمنا في خضم الحديث عن الجهود اللسانية صوب المصطلحية، يمكن الإشارة كذلك إلى النظريات الأوروبية التي جاءت بمظاهر جديدة في المصطلحية لم يسبق لـها أن قامت، أمر خلق ضرباً من التقارب بين اللسانيات والمصطلحية، إلى درجة أن أضحت هذه الأخيرة حقلاً من حقول البحث المعترف بها في اللسانيات التطبيقية، وهي نقطة التشاكل التي خلصت إليها جهود فوستر، وأدى هذا الاهتمام لدى الباحثين إلى حصر موضوعات الدراسة في النظرية العامة للمصطلحية ضمن ثلاثة حقول رئيسية هي:‏
1 ـ الدلالية Semantique‏
2 ـ القاموسية Lexicologie‏
3 ـ المعجمي Lexicographie‏
وإذا كان هذا التحديد هو الأقرب للمصطلحية، فإن النطاق الرئيس لـها هو أن حدودها تلتحم بحدود علوم أخرى ليست بطبيعتها علوماً لسانياتية مثل المنطق (الفلسفة) ونظرية المعرفة والمعلومات والتوثيق أي البحث الوثائقي علاوة على التصنيف Classification‏
وتظهر الحاجة ماسة للتحدث في هذا المساق عن أبرز واضعي علم المصطلح، من ذلك واضعو المنظومية Systematic والتسميات Nomenclatemes وعلم التشريح Bertholler وLavoisier والكيمياء Cinnanens وعليه فقد وضع Lavisier مصطلحات منظومية أقر خلالها بالعلاقات المتداخلة بين التصور Le concept والمصطلح Le terme والباحث على المصطلح Motivation 48.‏
ودائماً بخصوص ذكر الجهود في حقل المصطلحية، يذكر أن القرن 19 اتسم بخطوات عملاقة تقدمت بها المسيرة العلمية، ووجدت طريقاً إلى التطبيق العملي، ومن ثم نشأت حاجة كبيرة للمصطلحية.‏
وفي النصف الثاني من القرن الماضي أصبحت مهمة تحقيق التواصل المهني مُلِّحة، خاصة بالنسبة للتفاهم المتبادل بين الخبراء العاملين في الحقل المعرفي الواحد مع تباين في الخلفية اللغوية. فنذكر على سبيل التدليل أن المنظمة العالمية للتقنية الكهربائية Electrotechnical International Commission. IEC سرعان ما شكلت بعد تأسيسها 1906 لجنة عهد إليها مهمة التنسيق والتخطيط لمصطلحية هذا الحقل الخاص 49.‏
ومثل هذا الجهد على ما فيه من جدّية لوحظ كلية بأنه لا يبصر بعملية تصنيف المعجم التعريفي فحسب بل يبصر بتطور بعض الأسس المصطلحية. إضافة إلى ما قام به العالم Frege 1892 من تقييم لـهذا الجهد والعمل المعجمي.‏
ومن أمثلة هذه الازدواجية في التفرقة بين المصطلحية وعلم المصطلح ذهب الباحث عبد الملك مرتاض إلى إيجاد مصطلح، المصطلحاتية والمصطلحية قرائن لـهذا العلم المصطلح وحصره في ثلاثة جوانب هي 50:‏
أ/ العلاقات بين المفاهيم المتداخلة مثل الجنس والنوع والكل والجزء.‏
ب/ المصطلحات اللغوية والعلاقات القائمة بينها ووسائل وضعها، فهو فرع خاص من فروع علم الألفاظ والمفردات Lexicologie وعلم تطور دلالات الألفاظ Semasiologe‏
ج/ الطرائق العامة المؤدية إلى خلق اللغة العلمية والتقنية.‏
في الاتجاه نفسه أشار الباحث علي القاسمي 51 إلى المصطلحية. كعلم أشار إليه علماء الأحياء والكيمياء الأوروبيون الذين شرع فريق منهم في توحيد قواعد المصطلحات في حوالي 16 مجلداً، ثم أصدر الباحث فيما ذكرنا سلفاً ـ "فيستر" كتابه (التوحيد الدولي للغات الهندسة) ثم في سنة 1936 شكلت اللجنة التقنية للمصطلحات، وتلتها محاولات أخرى ضمن منظمة اليونسكو مركز المعلومات الدولي في فيينا 1971، هذا فضلاً عن الجامعات العربية التي اهتمت بتدريس النظرية العامة كعلم المصطلح.‏
ومن المفيد كذلك، أن نذكر أنه على الرغم من قلة الاهتمام بعلم المصطلح في المعاجم الأوروبية المتخصصة في القديم فإنها عادة ما كانت تقرن باللفظة Mot خاصة لدى اللغويين المنتمين لمدرسة براغ التي كان لـها دور كبير في النظرية العامة لعلم اللغة ولتطبيقاته في التحليل اللغوي للنصوص الأدبية.‏
وفي الجهة الأخرى، أصبح الاهتمام بالمصطلحية مركزاً هاماً في الأبحاث الحديثة لما لـها من دور في ضبط التعامل في الحياة اليومية والعملية، وفي بناء النظريات والمناهج في الحياة العملية، ويتجلى هذا الاهتمام في مناحٍ عدّة أهمها، التآليف اللغوية والقواميس والمعاجم والكتب المختصة، وهي التآليف التي اهتمت بدراسة الكلمات والمفاهيم والمصطلحات وحاول أصحابها التفرقة بينها.‏
في هذا المجال، وإن شئنا ضبط العلوم التي بينها وبين المصطلحية شجرة نسب فإننا لا نستطع تحديد شكل هذا التوافق لفرط كثرته واختلاف نسب التقارب بينهما. فمن باب التنظير لـهذا العلم المستحدث يمكننا القول بأن الدراسات الجادة والمهتمة بالمصطلحية عائدة إلى حداثتها، فقد ذكر فوستر Wuster بأن تقويم النظرية المصطلحاتية ومبادئها واستعمالها لم يبدأ إلا في السبعينيات في جامعات دول بينها: النمسا وكندا وتشيكوسلوفاكيا والدانمارك وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول (...) 52.‏
من خلال ذلك، حدث التقدم العلمي وحدث أن تزايد الاهتمام بقضية المصطلحات، وأدرك العلماء الكبار في الحضارة الأوروبية عملية توحيد المصطلحات في تخصص مهم، ثم حدث التقدم في عدة دول أوروبية، وعرفت كل دولة مواقع عديدة للبحث والتطبيق في هذا المجال، بحيث كثر الباحثون وزادت الحاجة إلى مصطلحات جديدة وزاد الاهتمام بتوحيد لـهذه المصطلحات من أجل تحسين عملية التواصل بين الباحثين.‏
ولعل أولى مظاهر الإرهاصات في علم المصطلح أو المصطلحية تتجلى في أول خطوة جدية ظهرت مع ظهور معجم شلومان schlammen المصور للمصطلحات التقنية A.schammans illustrated technical vocabularies. في اللغة الإنجليزية، وهو المؤلف الذي ظهر في 16 مجلداً وبست لغات بين عامي 1906 و1928 ـ 53.‏
وبالفعل، فقد أفاد هذا المعجم الباحثين كثيراً وأغنى مجال المصطلحية لا سيما في طريقة ترتيب المواد التي تمت على أساس المفاهيم، وأوضح مدلول المصطلح، كوعاء يوضع فيه مضمون من المضامين وأداة تحمل رسالة جد خطيرة، تسهم في تطور العلم والمعرفة النظرية منها والتطبيقية على امتداد الحضارات المختلفة والأنساق الفكرية المتعددة والعقائد والمذهبات المتميزة 54.‏
ودائماً في مساق التأريخ لعلم المصطلح، يجدر بنا القول إن العرب هم كذلك لـهم باعهم في مجال التأليف في المصطلحية من مثل كتاب (التعريفات) للشريف الجرجاني و(مفاتيح العلوم) للخوارزمي، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي.‏
في العصر الحديث يجدر التنويه بالمجهودات المصطلحية التي قام بها بعض العلماء والتي قامت وتقوم بها المجامع العربية مثل: ما ذكره الباحث رشاد الحمزاوي في منهجية التنميط (المبادئ والتطبيقات) بحيث اشترط في المنهجية وفرة قائمة المصادر والمراجع، ثم ذكر الاطراد واليسر في التداول والملاءمة أي عدم التداخل ثم تحدث عن الاشتقاق ودعا إلى تجنب الغرابة. وفي سياق التنميط الكمي فقد صوره في أربع نقاط هي: الشيوع، ويسر التداول، والملائمة، والحوافز 55.‏
ومن جملة مجامع اللغة العربية نذكر المجمع المصري 1932 والمجمع السوري 1979 والمجمع العراقي 1937 والمجمع الأردني 1976 والمجمع الهندي 1976 فضلاً عن بعض الهيئات التي أسست في خدمة المصطلح مثل: مكتب تنسيق التعريف بالرباط 1969 ومعهد العلوم اللسانية والصوتية بجامعة الجزائر 1966.‏
أما بنوك المعلومات فنذكر من بينها البنك التابع للمجموعة الاقتصادية الأوروبية Eurodicaution وبنك مكتب اللغة الفرنسية b.t.q الكائن بكندا وبنك Normoterm التابع لمؤسسة afnor وبنك terminum الكندي وبنك Le xar 56 .‏
ولا يقتصر الأمر على مجهودات البنوك والمجامع بل تعداها إلى بعض المنظمات من مثل: المنظمة الدوليّة للتقييس I.S.O كلجنة تقنية خاصة تحمل رقم 37 وهي المنظمة التي أسهمت في إرساء هذا العلم وأثرت مجال المعجمات. ومنذ سنة 1951 قامت لجنة المصطلحات بالمنظمة الدولية للمواصفات القياسية بمتابعة العمل في وضع الأسس والتنسيق بين الجهود.؟‏
كما يبدو جلياً تتبع بعض الهيئات لقضايا المصطلح عالمياً كما هو الحال لدى الاتحاد الدولي لعلم اللغة التطبيقي الذي أرسى دعائم لجنة خاصة بالمصطلحية تضم كثيراً من المتخصصين، حيث عقدت مؤتمرها الأول مرة في كندا عام 1978، تناول فيها أعضاؤها نظرية علم المصطلح وتعليم المصطلحات 57.‏
وبما أن العمل قد بدأ، كان جد الجاد من رجال العلم واللغة هو الذي سد المسدّ فأغنى اللغة وأثرى الثقافة وفتح الباب عريضاً للتأليف والكشف والإبداع في مؤتمرات أخرى دولية في علم المصطلح عقدت والتي اهتم فيها أصحابها بالأسس المنهجية لعمل المصطلحات في دول العالم المختلفة مع بيان القضايا اللغوية من ذلك، ومنها قضايا التجديد المعجمي في المصطلحات.‏
في ضوء كل ما سبق حول المصطلحية أو علم المصطلح، يتجلى للرائي أن أولى المنطلقات التي يستوجب عليه الشروع فيها بخصوص هذا الحقل هو تبيان القواعد العامة في صياغة المصطلحات العلمية والفنية، ثم تأتي المرحلة الموالية، وهي البحث في القواعد الأساسية المتحكمة في صياغة المصطلح ضمن اللغة المحددة.‏
وبناءً على ذلك، يقع استقراء الآليات التي تتوافر في بنية اللغة العربية ويسمح لـها بتوليد الألفاظ وتركيب المصطلحات مع مقارنتها بالآليات التي تتضمنها اللغات الأخرى لا سيما تلك التي يأخذ عنها اللسان العربي اليوم أغلب المصطلحات المستحدثة بحكم الثورة المعرفية العالمية.‏
وفي مرحلة أخرى يأتي مجال بحثنا في آليات صياغة المصطلح. مع العلم، أن لصياغة المصطلح أي مصطلح آليات تتبع سبلاً من الصيغ وقوالب من البناء هي التي توجهها معايير تتصل بموازين الكلمة وتركيبتها المقطعية وانتظامها الصوتي. وبناءً على ذلك، خلص النقاد والمختصون في مجال المصطلحية إلى أن المصطلح مثلاً في مجال النقد يعتمد على النقل والتوليد وعلى استخلاص الاسم من الاسم، ولاسيما عن طريق قالب المصدر الصناعي، كما يعتمد على كل مراتب التجريد الاصطلاحي، مرة بالامتثال إلى تتابعها الطبيعي، ومرة أخرى بالقفز على انتظامها 58.‏
في ضوء ما سبق، يتضح أن بين المصطلح والمصطلحية صلة وشيجة وترابطاً محكماً، ذلك أن المصطلح الذي نعني فيما نعني أن يكون أداة تفكير في كل علم وفن ووسيلة إيصال في مجال التعليم والبحث والتأثير. والحقل المصطلحي أو علم المصطلح هو المجال الاشتغالي للمصصلح أي الخلفية الابستيمية التي تستمد منها المصطلحات أصولها وتتحدث ضمن إطارها ولكل مصطلح مرجعيته، أو ما يسمَّى بمرجع المصطلح59. بمعنى الحقل المعرفي الذي يعبر المصطلح عن بعض جوانبه.‏
وتوكيداً لـهذه المنطلقات التي سلمنا بها في مجال علم المصطلحات والمنبثقة من البحوث اللغوية الأساسية، يمكننا إيجاز خصائص المصطلحية فيما يأتي 60:‏
1 ـ إن منطلق العمل في مجال المصطلحية هو تحديد المفاهيم تحديداً دقيقاً ومحاولة إيجاد المصطلحات الدالة عليها، ثم تقنين المصطلحات في ضوء المفاهيم العملية النابعة من طبيعة الموضوع نفسه.‏
2 ـ اقتصار علم المصطلح على المجال البحثي في المفردات على خلاف علم اللغة الذي يبحث في مجالات بناء الجمل والأصوات.‏
3 ـ علم المصطلح أو المصطلحية منطلقه تزامني Synchronic وهو يبحث في جمل الحالة للمفهوم.‏
4 ـ تخضع المصطلحات لمبدأ الاتفاق، ويختص مجال المصطلحية بمجال تكوين هذه المصطلحات وتوحيدها وجعلها مواكبة للمسميات.‏
5 ـ يتجاوز علم المصطلح الوصفية إلى المعيارية على خلاف علم اللغة.‏
6 ـ علم المصطلح جزء من التنمية اللغوية، ومهمة علم المصطلح في هذا السياق إيجاد الوسائل الأساسية للوصول باللغات الوطنية الكبرى على مستوى التعبير الكامل عن حضارة العصر وعلومه.‏
7 ـ اعتماد علم المصطلح على الكلمة المكتوبة على خلاف البحث اللغوي الذي يعتمد على المنطوق.‏
8 ـ يعتمد علم المصطلح على التوحيد المعياري واختيار المصطلح المناسب للمفهوم الأنسب.‏
9 ـ علم المصطلح ذو أفق عالمي مثل علم اللغة بصفة عامة، ويتطلب التوحيد المعياري للمصطلحات أسساً ونظرية عامة.‏
10 ـ يتطلب علم المصطلح التعرض للمصطلحات في مجالات محددة.‏
11ـ علم المصطلح حقل لـه وشائح بشتى العلوم.‏
5 . شروط وضع المصطلح:‏
ما هو شائع في الدراسات اللغوية أن "الإنسان لا يختار لغته مثلما لا يختار بلده وقومه ولونه، فهي قدره، ولذا فإن المسألة ليست مسألة جدلية احتمالية، بل هي بالوجود والمصير معاً، وأن اللغة عنوان الذات، ومن استخدم غير لغته في التعبير عن أفكاره ومشاعره وأحاسيسه في موطنه، كان كمن لبس جلد غيره أو كمن اتخذ هوية في هويته61.‏
من هذا المنطلق، يصبح المصطلح صورة مكثفة للعلاقة العضوية القائمة بين العقل واللغة، ذلك لأن المصطلحات وفي كل علم من العلوم هي بمنزلة النواة المركزية التي بها يشيع المجال المعرفي، كما أن المصطلحات هي أولى قنوات التواصل بين شتى العلوم البشرية، تساهم في مستوى الحوار الحضاري بين الأمم والتواصل الثقافي بين الشعوب.‏
ولذلك يلاحظ أن جانباً كبيراً من معركة النقد الأدبي اليوم في واقعنا العربي ترجع إلى خصام مبين حول المناهج النقدية ومصطلحاتها التي يتلبس بها الخطاب حول الأدب، كما أن الدراسة المصطلحية يمكن أن تتجه صوب هدفين متوازيين هما62:‏
أولاً: أن يتجه أنصار النقد المأثور من المعترضين على حركة التجديد المنهجي لتزيل حواجز اللبس القائمة بينهم وبين لغة النقاد المجددين، فيتبينوا ما هو راجح من مآخذهم على الحركة المستحدثة إلى بنية المضامين.‏
ثانياً: أن تتجه إلى رواد التجديد من النقاد ليتيسر عليهم الاستئناس بقوانين إنبناء الألفاظ حتى لا يتعسفوا أمرهم عندما يكتبون ذلك لأن دراسة المصطلح النقدي في أعمق مكوناته التركيبية والدلالية تساعد على تبين الثغرات التي تتخلل خطابنا النقدي المعاصر.‏
ويرى بعض الباحثين من خلال تتبعهم لقضايا المصطلح إلى أن مشكل المصطلح ذو صلة بالحقول الدلالية، بينما أوعز بعضهم الآخر. المسألة إلى الصحافة ونسبة الارتجال فيها واختلاف الفئات المتأثرة بهذا المصطلح أو ذلك. والحقيقة أن جل الدارسين اختلفوا وتعثروا بشأن المصطلح وحدّد مجال اختلافهم ضمن مناحٍ ثلاثة هي:‏
1 ـ تعدد المصطلح للدلالة على شيء واحد.‏
2 ـ اختلاف دلالة المصطلح.‏
3 ـ إطلاق مصطلح واحد للدلالة على عدة أشياء.‏
وأن هذا التفاوت والاختلاف لم يستمر طويلاً، إذ توحدت المصطلحات البلاغية والنقدية، ولنا مثال في هذا المساق، حيث كان للسكاكي (626 هـ) فضل في استقرار المصطلحات، كما كان لجلال الدين القزويني (739 هـ) نفس الاتجاه من خلال كتابه "التخليص" 63.‏
وفي ضوء هذه القراءة التي تتعرض لمسألة الجزافية والاعتباطية في الإصلاح أثار الباحث أحمد مطلوب إيجاد شروط وضع المصطلح ضمن عوامل أربعة هي:‏
1 ـ اتفاق العلماء عليه للدلالة على معنى من المعاني العلمية.‏
2 ـ اختلاف دلالته الجديدة عن دلالته اللغوية الأولى.‏
3 ـ وجود مناسبة أو مشاركة ومشابهة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي.‏
4 ـ الاكتفاء بلفظة واحدة للدلالة على معنى علمي واحد.‏
ومن خلال هذا الجرد، فإن أكثر ما يحتاج إليه في العلوم المدونة والفنون المروية لدى الدارس هو اشتباه الاصطلاح، فإن لكل علم اصطلاحاً خاصاً به إذا لم يعلم بذلك، لا يتيسر للشارع فيه إلى الاهتداء سبيلاً ولا إلى فهمه دليلاً" 64 وبغية الوصول إلى اتفاق اصطلاحي بين الدارسين ينبغي على المجمعيين والمؤلفين والمترجمين والنقاد اتباع جملة من الخطوات أوردها الباحث أحمد مطلوب في النقاط الآتية:‏
الخطوة الأولى: رصد المصطلحات النقدية العربية والوقوف على دلالتها وتغيرها في العهود المختلفة، والأخذ بما ينفع النقد الأدبي الحديث. لأن مثل هذه المصطلحات قادرة أن ترفد النقد الحديث، وتقوم للناقد المعاصر مصطلحات جديرة بالاهتمام، ثم أن رصد مثل هذه المصطلحات يتم عبر أمهات المصادر والكتب أهمها:‏
1 ـ كتب البلاغة والنقد.‏
2 ـ كتب الأدب.‏
3 ـ كتب اللغة المختلفة، لاسيما المعاجم.‏
4 ـ كتب التفسير وعلوم القرآن.‏
5 ـ كتب الفلاسفة المسلمين.‏
6 ـ كتب المصطلحات.‏
الخطوة الثانية: جرد أهم الكتب الأدبية والنقدية، ومحاولة استغلال المصطلحات النقدية التي استعملت في هذا القرن والاتفاق على مصطلح دقيق للدلالة على المعنى الجديد.‏
الخطوة الثالثة: جرد أهم كتب مصطلحات الأدب والنقد الحديثة.‏
الخطوة الرابعة: جرد أهم كتب الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والفنون ومحاولة استخلاص المصطلحات التي تتصل بالنقد الأدبي.‏
الخطوة الخامسة: جرد أهم كتب الأدب والنقد المترجمة وهي كتب ضمت كثيراً من المصطلحات النافعة في وضع معجم.‏
الخطوة السادسة: الاطلاع على بعض موسوعات الأدب الأجنبي ونقده بلغاتها الأصلية.‏
الخطوة السابعة: الاستعانة ببعض المعاجم الأجنبية لتحديد معنى المصطلح اللغوي لاسيما معجم اكسفورد الكبير.‏
الخطوة الثامنة: تصنيف ما يجمع التراث القديم والفكر الجديد.‏
الخطوة التاسعة: تعريف المصطلح تعريفاً وافياً والوقوف على اختلاف المذاهب الأديبة في تحديده وذكره بلغة واحدة أو أكثر لمعرفة المقابل الأخير.‏
ولما كانت أزمة المصطلح العلمي اللسانياتي تبدو في صورتها أزمة صارخة وواضحة في المؤتمرات والندوات اللسانيات العريبة، وكان لكل باحث لسانياتي في المجال مصطلحاته الخاصة به.65 فقد اقترح الباحث محمد طبي، جملة من الشروط بخصوص وضع المصطلح العلمي66.‏
*أولها : اتفاق العلماء عليه للدلالة على معنى من المعاني العلمية.‏
*ثانيهما : اختلاف دلالته الجديدة على دلالته اللغوية الأولى.‏
*ثالثهما : وجود علاقة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي.‏
*رابعهما : الاكتفاء بلفظة واحدة للدلالة على معنى علمي واحد.‏
وهناك اهتمام جديد تجلى بقوة وعلى نحو طيب لاسيما لدى الباحث جميل صليبا في معجمه الفلسفي بحيث حدد أربع قواعد ينبغي اتباعها في وضع المصطلحات العلمية وهي كالآتي67.‏
1 ـ البحث في الكتب العربية القديمة عن اصطلاح متداول للدلالة على المعنى المقصود ترجمته، ويشترط في هذه القاعدة أن يكون اللفظ الذي استعمله القدماء مطابقاً المعنى الجديد، مثال الجوهر: (substance).‏
2 ـ البحث عن لفظ قديم يقترب معناه من المعنى الحديث ومثال ذلك الحدس: (Intuition).‏
3 ـ البحث عن لفظ جديد لمعنى جديد مع مراعاة قواعد الاشتقاق العربي مثال: الشخصية: (Personnalité).‏
4 ـ اقتباس اللفظ الأخير بحروفه، على أن يصاغ صياغة عربية، وذاك ما يدخل في مجال التعريب، مثلا: تلفزيون: (television).‏
وغير بعيد عن هذا المعنى، ونظراً للأسباب المتكاثرة والمتضافرة، يلفي القارئ صورة أخرى يتلمسها لدى المؤلف محمود فهمي حجازي ضمن مؤلفه الأسس اللغوية لعلم المصطلح. بحيث بحث في مجال المصطلح والمصطلحية، وموقعها في الوطن العربي، وهو نمط من البحث يمثل تقديرنا عينة الإشكال المعرفي نظراً لمتناقضات الحال التي عليها أمر المعارف اللغوية عندنا بحيث أورد أن هناك مجالين للبحث في المصطلحات والمصطلحات العربية بوجه خاص، وكلا المجالين لـهما أهميتهما ومتطلباتهما وعلاقاتهما بالتخصصات الأخرى وباللغات المختلفة. 68‏
ففي المجال الأول: تناول الباحث في مجال البحث من خلال كل ما ورد من مفردات وعبارات اصطلاحية في الكتب العربية والمعربة، وهي كتب في العلوم الطبية وفي الكيمياء وفي الرياضيات وفي الفلك ومجالات علمية أخرى.‏
والمجال الثاني: وهو الذي يتضمن المصطلحات في العصر الحديث منذ بداية الاتصال بأوربا ومحاولة نقل العلوم الحديثة والنظم الجديدة، والمفاهيم الحضارية الأوروبية في اللغة العربية.‏
ودائماً في هذا المجرى الكلامي، فقد أقامت (ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي العربي) التي نظمها مكتب تنسيق التعريب في الرباط 1981 مشيرة إلى قرارات مهمة في أصول اللغة، وقضايا المصطلح من خلال عدد كثير من الباحثين المساهمين والممثلين لمجامع اللغة العربية، بحيث أضافت معلوماته الدقيقة أبنية أفادت كثيراً مجال المصطلحية وخرجت بجملة من المبادئ، أمكن إيجازها في 18 عنصراً هي كالآتي 69.‏
1 ـ ضرورة وجود مناسبة أو مشابه بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلوله الاصطلاحي.‏
2 ـ وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد من الحقل الواحد.‏
3 ـ تجنب تعدد الدلالات للمصطلح الواحد في الحقل الواحد.‏
4 ـ استقراء وإحياء التراث العربي.‏
5 ـ مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية، بجملة من الشروط هي:‏
ـ مراعاة التقريب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين بالعلم والدارسين.‏
ـ اعتماد التصنيف الشعري الدولي لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها.‏
ـ تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل.‏
ـ إشراك المختصين والمستهلكين في وضع المصطلحات.‏
ـ مواصلة البحوث والدراسات لتيسير الاتصال الدائم بين واضعي المصطلحات ومستعمليها.‏
6 ـ استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة والتوليد لما فيه من مجاز واشتقاق وتعريب، وهي الوسائل التي رجع إليها العلماء والنقلة عندما وصفوا آلاف المصطلحات في صدر الإسلام.70‏
7 ـ إيثار الكلمات العربية الفصيحة على الكلمات المعربة.‏
8 ـ تجنب الكلمات العامية إلا حين الضرورة الملحة.‏
9 ـ الميل إلى الجزالة في القول واليسر والنفور من الصعب الممحك في التعبير.‏
10 ـ تفضيل الكلمة التي تسمح بالاشتقاق.‏
11 ـ تفضيل الكلمة المفردة.‏
12 ـ تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة المبهمة الغامضة وفصل دلالة المصطلح الأجنبي على دلالة المصطلح العربي السليم.‏
13 ـ في حالة الترادف تفضل اللفظة ذات المفهوم الأصيل الأثيل.‏
14 ـ الأخذ بمبدأ الشيوع والتداول في المصطلحات دون الكلمات الشاذة النادرة.‏
15 ـ عند وجود ألفاظ مترادفة في المداليل ينبغي تحديد الدلالة العلمية لكل واحدة منها.‏
16 ـ مراعاة الاتفاق لدى الباحثين والمختصين في مجال المصطلحية.‏
17 ـ اللجوء إلى التعريب عن الألفاظ الأجنبية. 71‏
18 ـ التعريب، عن طريق السهولة والسلاسة في التعبير ثم الأخذ بالمصطلح المعرب في قواعده الأصلية وذلك لما يطرحه وضع المصطلح المعرب بالمعنى الواسع من عدة مشكلات نظرية إضافة إلى المشكلات المنهجية لأنه يقودنا إلى القذف بمحيط غريب عنا نوعاً ما داخل محيطنا، وتمثلات للمحيط مجسدة في ألفاظ لغات أخرى ضمن تمثلنا المحلي، فهناك تصادم وصراع بين هذه الألفاظ والتمثلات الداخلية والمدخولة قد يفضي إلى تعايش مرحلي أو إلى هيمنة ثقافية كلية أو جزئية...‏
6. خلاصة وآفاق:‏
إن موضوع المصطلح من أهم الموضوعات الثقافية والقومية التي تتصل بحاضر الأمم وبمستقبلها المنشود، عن طريق وحدة قومية تقوم على قاعدة من التقدم الثقافي والتطور الحضاري، كيما تتمكن أية أمة من استعادة دورها التاريخي والإنساني التي هي به جديرة وعليه قديرة.‏
وقد لاحظ الدارس لـهذه التقدمة حول المصطلح والمصطلحية بأننا هدفنا فيما هدفنا إليه إلى طرح جملة من التساؤلات والفرضيات التي تضع المصطلح أي مصطلح ضمن أولوياتها الأساسية باعتباره تعبيراً وتطويراً للمخيال الجماعي من جهة، ومن جهة ثانية نتاجاً فكرياً يمكن وضعه على محك البحث والدراسة قصد الوصول إلى نتائج تحدد السمات والأبعاد المفهومية للمصطلح، وتستشرف الآفاق التي يكون عليها هذا المصطلح في المستقبل، كما تقتضي الإجابة عن هذه التساؤلات والفرضيات المطروحة ثم الرجوع إلى الينابيع والجذور التي كانت مصدراً ومنطلقاً لـهذا المصطلح خاصة وإنه لا يتشكل هكذا بقدر قادر، استجابة لرغبة هذا الاتجاه الغامر ولذلك التيار الغربي الجارف بل أنه يتكون وفقاً للمعطيات الموضوعية.‏
وما هو قمين بالذكر ضمن هذا المنظور، إن المصطلح أصبح يعد فعلاً اتصالياً يستحوذ على اهتمام الكتاب والباحثين في السنوات الأخيرة بعد أن كان محصوراً في الدراسات اللغوية، وازداد النقاش بشأنه حدة بعد ربطه بالنقد.‏
وقد لاحظنا، كيف أن المصطلح قد يكون كلمة أو مجموعة من الكلمات، وكيف أن وضع المصطلح في اللغات الأجنبية تفصله هو ة سحيقة بينه بين المصطلح في اللغات المترجم إليها ومرد ذلك إلى ضعف التتبع وبطئ العمل وتشتت الجهد، ولذلك فسعينا جاء ليصب في مجال الانتفاع بالمصطلح العلمي، وعدم الارتجالية والدعوة إلى المعرفة الموغلة بأصول اللغة.‏
ووفق هذا الافتراض، وقعنا على تحديدات جامعة نافعة للمصطلح Terme والمصطلحية Terminologie كأدوات مهمة في السبر اللغوي. على جميع الأصعدة والمستويات وعلى المستوى الاصطلاحي والمستوى اللفظي ثم المستوى الشعاري.‏
ـ فعلى المستوى الأول: فإن المصطلح قائم على تأييد التعريف الافتراضي للكلمة إذا ما عومل المصطلح بحسب قيمته المحددة.‏
ـ أما على المستوى اللفظي فالمصطلح يجب أن يتعامل مع الكلمة على أساس اقتصار معناها على الحد اللغوي الذي يمكن ضبطه بالعودة إلى المعجم اللغوي.‏
ـ وعلى المستوى الشعاري فإن بعض المناصرين لـهذا المصطلح أو ذاك يحاولون جعل الكلمة مرتبطة بحزب ما أو عصبة أو جماعة دينية أو رسم تجارة.‏
وإذا كانت جل الدراسات الجادة تدل على أن مهمة الاستيعاب وتمثل المعلومات عملية تتم عبر المصطلحات، فمن هنا وجب الاستفادة من المصطلحات تعلماً وتعليماً متقناً ثم البحث في خبايا اللغات عن طريق الابتكار والإبداع ثم النجاعة في وضع المصطلح وتوحيده واستخدامه ذريعة للتنفيذ في البحوث اللغوية وفي النقد والنقد الفني.‏
ومن خلال إيماءاتنا لتاريخ المصطلح والمصطلحية في التراث القديم، أردنا القول بأن لغتنا القومية بمفرداتها العربية قادرة هي الأخرى على التعبير الدقيق والقول والتناسل المستمرين، لأنها إحدى ركائز هويتنا القومية، وإن استخدام لغة أخرى مكانها هو اتهام لـها بالعجز على الرغم ما فيها من قيم رفيعة وتراث جليل.‏
ودائماً من خلال الجهود التي بذلت وتبذل في مجال المصطلح والمصطلحية، لاحظنا كيف أن المتخصصين في المجال ذاته مستمرون في المطالبة والسعي، وثمة خطوات مهمة ساهموا فيها. عن طريق إنشاء المؤسسات والهيئات العلمية اهتماماً بالمصطلح العلمي على رغم من مواضع الخلل التي اقترنت بهذا الاجتهاد وارتبطت بهذا التنفيذ.‏
وهكذا، يبقى الشرط الرئيس في المصطلحات أن يكون للمفهوم الواحد، سواء أكان اسماً أم معنى، لفظة اصطلاحية يتفق عليها جميع أهل الاختصاص، لأن تعدد الألفاظ بالمفهوم الواحد يفضي إلى اضطراب في عملية التواصل communication.‏
وفي المقابل، يتطلب التوحيد المعياري للمصطلحات قومياً وعالمياً أن يكون هناك نظاماً مقنناً للمقابلات اللغوية، وذلك بتحديد وسيلة لغوية واحدة والتعبير عن المفهوم بمكون لغوي واحد. والمقصود بالوسيلة اللغوية هذه أية وحدة صرفية ووزناً من الأوزان أو وحدة معاجمية للتعبير عن ماهية ما.‏
ففي هذا الصدد، قام فوستر بعرض مجموعة من الأسس في بحثه الهادف إلى التوحيد المعياري للمكونات اللغوية للمصطلح وهي: 72‏
أولاً : إيجاد معجم للمصطلحات تلبية لحاجة المصطلحين من أجل التوحيد.‏
ثانياً : ترتيب عناصر المصطلح ترتيباً قائماً على المفاهيم وترتيب المفاهيم بحسب الورود الهجائي.‏
ثالثاً : مراعاة نسبة شيوع عنصر المصطلح.‏
رابعاً : كتابة عنصر المصطلح في صيغته الأصلية باللغة اللاتينية الأم.‏
خامساً : عرض المصطلح في صورته الأصلية قبل تحريفه، أي في صيغته الأساسية.‏
سادساً : النطق الموحد للصيغ الأصلية حتى لا يطرأ عليها تحريف حين نقلها بالتعريب أو الترجمة إلى اللغة المستقبلية اللغة الثانية.‏
سابعاً : إدخال المصطلحات الدولية المتفق عليها بدون تعديل أو انحراف.‏
ولا يقتصر الأمر، هاهنا، عن دور المصطلح في التواصل وحسب، بل ثمة علاقة حميمية في المصطلح والتنمية اللغوية، ويتجلى ذلك ـ فيما سوف يأتي القول بشأنه ـ ضمن مجالات الترجمة والتعليم والتدوين. وترجع هذه الأهمية فيما رأينا حسب الهيئات المنشأة والكتب المؤلفة في إطار التعاون وتبادل الخبرات بين الهيئات العالمية. حيث رأينا حجم الإنتاج الغربي والعربي على حدّ سواء وواسطة الترجمة في بعض العينات التي ساهمت في إنشاء مجال المصطلحية.‏
من هذا كله، يتضح أن الاهتمام بالمصطلح يوفر عناية خاصة بحركة التأليف الحديثة. سعياً إلى التنمية الدائمة إضافة إلى أن السياسة اللغوية تظهر عادة لدى المهتمين بقضايا المصطلح قضية أساسية لـها دورها الحاسم في كل الموضوعات الخاصة بالمصطلحات في التعلم والإعلام والإدارة. ومؤكد هذه المقولة، ما ذهب إليه العرب في المعاهد والمؤسسات والمؤتمرات، أمر يقطع عليهم أي طريق للتعاون العلمي فيما بينهم 73.‏
وربما تؤدي مهمة العناية بالمصطلحات إلى العناية الدائمة باللغة أي لغة عن طريق إيجاد المصطلحات المستحدثة للتعبير عن كل جديد في مجالات العلوم وقطع الطريق على الاتهامات الزائفة التي توجه إلى بعض اللغات بالقصور. كما أن الاهتمام بموضوع المصطلح والمصطلحية، مجال يؤكد لنا وللدارسين إجابة شافية للسؤال اللحوح، هو كيف نجعل من المصطلح العلمي ملكاً مشاعاً وكيف نجعله يتماشى مع خصوصيات هذه اللغة التي نتحدث بها نحن، اللغة العربية، أو كيف نستفيد من المصطلحات التي تدرسها البنوك العالمية، وحينما نقول المصطلح نعني العمل به والتحكم فيه وفي مستلزماته.‏
ومن خلاصات ما سبق، أن الفكر النقدي العالمي، في اعتقادنا هو نتاج عقل، في المصطلح والمنهج والوظيفة. ثم أن البحث في مجال المصطلح هو مجال صعب، وليست الصعوبة في التحكم في طرائق وصفه أو العجز في صياغته ولكن الصعوبة الأساسية تكمن في الاعتراف العلمي به، لأن أساسيات المصطلح أن يكون واحداً موحداً وأن يكون متفقاً عليه، فهو كاسم العلم، كالكلمة، كالفونم، أو الوحدة الكلامية. وعليه فالإنسان لا يجوز كما يقال أن يحمل أكثر اسم سمي به، كذلك الأشياء لا يمكن أن تأخذ أسماء عدة لمسمى واحد. مهما اختلفت طرق صياغة هذا الاسم أو المصطلح.‏
***‏
هوامش الفصل الأول‏
1. عبد السلام المسدي، قراءات مع الشابي والمتنبي والجاحظ وابن خلدون، الشركة التونسية للتوزيع، تونس، 1984، ص 162.‏
2. محمود زكي نجيب، تجديد الفكر العربي، دار الشرق، بيروت (لبنان)، 1971 ص: 247.‏
3. عبد السلام المسدي الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، المجلة العربية للثقافة، م.ع. للثقافة، ع24، مارس 1993، ص 54.‏
4. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر، المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة. تونس. ع24 مارس 1993 ص 11.‏
5. صالح بلعيد، في قضايا فقه اللغة العربية، ديوان م، الجامعية. الجزائر. 1995. ص97.‏
6. أحمد بوحسن، مدخل إلى علم المصطلح، ونقد النقد العربي الحديث، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي. بيروت ع66 ـ 67, 1989 ص 84.‏
7. حطاب أحمد المصطلحيات العلمية وأهميتها في مجال الترجمة، العلوم الطبيعية كنموذج "في الترجمة العلمية (ندوة لجنة اللغة العربية الأكاديمية المملكة المغربية، طنجة، 11 ـ 12 ديسمبر 1995 الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية ص 185 ـ 203.‏
8. ينظر، أحمد شامية، خصائص اللغة العربية، والإعجاز القرآني في نظرية عبد القاهر الجرجاني للغوية. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر 1995 ص 103.‏
9. محمد كامل حسين، القواعد العامة لوضع المصطلحات العلمية، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة. ج11، 1955 ص: 137.‏
10. نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث. ج1. دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع. دت.ص 13‏
11. علي القاسمي، المصطلحية، النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها، مجلة //اللسان العربي//، الرباط، المجلد 18، ج1، 1980، ص 08.‏
12.ابن فارس، مقاييس اللغة، ج 3. تحقيق وضبط عبد السلام هارون. دار الفكر. دت.ص 303.‏
13. ابن منظور، لسان العرب، ج 2. إعداد وتصنيف يوسف الخياط. دار لسان العرب. بيروت. م3 دت. ص 08.‏
14. ينظر الجوهري، الصحاح في اللغة والعلوم، بيروت، 1975 (المادة، صلح).‏
15.محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح. دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع. دت.ص 08.‏
16. الجرجاني علي بن محمد، التعريفات، 1 طبعة ليبسيغ. 1845، المادة (صلح).‏
17. ينظر: المعجم الوسيط. 1و2 دار الأمواج بيروت 1990 ص 520.‏
18. ينظر، مجمع اللغة العربية، محاضر جلسات المجلس في الدورة 40، 1973/1974 القاهرة 1975 ص: 418 بحيث ترجمت لفظة terminoloy باسم علم المصطلحات.‏
19. الجاحظ، البيان والتبيين، ج1، تحقيق عبد السلام هارون. ط 3. مطبعة الخانجي. القاهرة 1968. ص 139.‏
20 . محمد طبي، وضع المصطلحات. المؤسسة العمومية الاقتصادية لترقية الحديد والصلب. دت. ص 38.‏
21. J. Vachek, dictionnaire linguistique de l école de Prague, Utrecht. Au vers, 1966 terme.‏
22. J. maronzeau. Lexique de terminologie linguistiques, Paris 1951.. mot.‏
23. J. Josette. Rey. Deboue, 4, Lexique sémiotique, Paris 1949. terme.‏
* وحينما نتحدث عن مصطلح المفهوم في المجال المعرفي "فنحن نجد أنفسنا أمام وحدات تصويرية أخرى تشكل بينها جميعاً بناء يشرح بعضه ببعض قد يصل إلى درجة النظرية العلمية.. لذلك فالمفاهيم بحاجة إلى جهاز مفهومي"، كما أن المفهوم في اعتقادنا هو قرين اللفظة والكلمة والمصطلح أي (Mot). فلا فرق بينهما. لمزيد من التفصيل ينظر: محمد الدغموني، انتقال المفاهيم، نقد النقد، مجلة علامات ج 31 مج8، فبراير 1999، ص 71. (الهامش).‏
24. “Petit Larousse, Lustre 1984, P:999.‏
25. ينظر: ونجانج نيدوبتي، التصويرية والدلالية: مقارنة في النهج وفحص في صلاحية الاستعمال في مجال المصطلحاتية. مجلة اللسان العربي. مكتب تنسيق التعريب ع/29 ص 124 ويحيى عبد الرؤوف: جبر الاصطلاح مصادره ومشاكله وطرائق توليده (مجلة اللسان العربي ع/36)، ص 144.‏
26. هريبرت بيثست وجيفر دارسكا، مقدمة في المصطلحية، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، جامعة. الكويت، مجلس النشر العلمي، لجنة التأليف والتعريب والنشر، أكتوبر 2000، ص 141.‏
27. محمد طبي، وضع المصطلحات. م س. ص 08.07‏
28. حامد صادق قنيبي دراسات في تأصيل المعربات والمصطلح، مجلة. اللسان العربي ع/31، 1988 ص 134.‏
29. ينظر: علي القاسمي، علم المصطلح بين علم المنطق وعلم اللغة، العناصر المنطقية والوجودية في علم "المصطلح مجلة اللسان العربي.. ع 30، 1988 ص 134.‏
30. ينظر: عبد القادر الفاسي الفهري. اللسانيات واللغة العربية. منشورات عويدات. بيروت. باريس. ط. 1. باريس. ط1. 1986 ص396.‏
31. Jeans Dubois et les autres, Dictionnaire de Linguistique, Larrousse. Paris. Ed.. revue et corrigee, P486.‏
32. Voir le Petit Robert 02. Paris. 8. Edition. 1984 P. 1946.‏
33. ينظر، التعريب والمصطلح، دراسة أعدت بمناسبة انعقاد "ندوة التعاون العربي في مجال المصطلحات، علماً وتطبيقاً" في تونس، من 7 إلى 10 من شهر 7. 1985، ص 173.‏
34. محمد مفتاح، المفاتيح ومعالم ط1، المركز الثقافي العربي، الرباط، المغرب، 2001 ص 06.‏
35. ينظر: نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب. م س ص 13.‏
36. دراسة أعدت بمناسبة انعقاد "ندوة التعاون العربي في مجال المصطلحات علماً وتطبيقاً" في تونس من 7 إلى 10/07/1986. ص 174.‏
37. ينظر: شحادة الخوري، دور المصطلح العلمي في الترجمة والتعريب، مجلة علامات، ج 29م 7 جمادى الأولى/ سبتمبر 1998، ص 190، 191.‏
38. الخطيب أحمد شفيق، حول توحيد المصطلحات العلمية، من محاضرات مجمع اللغة العربية في مؤتمره 59، القاهرة 12 ـ 26 أبريل 1993، بيروت، لبنان، ص 8.‏
39. Jean Dubios et les autres, Dictionnaire de la liguistique – P 486.‏
40. Idem, P 486.‏
41. jean dubois et les autrex, dictionnaire de linguistique, larrousse. Paris, 1991. P486.‏
42. محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح. ص 17.‏
43. المصدر السابق، ص 20.‏
44. ينظر: عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 395 ـ أو محمد حلمي هليل. نحو تعليم المصطلحاتية والتدرب عليها، مشروع العالم العربي، مجلة اللسان. ع. ع. /32/ ص 105.‏
45. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية، تونس 1984، ص 22.‏
46. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي. م سص 34.‏
* مدرسة براغ من مؤسسيها 1946-1882 Vielem Matheriesوهو أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كارولينا، وقد ضمت لسانيين مثل رومان كاجوسبون ونيكول تروبتسكوي، فنظرت إلى اللغة باعتبارها نظاماً من الوحدات الوظيفية المتصلة، وتتلخص مقولة هذه المدرسة في الأخذ بدراسة اللسان في حد ذاته ومن أجل ذاته لمزيد من الاستفادة ينظر:‏
Aj Grimas, semantique structurale ed. Libaririe Larousse. Paris 1972 mP6.‏
47. لمزيد من الاستفادة ينظر: هربيت، بيثست ووحيفر دارسكاو، مقدمة في المصطلحية، كلية الآداب قسم اللغةالإنجليزية. جا. الكويت. مجلس النشر العلمي. لجنة التأليف والتعريب. والنشر. اكتوبر 2000 ص 44.43.‏
48. لمزيد من التفصيل ينظر. هربيرت بيثست وحيفر دارسكاو ص 44.43 علي القاسمي. المصطلحية (علم المصطلحات)، النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها، مجلة اللسان العربي، مكتب تنسيق التعريب. الرباط، م18 ـ 1980.‏
ج. الأول، 1980، ص 9.‏
49. المصدر السابق. ص 08‏
50. علي القاسمي. المصطلحية. علم المصطلحات. النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها. مجلة اللسان العربي. الرباط. م18. ج1980. 1 ص09.‏
51. علي القاسمي، المصطلحية، م. س. ص 8.‏
52. ينظر، هلملت فيليبر، المصطلحاتية في عالم اليوم. مجلة اللسان العربي. ع. 30. 1988 ص 201.‏
في هذا الشأن أدت البحوث الأساسية التي قام بها فوستر إلى قيام اللجنة التقنية رقم 37 في المنظمة الدولية للمواصفات القياسية، وكانت اللجنة الخاصة بالمصطلحات في إطار الفيدرالية الدولية للاتحادات الوطنية للتقييس، قد وافق على قيامها سنة 1936 إلى أن جاءت سنة 1951 فقامت لجنة المصطلحات بالمنظمة الدولية للمواصفات القياسية بمتابعة العمل في وضع الأسس والتنسيق بين الجهود.‏
لمزيد من الاستفادة ينظر: الأسس اللغوية لعلم المصطلح ص 22‏
53. وقد سمحت لنا الظروف بالإطلاع على مضامين طبيعة اللغة الإنجليزية عثرنا عليها أثناء زيارتنا لإحدى مكتبات الشرق العربي. لمزيد من الاستفادة ينظر: علي القاسمي، النظرية العامة بالنظرية الخاصة في علم المصطلح (م. ل. ع. ع./29) ص 127.‏
54. ينظر عبد الله بوخلخال، مصطلح السيميائية في البحث اللساني العربي الحديث النشأة والمفهوم والتعريب، أعمال ملتقى عنابة، ص 74.‏
55. ينظر. محمد رشاد الحمزاوي، المنهجية العربية لوضع المصطلحات من التوحيد في التنميط م. ل. ع. ع. /25 ص 45ز‏
56. ينظر: عامر إبراهيم قندليجي، بنوك وشيكات المعلومات، مكوناتها مستلزماتها، نماذج عربية وأجنبية م.ل. ع. ع./ 25 ص 109.‏
57. ينظر: محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 22.‏
58: ينظر: عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، تونس 1984. ص 47 ـ 53.‏
59. ينظر: أحمد بوحسن، مدخل علم المصطلح، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 66 ـ 67 جويلية. أوت 1983. ص 72.‏
60. ينظر: محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، 24 ـ 27.‏
61. شحاذة الخوري، الترجمة قديماً وحديثاً، حركة التعريب في العراق، معهد البحوث والعلوم، بغداد، ص 56.‏
62. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص 33.‏
63. أحمد مطلوب، مصطلح النقد الأدبي المعاصر، المجلة العربي للثقافة، ع 24 مارس 1993 المنظمة العربية الترجمة والثقافة، ص 14.‏
64. أحمد مطلوب. إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر ص: 23 ـ 26.‏
65. ينظر مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث (مدخل) دار النشر الترجمة والنشر، ط1، 1988 ص: 363.‏
66. ينظر، محمد طبي، وضع المصطلحات. مس. ص40‏
67. ينظر، جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ج1. دار الكتاب اللبناني. بيروت. 1973. ص 12.15.‏
68. ينظر، محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح: ص 29 ـ 30.‏
69. ينظر. مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 56 ج 04 أكتوبر 1981 ص: 887 وما بعدها.‏
70. هي الطرائق التي سوف نتعرض لـها بإتقان خلال هذا الباب من الأطروحة.‏
71. ويقصد بالتعريب هاهنا تعريب اللفظ وليس تعريب النص أو المجال الآن اللفظ مجاله، التفوه باللفظة الأعجمية على منهاج العرب في النطق والوزن على نمط ما قيل في القديم ترياق، ناطور، سوس، فردوس... وسواها من الصياغات التي أجازتها مجامع اللفظ العربية لمزيد من الاستفادة ينظر: شحاذة الخوري دور المصطلح العلمي في الترجمة والتعريب، مجلة علامات ج 29م 8 جمادى الأولى سبتمبر 1998 ص: 184 أو عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات ص: 28. كما نسجل هنا موقفاً معترضاً للفاسي الفهري على بعض هذه المبادئ ومنها التعريب وعلى خلاف فاضل ثامر الذي زكاها بالمباركة. لمزيد من التفاصيل ينظر. عبد القادر الفاسي الفهري. اللسانيات واللغة العربية. ص 359.398 وفاضل ثامر. اللغة الثانية. ط1. المركز الثقافي العربي. بيروت. 1994. ص 172. 173.‏
72 . ينظر محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 91، 91.‏
73. خليفة عبد الكريم، تأهيل هيئة التدريس بالعربية، في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، السنة الثالثة، كانون الثاني، 1980، ص 7.‏