كتب مصطفى بونيف

عندما صافحت رئيس الجمهورية !!



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

حدث سنة 2001 عندما كنت طالبا في الكلية أن صافحت السيد رئيس الجمهورية ...بعد أن دفعتني جموع الطلاب الراغبين في النظر إليه ، كنت أصرخ ( ذراعي يا بهايم ، ذراعي ..آآآي ) ، لا أحد يسمعني كلهم يهتفون ( بالروح بالدم نفديك يا بو ..) !.
شعرت بأن ذراعي سوف يطير مني ، كنت أطارده و أصرخ ( ذراعي يا بهايم ، يلعن أبوكم وأبو ال...) ، فجأة ...شعرت بيد ناعمة تمسك يدي ...رفعت رأسي لأجدها يد الرئيس شخصيا !!
يا إلهي كيف عرفني ؟؟ ، وصافحني أنا بالذات !
هذه فرصة لا يمكن أن تتكرر ...قررت أن أستغلها ...أمسكت في يد الرئيس ...رغم ضربات عناصر الحراسة ليدي بأجهزة الإتصال التي بأيديهم .
وأخيرا أنا أقف أمامه ويدي تمسك يده بحرارة ، لدرجة ان الذي يرانا يعتقد بأننا أصدقاء أنتيم من زمان !!
وفجأة ...
فجأة ...
ما هذا ...لقد نسيت كل الكلام الذي كنت أنوي أن أقوله للسيد الرئيس !؟
- الحمد لله كل شيئ تمام يا سيادة الرئيس ، بفضل حكمتكم !
ابتسم الرئيس وقال لي : هل لديكم مشاكل معينة ؟

حاولت أن أتذكر مشكلة واحدة من ضمن الثلاثين مليون مشكلة التي كانت في رأسي ، لم أتذكر منها ولا واحدة !..

- مشاكل ؟؟ لا توجد أية مشاكل طالما أنت رئيسنا !
سحرتني رائحة عطره الجميلة . فهمست له ( رائحة برفانك رائعة !).
ابتسم الرئيس خجلا لمغازلتي المباغتة ، ثم كرر وهو يحاول أن يسحب يده الناعمة من يدي الخشنة ( هل لديكم مشاكل ؟ ) ..
فقلت بلهجة الواثق ( ومن أين تأتي المشاكل طالما أنت موجود في قصر الرئاسة ؟...يا سيدي الخير لم يأت إلا على يديك ) وضممت يده بحرارة .
سحرني لون الكرفتة التي يضعها ...
( لون كرافتكك أحمر ، أوروجينال ...يسلم ذوقك يا سيادة الرئيس ) .
ابتسم الرئيس وهو يحاول سحب يده التي كانت تبدو في يدي كعصفورة رقيقة وقعت في الفخ !.
كنت أعصر مخي عصرا ، ومع ذلك لم أستطع أن أتذكر جزءا من المشاكل التي كانت تطحنني طحنا ...أين ذهبت المشاكل ، طوال عمرها تكتم على أنفاسي ، وتطير النوم من عيني ، كانت لا تفارق رأسي حتى عند الأكل فتسد نفسي ، أو في الحمام ..فترفع من حالة الإمساك ...أين ذهبت تلك المشاكل التي كانت تخنقني ، فجأة طارت ولم يعد لها وجود ؟ ) .

نظرت إلى وجهه فوجدته يشع نورا ( من شدة العز والدلال الذي يعيشه ) ثم قلت له : - أنت أجمل من صور التلفزيون ، والله إن الصور ظلمتك !
ضحك الرئيس وقال لي : - الله يسلمك يا ولدي .
لم أجد ما أقوله للرئيس ..الذي أخيرا استطعت أن أراه جسما حقيقيا وأمسك يده ، بينما كان ينتظر مني أن أشتكي له عن مشاكلنا ...
فقلت له : ما رأيك في التطبيع ؟
فأجابني بسرعة : - الطبيعة في بلادنا جميلة ، يجب أن نحافظ عليها ، وأنتم يا معشر الشباب من يجب أن تسهموا في الحفاظ على البيئة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...ثم سحب يده بقوة وبسرعة ، ولسان حاله يقول ( الحمد لله ) !
اختفى سيادة الرئيس بين الجموع التي كانت تهلل وتهتف بحياته ...
فجأة ...
فجأة ...
صفعتني إحدى مشاكلي ..( ستتخرج من الجامعة إلى المقهى ، يا عاطل عن العمل يا بطال ، وستقضي بقية حياتك يا ولدي تطارد خيط دخان ..)
فصرخت ..البطالة يا سيادة الرئيس ...البطالة !
لا أحد يسمعني .

ثم ضربتني المشكلة الثانية على قفايا .. غلاء السلع وارتفاع الأسعار ، ( لن تجد نقودا تكفيك لشراء رغيف الخبز ، ولا لشراء كتاب أبيض ينفعك في اليوم الأسود للتخرج ..)

فصرخت ..( غلاء الأسعار ..!) ...لا أحد يسمعني !

مشاكل السكن ، الصحة ، الأمن ، الأكل ، ال...وال .... كلها تجمعت حولي تضربني ، في كل ناحية .
حتى شعرت بضربة قوية أخرى على قفايا ...لم تكن مشكلة بل كان صاحبي حسين ...وهو يقول لي ( سوف نرى صورتك مع رئيس الجمهورية في أخبار الثامنة ، هنيئا لك يا عم !) .

فأجبت صاحبي حسين وأنا أمسح قفايا ( الكهرباء مقطوعة عن الحي منذ ثلاثة أسابيع !).


مصطفى بونيف