يعرف الخيال بأنه نوع من التصوير الذهني الذي يمارسه الإنسان ليشكل عالما من الإيهام يختلط فيه الواقع بالوهم والحقيقة بالخيال على نحو غير مألوف في الطبيعة بوساطة عمليات ذهنية تخيلية تتخطى الواقع وتجتياز حدوده الزمانية و المكانية وتنغلق على حدود الذهن وما يتجسد فيه من صور ذهنية مستمدة من موجودات واقعية ولكنها تتشكل على نحو يتجاوز وجودها الحسي المدرك من خلال صور جديدة يتم استحضارها ذهنيا من اجل الحصول على حالة شعورية معينة.
ويتميز الطفل بقدرة كبيرة على الخيال الواسع غير المحدود منذ سنينه الأولى وهو اقرب من سواه الى عالم الخيال وذلك لان مساحة تجاربه العقلية في أول عهدها لما تزل غضة غير مكتملة ولم تستجب بعد لشروط التجربة الإنسانية فيحاول تكملتها من خلال تصور كل شئ على انه حياة.وذلك لان دماغ الطفل المتنامي في هذه المرحلة يستلزم ان يتسرب أليه من البيئة المحيطة أو يتدفق أليه سيل منهمر من المعلومات والانطباعات البيئية التي تحملها له أعضاء الحس ... ويستكمل الطفل صورته عن العالم المحيط بوساطة الخيال الذي يملأ به الفجوة التي تتشكل من خلال نقص المعرفة والخبرة في حياته الجديدة .
كما ان خيال الطفل وسيلة مهمة من وسائل الشعور بالسعادة عند الأطفال فضلا على انه وسيلة لتحقيق رغباتهم المكبوتة والتنفيس عن الاحباطات التي يواجهونها في الحياة اليومية نتيجة الإخفاق في إشباع بعض الرغبات .
ويحدد اغلب علماء نفس الطفولة بان الخيال يبدأ على نحو أولي بسيط في الأشهر الأولى من عمر الطفل ومن ثمَ يتطور وينمو ويتشكل بصور متعددة يمارسها و الطفل ويصنعها من خلالها خياله ولعل أهمها:
1- اللعب: يعد اللعب واحدا من صور الخيال الرمزي الهام في عمر الإنسان وهو ممارسة تخيلية يحاول فيها الطفل ان يبتدع العابا ويتخيل نفسه فيها على غير حقيقتها وهو ايضا تقليد للكبار على نحو واضح سيما في الألعاب المألوفة ( المدرسة والعمل ولعبة عريس وعروسة وغيرها......) لذلك فهو تعبير رمزي عن مستوى خيال الأطفال وهو خبرة مستمرة للتعلم
2- القص : يبدأ الطفل باختراع حكايات يقصها وان كانت ساذجة في بدايتها غير أنها دلالة على خبرة خيالية هامة وهي ما نسميه نحن الكبار بالكذب غير ان الطفل لا يكذب لأنه لم يتعرف على القيم المجردة بعد, كما قد نلاحظ عليه انه ينسب بعض أفعاله للدمى أو الجدار وغير ذلك
3- اللعب مع الدمى والتعامل معها وكأنها أصدقاء حية تلعب معه وتأكل وتشرب
4- بعض الألعاب كأن يجعل العصا حصانا أو الكرسي سيارة وغير ذلك.
5- تقليد الكبار في حركاتهم وسكناتهم وكلامهم ولبسهم وهذه المرحلة غاية بالأهمية لأنها تحمل معها بداية النمو والوعي وما يكتسبه ويقلده من الكبار هنا ربما يبقى معه لسنوات طوال.
6- الرفيق الخيالي: وهنا يحاول الطفل ان يتخيل شخص خيالي يرافقه ويلعب معه ويسامره ويتقل أليه المعلومات عن الآخرين وبسافر معه الى أفاق بعيدة

يتطور خيال الطفل وينمو مع تطور عمر الطفل لذلك فقد قسمت مراحل خيال الطفولة بحسب عمرة وعلى النحو الأتي:
1- مرحلة الخيال البيئي : من 2-5 سنوات
وتتسم هذه المرحلة بان الطفل يصنع خياله مما يراه في بيئته ويعيش الطفل هنا حالة من الازدواجية بين ما يتلقاه من خلال حواسه من صور الواقع وقيمه وبين محدودية الإدراك العقلي الذي يتسم به لذلك فهو لا يستطيع تفسير ظواهر الواقع الأمن خلال خياله الحاد ولعل هذا ما يفسر فضولهم وكثرة أسئلتهم التي لا تنتهي عند حد وكذلك شغفه بتقليد الكبار. كما يبدو اهتماما واضحا بالرسوم والألوان الزاهية والنغم الجميل السريع . لذلك يجب ان نبتعد عن كل ما يثير مخاوفه ويملأ نفسه بالخيالات المفزعة والقلق والحيرة
2- مرحلة الخيال المنطلق 6-8 سنوات
وهي السنوات التي تشهد دخول الطفل للمدرسة وبداية خروجه من بيئته الى بيئة اكبر وهي المدرسة والحارة وهنا يتحول خياله من الخيال الإيهامي الى الخيال الإبداعي وينطلق خياله الى أفاق وابعاد كبيرة
3- مرحلة البطولة الواقعية : 9-12 سنة
وتشهد هذه المرحلة تطور قابليات الطفل التعليمة والمعرفية والسلوكية ويحاول الاهتمام بالواقع ويصنع له خيالا إبداعيا خاصا به يتسم بالبطولة والمثالية والرومانسية فقد يتخيل نفسه بطلا يناصر الضعفاء وغنيا بساعد الفقراء أو فيلسوفا أو مصلحا اجتماعيا أو قائدا سياسيا الخ

يتبين مما سبق أهمية الخيال للأطفال سيما في بناء شخصية وتطورها ونموها ويمكن تلخيص أهمية الخيال للأطفال على النحو الأتي:
1- إشباع حاجاته النفسية والسلوكية والحركية
2- تنمية الثروة اللغوية
3- استكمال ما يمكن ان يصيب تصوره عن الوجود الخارجي من نقص
4- خلق مستوى من الطموح المتنامي من خلال تجاوز الطفل لحدود واقعه الى مايتمناه
5- تدريب قدراته الذهنية والارتقاء بادراكاته المحسوسة ليتم له وعي المدركات المعنوية كالصدق والشجاعة والخير وغيرها ....
6- الخيال عامل تطهير نفسي من الخوف والتردد والانكفاء على الواقع
7- يقود الى مستوى متنام من التفكير ألابتكاري
8- يتيح للطفل الانعتاق من حدود الرؤية الاجتماعية الضيقة الى أفق أرحب
9- ينمي القدرات التأملية عند الطفل.
ان المعرفة الدقيقة والعلمية بمستويات خيال الطفل موضوعة غاية بالأهمية بالنسبة للمهتمين بالطفولة من النواحي المختلفة ويمكن تلخيص أهمية هذه المعرفة على الحنو الأتي :
1- يمكن استثمار هذه المعرفة وسيلة تربوية هامة يتم فيها تقديم المعرف والعلوم المختلفة على نحو يستثيره ويشبع خياله وفضول
2- يساعد المختصين بمعالجة عدد من الإمراض النفسية
3- يساعد على أخيار المناسب من أدب الأطفال على نحو يتناسب مع مستوى إدراكه وخياله بحيث يؤدي الغرض التربوي والتعليمي والترفيهي المرجو منه
4- معالجة بعض الإمراض اللغوية
5- مساعدة التربويون على اختيار المناسب من المناهج الدراسية لك مرحلة عمرية
مع فائق الود لكم ومزيد من الحب لالااطفال