أي مُزنٍ إذا أرعدت حدقاتها / لهيبا ، في منابر عشاقها

(ملحمة عن فدائيي بغداد وغزة )

الباحث الدكتور :عبدالوهاب محمد الجبوري


***
ما بين بغداد وغزة

دروبٌ من الحمّى

تحت أقدام الغزاة تتلوّى

وخلخال الغانيات

على أجنحة السرفات يتمطّى

يصطاد الكواعب الأتراب

وعلى منبر اللات والعزى

يولم الأقصى

والفراتين ..

يشرب دم العذارى أنخابْ

***
بيوت الأزلام أُوصدتْ

زوايا شربت مجونها

في صمت جلاديها

ومنابر الوشاية تناختْ

وحوشاً تشتدّ حديداتٍ قواطعها

حينا بسفرٍ من الأكاذيبْ

وحينا تنام على غدر تبيّته

وفي الصباحات

ثكلى وأطياف جلادٍ وتعذيب ْ

***
ومسيلمة الكذاب

جاء يحمل أوزارا ، ويحتطبْ

ذئب يعوي في مجون

يقتحم الأبواب كل مساء

يبحث عن سبايا ، وأصداء حكايات

أرشيفها الحرب والحراب

دماء تتساقط على الدماءْ

وبقايا أزميل إبراهيم (**)

أشتاتٌ وأنصابْ

عجائز تلملم أسمالها

على قميصِ دمٍ كذبْ

جاءت ، أو على عكاز

تتشمّم ، تلعقْ ..

أي ريح ، مجنونة تعوي

أي عيون ، غرقى ببحر كابات تذوي

تتخطى كل المسافات ، تطوي

لكنها في كل صبح تستحم ، كأنها

صبايا على موعد دنا تتأنقْ

***
طيف نداء ، يضجّ بلهيب

يعانق السماءْ

يوقد المصابيح التي

أودت بها ريح الشتاء

وتأبى أم الشهداء (***)

إلا أن تحمل سيفاً ، وزهوا بكل اللغات

وحين تفترش الزهرة الهاشمية جراحها

تركب بحورها ، أمواجا تداعب روضها

وأمواجٌ لا يعرف منافعها

إلا الغرقى

فلا عاصم اليوم إلا ..

الصرخة تلد الصرخة

تطل برجال ، يفادون بالحتوف زحوفها

يحدو رعيلها

جباهٌ على ما احلولكت عتمةٌ غرُّ

تغور في بيسان ومض بذارها

وإذا ما ثوى منها زيدٌ ، حمى بنده عمرو

***
فتية إذا قالوا صدقوا ، ولبّوا إذا دُعوا

وان وعدوا برّوا ، خفافا إذا صالوا

فرسانُ شوقٍ إذا وثبوا

دأبا يذودون في عزائمها

شمما يشبّون في حلباتها

أي سحب إذا جمحت ذوائبها

بحرا ، يضطرم تحت سنابكها

أي مُزنٍ إذا أرعدت حدقاتها

لهيبا ، في منابر عشاقها

فعاودها اليرموك يترع زهوها

(وهب بها القسّام ، والقدس والجسرُ)

تجلت يقين الشمس عهدا

فالابن البرُّ ، والوالد النسرُ

***
آه .. من الأعراب

سيماهم خسفٌ وأفعالهم نكرُ

قليلون لو ناديت في حومها

وأما على أعقابها فهم كُثرُ

***
فتية صدق إذا وعدوا برّوا

خفافا إذا كرّوا

اطلوا على بغداد يجلون صباحاتها

بيارق ُتناجز أمانيها

تلوي جماحها ، فيوم تصاول

والأحداث مطبقة شُزر

ويوم يزدهي في ذوائبها النصر ُ

*************
(*) القصيدة محدثة لأغراض طبع الديوان

(**) إبراهيم عليه السلام

(***) غزة

العراق في 7 / 5 / 2009

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي