بسم الله الرحمن الرحيم
رامي علي:
الإسلام هو الخضوع لله عز و جل و الإستسلام له ، و الإنقياد بالطاعة و تسليم العقل و القلب لله عز و جل و البراءة من الشرك و أهله ، و الإسلام هو دين و عقيدة و منهاج حياة
و لما كان الإسلام نظام متكامل هو الأفضل في كل زمان و مكان يتجه بالفرد و المجتمع نحو قمة الرقي فلا بد له من أركان يرتكز عليها فتكون الداعم القوي له للمحافظة عليه و استمراريته و تنظيمه
و نجد هذه الأركان واضحة في الحديث الشريف ، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، و إقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة ، و صوم رمضان ، و حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا “_ رواه البخاري و مسلم _
و هذه الأركان هي من العظمة و الأهمية أن تكون أساس بناء الإسلام و هي مرتبة من الأهم للمهم ، و سوف نتطرق اليوم للركن الثالث و هو إيتاء الزكاة
إيتاء الزكاة
الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، و عمود من أعمدته ، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله، من ذلك قوله تعالى: (( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)) [سورة البقرة: من الآية43] وقوله تعالى: ((وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ)) [سورة البينة: من الآية5]
وشرع الله الزكاة تطهيراً لنفوس البشرية من الشح والبخل والطمع ، ومواساة للفقراء والمساكين والمحتاجين، وتطهيراً للمال وتنميته وإحلال البركة فيه
تعريف الزكاة :
الزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا والتى تعنى النماء والطهارة والبركة
و هي حق يجب في المال البالغ نصابا ، للأصناف الثمانية المنصوص عليها في كتاب الله تعالى
و هي عبادة مالية فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده ، طهرة لنفوسهم من البخل ، ولصحائفهم من الخطايا
حكم الزكاة :
هي فريضة واجبة بالكتاب والسنة والإِجماع ، يُقاتَلُ مانعها،‏ و يكفر جاحدها .
‏ فرضت في العام الثاني من الهجرة
الحكمة من مشروعيتها :
الحكمة من الزكاة‏ تطهير النفوس من البخل،‏ وهي من أعلى درجات التكافل الاجتماعي ، و تُصلح أحوال المجتمع ماديًا ومعنويًا فيصبح جسدًا واحدًا‏, وهي صمام أمان في النظام الاقتصادي الإسلامي ومدعاة لاستقراره واستمراره
عقوبة ترك الزكاة على الفرد و المجتمع في الدنيا و الآخرة :
إذا منع الناس زكاة أموالهم كان ذلك سببا لمحق البركة من الأرض ، مصداقاً لحديث بريدة رضي الله عنه : ( ما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر) رواه الحاكم و البيهقي ، وقد توعد الله سبحانه وتعالى مانعي الزكاة بالعذاب الشديد في الآخرة ، فقال تعالى : (( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة )) ( آل عمران : 180 )
لمحة عن أحكام الزكاة و نصابها :
تجب الزكاة في :
1_ الأنعام ( الإبل و البقر والغنم )
2_ الخارج من الأرض كالحبوب و الثمار و الزروع
3_ الذهب و الفضة والمعدن والركاز منهم وما راج رواجهما في التعامل كالعملة الورقية
4_ أموال التجارة ، ولكن لا تجب الزكاة في أدوات الإنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التى ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها
* ولا تجب قبل بلوغ النصاب وحولان الحول
والنصاب هو المقدار المعين من المال الذي لا تجب الزكاة في أقل منه وتختلف قيمة النصاب حسب نوع المال
نصاب الزكاة وقدر الإخراج
أول نصاب الزكاة في الإبل خمسة ويخرج عنها شاة عمرها سنة
أول نصاب البقر خمس و يخرج عنها ذكر أو أنثى من البقر لها سنة
أول نصاب العملات الورقية هو ما يكافئ (85) جراما تقريبا من الذهب الخالص
و نسبة زكاة الثروة النقدية 2.5 % سنوياً وفقـاً للسنـة الهجرية
ملاحظة : هذا غيض من فيض فيما يتعلق حول أحكام الزكاة و من أراد التوسع و الدقة أكثر فعليه بسؤال أهل الذكر ، حيث إن الحديث يطول جداً حول النصاب و قدر الإخراج و لا مجال لذكره هنا .
مصارف الزكاة :
مصارف الزكاة حددها اللّه عز وجل في كتابه الكريم في قوله تعالى :
(( إنَّما الصدقاتُ للفقراء والمساكينِ والعاملينَ عليها والمؤلفةِ قلوبُهم وفي الرقاب والغارمينَ وفي سبيلِ الله وابن السبيلِ فَريضةً من الله والله عليمٌ حكيمٌَ ))
من سورة التوبة
والأصناف الثمانية واضحة مفصلة في الآية الكريمة فهم :
1_ الفقراء : الفقير هو الذي لا مال له
2_ المساكين : جمع مسكين وهو الذي له مال ولكنه لا يكفيه.
3_ العاملون عليها : أي عمال الزكاة يأخذون منها ولو كانوا أغنياء فيأخذون منها أجرا على عملهم فيها.
4_ المؤلفة قلوبهم : أي الذين يُعْطَوْن المال ليُسْلِمُوا أو ليَحْسُنَ إسلامهُم ويثْبتُوا عليه أو ليكُفُّوا أذاهم عن المسلمين، واللّه أعلم.
5_ في الرِّقاب : أي في فكِّ الرقاب وعِتْقِ الرَّقيق.
6_ الغارمون : مثل من تحمَّل حَمَالَةً أو ضَمِنَ دَيْنا فلزمه أو غَرِمَ في أداء دينه أو في كفَّارة معصية تاب منها، فهؤلاء يُدفع إليهم من الزكاة ما يكفيهم.
7_ في سبيل الله : الإنفاق على الجهاد في سبيل اللّه.
8_ ابن السبيل : و هو المسافر المُجْتازُ في بلد ليس معه شيء يستعين به على سفره فيُعطى من الصدقات ما يكفيه حتى يعود إلى بلده.
لمحة عن زكاة الفطر :
شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال يوم العيد
و هي فرض واجب على كل مسلم ومسلمة وكبير وصغير ، حرّ وعبد ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (( فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحرّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)) متفق عليه ، و يستحب إخراجها عن الجنين .
ويجب أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجه أو قريب، و لا تجب إلا على من فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته.
و مقدارها صاع من غالب قوت البلد من بر أو شعير أو تمر أو زبيب أو أقط أو أرز أو ذرة ، والصاع يعادل ما يقارب (176ر2) كيلو جرام تقريباً
و تصرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين، لأنهم أولى بها من غيرهم
مقارنة بين الزكاة و الضرائب :
1_ الزكاة فريضة إسلامية لكن الضريبة يفرضها القانون.
2_ الزكاة تأديتها عبادة لله وتنجي الفرد من عذاب الآخرة والضريبة تأديتها انقياد للقانون حتى لايعاقب في الدنيا.
3_ الزكاة لا يمكن التهرب من آدائها لأن الله يراقب العباد لكن الضرائب يمكن للمرء التهرب منها.
4_ الزكاة تصل مباشرة من الأغنياء للفقراء أما الضرائب فقد يتهرب منها الأغنياء ويجبر على دفعها الفقراء.
5_ الزكاة يؤديها المسلم مقبل عليها وهو طائع لذلك فهي تبعث في نفسه السعادة أما الضريبة يؤدها الفرد وهو مجبر تحت سطوة القانون لذلك تزيد من الضغوط النفسية عليه مما يزيد من مخاطر الأمراض النفسية.
6_ المال يذهب في الضرائب بينما الزكاة تزيد المال وتطرح فيه البركة
الزكاة و السعادة :
يقول باحثون كنديون إن اقتناء مبالغ طائلة من الأموال لا يجعل الإنسان أكثر سعادة، وإن مايعزز شعوره بالسعادة هو إنفاق المال على الآخرين.
ويقول فريق الباحثين في جامعة بريتيش كولومبيا إن إنفاق أي مبلغ على الآخرين ولو كان خمسة دولارات فقط يبعث السعادة في النفس.
و هذا البحث يؤكد أن الزكاة تعمل على تزكية النفس وتطهيرها ورفع معنوياتها وتعطي دفعة نفسية أكبر للفرد تجعله قادرا على مواجهة مصاعب الحياة ويمكن القول أن الزكاة علاج نفسي للفرد وعلاج اجتماعي للفقر.
من:
http://ohh12.com/