كتابة مقدمة لديوان شعري


الدكتور الباحث عبدالوهاب محمد الجبوري

رجتني إحدى الشاعرات الزميلات أن اكتب لها مقدمة لديوانها الشعري الجديد ( ؟) وهي تعرف جيدا أن وقتي مزدحم فقلت لها سأكتب مقدمة كتاب لديوان شعري وليس لديوان شعري لان هناك فرق بين كتابة مقدمة لكتاب وبين كتابة مقدمة لديوان شعري .. المهم بعد قراءتي للديوان كونت فكرة عن مضمونه واتجاهاته وأغراضه فكتبت المقدمة آلاتية على قدر ما سمح لي الوقت والاجتهاد الفكري والتحليلي لهذا النوع من الدواوين الذي تتسم قصائده بالرومانسية والعاطفية ..

المقدمة

عندما نقرا ديوان (؟ ) للشاعرة المبدعة ( ؟) تطالعنا باقات نرجسية جميلة وفواحة من خلجات النفس والروح والذاكرة ، ونبض الوجدان تنثرها الشاعرة في قلوب قرائها بكل ما تحمله تجربتها الإبداعية من بكارة ، وعفوية وانطلاق ، فهذه النقوش هى ثورة النفس التواقة للحب والتطلع والبسمة والحنين لكل جماليات الأشياء ، وهي انتفاضة أيضا تتطلع إلى روح تشرق عليها شمس الحب والسلام والتفاؤل والتوثب كي لا تبقى أسيرة الأوهام والحزن فاصطنعت لذاتها منهجا تسعى من خلاله إلى تحقيق همساتها وعبراتها ونظرتها للحياة ..

والشاعرة ( ؟) بهذه المنهجية تتجه بكل مشاعرها وأحلامها وتطلعاتها إلى معبد الحب تلوذ به ، فتجد سلواها وعزاءها في مناجاة الحبيب ، الرمز الذي يجسد أشواقها ونوازعها فيطلق العنان لهمساته مرسلا تراتيله العذبة ونجواه وكأنها شظايا روحه المعذبة ونزف قلبه الجريح الهائم ترسلها شاعرتنا المتألقة حرة عفوية بلا رتوش يحدوها صدق المشاعر وعذوبتها وحرارة الوجدان غير مركزة أحيانا على ما يفرضه فن الشعر من التزام بالوزن والقافية مما تقترب في بعض قصائدها من قصيدة النثر ..

هو ذا ديوان الشاعرة ( ؟ ) كوكب مضيء يغطيه السحاب أحيانا لكن شاعرتنا سرعان ما تسارع لإخراجه من هذا المدار بقدرتها على التحكم في عناصر الشكل والمضمون والقدرات الأدبية الفنية لتعيد التوازن إلى مساره الصحيح كي يعود قطاة تخفق بأجنحة الشعر الذهبية ، طفلة غير أنها ترتدي ثوب زفاف مرصع بالزمرد والمرجان والنرجس المفعم الأريج ، تضحك بصوت عال لأسراب حمامات بيض ترسل هديلها من أعالي الشجر لا تستعير ابتسامة من احد ، ولا تشبه عيونها غير عيون غزال نافر يقفز فوق روابي المحبة برشاقة وان تعثر أحيانا ، لكنه يواصل قفزاته برشاقة تشبه انسياب الأغاني الشفافة ..
لهذا قررت شاعرتنا المبدعة أن لا يرى ديوانها نفسه من خلال المرايا بل أن يقف أمام محبيه وعشاقه كما هو بجلبابٍ ، نسجته أناملها الرقيقة ، كي تعزف جيدا أغنية الحب والشوق والحنين والولاء للروح والنبع الصافي ..

بهذا يكون ديوان الشاعرة ( ؟) قد قدم نفسه محبا وصديقا رسم أحاسيسه ومشاعره على جدران قلوبنا – بريشة فنانة اجتهدت بكل حواسها وقدراتها –أن يحل في الزمان والمكان وجدانا يتفاعل مع الروح على قدر ما يسكن القلب من مشاعر وأحاسيس قرائها ، رغم توقفات بسيطة في التقنيات الأدبية الفنية مما يمكن تجاوزها في الديوان القادم بإذن الله ..

*******

العراق في 19 /4 / 2009