عندما صفعتها بيدي
تعلمت أن لا أرضى بالضيم ..والذل ....أن لا أسمح لأحد أن يملي أوامره الصارمة
لذلك
تعجبت لهذا الحديث الذي سمعته من صاحبي . كانت يده معصومة..معلقة على رقبته بقطعة قماش بيضاء...بلون الكفن النقي الأبيض المعطر ..متدلي الرأس ...وهو يبتسم أرى من شفتيه كلاما متقطعا ..تتراقص رموش عينيه ..وكأنها تحكي رواية لقصة ألف ليلة وليلة ..
ليست قصة ليلى التي نعرفها ...لكنها قصة معاناته.
ما شد نظري إليه ..الأصابع التي تخرج من بين الشاش الأبيض...متجعدة ..مقشورة الجلد ..بيضاء ناصعة
وكأنها تخرج من وعاء الماء واللودالين .والكلوركسكي لا يأخذ البكوس..
ما لك ياصاحبي...معصوب اليد؟
مقشور الجلد؟
حزين ...............على شفاهك معاناة .
نظر إلي قائلا ...أنا رجل لا أرضى بالضيم ..ولا أسمح لأحد أن يملي أوامره علي ..
أقوم بكل أعمالي المنزلية ..بوقتها .. دون تقصير .
لكن المصيبة الأعظم ..أني يوم أمس استسلمت للنوم .. استغرقت في نومي ..وكلما فتحف عيني ..أعود لمتابعة حلم كنت أعيشه(أسكن قصرا تتمايل حولي الراقصات بزينتها بثوبها الزهري ..تفوح منها رائحة الياسمين ...يلون وجوههن ..رموش شقراء ..تخرج منها ألوان السماء ..أرقص تارة مع تلك وتارة أتناول مع تلك كأسا طيب المذاق ...لم أتزوق طعمه قبل اليوم ..لم أعرف من أي شيء صنع..أهو شراب اللوز بتلك الليلة أم هو نبيذ أسكرني فأبقاني نائما )
سمعت صوتا فابتسمت وفتحت عيني على صوت أولاد الجيران ..هذا ما أيقظني ..نهضت مسرعا إلى المطبخ ..صحن هنا ..ومقلات مرمية على الأرض أكلها العفن جانب بابور الغاز ...كيس ترتمي حوله الأوساخ ..يصدر عنه صوت رنين الذباب والبرغش ..حملت المقشة وبدأت أجمع تلك الأوساخ ..فتحت صنبور الماء لأعلى مستوى له .أغسل تلك الأوعية المتسخة .بإتقان.وبعد أن أنتهي أنظفها بقميصي المرمي على الأرض ..
وأثناء ذلك دخلت زوجتي العزيزة من زيارتها لبعض الأصحاب ...
هكذا قل لي ..لا تستغرب ياصاحبي..أنا رجل .. رجل بكل معنى الكلمة ..لا أرميها واطي
قالت له لماذا هذه الأوساخ..قال ..قلت لها ....ألا تريني أنظفها جيدا...ولماذا تأخرت في إتمام عملك .
قال..قلت لها وأنا أرفع رأسي عاليا ...
انتفض مثل الديك....
اسمعي..أنا لاأسمح لك بذلك...تناولت الممسحة...لتضربني ..لكنني صددت تلك الضربة بيدي ..كسرت ...
أنا رجل لم أسمح لها أن تضربني
أنا أنظف المواعين
أنشر الغسيل ...على حبل السطح
لا آكل حتى تعود حبيبتي
فلماذا تضربني ...لقد صديت تلك الضربة
ولن أسمح لها ولغيرها أ يهينني
عليك أن تري البيت نظيفا دائما
اسمعي.......أنا لا أسمح لك
لم تتركني أكمل حديثي وقالت
أنت رجل فعلا
أفهم ذلك منذ قطعت لك رأس القط من ليلة العرس



بقلم سمير قريطبي