هل اليونانيون مجرد لصوص للعلوم والفلسفة ؟؟


يبدو كتاب الباحث الأمريكي جورج . جي . ام. جيمس ( التراث المسروق) ترجمة الكاتب المصري شوقي جلال مغريا في قراءته وتأمل الحقائق والوثائق الواردة فيه، فالكتاب يتسم بالجرأة في الطرح والعلمية في التوثيق والإقناع في الأسلوب، ويقع في ثلاث مئة وخمس وستين صفحة متوسطة القطع ...
تأتي خطورة الكتاب من إعلان مؤلفه جورج جيمس بأن ما يوصف بأنها فلسفة يونانية إنما هي كذبة كبرى بقضها وقضيضها صمت عليها الزمن الطويل الذي مر على احتلال بلدها الأصلي. فهي في الواقع فلسفة مصرية فرعونية من نتاج كهنة مصر ادعاها اليونانيون في ظروف منفلتة من رقابة الزمن، أو قبضته ،أو توثيقه .
وإن فيثاغورس ،وسقراط، و أفلاطون، وأرسطو ليسوا سوى لصوص سرقوا تراث مصر القديمة، و صمتوا عنه، وادعوه لأنفسهم زورا وبهتانا ..... وإنما أصحابها هم الكهنة المصريون وشراح النصوص المقدسة والرموز السرية للكتابة والتعليم ، فلا وجود للفلسفة اليونانية بما نعرفه عنها اليوم ،بل هي فلسفة مصرية في أصولها وفروعها استحدثها المصريون القدامى من خلال مذهب ديني شديد التعقيد يسمى ( نظام الأسرار ) وهو مذهب يقصد الخلاص والسمو على سجن الجسد، وقد ظل هذا النظام سريا وشفاهيا لا يسمح بتدوينه خمسة آلاف عام إلى أن سمح المصريون للإغريق أن يتعلموه على يد الكهنة المصريين
والجدير بالإشارة أن المؤرخ البريطاني ( مارتن برنال ) صاحب كتاب ( أثينا ... أفريقيا السوداء) قد نبه على هذا الموضوع من قبل . ويرى جيمس أن مكتبة الإسكندرية قد نهبت إبان غزو الإسكندر الأكبر 332 ق . م وأن أرسطو ادعى لنفسه كتبا من هذه المكتبة المنهوبة ويقول جيمس : ( إن التضليل في حركة الترويج للفلسفة اليونانية يبدو سافرا وفاضحا إلى أقصى مدى عند الإشارة عمدا إلى أن نظرية المربع القائم على وتر المثلث قائم الزاوية هي نظرية فيثاغورس
وهو زعم أخفى الحقيقة قرونا عن أعين العالم . إن المصريين هم الذين علموا فيثاغورس واليونانيين الرياضيات التي عرفوها بعد أن أتيحت لهم فرصة التعلم من الثقافة المصرية )
ويعزو بعض المؤرخين غياب الحقيقة إلى طول مدة الاستعمار من الاحتلال البطلمي عام 332 ق .م ثم الروماني حتى عام 641 ق . م ثم حكم أسرة محمد علي باشا حتى عام 1952م وما تخلله من استعمار انجليزي حتى عام 1956 م وهو أطول احتلال وصل الى ثلاثة وعشرين قرنا، ويعلق مترجم الكتاب شوقي جلال على مخطوطات نجع حمادي التي عثر عليها فلاح مصري في أربعينيات القرن الماضي بأنها تتضمن فصولا من جمهورية أفلاطون .
ويتساءل جيمس : كيف استطاع أفلاطون أن يعلم أرسطو علوما لم يكن أفلاطون نفسه يعرفها ،ثم يثير الشك حول ما يروى عن تلمذة أرسطو لمدة عشرين عاما على يد أفلاطون ويرى أن الكتب المنسوبة إلى أرسطو بهذا الكم الوفير يفوق قدرات البشر الحقيقية سيما أنه يتعمد إخفاء زيارته إلى مصر وحده أو في صحبة الإسكندر .
ويقول جيمس إن عبارة ( اعرف نفسك التي تنسب الى سقراط 469- 399 ق . م منقوشة على الجدران الخارجية للمعابد المصرية ضمن وصايا اخرى تعلم للمريدين وإن اسقراط نقلها من هذه المعابد، ولم يكن هو صاحبها ؟!!
لا بل ان جيمس يحدد موت أرسطو ويربطه ويحدده بموت الفلسفة اليونانية، ويعزو ذلك إلى عدم القدرة على النهوض بهذه العلوم لأنها ليست علوم اليونانيين ،ويطرح عدة أسئلة خطيرة، منها :
لماذا اختفت الفلسفة اليونانية مع انحسار الحضارة المصرية ؟
وكيف يتسنى لنا أن نصدق بأن اليونانيين القدماء قد تحولوا فجأة وزعموا انهم أصحاب هذه العلوم وننسى انهم قد اضطهدوا أصحابها؟؟ بل عدوهم مروجين لعلوم غريبة عنهم لأنها أجنبية المنشأ ولأجل ذلك وقفت حكومة أثينا منها موقفا معاديا، وعدت العاملين بها مواطنين غير مرغوب بهم، فطردت فيثاغورس إلى ايطاليا وسجنت اناكسا جوراس ،ثم نفته وأعدمت سقراط، وباعت أفلاطون في سوق النخاسة ، وحكمت على أرسطو بالنفي؛ وما كان ذلك إلاّ ليقين الحكومة بأن هؤلاء يروجون لثقافة أجنبية . ؟!!
ويرى مترجم الكتاب أن هناك مؤامرة عالمية هي جزء من سياسة عالمية ناصبت حضارة مصر القديمة العداء، وعملت على تجفيف منابع هذه الحضارة وتدميرها بينما يعرب جورج جيمس عن سعادته عن كشفه لهذه الحقائق، وتقديهما للعالم ؟!