وماذا بعد الحكم على حذاء الزيدي بالسجن ثلاث سنوات ؟

بقلم الباحث عبدالوهاب محمد الجبوري


وتبقى قضية منتظر الزيدي رسالة إنسانية معبرة عن معاناة شعب بأكمله ورفضه للاحتلال الذي استخدم كل الوسائل الوحشية لدمار هذا الشعب وانجازاته وحضارته ، وللتذكير نؤكد أساليب المحتل القذرة في تدمير بلد واهانة شعبه بكل الوسائل القذرة ومنها استخدام الأسلحة الأكثر فتكا في العالم والمحرمة دوليا وقيامه بذبح العراقيين وقتلهم وكأنهم حيوانات سائبة دون مراعاة لحرمة إنسانية أو أخلاقية أو دينية مما لم تقم به حتى الحركات الصهيونية الإرهابية في فلسطين ومن هذه الأساليب وليس آخرها وضع العراقيين -عسكريين ومدنيين وضباطا كبار - على الأرض وركلهم بأرجلهم ووضعها على رؤؤسهم الطاهرة الشريفة إمعانا بإذلالهم والاستخفاف وهم رمز المجاهدين العرب والمسلمين ، فكيف ينتخي الذين يحملون الجنسية العراقية ويعتنقون الإسلام دينا ويحكمون بثلاث سنوات سجن على رجل عبر عن مشاعر 30 مليونا من العراقيين وأكثر من 300 مليون عربي و مليار مسلم وربما مثل هذا العدد من البشر أو أكثر في أنحاء مختلفة من العالم ، لأنه ضرب قائد الجيوش التي أذلت العراقيين بمختلف أساليب المذلة والاهانة والتدمير . .

في نفس الوقت تبقى قضية الزيدي قضية الإنسان الضحية ، لأنه مارس الحرية في التعبير عن موقف الرفض للعدوان والقتل والهمجية بما رآه مناسبا في لحظتها في وقت استحضر فيه بمرارة أساليب الاهانة والذل والقتل لبني جلدته ، هذه القضية الضحية جسدتها المحكمة العراقية في بغداد بتهمة التهجم على السفاح الأمريكي الأسبق جورج بوش بالحذاء ، وهي حرية أستخدمها الزيدي في وقت تهرب منها الكثيرون ، فأحب هذا الفارس العراقي بأن يقدم لبوش الدرس الأكثر تأثيرا عليه حتى من قتله كي يبقى محفورا في مخيلته حتى مماته وكي يتذكر ما فعله بالملايين من الأرامل والأطفال والأيتام والثكالى ..

ثلاث سنوات من عمر هذا الشاب ستمضي نكراء في ظل صمت وتخاذل عربي يضاف إلى سجل الحسابات العربية الأسود ، على الرغم من رفض الرئيس جورج بوش نفسه تقديم شكوى بالمحاكم العراقية والدولية إلا أن الذين تم تعيينهم من قبل بوش على سدة الحكم أبوا إلا أن يقدموا له الطاعة والولاء ولقواته التي قتلت الملايين من الأبرياء ودمرت بلدا بأكمله وألغت من الخارطة منجزاته التي أسسها لما يزيد عن 78 عاما ..

السلطة الأولى تستخدم نفوذها لتقاضي زوراً السلطة الرابعة التي تملك الحرية المطلقة فيما تقول وبما تعمل ، ومنتظر العراقي العربي المسلم الإنساني لا يحتاج في هذا الوقت لإبراز شخصيته عبر وسائل الإعلام ولا يحتاج منا إلى تدوين عمله في كتب التاريخ ، وهو لم يعرض نفسه لخطر القتل والسجن من أجل أن نبني شهرتنا على حسابه ، فان ما قام به منتظر هو رسالة جهادية ستذكرها الأجيال وتخلدها في سفر المجاهدين الخالدين ولعل ما قام به من فعل رجولي وتعبير عن رفض الوحشية والهمجية والتواطؤ والذيلية ، قد يكون عبرة ودرسا وقدوة لمن يريد الصحوة لضميره ولسلوكه أن يتغير فتنتفض الغيرة من مرقدها لتقول كلمة الحق وتتصرف تصرف الرجال الشجعان ..
نعود لجلسة الحكم الأخيرة فنجد البطولة لم تهتز والموقف المسئول لم يتغير والرجل الباسل ثابت على موقفه ، فخلال هذه الجلسة أكد الزيدي انه غير مذنب قائلاً (إن ردة فعلي كانت طبيعية ، وأيعراقي مكاني كان سيفعل ذلك ) وأضاف في إفادته للقاضي انه قام بهذه الخطوة لان الرئيس الأميركي الـــــــــــــــسابقهو ( المسئول عن الجرائم التي حدثت في العراق) ..
من جهته ، قال محامي الدفاع يحيى العتابي (لقد توقعنا هذا لان التهمة هي الاعتداءعلى رئيس دولة أجنبية خلال زيارة رسمية) وعقوبتها قد تصل إلى السجن 15 عاماً ، وأضاف (سنستأنف حكم المحكمة المخولة النظر فيما يسمى شؤون الإرهاب ) ..
ومنع الصحافيون من دخول قاعة المحكمة وسمح للمحامين فقط ، وعلا صراخ أفراد عائلةالزيدي واتهموا المحكمة بأنها (أميركية) وان هذا ظلما بحق الحرية والديمقراطية التي جاؤوا يحملونها على ظهور الدبابات ..
وكلمة أخيرة نقولها أن هناك اليوم الملايين من العراقيين والعرب والمسلمين الذين يتفاعلون مع قضية منتظر الزيدي وسيقولون كلمتهم العادلة ضد المحتلين وأذنابهم عند خروج الزيدي من سجنه أو قبل ذلك ، ومهما طالت السنوات الثلاث على منتظر فإننا نتوقع خلالها حصول الكثير من المفاجآت التي ستشفي غليل قوم مظلومين مضطهدين مبتلين ، مفاجآت ستسر الصديق مثلما ستغيض العدا بإذن الله ، فهناك العرب الكثيرون من أمثال منتظر العربي وهناك من المسلمين ما تعتز بهم الأجيال الحالية والقادمة من أمثال منتظر المسلم ، وهناك الملايين الوطنيين الشرفاء المجاهدين من أمثال منتظر الوطني ..
حيا الله منتظر وحيا المجاهدين وحيا الله العرب والمسلمين الشرفاء وأذل أعداءهم من المحتلين والمتخاذلين في كل زمان ومكان ..