يعد البطل الفريق أول (عبد المنعم رياض) واحدا من أشهر العسكريين العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين .. شارك فى الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين التى جرت بين عامى 1941 و 1942 و فى حرب فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثى عام 1965 والذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر وأيضا حزن لنكسة الخامس من يونيو عام1967 فقد نالت إسرائيل نصرا لاتستحقه ونالت مصر هزيمة لاتستحقها لأن الجندى المصرى لم يشترك فى الحرب .. كما شارك البطل الفريق الأول فى معارك الإستنزاف التى بدأت بمعركة رأس العش بعد نكسة يونيو مباشرة بعشرين يوما فقط واستمرت حتى عام 1970 ومهدت الطريق لمعارك أكتوبر عام 1973 .
والبطل الفريق أول ( محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله ) ولد فى قرية سبرباى إحدى ضواحى مدينة طنطا بمحافظة الغربية فى الثانى والعشرين من شهر أكتوبر عام 1919 و نزح مع أسرته إلى الفيوم
كان جده عبد الله طه على الرزيقى _ رحمه الله _ من أعيان الفيوم .. أما والده فهو القائمقام العقيدمحمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية والتى تخرجت على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية.
درس عبد المنعم رياض فى كتاب القرية وتدرج فى التعليم وبعد حصوله على الثانوية العامة إلتحق بكلية الطب بناء على رغبة أسرته ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الإلتحاق بالكلية الحربية التى كان متعلقا بها
انتهى من دراسته في عام 1938 م برتبة ملازم ثان ونال شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بإمتياز فى إنجلترا عامى 1945 و 1946 وقد اطلق عليه السوفيت ( الجنرال الذهبى ) برغم انه كان برتية عميد وقتئذ .
أجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية وانتسب وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة لإيمانه بأن الإستراتيجية هى الإقتصاد.
فى عام 1941 عين بعد تخرجه فى سلاح المدفعية وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات فى المنطقة الغربية و اشترك فى الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا.
وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.
في عام 1951 تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم.
فى عام 1953 عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية.
من يوليو 1954 وحتى ابريل 1958 تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية.
فى التاسع من شهر أبريل عام 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك بالجنرال الذهبي وبعد عودته فى عام 1960 شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية.
فى عام 1961 كان نائبا رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.
فى عامى 1962 و 1963 اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات حصل فى نهايتها على تقدير الإمتياز وفى عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة.
في عام 1966 تمت ترقيته إلى رتبة فريق وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.
حصل على العديد من الأنواط والأوسمة ومنها ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ونوط الجدارة الذهبية ووسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان ووسام الكوكب الأردني طبقة أولى ووسام نجمة الشرق.
فى مايو 1967 وبعد سفر الملك حسين للقاهرة للتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان .. وصل إليها في الأول من يونيو 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية.
فى الحادى عشر من شهر يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها.
وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية.
حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي جرت بين مجموعة من أبطال الصاعقة ضد القوات الإسرائيلية ومنعتها من أحتلال مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس .. وهذه المعركة جرت بعد عشرين يوما فقط من نكسة يونيو 1967
كما شارك فى تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.
كان عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصرا عليها إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان وليس مجرد استراتيجية عسكرية. وكان يؤمن أيضا بأنه ( إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه ) .
كما كانت له وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون فكان يقول :
(لا أصدق أن القادة يولدون ..إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا ولكن العسكريين يصنعون ..يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة... إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار) .
تنبأ البطل الفريق أول عبد المنعم رياض بحرب العراق و أمريكا حيث قال:
(إن بترول أمريكا سوف يبدأ في النفاذ وستتطوق إلى بترول العراق خلال 30 عام تقريبا)
وهاهو التاريخ يؤكد هذا .
ومن أقوال البطل الفريق اول عبد المنعم رياض والتى حفظها التاريخ نذكر قوله :
( أن تبين أوجه النقص لديك .. تلك هى الأمانة .. وأن تجاهد أقصى ما يكون الجهد بما هو متوفر لديك .. تلك هى المهارة)
أشرف البطل الفريق أول عبد المنعم رياض على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت الثامن من شهر مارس عام 1969 م موعداً لبدء تنفيذ الخطة وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
وفي صبيحة يوم الأحد التاسع من شهر مارس 1969 قرر أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف .. كما قرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا ووقع أختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.
ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة البطل الفريق أول عبد المنعم رياض حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها البطل الفريق أول عبد المنعم بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء أستشهد متأثرا بجراحه.
وفى جنازة عسكرية مهيبة خرجت جموع الشعب المصرى لتودع بطلها إلى مثواه الأخير
وقالت عنه وكالة اليونايتدبرس :
( إن الفريق عبد المنعم رياض ختم حياته على العهد به رجلا مخلصا لجنديته فى الخطوط الأمامية .. إن الفريق عبد المنعم رياض شارك فى عمل بدا شبه مستحيل وهو إعادة بناء القوات المسلحة المصرية )
وقالت صحيفة الجرديان البريطانية :
(إن وفاة عبد المنعم رياض قد رفعت الروح المعنوية للشعب المصرى حيث عبر حادث أستشهاده بين جنوده عن الروح المعنوية الجديدة التى سادت القوات المسلحة المصرية بعد عام 1967)
وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر وأعتبر يوم التاسع من شهر مارس من كل عام هو يوم الشهيد تخليدا لذكراه
وهذا هو بيان رئاسة الجمهورية الذى نعى فيه الرئيس جمال عبد الناصر .. البطل الفريق أول عبد المنعم رياض فى التاسع من شهر مارس عام 1969 :
فقدت الجمهورية العربية المتحدة أمس جندياً من أشجع جنودها وأكثرهم بسالة وهو الفريق عبد المنعم رياض رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة... وكان الفريق عبد المنعم رياض فى جبهة القتال وأبت عليه شجاعته إلا أن يتقدم إلى الخط الأول بينما كانت معارك المدفعية على أشدها وسقطت إحدى قنابل المدفعية المعادية على الموقع الذى كان الفريق عبد المنعم رياض يقف فيه وشاء قضاء الله وقدره أن يصاب،وأن تكون إصابته قاتلة...إننى أنعى للأمة العربية رجلاً كانت له همة الأبطال، تمثلت فيه كل خصال شعبه وقدراته وأصالته... إن الجمهورية العربية المتحدة تقدم عبد المنعم رياض إلى رحاب الشهادة من أجل الوطن راضية مؤمنة واثقة أن طريق النصر هو طريق التضحيات .. ولقد كان من دواعى الشرف أن قدم عبد المنعم رياض حياته للفداء وللواجب فى يوم مجيد استطاعت فيه القوات المسلحة أن تلحق بالعدو خسائر تعتبر من أشد ما تعرض له...لقد وقع الجندى الباسل فى ساحة المعركة ومن حوله جنود من رجال وطنه يقومون بالواجب أعظم وأكرم ما يكون .. من أجل يوم اجتمعت عليه إرادة أمتهم العربية والتقى عليه تصميمها، قسماً على التحرير كاملاً وعهداً بالنصرعزيزاً. مهما يكن الثمن، ومهما غلت التضحيات.
وفى مساء الثانى عشر من شهر مارس عام 1969 قال سليمان العيسى عبر أثير محطة الإذاعة والتليفزيون من سوريا :

بيضاءٌ شامخة الأسى سيناءُ

تٌسقى بجرحكَ روعةٌ وتضاءُ

بيضاءُ تغسلُ أَرضها وسماءَها

بسنا الرجولةِ دفقةٌ حمراءُ

بيضاءُ تنفضُ في العراءِ قبورَنا

فإذا الطريقُ شهادةٌ وفداءُ

وأجسُّ عارَ الدهرِ يجلدُ جبهتي

بالنَّار .. يسحقُ رأسي الإغضاءُ

عامان ،، أمضغُ زفرتي مخنوقة

عامان .. قصة ذلنا الأنباءُ

وأُفيقُ أَمس .. يُفيقُ كلُّ مجللٍ

بالموت .. تُتلعُ جيدها الصحراءُ

نصحو على نبأِ الشهيدِ : جباهنا

زهو يُضيءُ ، ودمعنا خُيلاءُ

مسح الدمُ البطلُ الهوان ، وغُيبتْ

في قاع نعشك نكسةٌ سوداءُ

يا رافعاً علم التحدي .. بعدما

مات التحدي .. فالعرينُ إماءُ

يا ناثراً مِزقَ الشظايا حوله

والموتُ تحت جراحهِ استخذاءُ

يا صارخاً بالخانعينَ على الذُّرا

حُفرُ القتال ذُوراكمُ الشَّماءُ

أنزلتَ عن صدرِ العروبةِ صخرةٌ

وتزحزحت عن دربنا غَمَّاءُ

صُلبت أمانينا .. وديسَ وجودنا

وتشامخت أسطورةٌ نكراءُ

هُزمت ملاييني .. سُحِقْتُ بضربةٍ

فتراثنا ، وفتوحنا أشلاءُ

القهقهات على دمي محمومةٌ

ودمي يدٌ مغلولةٌ خرساءُ

قالوا : ذرونا أمة مشلولةً

في الريح .. قالوا : وحدنا الأحياءُ

رَكِبت أساطيرَ البطولةِ حفنةٌ

عن كل ساحةِ نخوةٍ غُرباءُ

وزهت صيارفةُ القرون ببأسها

وتململت غُصصٌ ، وعَزَّ بكاءُ

عشرون .. برقعتِ الجريمةُ وجهها

وخيامنا ما تعرفُ الأنواءُ

عشرون .. نُلفظُ في الدروبِ فلا لقى

أجسادنا حُسبت ، ولا أشياءُ

عشرون .. يلهو عالمٌ بجنازتي

والحشرجات على الرمال هباءُ

عشرون .. يُغمضُ عينه عن جثتي

ويمرُّ .. لا خجلٌ ولا استحياءُ

وأدق تابوتي .. بكفي مرةً

وبكفه .. وتلفني رقطاءُ

عشرون .. عشت على الطريق جُزازةً

بَيعٌ مصيري كلهُ وشراءُ

قالوا : ذروناهم ، فتلك قبورهم

لا نأمةٌ خلجت ، ولا إيماء

كَذَبت مزاميرُ الجريمةِ كلُّها

كَذَبت طبولُ جَنَازتي الزهراءُ

لم ننزل الميدان .. كانت أمتي

في القيدِ .. في رئتيَّ كان الداءُ

ما حاربت سُمرُ الرمال ، ولا مشى

للموتِ ، إلا الريحُ والضوضاءٌ

نمنا على الفيدِ الهجينِ ، ومَزقت

قيدي الهجينِ شظيةٌ بكماءُ

ألقمتها صدر الرجالِ ، فزغردت

حطين . وافتتحَ الكتابَ (حراءُ)

اِقرأ على المتسكعين رسالتي

بدماك فليطَّهَرِ الجبناءُ

اِقرأ عليهم سورة الفتحِ التي

بيعت ، فدفقةُ وهجِها ظَلماءُ

اِقرأ على المتراكضين إلى الدجى

يتخبؤون وتخجلُ الأضواءُ

اِقرأ علينا من دمائك آيةٌ

تهدر بغير دمارنا الأصداءُ

اِقرأ علينا باسم ربك ، باسمنا

باسم العروبةِ .. كلُّنا إصغاءُ

عَرَفت ملاييني بصدرك جسرها

فليعبروا ، جسرُ الخلودِ مُضاءُ

جسرُ الحياةِ تمورُ في أعماقنا

لهباً وتُطفِئها يدٌ شلاءُ

حملت شعار الفاتحين وهَدَّها

تحت النعال رخيصةٌ إغراءُ

يا فارسَ الصحراءِ .. يقتلها الظما

والتبرُ رواحٌ بها غَداءُ

يا فارسَ الصحراءِ .. يُطعِمُ رملها

دمهُ ، فحرُّ جحيمها أنداءُ

ما ماتَ تاريخي العظيمُ ، ولا انطفا

وهجُ الشهادةِ فيهِ والشهداءُ

ما ماتَ ، يا صقر السويس ، وإنما

سَرقَت نهاري ليلة ليلاءُ

غَطَّت وجودي في الوجود سحابةٌ

سوداءُ كالحةُ الدجى عمياءُ

وتهشمَ الصرحُ المجيدُ .. مروءةٌ

تاريخُه مِلءَ الدُّنى وعطاءُ

ووقفتُ أمضغُ كاليتيمِ مرارتي

إرثي يُباعُ ، ولقمتي استجداءُ

وحملتُ كنزي في لهاتي غُصةٌ

والسارقون خناجرٌ وعِداءُ

زرعوا الجريمةَ فوقَ قبري مَرَّةٌ

بَدءُ النُّشورِ جريمةٌ شنعاءُ

زرعوا على الأشلاءِ إسرائيلهم

وتحركت لتقاتل الأشلاءُ

الميْتُ ينهضُ ، والقبورُ قصيدةٌ

والمنشدون إلى النزالِ ظِماءُ

والفريةُ الكبرى التي سلخوا لها

جلدي ليستر ما افتروهُ غِطاءُ

الفريةُ الكبزى تصدعَ ليلُها

وتناقلت بُهتانَها الأرجاءُ

ما ماتَ تاريخي العظيمُ .. ستنتهي

إذ نستفيقُ القصةُ الصفراءُ

يمحو دمٌ صبغَ القتاةَ برشة

ما زورته حِقبةٌ شوهاءُ

يمحو دمٌ صبغَ القناة هزيمتي

ويُطلُّ وجهُ حقيقتي الوضاءُ

الآن افتتحُ النزالَ بأمتي

وتُشعُّ دنيا كالضُّحى عرباءُ

دقَّ الفدائيون بابَ نشورنا

وكألف بُشرى بالرسالة ،، جاؤوا

يا فارسَ الرملِ الخضيبِ ... تمزقت

بفمي السلاسلُ فالصريرُ غِناءُ

افتح جراحَكَ ينغمس في وهجها

جيلٌ ، وينبضُ في الصخورِ اباءُ

بدأ الربيعُ يدبُّ فوق دمارنا

اَلمٌ يُجددُ أُمةٌ ونداءُ

اَتموتُ ؟ ينبُتُ الفُ الفِ مُقاتلٍ

من دفقِ جرحك ، تعشبُ البيداءُ

تَلقى بصدركَ اُمةٌ مقبورةٌ

مَطَرَ القذائفِ ، أُمةٌ عزلاءُ

الآن نبتدىءُ النزالَ ، وساحةٌ

وطني الممزقُ ... ساحةٌ ولقاءُ

عَطِشَ التحدي في العروقِ ، ليحصدوا

عَطَشَ التحدي ... إنه نكباءُ

نكباءُ واعيةُ الخطى عربيةٌ

تَسَعُ الوجودَ يمينُها السمراءُ

من نارها (فتحٌ ) ومن أسمائها

حطينُ ، لم تتبدلِ الأسماءُ

افتح جراحك وليصبوا نارهم

اني خُلودٌ هاهنا وبقاءُ

الآنَ ابتدىءُ النزالَ بأمتي

وطويلةٌ الياذتي عصماءُ

تسقي شهيدا كل حبةِ رملةٍ

حتى يموجَ العِطرُ والأفياءُ

حتى يَرِفََّ على القبورِ ربيعها

حتى تعودَ ثَرىً لنا وسماءُ

وتزولُ أقدامُ الغُزاةِ وتَمّحِي

ونقولُ : مرَّ بأرضنا دخلاءُ

وفي ذكرى الشهيد البطل ( عبد المنعم رياض ) قال الشاعر الكبير نزار قبانى :

لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..

لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ

لو مدمنو الكلامِ في بلادنا

قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ

لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ

قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..

واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ

لم يسقطِ المسيحُ مذبوحاً على ترابِ الناصرهْ

ولا استُبيحتْ تغلبٌ

وانكسرَ المناذرهْ…

لو قرأوا – يا سيّدي القائدَ – ما كتبتْ

لكنَّ من عرفتهمْ..

ظلّوا على الحالِ الذي عرفتْ..

يدخّنون، يسكرونَ، يقتلونَ الوقتْ

ويطعمونَ الشعبَ أوراقَ البلاغاتِ كما علِمتْ

وبعضهمْ.. يغوصُ في وحولهِ..

وبعضهمْ..

يغصُّ في بترولهِ..

وبعضهمْ..

قد أغلقَ البابَ على حريمهِ..

ومنتهى نضالهِ..

جاريةٌ في التختْ..

يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ

الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا..

أنتَ بها بدأتْ..

يا أيّها الغارقُ في دمائهِ

جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ

جميعهم قد هُزموا..

ووحدكَ انتصرتْ

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي