فيما يقول من اغتاب أخاه المسلم
يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن كفارة الغيبة: أن تستغفر لمن اغتبته تقول: اللهم اغفر لنا وله)) ذكره البيهقي في الدعوات الكبير وقال: في إسناده ضعف.
وهذه المسألة فيها قولان للعلماء، هما روايتان عن الإمام أحمد وهما هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب، أم لابد من إعلامه وتحليله؟ والصحيح: أنه لا يحتاج إلى إعلامه، بل يكفيه الاستغفار، وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره. والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة كالحقوق المالية. والفرق بينهما ظاهر. فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها.
وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع صلى الله عليه وسلم. فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمي به. ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدا. وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم صلى الله عليه وسلم لا يبيحه ولا يجوزه؛ فضلا عن أن يوجبه ويأمر به. ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها. لا على تحصيلها وتكميلها. والله تعالى أعلم.
================================================== ====
فيما يقال ويفعل عند كسوف الشمس وخسوفه
في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا)).
وفي صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال: ((بينا أنا أرمي بأسهم لي في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ كسفت الشمس، فنبذتهن، وقلت: لأنظرن ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم كسوف الشمس اليوم فانتهيت إليه وهو رافع يديه، يسبح ويحمد ويهلل ويدعو، حتى حسر عن الشمس فقرأ بسورتين وركع ركعتين)).
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر في الكسوف بالصلاة والعتاقة والمبادرة إلى ذكر الله تعالى والصدقة فإن هذه الأمور تدفع أسباب البلاء.
================================================== ===
فيما يقول من ضاع له شيء ويدعو به
ذكر علي بن العيني عن سفيان عن ابن عجلان عن عمر بن كثير بن أفلح قال: كان ابن عمر يقول للرجل إذا أضل شيئا: قل اللهم رب الضالة هادي الضالة تهدي من الضلال رد علي ضالتي بقدرتك وسلطانك. فإنها من عطائك وفضلك.
وفي وجه آخر: سئل ابن عمر رضي الله عنه عن الضالة فقال: يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يتشهد. ثم يقول: اللهم راد الضالة هادي الضلالة تهدي من الضلالة. رد علي ضالتي. بعزتك وسلطانك. فإنها من فضلك وعطائك.
قال البيهقي: هذا موقوف، وهو حسن.
وقيل: إن من ضاع له شيء فقال: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه رد على ضالتي ردها الله تعالى عليه.
================================================== ====
في عقد التسبيح بالأصابع وأنه أفضل من السبحة
روى الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يعقد التسبيح بيمينه)) رواه أبو داود.
وروت يسيرة إحدى المهاجرات رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات)).
================================================== ====
في أحب الكلام إلى الله عز وجل بعد القرآن
ثبت في صحيح مسلم عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الكلام إلى الله تعالى أربع لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)).
وفي وجه آخر ((أفضل الكلام بعد القرآن أربع - وهن من القرآن - سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)).
وفي أثر آخر. أفضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمان. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.
================================================== ====
في الذكر المضاعف
في صحيح مسلم عن جويرية أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد ما أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن. سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله رضا نفسه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله مداد كلماته)).
وعن سعد بن أبي وقاص: ((أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء سبحان الله عدد ما خلق في الأرض. سبحان الله عدد ما بين ذلك. سبحان الله عدد ما هو خالق. والله أكبر مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك. والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
================================================== ====
فيما يقال لمن حصل له وحشة
روينا في معجم الطبراني عن البراء بن عازب ((أن رجلا اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال: قل سبحان الله الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السماوات والأرض بالعزة والجبروت فقالها الرجل فأذهب الله عنه الوحشة)).
================================================== ====
في الذكر الذي يقوله أو يقال له إذا لبس ثوبا جديدا
عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو إزارا أو عمامة يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له))، قال أبو نضرة. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدهم على صاحبه ثوبا قال: تبلى ويخلف الله تعالى ذكره البيهقي.
وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)).
================================================== ===
فيما يقال عند رؤية الفجر
روى ابن وهب عن سليمان بن بلال عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان في سفر فبدا له الفجر قال: سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا فأفضل علينا عائذا بالله من النار - يقول ذلك ثلاث مرات -ويرفع بها صوته)) هذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
================================================== ====
في التسليم للقضاء والقدر بعد بذل الجهد في تعاطي ما أمر به من الأسباب
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحي ويميت والله بما تعملون بصير} [آل عمران: 156]. فنهى سبحانه عباده أن يتشبهوا بالقائلين: لو كان كذا وكذا لما وقع قضاؤه بخلافه.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((وإياك واللو، فإن اللو تفتح عمل الشيطان)).
وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)) رواه مسلم.
وعن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبنا الله ونعم الوكيل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل)).
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عند جريان القضاء ما يضره ولا ينفعه وأمره أن يفعل من الأسباب ما لا غنى له عنه فإن أعجزه القضاء قال: حسبي الله فإذا قال: حسبي الله بعد تعاطي ما أمره من الأسباب قالها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول وإذا عجز وترك الأسباب وقالها قالها وهو ملوم بترك الأسباب التي اقتضتها حكمة الله عز وجل فلم تنفعه الكلمة نفعها لمن فعل ما أمر به.
================================================== ===
في جوامع من أدعية النبي وتعوذاته لا غنى للمرء عنها
قالت عائشة: ((كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الجوامع من الدعاء ويدع ما بين ذلك)).
وفي المسند وسنن النسائي وغيرهما ((أن سعدا سمع ابنا له يقول اللهم إني أسألك الجنة وغرفها، وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وأغلالها وسلاسلها. فقال سعد رضي الله عنه: لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت به من شر كثيرا، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون قوم يعندون في الدعاء وبحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي عن ابن عباس قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، وانصرني على من بغى علي. رب اجعلني لك شكارا لك ذكارا لك رهابا لك مخبتا إليك أواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي، وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي)) هذا حديث صحيح ورواه الترمذي وحسنه وصححه.
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: ((كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه يكثر أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال)).
وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها. زكها أنت خير من زكاها، إنك وليها ومولاها اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، وعلم لا ينفع ودعوة لا يستجاب لها)).
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم فقال قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ قال إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف)).
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، ومن فجاءة نقمتك ومن جميع سخطك)).
وفي الترمذي عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أسأل؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) قال الترمذي صحيح.
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار وسلوا الله المعافاة فإنه لم يؤت رجل بعد اليقين خيرا من المعافاة)).
وفي صحيح الحاكم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما سئل الله عز وجل شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية)).
وذكر الفريابي في كتاب الذكر من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أي الدعاء أفضل؟ قال: تسأل الله العفو والعافية فإذا أعطيت ذلك فقد أفلحت)).
وفي الدعوات للبيهقي عن معاذ بن جبل قال: ((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يقول: اللهم إني أسألك الصبر. قال: سألت الله البلاء فسل العافية. ومر برجل يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة فقال: وما تمام النعمة؟ قال: سألت وأنا أرجو الخير قال له: تمام النعمة الفوز من النار ودخول الجنة)).
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم من أسلم أن يقول: اللهم اهدني وارزقني وعافني وارحمني)).
وفي المسند عن بسر بن أرطأة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله أنه يقول: ((اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)).
وفي المسند وصحيح الحاكم عن ربيعة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)) الزموها وداوموا عليها.
وفي صحيح الحاكم أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم: ((أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: قولوا اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).
وفي الترمذي وغيره: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى معاذا أن يقولها دبر كل صلاة)).
وفي صحيحه أيضا عن أنس قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سأل الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى)).
وفي المسند وصحيح الحاكم أيضا عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا شداد، إذا رأيت الناس يكنزون الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب)).
وفي الترمذي أن حصين بن المنذر الخزاعي رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((كم تعبد إلها؟ قال: سبعة- ستة في الأرض وواحد في السماء قال: فمن تعبد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء قال: أما لو أسلمت لعلمتك كلمتين تنفعانك فلما أسلم قال: يا رسول الله علمني الكلمتين قال: قل: اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي)) حديث صحيح، وزاد الحاكم في صحيحه ((اللهم قني شر نفسي، واعزم لي أن أرشد أمري، اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت، وما أخطأت، وما تعمدت،وما علمت، وما جهلت)) وإسناده على شرط الصحيحين.
وفي صحيح الحاكم عن عائشة قالت: دخل عليَّ أبو بكر رضي الله عنهما فقال: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه؟ قلت: ما هو؟ قال: كان عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم يعلمه أصحابه قال: لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه. اللهم فارج الهم. كاشف الغم. مجيب دعوة المضطرين. رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني. فارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك)).
وفي صحيحه أيضا عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا ما سـأل محمد ربه: ((اللهم إني أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتني، وثقل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل الخير وخواتمه، وأوله وآخره، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل الخير وخواتمه، وأوله وآخره وظاهره وباطنه، والدرجات العُلى من الجنة آمين. اللهم إني أسألك خير ما آتي، وخير ما أفعل وخير ما بطن، وخير ما ظهر، اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري، وتضع وزري، وتصلح أمري، وتطهر قلبي، وتحصن فرجي، وتنور لي قلبي، وتغفر لي ذنبي، وأسألك أن تبارك لي في نفسي، وفي سمعي، وفي بصري، وفي روحي، وفي خُلقي، وفي خَلْقي، وفي أهلي، وفي محياي، وفي مماتي، وفي عملي وتقبل حسناتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين)).
وفي صحيحه أيضا من حديث معاذ قال: ((أبطأ عنا رسول الله بصلاة الفجر حتى كادت أن تدركنا الشمس ثم خرج فصلى بنا فخفف ثم أقبل علينا بوجهه فقال: على مكانكم أخبركم ما بطأني عنكم اليوم، إني صليت في ليلتي هذه ما شاء الله ثم ملكتني عيني فنمت فرأيت ربي تبارك وتعالى فألهمني أن قلت: اللهم إني أسألك الطيبات، وفعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب عليَّ وتغفر لي وترحمني، وإذا أردت في خلقك فتنة فنجني إليك منها غير مفتون اللهم وأسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يبلغني إلى حبك ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: تعلموهن وادرسوهن فإنه حق)) ورواه الترمذي والطبراني وابن خزيمة وغيرهم بألفاظ أخر.
وفي صحيح الحاكم أيضا عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: ((اللهم متعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف لي علي كل غائبة لي بخير)).
وفيه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ((اللهم انفعني بما علمتني. وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما ينفعني)).
وفيه أيضا عن عائشة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرها أن تدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت وما لا أعلم وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك من خير ما سألك عبدك ورسولك محمد وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا)).
وفيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى سلمان الخير فقال له: ((إني أريد أن أمنحك كلمات تسألهن الرحمن وترغب إليه فيهن وتدعو بهن في الليل والنهار قل: اللهم إني أسألك صحة في إيمان وإيمان في حسن خلق، ونجاحا يتبعه صلاح، ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك ورضوانا)).
وفيه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ((كان يدعو بهؤلاء الدعوات: اللهم أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الآخر لا شيء بعدك أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك، وأعوذ بك ومن الإثم والكسل ومن عذاب القبر، ومن فتنة الغنى، ومن فتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم. اللهم نق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب من الدنس اللهم باعد بيني وبين خطيئتي كما باعدت بين المشرق والمغرب)).
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح الحاكم أيضا عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه صلى صلاة أوجز فقيل له في ذلك قال: لقد دعوت الله فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسالك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برة العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك وأسألك الشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)).
وفي صحيح الحاكم أيضا عن ابن مسعود قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار)).
وفيه أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يدعو: ((اللهم احفظني بالإسلام قائما واحفظني بالإسلام قاعدا واحفظني بالإسلام راقدا ولا تشمت بي عدوا حاسدا اللهم إني أسالك من خير خزائنه بيدك وأعوذ بك من شر خزائنه بيدك)).
وعن النواس بن سمعان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من قلب إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه)).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، والميزان بيد الرحمن عز وجل يرفع أقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيامة)). حديث صحيح رواه الإمام أحمد والحاكم في صحيحه.
وفي صحيح الحاكم أيضا عن ابن عمر أنه لم يكن يجلس مجلسا كان عنده أحد أو لم يكن إلا قال: ((اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني اللهم ارزقني من طاعتك ما تحول به بيني وبين معصيتك، وارزقني من خشيتك ما تبلغني به رحمتك وارزقني من اليقين ما تهون به علي مصائب الدنيا، وبارك لي في سمعي وبصري واجعلهما الوارث مني اللهم اجعل ثأري على من ظلمني وانصرني على من عاداني ولا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا مبلغ علمي اللهم لا تسلط علي من لا يرحمني)). فسئل عنهن ابن عمر فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختم بهن مجلسه.
والحمد لله رب العالمين حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ملئ سماواته وملئ أرضه وملئ ما بينهما وملئ ما شاء من شيء بعد حمدا لا ينقطع ولا يبيد ولا يفنى عدد ما حمده الحامدون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم أنبيائه ورسله وخيرته من بريته وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده فاتح أبواب الهدى ومخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الذي بعثه للإيمان مناديا وإلى الصراط المستقيم هاديا وإلى جنات النعيم داعيا وبكل المعروف آمرًا وعن كل منكر ناهيا فأحيا به القلوب بعد مماتها وأنارها بعد ظلماتها وألف بينها بعد شتاتها فدعا إلى الله عز وجل على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة دعوته في الله تعالى حق جهاده حتى عبد الله وحده لا شريك له وسارت دعوته سيرة الشمس في الأقطار وبلغ دينه الذي ارتضاه لعباده ما بلغ الليل والنهار، وصلى الله عز وجل وملائكته وجميع خلقه عليه كما عرف بالله تعالى ودعا إليه وسلم تسليما.
من كتاب ابن القيم الجوزي
(الوابل الصيب)