الحب الأسود

أدور وأدور ويدورون ، لا اشك أننى أحبه لاشك .

مهما أرقنى الشتات ومضت الليالى ، وتغيرت التواريخ واختلفت معه الوعود لا شك أنه يوماً سيعود .. سيعود .

سيأتينى ، نعم .. نعم .. لن يتركنى وحدى لن ينسانى ..هو قادم بالأحلام و بالأيام .

وأدور أدور وحولى يدورون بضع رجال قلائل رأيتهم من قبل ، منذ وجودى أراهم ونساء يلوحن بأيديهن ،

يتمايلن يمنةً ويسارا، و يطوحن رؤوسهن وأذرعهن ويتمتمن ويصرخن .

لا شك أنه سيعود .. سيعود ، لماذا كل هذا القلق ؟ وكل هذا العذاب ، لا تيأسوا ولا تجعلونى أيأس مثلكم .

فمهما استنفذتنى الأعذار وشردتنى أفكارى ومهما طال البعاد سيأتى يوماً ويعود ، عودة لها بريق .. لها رنين

.. لها عطايا مثل بابا نويل ليلة عيد الميلاد ، أجل سيأتى ليمنحنى الكثير من الحب .. سننجب أطفالاً كثيرة ..

كثيرة . وأنا .. أنا سأراه من جديد ، سألقى بنفسى عليه واطفىء حريقى ..

يرتفع اللهب عالياً حيث موقد الفحم المشتعل يحاولن أطفاءه بالبخور فيرتفع الدخان ويملأ المكان

واختنق حباً ، ويزداد وهج القلب .. وأدور أكثر وأكثر أدور ..أدور ..

ستعود يوما إلى .. محملا بالهدايا بالمنى .. بالذكريات والأشواق ونعيد ما فات .

وعندما تأتى ستهب لى أسمى ورسمى ومحل ميلادى .. نعم على يديك ميلادى ،

وفى قلبك رسمى وبين شفتيك أكون .

وأدور وأدور وحولى يدورون رجال قلائل ونساء أعرفهم جميعاً فقد رأيتهم من قبل نعم منذ زمن أراهم يحدثونى ،

ينصحونى وأنا لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم .

حبيبى فىَّ حار الأطباء ونفدت معى حكمة الجدات واستعصيتُ على الجميع إلا أنت . فمتى تعود ؟

أنا الآن حبيبى مثل” لا يحتذى بهِ وواقع أليم وأطلال وأحزان ... و.. وما آن للقلب أن يكف عن الخفقان فى حبك

فلماذا يكف ؟ وماذا سأفعل إن لم أحبك ؟

حبيبى إنهم لا يعرفون ..لا يدركون كم كان حبك حياة ؟! وبعده لا وجود لى ولا أسماء ولا زمان ولا مكان .

لا يعرفون كم كان حبك أملاً تتساوى من دونهِ كل الأشياء .

دعهم حبيبى يقولون ، يتهامسون ، فلن يغيروا من الأمر شيئاً ولن تتبدل الأشياء ، ولن تتغير الأحداث .

يقولون أنك وهم .. دعهم يقولون ، يقولون أنك حلم .. دعهم يقولون .

وأدور أدور وحولى يدورون رجال” قلائل ونساء .. وتأتينى حبيبى فجأة مثلما تأتى وتذهب وهم يتلون تراتيلهم

حولى ويطلقون أبخرتهم فى وجهى ويدّعون أننى ممسوسة بالجن ...سيدى الحاضر الغائب اطمئن ..

لن ينزعوك منى . فأنا بلا أسفٍ مرهونة بالمجىء .. موضوعة على الرف كدميةٍ مشتاقة ،

مُحتاجةً ، منتظرةً .. لا يثنينى شىء وعلى كامل الاستعداد لمقدمِك الجميل ، لتأخذنى وتتشبث بى

وتبكى بحرقة الأطفال لو حاولوا انتزاعى منك ... وأدور أدور وحولى يدورون .....

أعوام وأعوام مرت دون اللقاء ، ولكن الأمل ما يزال باقٍ حبيبى ، مهما ابتعدنا ستعود ..ستعود .. وإلا لمن كل

هذا الشوق ؟ وكل هذا الغرام ! وكل هذا اللهيب ، وكل هذا الكلام ، ستعود حبيبى .. أعلم أنك قادم ..

وأدور أدور .. سنيناً طويلة .. حتى حين أودعونى هذا المكان حبيبى .. مكان لم أره من قبل ، كبير ، كئيب ، بارد ،

حيث أدور وحولى نساء كثيرات لا أعرفهن ولم أرهن من قبل ، ولكل منهن حكاية قريبة من حكايتنا .

إنهن حبيبى مثلى يدرن ....وأدور .. أدور .. و .. أين الرجال الذين كانوا يدورون ؟!!.


*********