هل تعد العروبة شرطاً لممارسة العروبة؟؟!! </B>

بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم




لا زالت الأيام تتوالى، وعداد الأيام يزيد كل يوم، وبدأت الحرب على غزة ولما تنته بعد، لكن الإعلام يخفف وقع هذه الكلمة على آذاننا ويسميها: اجتياحاً أو عدواناً.. وينسى أن الهدف الأول لهذه الحرب هو اجتثاث جذور حركة حماس من قطاع غزة، وكسر شوكتهم، واقتلاعهم من أرضهم إلى الأبد..
وعدادات الشهداء والجرحى (القتلى على ألسنة بعض القنوات التابعة) (1)، تتزايد كل يوم، ولا زال الوضع على حاله، إسرائيل تقتل الأبرياء من أطفال ونساء ورجال بلا حسيب ولا رقيب.. والعالم كله يتفرج..
الأنظمة العربية، تتفرج مع المتفرجين، ومنذ أن بدأت الحرب كانت النية قائمة لإقامة قمة عربية لإيجاد حل للوضع في غزة، ولكنْ.. تقوم النية مقام الفعل عند البعض، ولا داعي للتكلفة الزائدة ومصاريف السفر والتعب والإرهاق الفكري لحل قضية من المعروف مسبقاً أنها لن تُحل.. فالعجز صار واضحاً، والشعوب العربية لم تعد تنتظر من أنظمتها الكثير، وأصبحت البلدان تعلم مسبقاًَ أنه إن أصابتها مصيبة من أي نوع كانت، فإنها ستقف لتواجهها وحيدة، دون أي مساعدة، فلا معنى للعروبة في مواجهة أمريكا، ولا معنى للعروبة إن تهددت المصالح الإقليمية، ولا معنى للعروبة حين نرى أحد الشعوب العربية يمارس دور الشماتة على أهل غزة متمثلاً بصحافته الوطنية (اقرؤوا صحيفة الوطن الكويتية)، ومعتبراً أنهم لم يمدوا يد العون لهم حين أصابتهم مصيبة الاجتياح من أحد الأقارب، وكأن أهل فلسطين في ذلك الوقت "حرب الخليج" كانوا يملكون أمرهم، أو كانوا يعيشون برخاء، وكأن العدو الإسرائيلي لم يكن جاثماً على قلوبهم منذ أواخر الأربعينيات..
لذلك فيا إخوتي العرب اعلموا أنه من الآن فصاعداً، لن نمارس العروبة بعد اليوم، (فلا تتوقعوا من إخوانكم في الدين والعرق واللغة مد يد العون، ورتبوا أوضاعكم على هذا الأساس، كي لا تُصابوا بخيبة أمل) (2) ...
ولكن: هل تعد العروبة شرطاً لممارسة العروبة؟؟
فاجأتنا الأخبار منذ فترة بخبر طرد الرئيس الفنزويلي "تشافيز" للسفير الإسرائيلي من بلده استنكاراً للمجازر الوحشية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة..
(( مع أن هذا الأمر لم يصدر عن إخواننا العرب الذين يمارسون دور الحماية للسفارات الإسرائيلية من المتظاهرين عليها هذه الأيام!! ))
ثم ومنذ يومين سمعنا بخبر تعرضِ فريقٍ إسرائيلي للضرب من قبل الجمهور التركي وذلك خلال مباراة لكرة السلة بين فريق تلكوم أنقره وفريق بني هشارون الصهيوني ضمن بطولة كأس أوروبا لكرة السلة. حيث دخل الفريق الصهيوني لأرض الملعب في مدينة أنقرة وكان بحماية أكثر من 1000 رجل أمن... فقد بدأ الجمهور التركي أثناء نزول الفريق الصهيوني لأرض الملعب بالهتاف ضد دولة الصهاينة وقام الجمهور بشتم اللاعبين وقام مجموعة من الحاضرين بقذف الصهاينة بالأحذية وعدد من القطع المعدنية مما تسبب في هروب اللاعبين من أرضية الملعب على الفور..
وبعد لحظات قليلة أعلن لاعبي فريق بني هشارون انسحابهم من أرضيه الملعب وعدم العودة لمقابلة الجمهور التركي الذي كان غاضبا مما يفعله الصهاينة بغزة هذه الأيام ....
ولا تخفى علينا جهود رئيس الوزراء التركي أردوغان لحل هذه الأزمة ومحاولاته المستمرة لإيقاف الاجتياح على غزة..

http://www.risalaty.net/article1.php?tq=1718&re=572&tn=590&br=1721&tr=1718 &rt=1718&rf=582&try=8&tt=1716&rt=1718&rf=582&tm=17 18

صور لطرد لاعبي الفريق الإسرائيلي من الملعب :


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ثم نسمع بأخبار المظاهرات الحاشدة التي تخرج في كافة أنحاء العالم للتنديد والشجب والاستنكار (مع كرهي الشديد لهذه الكلمات لأنها أصبحت جوفاء بلا أي معنى) لما يحدث في غزة..
منها مظاهرة لليهود في أمريكا خرجوا ليقولوا للعالم كله أنهم لا يقبلون بالوضع في غزة وأن التوراة ترفض هذه الهمجية والوحشية ليقولوا في النهاية: نحن يهود لا صهاينة.. ونحن ضد إسرائيل لأننا يهود.. والصور خير شاهد على هذا..
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

وبعدها مظاهرة خرجت في لندن للتنديد بما يحدث في غزة ويخرج معها حاخام يهودي ليحرق جواز سفره الإسرائيلي، ويقول بأنه لا يتشرف بكونه إسرائيلياً..
وفي بريطانيا كتب الحاخام مايكل ليرنر رئيستحرير مجلة "تيكون" مقالاً في "التايمز" بعنوان: "يحطم قلبي أن أرى غباءإسرائيل".
وبعدها نسمع عن منتجعات في إيرلندا لم تعد تقبل استضافة اليهود وقال لهم أصحابها: ((نحن لا نقبل مالكم، فطعمه مر طعمه الاحتلال!!...))
وأعضاء الصليب الأحمر الذين لم يخرجوا من غزة بعد ولازالوا يمدون يد العون للجرحى في غزة تحت القصف، وأعضاء منظمة الأونروا يقفون معهم.. بينما نحن وقفنا في وجه بعض الأطباء العرب الذين أتوا بملابسهم البيضاء، ومباضعهم في أيديهم، يحملون أرواحهم على أكتافهم، ويطلبون الدخول إلى غزة، عبر معبر رفح، لكننا لم نسمح لهم بالدخول إلا بالتنقيط، وقد دخل حتى الآن ما يقارب 61 طبيباً..
* * * * * * *

هذا عدد من الصور التي تردنا من العالم المتضامن مع غزة..
صور تعطينا أملاً، تعطينا تفاؤلاً بأن النصر قريب..
صور ليست كبقية الصور..
صور من الغرباء عنا.. لكنها تبين قدر مساندتهم لنا..
أعترف أن الشعوب العربية كلها مع غزة.. وأقر بأن قلوبهم تبكي أسفاً وحزناً على أطفال غزة، لكنهم لا يملكون من أمرهم شيئاً..
ولكن.. أولئك الذين بيدهم الأمر.. ذوي القربى.. الذين يشاركون أهل غزة بالعروبة.. الذين يشاركون أطفال غزة بالدم.. الدم العربي الذي يسيل على أرض غزة.. لماذا لا يحركون ساكناً...
هنا أقول، كما قال أحد الشعراء منذ زمن بعيد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
نعم.... ظلم ذوي القربى.. هو الذي يدمي القلب أكثر من أفعال إسرائيل..
ظلم ذوي القربى الذي يساعد إسرائيل على أفعالها ووحشيتها.. هو أصعب لأن الإنسان عادة يتوقع من القريب المساندة، ويُصعق من الظلم إن صدر من قريب..
ظلم ذوي القربى... الذي يحركني لأقول:
بعض الغرباء عرب أكثر مني ومنك أيها الصامت عن دم أطفال غزة، وبيدك الأمر لتحميه من أن يسيل ويهدر على أرض جريحة نزفت أبناءها، وبكت أولادها، ووقفت صامدة في وجه كل من يحاول كسر شوكتها.....
والجمهور التركي الذي طرد الفريق الإسرائيلي من تركيا أكثر عروبة من البلد الذي يتمتع اليهود فيه بحماية أكبر من بلدهم إسرائيل..
لا.. ليست العروبة شرطاً لممارسة العروبة !!!
فأعطوني رأيكم إخوتي.. هل هي شرط أم لا ؟؟؟

ـــــــــــــــــــــ
(1) ولشد ما يؤلمني أن بعض القنوات الفضائية لا زالت تتحدث عن الشهداء في غزة على أنهم قتلى، وأن الحرب أودت بحياتهم، وتنسى تماماً أنهم شهداء أحياء عند ربهم بإذن الله تعالى ..
(2) عن مقال للدكتور عبد الكريم بكار بعنوان: على هامش المأساة في غزة، بتصرف.

عن موقع رسالتي :
http://www.risalaty.net/article1.php...&ft=103&tm=284