هدنة اسرائيل .. هل هي فيلم مصري ؟؟



ليس هذا تقييما أو محاسبة لما حدث .. وإنما هو محاولة لفهم ما يحدث الآن .


ولقد أعجبني جدا تعبير جديد في عالم السياسة سمعته في قناة الجزيرة .. من أن نهاية الأحداث الدامية في غزة .. تشبه إلى حد كبير الأفلام المصرية التي تتصاعد فيها الأحداث الدرامية إلى أعلى مستوياتها ثم فجأة تتقتح كل الأبواب والترابيس والأقفال التي كانت مستعصية على الفتح .. ويكتشف الجميع أن البطل لم يمت ، وإنما كان في نزهة خلوية مع اصدقائه .. وأن الجثة التي عثروا عليها سابقا وحولت حياتهم إلى جحيم .. هي لشخص آخر مجهول الهوية .. وينتهي الفيلم بقبلة عميقة بينه وبين البطلة مع كلمة النهاية التي تملأ الشاشة .

فجأة .. تعلن اسرائيل أنها ستجتمع لبحث اتخاذ قرار بهدنة من طرف واحد .. مع تأكيد مصادر عليمة بأنها ستتخذ بالفعل قرار بالهدنة من طرف واحد .. وفجأة تعلن أنها اتفقت .. وتبدأ خلال ساعات بتنفيذ قرارها .. وفجأة تضبط النفس حتى مع اطلاق حماس خمسة أو ستة صواريخ بعد بداية الهدنة معلنة بالفم المليان ( حماس ) أنها لن توقف اطلاق الصواريخ حتى يخرج آخر جندي صهيوني من غزة ( وفقا لنظرية الحاخام والخنزير التي سنشير إليها لاحقا ) .. مع التأكيد على ضرورة فتح المعابر ورفع الحصار .. وأنه بدون ذلك لن توقف حماس صواريخها .. وبعدها بساعات وفجأة أيضا تعلن حماس هدنة لمدة أسبوع حتى اجلاء آخر جندي صهيوني .. ثم فجأة تعلن اسرائيل أنها بدأت الإنسحاب من غزة .. ثم والأغرب من ذلك وبسرعة البرق ينجح مبارك في عقد قمة دولية لبحث خطة اعمار غزة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وتأمين الحدود .. ولا أدري كيف فعل بهذه السرعة وكيف استجابوا له بهذه السرعة .




وهكذا .. تتوقف اسرائيل فجأة وتنسحب دون اتمام اتفاق هدنة .. أو وقف صواريخ حماس .. وهو على الأقل مالاتستطيع اسرئيل تبريره أمام الرأي العام الصهيوني .. إلا إذا كان وراء الأمور أمورا

وهكذا تتوقف حماس عن اطلاق الصواريخ .. قبل رفع الحصار وفتح المعابر .


وهكذا تبدأ مصر وعباس ودول أوربا والأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التركي في بحث اعمار غزة .. قبل أن تتوصل حماس واسرائيل إلى اتفاق هدنة .

والخلاصة

أقوال متضاربة في اسرائيل وقرارات غير مبررة .
أقوال متضاربة في حماس وقرارات غير مبررة .


في رأيي المتواضع .. أن هناك شيئا ما وراء الأكمة .. وأن ثمة اتفاق قد وقع بالفعل بين الأطراف المعنية .. لإنهاء المحرقة النازية التي لم نشهد لها مثيلا .. وأن ما يحدث الآن هو فيلم مصري .


نعود لتفسير نظرية الحاخام والخنزير التي أشرنا إليها .. حيث يروى فى الأثر أن أسرة مكونة من عشرة أفراد كانت تقيم في حجرة صغيرة تسعهم بالكاد .. ولذلك كانت تكثر بينهم الخناقات والمعارك الداخلية كطقس يومي .. والتي حولت حياتهم إلى جحيم .. فأرادوا أن يبحثوا عن حل لمشكلتهم .. فأشار عليهم أحد الطيبين أن يذهبوا للشيخ .. فذهبوا للشيخ وعرضوا عليه مشكلتهم .. فخيب أملهم وأخبرهم بأنه لايجد حلا لمشكلتهم أبدا .. فخرجوا يجرون أذيال الخيبة فأشار عليهم الرجل الطيب مرة ثانية بالذهاب إلى القسيس ليجد لهم حلا .. فتكرر نفس المشهد السابق حيث أعلن القسيس عجزه عن حل مشكلتهم .

وهنا .. أشار عليهم أحد الخبثاء بالذهاب إلى الحاخام .. فهو وحده القادر على حل مشكلتهم .. فذهبوا إليه .. وعرضوا مشكلتهم وشكواهم من ضيق بعضهم ببعض .. وتشاجرهم الدائم .. نظرا لإقامتهم في حجرة ضيقة .. فأشار عليهم الحاخام بضرورة احضار خنزير ليعيش معهم في الحجرة الضيقة .. فتعجبوا وامتعضوا منه .. وظنوه يستهزىء بهم .. فأصر الحاخام على رأيه .. فقرروا المجازفة والمغامرة .. فاشتروا الخنزير وأحضروه إلى الحجرة ليقيم معهم .. ومنذ أول ساعة .. بدأ الجميع يتأفف من هذا الخنزير القذر .. ويتمنى لو أن الخنزير قد ذهب إلى حال سبيله وابتعد عن الحجرة .. وانحصرت مشاكلهم وأمانيهم كلها في اخراج الخنزير من بينهم .. وكلما ضجوا بالشكوى إلى الحاخام الناصح لهم .. يأمرهم بالصبر وضبط النفس .. حتى كاد أن يختنق الجميع من وجود الخنزير واستحالت الحياة في الحجرة .. ساعتها فقط أمرهم الحاخام باخراج الخنزير .. وساعتها تنفس الجميع الصعداء .. بعدها شعروا جميعا بأنهم انتصروا وأن مشكلتهم قد تم حلها .

تحياتي لكم