بقلم / طراد الاسمري

اعلامي سعودي





تضع الحملةالاعلامية التي تبثها قناة ام بي سي حاليا تحت عنوان ( الرفق بالانسان .. من لايرحملايرحم ) نفسها تحت طائلة قائمة طويلة من الاستفهامات :



هل الرحمة فقط محصورة في التعامل مع العمالة المنزلية فقط؟


هل الرحمة مطلوبة من السعوديين دون غيرهم؟



هل الرحمة مطلوبةايضا من العمالة كونهم بشر مثلنا منهم 7 ملايين يعيشون بيننا سواء كانت الرحمة بناأو بينهم أو بغيرهم ؟

ما حجم الكراهية التي ستعمق هوتها هذه الحملة بين العمالةوالسعوديين؟
وأخيرا .. أين صور الرحمة في هذه الحملة التي تدعوا للرحمة؟









هل مجتمعنا بهذه القسوة؟؟



اذا ما نظرنا الى الرسالة الاعلامية التوعوية على أنها أداة هامةوفاعلة للارتقاء بالمجتمع وليست بضاعة يتم انتاجها بقصد الإثارة والوصف أو من أجلبيعها والاتجار بها في الأسواق فإن مضمون حملة من لايرحم لايرحم لايخرج عن الاثارةوالوصف اذا ما اعتبرنا أن ما يتعرض له الخدم والعمالة المنزلية هي حالات شاذة لاتصلالى مرحلة الظاهرة ، وان وصلت الى –مرحلة الظاهرة- فقد عملت الحملة على وصف الحالةاعتمادا على الاثارة دون اختلاف مضمونها عن الكثير من الاخبار التي تنشرها وسائلالاعلام المختلفة لحالات مماثلة قد تحدث هنا وهناك.

اختزلت الحملة مفهوم الرحمةالواسع في اطار ضيّق وجعلته في معاملة الخدم دون النظر الى الواجبات المطلوبة منالخدم ايضا والرحمة المطلوبة منهم بمن يعملون لديعهم والتي هي بدورها تدخل تحتمفهوم الرحمة من اداء العمل على أكمل وجه وعدم الغدر بأصحاب البيت اذا ما نظرنا الىالحالات الكثيرة والمتعددة لجرائم ارتكبت من الخدم بحق أصحاب البيوت من سحر وسرقةوغير ذلك قد تكون –عددا – اكثر من حالات تعرض الخدم للاهانة أو الايذاء.

انتركيز الحملة على جانب وصف المشكلة واختزال الرحمة في لارحمة محدودةوتعميم هذاالوصف على كل السعوديين يضع المنتجين والمروجين لها تحت طائلة المسؤولية أمام مجتمعتغلب عليه الرحمة ويعاني هو أيضا من لارحمة الآخر في صور وأشكال متعددة.
تعمدتالحملة نهجاً عنصرياً ضد السعوديين بأن جعلت أبطال اللارحمة في الحملة هم منالسعوديين فقط وربطت ذلك بحياتهم ومعيشتهم برسالة غير محايدة تظهر اجماع جميع أفرادالاسرة على اللارحمة الأب القاسي ، الام القاسية، البنت القاسية التي كان يؤيدها فيالقسوة جميع صديقاتها أثناء توبيخها للخادمة في أحد الاعلانات !!









الكبسة .. في اناء الكلب !!



توجيه الرسالة لمجتمع دون غيره لـ الرفق بالانسان يخرج هذاالمجتمع من دائرة الانسانية اذا ماتم تخصيصه بالرسالة وحصر العموم في واحد ينازعهالشك وتقديمه على أنه العموم.وهو ما حدث بالفعل في هذه الحملة التي قدمت جميعالسعوديين بصورة قبيحة لارحمة فيهم.



يقول سبحانه وتعالى : (ادع إلى سبيل ربكبالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وهذه قاعدة ربانية في العملالاعلامي ،فالدعوة هنا هي في النهاية فعل إعلامي وهي أيضا أي - كل فعل اعلامي - يجبأن تترابط فيه مكونات الرسالة (المعني ، المضمون) مع أسلوب إرسالها للمتلقي ( القالب ،الشكل) ، وهو ما خالفته الحملة بانحرافها الى الجانب الوصفي للمشكلةاللارحمة واختزال مفهومها في جانب وصفي ضيّق لم يتعدى وصف معاملة بعض السعوديينالسيئة للخدم ثم تعميم هذا الوصف على كل السعوديين ،ومع حرص المنتج على الالتزام بـالحسن في شكل العرض عبر استخدام تقنيات التصوير الحديثة إلا أنه أخل بالـ حسن الأهموهو المضمون الخالي من الحياد بالانحياز الى طرف والقسوة عليه بتقبيحه دون آخرينيفترض أن تشملهم دعوة الرحمة اضافة الى خلو الحملة من صور الرحمة التي من المفترضأن الحملة تدعوا اليها .




أين الرحمة هنا ؟؟

هنالك رحمةمطلوبة من الخدم بمن يعملون عندهم ، هنالك رحمة مطلوبة من العامل لرب عمله ، هنالكرحمة مطلوبة من الغني بالفقير وهنالك رحمة مطلوبة من الفقير بالغني ،هنالك رحمةمطلوبة من الصغير للكبير ، ومن الكبير بالصغير ، من الانسان للانسان بدون تأطيرالرحمة أو عدم الرحمة في جنسية معينة أو فعل واحد.

ان توجيه هذه الحملةالاعلامية للمشاهد العربي وللانسان بشكل عام ووضع السعودي كإنموذج سيء وحيد متهمبتجريد الآخرين من انسانيتهم وتغيّيب نماذج (من مجتمعات أخري) تعاني من نفس المشكلةفيه اجحاف كبير بحق المجتمع الذي عملت هذه الحملة على تعميم صورة الشاذ القليل فيهعلى الحسن الاغلب فيه.
أقل ما نطالب به هو الرحمة بهذا المجتمع والتزام الحيادوالصدق عند معالجة مشكلاته بدلا من جلده بسياط ناقمة وعدم المتاجرة به وبمشكلاته منأجل نجاح إعلامي باهت لايصفق له الا ناقم.







تم اقتباس عنوان المقال حرفيكما ورد في احد اعلانات الحملة