وداعا حافظ .. أمين الصحفيين العرب وصاحب المواقف الحرة
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


صلاح الدين حافظ


محيط - سميرة سليمان


أعلنت نقابة الصحفيين المصريين أن الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب الكاتب المصري صلاح الدين حافظ وافته المنية عن عمر يناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

تبنى صلاح الدين حافظ طوال حياته المهنية مواقف سياسية مستقلة وظل يدافع عن الحريات العامة والحريات السياسية وحرية التعبير وعن العدالة الاجتماعية وينتقد السلطة السياسية بجرأة.

وقبل وفاته بعدة أشهر أطلق صلاح الدين حافظ دعوة إلى عقد مؤتمر للمثقفين المصريين لتشخيص المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها مصر ووضع تصور لعلاجها ولكن ظروف مرضه منعته من تحويل هذه الدعوة إلى واقع.

وتولى صلاح الدين حافظ منصب الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب منذ عودة مقره إلى القاهرة عام 1996. وكان مقر الاتحاد نقل إلى بغداد بعد توقيع مصر معاهدة السلام مع اسرائيل في العام 1979.

نشأته وحياته

ولد صلاح الدين حافظ في مصر عام 1938م، تخرج من قسم الصحافة في كلية الآداب عام 1960م، حيث عمل في مؤسستي الأخبار والتعاون حتى انتقل عام 1965 إلى مؤسسة الأهرام التي عمل بها حتى وافته المنية.

انتُخب أمينًا عامًّا لنقابة الصحفيين في مصر عام 1968م وبقي إلى عام 1971، ثم أُعيد انتخابه مرة أخرى من عام 1973 إلى عام 1977م، كما انتُخب أمينًا عامًا لاتحاد الصحفيين العرب عام 1976 لمدة عام واحد، ومرة أخرى من عام 1996 وحتى الآن.

عمل حتى وفاته مديرًا لتحرير صحيفة الأهرام ومشرفًا على الأهرام الدولي، علاوة على رئاسته لتحرير مجلة دراسات إعلامية. وقد أصدر صلاح الدين حافظ 15 كتابا، منها ثلاثة كتب تدافع عن حرية الصحافة والرأي، هي أحزان حرية الصحافة، وتزييف الوعي، وتحريم السياسة وتجريم الصحافة، ومنها كتب عن ضرورات الديموقراطية مثل، صدمة الديموقراطية، والديموقراطية والثورة مأزق العالم الثالث. كما يكتب مقالا أسبوعيا بالأهرام ينشر بالتزامن في خمس صحف عربية .

مدافع عنيد عن الحرية


في العام الماضي فاز صلاح الدين حافظ الكاتب الصحفي وأمين عام اتحاد الصحفيين العرب، بالجائزة التقديرية للصحافة، التي تمنحها النقابة المصرية لرموز الصحافة سنويا وهي أرفع الجوائز الصحفية شأنا .

وقالت مبررات منحها إن صلاح الدين حافظ مدافع عنيد عن حرية الصحافة والرأي والتعبير كرس جهده وقلمه على مدى سنوات للعمل النقابي وللدفاع عن الحريات والتطور الديموقراطي والعدالة الاجتماعية في مصر والوطن العربي .

كان آخر كتبه هو كتاب "تحريم السياسة وتجريم الصحافة" التي يقول في بدايته: "الصحافة في جوهرها تشتغل بالسياسة‏,‏ والسياسة من ناحيتها تمارس الصحافة‏,‏ والمعني هنا أن الصحفيين سياسيون بالضرورة‏,‏ والسياسيين صحفيون بحكم العمل"‏.‏

كتب مكرم محمد أحمد في عموده "نقطة نور" بجريدة "الأهرام" المصرية عن صلاح الدين حافظ قائلا: بحكم موقعه استطاع حافظ أن يراقب عن قرب العلاقات المركبة بين الصحافة والسياسة في العالم العربي في أدق تفصيلاتها وأسرارها‏,‏ وما يكتنفها من صراعات حادة تصل في بعض الأحيان إلي الصدام‏,‏‏ لأن السياسة تريد أن تستحوذ علي الصحافة وتسخرها لخدمة أهداف نخب الحكم ومصالحها‏,‏ على حين تنزع الصحافة إلى الاستقلال‏ وتنشد كسر القيود المفروضة على حرية الكلمة وتسعى للمزيد من الحرية والديمقراطية والانتصار لحق الإنسان‏,‏ في أن يعمل ويعلم ويشارك ويصبح سيد نفسه ومصيره‏,‏ يختار حكامه في انتخابات حرة نزيهة‏,‏ ويستطيع أن يحاسبهم ويسائلهم في إطار مؤسسات دستورية‏,‏ تجعل من الأمة مصدر السلطات قولا وعملا‏,‏ وتعتبر الحكومة خادما للشعب وليست سيدا عليه‏,‏ وتفرض سيادة القانون وحكمه علي الجميع حكاما ومحكومين‏,‏ دون اعتبار لأي من صور التمييز في اللون أو الجنس أو العرف أو الدين‏,‏ احتراما لحق المواطنة الذي يساوي بين الجميع‏.‏

‏رأيه في أوباما


في مقال له بعنوان "نحن وأوباما.. هل سيُغير أم سنتغير؟" بصحيفة "الأهرام" المصرية يقول: الحقيقة أن باراك أوباما قد فعلها أخيراً في انتخابات الرئاسة الأمريكية يوم 4 نوفمبر2008 وهو يوم يؤرخ له بقوة، يوم اقتحام أول رئيس أسود للبيت الأبيض، قارعاً جرس التاريخ، مسقطاً النفوذ التاريخي لـ "احتكار البيض الساكسون البروتستانت" الذين ظلوا يحكمون أمريكا على مدى أكثر من قرنين منذ الاستقلال حتى الرابع من نوفمبر 2008 حارمين أصحاب البلاد الأصليين والمهاجرين الزنوج والهسبانكس من أبسط الحقوق المدنية.

وأظن أن هذا هو المغزى الحقيقي لنجاح أوباما باكتساح في مواجهة واحد من أشد صقور الواسبا، وهو نجاح لم تحققه الشخصية الكاريزمية للرجل، ولا قدرته الفائقة على اجتذاب مسامع ومخاطبة أفكار مشاهديه ومغازلة الطبقة الوسطى عماد المجتمع الأمريكي فقط، بل هو نجاح حققه المجتمع الأمريكي كله، حين قرر التحول في لحظة نادرة من لحظات تاريخه، من حالة احتكار حكم البيض على مدى قرنين من الزمان، إلى تجربة حكم جديد لرئيس جديد يمثل جيلاً جديداً، من أولئك الزنوج الفقراء، الذين خبروا الجوع ولكنهم تعلموا ودرسوا في هارفارد أعرق جامعات العالم، وصعدوا إلى الطبقة الوسطى ترقياً من أحراش الفقر التاريخي.

ولا ندري هل كان من حسن حظ باراك أوباما أو من سوء حظه، أنه جاء للرئاسة الأمريكية مكتسحا بما لم يحدث من قبل وسط أنواء الأزمة المالية الاقتصادية الدولية، التي أورثها له الرئيس المغامر جورج بوش الابن، مثلما أورثه حروبا مشتعلة وصراعات دامية، تخوضها الجيوش الأمريكية من أفغانستان إلى العراق، من دون أن تحقق نصرا، بل من دون أن تقضي على الإرهاب كما ظل يدعي بوش.

وإذا جاز لنا أن نستنتج شيئاً جديداً، ربما شيئاً يثير الأمل من مجيء أوباما خلفا لبوش، ودون تهويل أو حتى تفاؤل شديد، فهو أن لغة سياسية جديدة بدأت تدخل القاموس الأمريكي في السياسة الخارجية خصوصا، على لسان الرئيس الجديد، وهي لغة أخف تطرفا وأكثر عقلانية وأقل عدوانية حتى الآن على الأقل من تلك اللغة العنصرية العدوانية الحادة، التي ظل بوش يستعملها طوال سنوات حكمه الثماني، المعبأة بكل الكراهية للعالم.

وفي نهاية المقال يقول: وفي النهاية نسأل أنفسنا: أين نحن من هذه الرغبة التغييرية والحركة الجديدة؟.. هل ندخل في إطار التصالح بعد جفاء، أم ننتظر متشككين خائفين من خديعة أخرى يخفيها أوباما في جراب الحاوي؟.