فقط بحذاء صحفي

منير مزيد / رومانيا


لم أكن أود الحديث عن موضوع الحذاء لأنني لا أريد الانزلاق في تفاهات العرب وبحثهم عن أي انتصار وهمي يشبع عقدة الهزيمة المتأصلة في الجماعات الفاشلة والمهزومة و التي لا تجيد غير التطبيل والتزمير وتريد ان تلعب دور البطولة لكي تبقى تحت الاضواء ولكني وجدت نفسي مرغما على الكتابة بعد ما رأيت كيف تهان رسالة الشعر ليصبح الشعر مادة لتسطيح العقل العربي بدلا من نشر الوعي و الفكر .. لهذا لن اسقط سيف قلمي أمام مرتزقة الشعر ، و سأبقى أصرخ وأقول لهؤلاء المرتزقة : الشعر رسالة إنسانية تسمو بالروح و الإنسان ، فالشعر دون شك معرفة انسانية تحمل معطيات الاحساس والرؤية وليس سلعة لدغدغة مشاعر البسطاء و تسويق الوهم لإغراض خاصة . فهذا ينافي رسالة الشعر الوجداني من سبر أغوار القلب الإنساني والتعرف على أدق خلجاته، وإمكاناته الطبيعية، ومستقبله ومصيره الاجتماعي وتأثراته الوراثية وأحلامه وطاقته وموقفه الميتافيزيقي في عصره وكل ما يعد مقوماً من مقومات حياته وسعادته في الأرض...

البعض من هؤلاء المرتزقة من إعلاميين و شعراء تم توظيفهم من قبل مجموعات و أحزاب عربية لتسويق كل نظريات المؤامرة التي غسلوا بها أدمغة الشعوب العربية عن طريق الإعلام الرسمي
و المناهج التعليمية والتي لا تنتج إلا بشرا مشلولين عقليا لأجل ابقاء الأنظمة القمعية وترسيخ مقاهيم الاستبداد والحكم الشمولي أما البعض الآخر أراد استغلال فرحة الناس وشماتتهم لكسب عطف الرأي العام العربي عسى أن يتوج شاعر القبيلة ، فعلا نحن لم نتغير منذ عصر الجاهلية و لهذا سنبقى غارقين فيه ما دام فينا أمثال هؤلاء ...

طبعا ، أنا لا أخفي سعادتي بما فعله الصحفي منتظر الزيدي ، و بوش العنصري يستحق أكثر من ذلك بسبب سياساته العدائية ليس فقط ضد العرب و المسلمين بل الإنسانية حتى ضد شعبه من خلال تلطيخ سمعة و وجه المواطن الأمريكي ..

ما قام به الصحفي منتظر الزيدي لا يعد أكثر من ردة فعل طبيعية ولا تحتاج كل هذا النعيق والزعيق و كأن منتظر الزيدي قد هزم أمريكا و حرر بيت المقدس و بغداد . طبعا أطالب بالإفراج عن الصحفي العراقي منتظر الزيدي وضمان سلامته ولكن انا ضد هذا التسطيح للعقل العربي ..

وأخيراً أقول للعرب لا حذاء صحفي ولا كل أحذية العالم قد تغير من الحقيقة وهي بان فلسطين ما زالت مغتصبة و العراق ما زال محتلا، وشعبه ما زال يرضخ تحت وطأة الاحتلال وهناك من يقتل شعب العراق تحت ذريعة المقاومة وقتل الخونة ولا نسمع صوت المطبلين يدين قتل أبناء الشعب العراقي، ولن يتم تحريرهما أبدا الا حين يتحرر العقل العربي وينتهي عصر القمع وقيام دول عربية تحترم حقوق الإنسان العربي وتتخلص من العقلية القبلية و تتخلص من فكر توصيف المواطن الذي لا ينشد مع أفراد العصابة بأنه كافر أو عميل أو خائن ونشر قيم العدل و التسامح ، و منير مزيد يقول لكم : من يريد اغتيال حقي في التعبير هو الكافر و العميل و الخائن و نحن هزيمتنا داخلية ولا نستطيع أن نربح حربا إلا بعدما نعزز قيم الحرية وحقوق الإنسان وغير ذلك سنربحها فقط بحذاء صحفي ..