عزيزي لسنامختلفين كثيرافي التصوروالفهم لماجرى ويجري.

نعم معك في تشكل الحضارات السابقة، لتكون بذوراومقدمات للحضارات الحاضرة. وقد أشرت إلى ذلك فيماسبق، لكنني أكدت، بإن تلك البقع الحضارية سواءافي اليمن أوحيرة العراق أوبصرى الشام، والتي نمت وإزدهرت بين التجمعات العربية، لم تكن وليدة فكرقومي، يحرك العرب للتوحد والتوجه نحوالإنسان ورقيه.(وهذا هوجوهركل الموضوع الأساس، لمن يعتبرالقومية والعروبة فكرايتحرك لينتج). لأن القومية أوالعروبة ليست فكرا، كمايحاول العروبيون طرحه.

نعم كلامك صحيح، الحياة ليست أخلاق فحسب. فهناك وهناك. لاخلاف على ذلك.

لكن نموالنباتات في الصحراء أيضاحياة. وتقاتل الوحوش من أجل البقاء في غابات أفريقياأيضا حياة. وهطول المطر حياة و...و... كلها حياة. ولنأخذ من كلامك عن هجوم القبائل الجرمانية جنوبا، لتفتت وتدمر، أيضا حياة. وكل حركة حياة.

لكن يالحبيب كل تحرك، مالم يؤطربإطارأخلاقي يستمد قوته من الغيب، وليس من الأفكارالوضعية الناقصة القاصرة، والتي لاتستطيع أن تتخلص من رواسب الأنانية وحب الذات. سيفشل في النهاية، في رفد الصالح العام وتغليبه على الخاص.

وهذا ملموس محسوس على صعيد الواقع. وقدعبرعنه الشاعرالعربي خيرتعبيرفقال:

وإنماالأمم الأخلاق مابقيت.........فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فهل تنكرالمعجزة التي حصلت لرجل أمي ولدفي قلب الصحراء، وقام بتبليغ رسالة؟؟؟ فتحدث تلك الحركة الحياتية التي أخذت بزمام العالم في ظرف ربع قرن من الزمان!!!

إن كانت الشعوب الشامية، قدإستجابت للدعوة الجديدة بالتأييد والمؤازرة، فذلك شئ يحسب لواقعية وإنسانية الحركة التي إستمدت قوتهاوحيويتها، من نفس المعين الذي إستقت منه ديانة الشعوب الشامية.

الإسلام جاء مصدقا لمابين يديه من رسالات إلهية مقدسة سبقته في النزول. فعندمايقول الرسول الكريم(ص):

إنمابعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

لاحظ العبارة جيدا، متمما وليس خالقا وموجدا لمكارم أخلاق سبقت رسالة الأسلام.

وهذاهوالسرفي بقاء الرسالة الإسلامية حية متحركة متصاعدة، وبدون توقف.

ليعترف بهامفكرواالحضارة الغربية، كمتفردة وندا أوحد للحضارة المادية المعاصرة.

الكلام عن تقاتل حول الماء والكلأ، كان عن البيئة التي نزلت بهاالرسالة الإسلامية، ووصف لحال قوم الرسول(ص) حينما بعث بالرسالة.

ولاأرى موجب للخلطأ بين زمن بدء نشوء الدعوة. وبين زمن إمتدادها وصعودهاللشمال الشامي.

تحياتي.