دَعوَتَان: دَعوَةٌ لِلحَيَاة ، ودَعوَةٌ لِلمَوْت
دَعوَةٌ لِلحَيَاة:
تَسْبِقُنِي دَمْعَة .. وتَتْبَعُنِي دَمْعَتَان
جِئتُكِ _والحُزنُ قلبي_ هَاربًا مِنْ حُزنِ قلبي .. وعلى شَفَتَيَّ سُؤَال:
أتُرَانِي أبحَثُ فِيكِ عَنِّي .. أَمْ أَبحَثُ فِيَّ عَنكِ .. أَمْ كِلانَا يَبحَثُ في الآخَرِ عَنْ النِسيَان؟.
يا سَيِّدَةَ الصَّمتِ المُعَطَّرِ بأَنفاسِ الكَلام:
مُنذُ بِدَاياتِ النَبضِ .. وأَنا أَفرُّ مِنْ قَلبٍ إلى قَلبٍ .. ومِنْ حُبٍّ إلى حُبٍّ .. بَحثًا عَنْ شَيءٍ مَا .. لَستُ أَدريه .. لكنِّي أَحتاجُ إليهِ .. كَمَا يَحتَاجُ العُصفُورُ لِجَنَاحِيهِ .. كَي يَعُودَ _مُحلِّقًا_ إلى عُشِّهِ في المَسَاء.
الأفقُ خَطوَتَان:
خَطوَةٌ تَقُودُنِي إليكِ .. وخَطوَةٌ تَأخُذُنِي بَعِيدًا عَنْكِ
وأَنا مُحتاجٌ لأَنْ أكونَ مَعَكِ .. لأَنْ تكوني مَعِي .. لأَنْ نَكُونَ مَعًا؛ كَيّمَا أَعُود إليَّ .. تَعُودِين إليكِ .. نَعُود إِلينَا .. مِنْ غُربَةِ البَحثِ عَنْ فَرَاشَاتِ فَرَحٍ .. وحَمَائِمِ سَلامٍ .. كُنَّا _ومَا زِلنا_ كَالمَجَانِينِ نُطَارِدُهَا بِشِبَاكِ الوَهْمِ في مُدُنِ الأحلامِ والخَيَال.
يَدَايَ وردَتانِ .. وعَيناكِ شَمعَتان
فَفِيمَ الانتِظَارُ .. يَا مِسكَ الخِتَام ؟
والعُمرُ لَحظَتَان:
لَحظَةٌ تَمْضِي .. ولَحظَةٌ قد لا تَأتِي
فَتَعَالي نُزيِّنُ صَدرَ السَمَاءِ .. وجِيْدَ المَسَاءِ .. بالعِطرِ والضِيَاء
تَعَالي نَفتَحُ في جِدَارِ المُحَالِ .. نَافِذَةً لِلحُبِّ .. ونَافِذَةً لِلوِصَال
أَحِبِّينِي الآنْ
بِكُلِّ مَا فِيكِ .. بِكُلِّ مَا لدَيكِ مِنْ حُبٍّ .. أَحِبِّينِي الآنْ
كُونِي صَديقَتِي .. كُونِي رَفيقَتِي .. كُونِي حَبِيبَتِي .. كُونِي مَا شِئتِ .. ولَكِنْ .. أَحِبِّينِي الآنْ
لا تَخنقِينِي بالسُؤَالِ عَمَّا كَانَ .. وعَمَّا سَيَكُون
لا تُغرِقِينِي في بَحرٍ مِنْ الخَوْفِ والظُّنُوْن
دَعِي الشِرَاعَ لِلرِيَاحِ .. واترُكِي لِلمَوجِ المِجدَاف
ولنْ يَخُونَكِ البَحرُ .. ولنْ تَخذِلَكِ الرِّيَاح.
..
دَعوَةٌ لِلمَوْت:
لَنْ أَبكِيكَ .. فَلا تَكتُبني
لا دُمُوعِي سَتُطَهِّرُكَ .. ولا حِبرُكَ سَيُذِيبُ حُزنِي.
يَا رَجُلاً يَحمِلُ في قَلبِهِ أُرجُوْحَةَ أَحلامٍ، ويُخَبِّىءُ في كَفِّهِ عُنقُوْدَ آمَالٍ .. لِكُلِّ وَاهِمَةٍ هَائِمَةٍ تَحلُمُ بِالطَيَرَانِ .. ويُغرِيهَا التَّحلِيقُ بِلا جَنَاحٍ فَوْقَ غُيُومِ الخَيَالِ .. بَحثًا عَنْ كَرمَةِ وَهْمٍ .. أو عَنْ عُنقُوْدِ سَرَابٍ:
أَجِئتَ بَعدَ مَشِيْبِ الزَّهْرِ .. وانحِنَاءِ الظِلِّ .. تَخطِب وِدِّي !
أَجِئتَ بَعدَ فِرَارِ المَوْجِ .. وارتِحَالِ البَحرِ .. تُشَرِّع حَظِّي !
مَاذَا أُعطِيكَ .. والمَوْتُ كَفِّي !
وكَيفَ ألقَاكَ .. والأَمسُ دَرّبِي !
عَينَايَ تَحتَ التُرَابِ .. وقَلبِي
وأَنَا شَجَرَةٌ بِلا أَغصَانٍ .. تَتبَعُ جُذُورَهَا نَحوَ الأَعمَاقِ .. بَحثًًا عَنهُمَا وعَنهُ
يَعبُرُ (الأَحيَاءُ الأَحيَاءُ) بَوَابَةَ المَوْتِ نَابِضِينَ بِالحَيَاة
ويَبقَى (الأحيَاءُ الأَمْوَاتُ) مِثلِي
مُكبَّلِينَ بِالمَوْتِ على قَارِعَةِ الحَيَاةِ .. بِلا حَيَاة
يَلتَفِتُ المَوْتُ نَحوِي
يَنزِعُ مَا فِي صَدرِي مِنْ صَبر
ثُمَّ .. يَترُكنِي ويَمْضِي .. زَاهِدَاً فِيمَا تَبَقَى لَدَيَّ مِنِّي
تَلتَفِتُ الحَيَاةُ نَحوِي
تَزَاوَرُ عَنِّي ذَاتَ اليَمِينِ .. وتَقْرِضنِي ذَاتَ الشِمَالِ
ثُمَّ .. تَستَقِيمُ وتَمضِي .. رَاغِبَةً عَنِّي إِلى غَيرِي
عُمْرِي صَفحَةٌ سَوْدَاءَ .. يُؤَطِّرُهَا الفَقْدُ مِنْ كُلِّ اتجَاه
وحَظِّي ظِلُّ قَلَمٍ يَتَخَبَّطُ فَوْقَ سُطُوْرِ الحَيَاةِ .. بَحثًا عَنْ مِعَانٍ جَدِيدَةٍ لِلحُزنِ .. لَمْ تَقُلهَا مِنْ قَبل دَمْعَةٌ .. ولا بَاحَتْ بِهَا لِلنُورِ نَظرَة
فَدَعنِي لِظُلمَةِ القَاعِ .. دَعنِي لِمَوتِي
أَعصِرُ حُزنَ قلبي .. وأُهَيِّىءُ لِلطَيرِ خُبزَ رَأسِي
دَعنِي .. فَمَا تَحتَ الثَّرَى .. أَعَزُّ وأَغلَى عَلَيَّ مِمَّا فَوْقَهُ .. ومِنكَ .. ومِنِّي.