ولست ملاكآ .. ولست شيطانآ ..

صديقتي العزيزة ..
أنا أفهمك .. ولا يمكنك أن تقولي غير ذلك .. وأنت تعلمين كم أنا صديق مخلص لك .. ولكنك لصداقتي تنكرين وأحيانا لها ترفضين .
وبمنطق .. الصداقة أتحدث إليك ومعك .. لأنني كنت يوما أعتز بك وافتخر .. كنت أشيد باجتهادك وبراءتك , كما كنت معجبا بجمالك وأنوثتك ..
وبالمعنى الصريح كنت أحبك صادقا .. لأنك كنت الشخصية المثالية لفتاة الأحلام .. وعندما رفضت دورك معي كفتاة أحلام .. أصبح لا يحق لي أن أعتز بك وافتخر لأن ذلك من حق غيري علي حسب ما أعتقد أو لأنك تغيرت إلى مواقف فيها السلبية واللامبالاة وعدم الحرص في الحياة ..
نسيت الاجتهاد , وأصبحت كسولة خاملة ترضي بالجلوس أميرة بدون إمارة .. وتلك الحالة أوقعتك في حالة من حالات انعدام الوزن .. فكيف تكوني أميرة وأنت لا تملكي إمارة تحكمينها .. تلك مشكلة .. أمر بها أحيانا عندما أشعر بأننى نجحت في عمل من الأعمال فاتخيل نفسي أن هذا العمل لن يتم بدوني , فتصيبني حالة الغرور .. والغرور كثيرا ما يؤدي إلى الفشل.. والفشل في حد ذاته نكسة .. ومرة واحدة يا صديقتي تغيرت الأحوال معك , من فتاة نقية وبرئية طاهرة إلى أنثى ناضجة .. وهذا التغيير السريع أدى بك إلى حالة من حالات التناقض الرهيب .. فأنا ملاك وأما شيطان .. فأنت ملاك مع الملائكة .. ولكنك شيطانة مع الشياطين .. ولم تعلمي أن الملائكة سيصدمون بك لو عرفوا أن لك صلة بالشياطين , وسوف يبتعدون عنك .. كما أن الشياطين سيضحكون معك وربما عليك إذا عرفوا أنك تعاشرين الملائكة وتخالطيهم .. وأنا أجد فيك فتاة الأحلام .. ولازلت كذلك .. لكني مصدوم بك .. لأنك مصدومة بنفسك .. مصدومة بتجاربك ومن هي في جمالك وثقافتك , لا يجب أن يصدمون بذاتهم .. إلا أنك صدمت بنفسك من خلال صدماتك بتجاربك .. ولكن التجارب في حياة كل منا , أستاذ يعلمنا , وليس جلادا يقسو علينا .. فإذا تركنا المجال لتجاربنا أن تكون جلادا علينا , سوف نحكم علي أنفسنا بالفشل وخيبة الأمل .. بينما المفروض فينا نحن الشباب المثقفون أن نفتح طريق الأمل , ونزرعه في نفوسنا .. وهذا ما أريده منك الآن .
أنك الآن تحتفلين بعيد ميلادك الثاني والعشرين .. وهو عمر ليس بالقليل وليس بالكثير .. مع أنني أعترف بأنك عشت في هذا العمر تجارب تصل إلى عدد سنوات عمرك في تخيلي .. وسوف أترك لخيالي العنان لكي يعترف علي الورق بهذه التجارب بدلا عنك .. وسوف أقسم عمرك هذا إلى مراحل متعددة .. أولها مرحلة الطفولة حتى الثانية عشرة ربيعا وهي التي شكلت فيك الملاك .. وعوملت فيها بدلال وتمييز عم غيرك من الأخوة والأخوات , كان الحب يملأ جوانحك من كل جانب وباب .. حتى الشبابيك الصغيرة في تلك الفترة من عمرك كان يدخلها الهواء النقي المملوء بالمحبة والصفاء والنقاء .. وتجاربك في هذه السن جعل منك ملاكا لا يفكر إلا في الحب والحق والخير والجمال .