منبر الدماء
شعر : مختار الكَمَالي
((إلى شهداء البوكمال .. ضحايا المروحيّات الأمريكيّة الجبانة))
إرحَلْ .. فَمِثلُكَ لا يَخافُ رَحيلا
وَ اترك لِمِثليَ مِنبَرَاً وَ هَديلا
إرحَلْ .. -وَ خُذْ مَعكَ الكَرامةَ- كُلَّها
وَ اترك دماءَكَ للكِرامِ دَليلا
إرحَلْ .. وَ لكن دَعْ مكانكَ نخلةً
لِتظلَّ -فينا- شامِخاً و جميلا
رافِق صغاركَ للجنان فإنَّهم
يتعجَّلونَ مقامكَ المأَمولا
و دَعِ الطُّغاةَ فخيرهم -قُدَّامنا-
سيظلُّ دوماً خانِعَاً و ذليلا
يا أيُّها البطلُ النبيلُ وَ لا أرى
عَبرَ المدى -إلّاكَ أنتَ- نَبيلا
قالت دماؤك لليتامى و الثكا
لى : ويحكم .. لا لا أريد عويلا !
أنا منبرٌ و الحقُّ فوقي خُطبةٌ
قالت لمن رامَ الرحيلَ عجولا
إضرب بنعلكَ وجهَ (بوشٍ) و اعتذر
للنَّعلِ إذْ ذَلَّلتَهُ تذليلا !
فَلَأنتَ أَشجعُ من جميعِ جُيوشِهم
و لأنتَ أقربُ من يغيبُ طويلا
و لأنت أشرفُ مِشعلٍ في دربنا
و لأنتَ أكبرُ من يشاءُ رحيلا
باللهِ -ربّكَ- يا شهيدُ وَ أنت مَن
قَلبَ الدِّماءَ بِطُهرهِ قِنديلا
عَرِّج على نَهرِ الفُراتِ و قُل لَهُ :
قِف و انتظرني يا فراتُ قَليلا
فلَعَلَّ قربيَ لحظةً من منبعي
يشفي من القلبِ العليلِ غليلا
***
أنا ما نظمتُ مَشاعراً جيّاشةً
لكن نَظمتُكَ هَادياً و رسولا
و الآنَ ترحلُ تاركاً إطراقتي
و تشتُّتي و تسلُّقي المجهولا
يا ليتني كنتُ القريبَ لِرحلِكُم
لأعودَ تحتَ نعالكُم تقبيلا
دمشق
30-10-2008