نوبل للروائي الفرنسي وكاتب ادب الاطفال”لوكليزيو“





الفقرة الأولى من صحيفة "نيويورك تايمز "، التي اوردت أخبارا طيبة من ستوكهولم بشان الحائز على جائزة نوبل للآداب لهذا العام ، قالت كل ما يمكن أن يقال :
"وفي خضم النقاش حول التحيز المزعوم ضد الكتاب الأميركيين ، فان الاكاديمية السويدية منحت الخميس الماضي جائزة نوبل للأدب لعام 2008 لجان ماري غوستاف لو كليزيو، الروائي الفرنسي.
وكاتب ادب الاطفال وكاتب المقالات الذي يعتبره بعض القراء الفرنسيين واحدا من أعظم كتاب البلاد العشرين الاحياء. "
وبالنسبة لبعض القراء الفرنسيين " فان لو كليزيو واحد من الكتاب القلائل جدا الذين لايكتبون باللغة الانكليزية والذين ترجمت اعمالهم في غضون بضع سنوات إلى الإنكليزية واللغات الأخرى.
وفي بعض البلدان كانت اعمال نجيب محفوظ تنتظر أكثر من عشرين عاما لتترجم. كل ذلك لايقول شيئا عن نوعية عمل الكاتب ، بل يقول الكثير عن مدى توافر المترجمين الجيدين و سياسات الناشرين.
ولكن أيا كان الأمر ، فإن الإعجاب والحب لاعمال لوكليزيو ليس فرنسيا محضا.
فهو قابل للمقارنة في جاذبيته الدولية مع "في اس نايبول" ،و "سلمان رشدي" ، و"نادين غورديمر" ، و"بيتر هوك" ،و "سونراله ابراهيم" ، و"غابرييل غارسيا ماركيز" ، و"جون لو كاري" والاموات امثال "ديستوفسكي و"توماس مان" و"المتنبي.
النقاش حول "التحيز ضد الكتاب ألاميركيين " مثير للاهتمام اذ يبدو حقا أن لجنة نوبل ، تماشيا مع زملاء منح الجائزة في الميادين الأخرى ، الآن يرون انها مهمة لايذاء مشاعر الاميركان.
ومن الواضح ان اللجنة في عام 2008 كانت تنوي ان تلاحظ "معاداتها لاميركا. ففي الأسبوع الماضي ، لوح السكرتير الدائم للاكاديمية هوراس انغدال بدقة بالعلم الاحمر حين اعلن ان الاعمال الاميركية تعد " ضيقة الافق "بالنسبة لوجهة نظر الحكــام حسنا ، ماذا عن ادب ، ثمة 179 دولة اخرى ؟ ان توجيه النقد الى الاعمال الادبية بوصفها "ضيقة الافق " ، يعني أنها اعمال تعكس الدراما المحلية وليست الدراما الاخرى التي يمكن ان تثير اهتمام الناس في جميع أنحاء العالم ، و افترض انه يمكن تطبيق العديد من الأعمال الأدبية في أكثر من مائة بلد فبعض البلدان قد لا تملك المواهب الادبية في الوقت الراهن مطلقا -- ولا حتى الضيقة الافق منها.
ا أجده مثيرا للاشمئزاز في هذا النقد للأدب الأميركي هو ان الكتاب الاميركيين الذين ليسوا " ضيقوا الافق يعاقبون لان بلدهم شن الحرب في العراق وأماكن أخرى.
وليست هذه هي مهمة منظمة نوبل ومن غير العادل السخرية من بلد أنتج المؤلفات على مدى عدة عقود وذلك باطلاق تسمية خاطئة عليه مثل "ضيق الأفق". ان مهمة لجنة نوبل هي مكافأة الكاتب شخصيا ، مهما كان غباء البيئة التي انحدر منها .
الاديب الايرلندي العملاق جيمس جويس جاء من بلد غادرها كي لا تخنقه او تسحقه الأوساط الأدبية فيها . ميلان كونديرا جاء من تشيك ، التي كانت دولة شيوعية بحزب واحد ، حين سلم إلى العالم روايته "خفة الكون التي لا تحتمل ".
وهناك الكثيرون في مختلف انحاء العالم يحبون اشعار والت ويتمان ، وهو أميركي زنجي ومثلي الجنس ، ومازالت قصائده خالدة بعد ان ترجمت الى اللغة العربية واللغات الأخرى -- وهو بالتاكيد ليس مثالا لمجرى ادب بلاده في زمانه .
ان الاميركيين ليسوا بحاجة الى السويديين ليقولوا لهم ان بلادهم في طريقها الى الخروج من التاريخ كقوة عظمى.
فالاميركيون انفسهم يقولون ذلك للاميركيين. والفرنسيون ليسوا هم البديل ، وان كان ديغول بالفعل يحاول ان يقول للعالم عكس ذلك. والفرنسيون انفسهم يقولون للفرنسين منذ عقود ان عليهم ان يتوقفوا في النهاية من الاعتقاد بأنهم ما زالوا قوة امبريالية.
لو كليزيو كاتب يحاول انقاذ الجوانب الجميلة والمفيدة للانسان التي لوثت او لم تلوث بالحضارة الامبريالية الأوروبية أو الأميركية / وهو واحد من البشر ، مثل أي واحد منا.
يجب ان لا يرفض جائزة نوبل لان هوراس انغدال واصدقاءه فعلوا ذلك ، ولكني آمل انه سينتقدهم في الحفل العام عندما يتلقى الأموال المخصصة لهذه الجائزة.