حقوق الملكية الفكرية بين القانون والنص .. والتطبيق ...قرصنة تطال حتى نتاج الفكر تحت مسمى ثقافة الاستباحة



شؤون ثقا فية
الاربعاء 16/8/2006م
مانيا معروف

تأتي الندوة التي اقيمت ضمن رحاب الكتاب العربي في مكتبة الاسد والتي تحمل عنواناً عريضاً اشكاليا عن كيفية حماية الملكية الفكرية وحقوقها بين القانون والتطبيق في مكانها المناسب..

يبن مؤلفين وعناوين كتب كثيرة تتفاوت مستوياتها ودور نشر هي الحاضن لهذه التظاهرة والتي ما ان تخرج من هذه الندوة وتستمع الى الكم الهائل من الاشكاليات المتعلقة بهذا الموضوع من طرق احتيال وتزوير في مجال النشر .. حتى يساورك الشك في كل عنوان تقرؤه اذا لم ابالغ ولكن ان يصل الاحتيال والسرقة الى المجالات الفكرية.. لهو امر خطير .. اذ لم يعد هناك شيء يملك الحصانة... حتى الافكا رقد تسلب منك فحاذر !!‏

كيف يكافح الاحتيال في مجال النشر بنوعيه الورقي والالكتروني?‏

كيف يتصدى المتخصصون في مجال حقوق الملكية الفكرية لحماية حقوق المؤلفين ??‏

هل تقوم الاتحادات المتخصصة بدورها .وما هو موقفها ??‏

تساؤلات وضعها المنتدون على طاولة الحوار.. ويبدؤها الدكتور جورج جبور .. حول بيتين من الشعر للمتنبي اراد بهما توضيح حقوق الملكية الفكرية لصاحبها في ابداعه واكد انهما يدخلان في نطاق حماية حقوق المؤلف يقول المتنبي: ازدني اذا انشد شعراً فإن لشعري اتاك المادحون مرددا‏

ودع كل صوت غير صوتي فإنني الطائر المحكي وغيري صدى‏

كما قال د.جبور: إن الدستور السوري اهتم بحماية الملكية الفكرية بالمادة 24 كريمة من دخل كتاب واحد يؤلفه لأن ثقافة المجتمع هناك تحترم حق المؤلف.. وتضن بهذا الحق ان يستباح .. اذ يرتقي حق المؤلف في الغرب الى مرتبة القداسة. ويتولى الضمير الاجتماعي حراسته فلا يكتفي الانسان الغربي برفض شراء المقلد والمنسوخ اذا عرض عليه او استخدامه اذا اهدي اليه وانما يستجد بأقرب مركز للشرطة لكي تقبض الشرطة على فاعل الجريمة..مكشوفة. .لأن الضمير الاجتماعي هناك يرى ان سرقة الافكار اخطر من سرقة المال والمتاع.. اذا الحق الفكري في الغرب محترم ومصان لأقصى درجة .. اما نحن من الناحية القانونية فقد اصدر القانون رقم 12 لعام 2001 وفي مادته 40 يعاقب من ثلاثة اشهر الى سنتين وبغرامة لا تقل عن مئة الف ليرة سورية كل من اعتدى على اي حق من حقوق المؤلف .. كل من نسب لنفسه مصنفاً ليس من تأليفه .. كل من تعرف او حاز او عرض للبيع او اذاع على الجمهور بأي وسيلة كانت او ادخل الى اراضي الجمهورية العربية السورية مصنفاً مخالفاً ا حكام الحماية المقررة بموجب هذا القانون.. للقصد الاستغلال التجاري.‏

اما المادة 43 فيحق للوزارة وليس للقضاء - مؤكداً- انها الجهة الادارية ان تطلب مصادرة جميع نسخ المصنف المعاد انتاجها خلافا لأحكام هذا القانون .. هذا على صعيد القانون..‏

اما كيف تطبق وماذا يطبق من هذه الاحكام اضاف.. أ-سالم : لدي الآن مثال على ذلك كتاب عنوانه ( لا تحزن ) من نشر مكتبة العبيكان - السعودية يخترق هذا الكتاب مجتمعنا العازف عن القراءة حاجز المليون نسخة..ويطبع منه الآن المليون الثاني..‏

وبما ان حقوق الملكية الفكرية موضوع فني بأساسه.. فهو يتطلب ثقافة خاصة من المفيد نشره وتنميته . وقد اخذت هذه الحقوق تكتسب وربما بشكل جاد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اهمية دولية .. وبما اننا امة عربية ننعم بثقافة واحدة فإننا نرى ان لجامعة الدول العر بية ومنظماتها المختصة دوراً كبيراً في اقامة تعاون حقيقي في مجال الملكية الفكرية.. لكن للأسف ليس لدينا منظمة عربية جدية تعنى بهذه الحقوق .. ما عدا اللجنة التي أسس لها اتحاد ناشري العرب .‏

لمعادلة الحقوق الفكرية ثلاثة أطراف : المؤلف الذي ابدع والناشر الذي وظف مالا.. والمستهلك الذي ينبغي ان يقدم له منتج بأدنى كلفة ممكنة.‏

واضاف د. جبور .. ان التوفيق بين هذه الاطراف الثلاثة ومصالحها طبعا متناقضة وهذا جوهر العمل في حقوق الملكية الفكرية. حيث للمؤلف المبدع حق ان تصان حقوقه المعنوية والمادية ليستمر في ابداعه .. وحق الناشر .. والقارئ المستهلك في ان يحصل على المعرفة بأدنى كلفة..‏

اما الاقتراحات التي اضافها د.جبور لمناقشتها.. فهي انشاء مجلة للملكية الفكرية..او صفحة اسبوعية في جرائدنا تهتم بحقوق الملكية.. بهذا نستطيع ان نوسع آفاق ثقافة الملكية. .ومدى خطورتها واهميتها ..‏

وختم د. جبور .. ان هناك يوميا العديد من الشكاوى بهذا الشأن واكثرها تتم معالجتها بأسلوب المجاملات الاجتماعية ... او المصادمات الاجتماعية ايضا بينما يجب ان تتم المعالجة في حالات كثيرة بالطرق القانونية.‏

الاستاذ عدنان سالم . بدأ حديثه قائلا: ان في النفس غصة ونحن نمر هذه الايام بعاصفة من التواطئ الممزوج بالظلم والعدوان والطغيان وقتل الابرياء وكلنا يعيش هذا الهم في هذه الايام الحالكة.. وقد اخترت عنوانا لموضوع ورقتي في مجال حقوق الملكية (حق المؤلف في موازين التحضر الغربي بين قانون الدولة وثقافة المجتمع) ونحن نعلم ان ا لمؤلف في الغرب يستطيع ان يعيش حياة ولكنه يطبع خارج الحق والشرعية. . لدار النشر المكلفة بطباعته والتي تمتلك حقوق نشره . وقس على ذلك الملايين من الكتب التي تطبع في طول العالم العربي وعرضه .. وهنا في سورية عندنا اكثر من عشر طبعات تتداول بأيدي الناس تخالف شروطها..‏

ومثال آخر لنفس دار النشر كتاب عنوانه أسعد امرأة في العالم هذا الكتاب لدي منه نسختان الاصلية والمزورة والطريف في ذلك ان الناشر وحتى دار الطباعة في بيروت وضع شارة من اجل ضبط اعمال السرقة ولكن السارق لم يبال بهذه العلامة ومضى في نشره -وسرقته- .‏

هناك ايضا شكل آخر من العدوان على حقوق الملكية الفكرية-انه حتى الناشر الذي يريد ان يتقيد بحقوق الملكية الفكرية.. لا يسلم من سرقة نتاجه الفكري ولا يستطيع رغم كل احتياطاته وامتيازاته.. واتى على مثال الكاتب الامريكي (نعومي تشومسكي) الذي تعرضت مؤلفاته لمثل هذه الاعتداءات .‏

حتى المحاضرات التي تلقى قد تتعرض لمثل هذه السرقة من خلال تسجيلها وبيعها على Cd يباع بسعر زهيد او كثير وهنا لا يحترم حق مؤلف ايضاً..‏

من هنا نرى الواقع التطبيقي لحقوق الملكية الفكرية في وطننا العربي عامة وسورية خاصة..‏

اما عن نسبة التداول للكتاب الورقي فيضيف أ. سالم انها اكثر من 65% ,و أكثر من 90% من الاقراص والبرامج المتداولة في الوطن العربي يعود ريعها الى جيوب القراصنة ضمن ثقافة اجتماعية سائدة تستبيح حق المؤلف وتعتبره ملكاً مشاعاً كالماء والهواء .. وختم أ . سالم انه رغم الباع الطويل له في هذا المجال ان يخرج بورقته عن الهموم التي نعيشها الآن والعنوان الذي ضغط عليه هو بين سرقة الافكار وسرقة الا مصار ونحن الآن نسرق امصارنا وبلداننا وانسانيتنا يقتل اطفالنا ونساءنا. نبحث الآن في حقوق المؤلف .. وحقوق المؤلف على جلالتها واهميتها - اقول وأؤكد لا يتجزأ ولكن ما اراه الآن هو سطو على حقوق الانسان في العيش والحياة..‏

وكنت بين الصورتين - صورة حق الملكية الفكرية الغرب وصورة استباحة الحق الفكري في وطننا العربي. . ارى في احترام الحق الفكري سمة من سمات التحضر وفي مدى صونه واستباحته كنت احدد معياراً يحدد مستوى الامة الحضاري ومدى تقدمها او تخلفها في معارج الحضارة..‏

غير اني ارى من واجبي الاعتراف ان ما نعانيه من همجية العدوان الغاشم على الامة العربية والانسانية بأسرها من خلال لبنان وفلسطين قد هزت قناعتي وقلبت موازين التحضر عندي رأسا على عقب , فكيف يمكن لانسان في اعلى ذرى التحضر في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية ويكون في الوقت ذاته في اعمق حضيض التخلف فيما بقي من الحقوق الانسانية لقد أثبتت هذا العدوان الهمجي ان الحضارة سلة من القيم وحقوق الانسان .. قد تتفاوت فيما بينهما بمدى الانسجام والتطبيق مثلما تتفاوت علامات الطالب في الامتحان .. يدعم تفوق الطالب في بعضها ضعفه في بعضها الآخر لكنه يعجز عن حمايته من السقوط اذ تدنى في بعضها لدرجة الصفر.. ما عسى تفوق الغرب في العلوم والتكنولوجيا والفضاء ان تغنيها في ميزان التحضر والارتقاء مهما الحت على حفظ حقوقها الفكرية في الابتكار والاختراع حين يتردى سجلها الاخلاقي في حقوق الانسان.. من قيمه العليا ليسجل أعلى الارقام ولكن على الطرف المقابل تحت الصفر.. تسجله باللون الاحمر للدلالة على قيمته السالبة.. ان الحضارة الغربية التي تقودها اميركا الآن الى الهاوية.. لا فرق لديها بين قيمة سالبة او موجبة.. لأنها مولعة بالارقام القياسية .. باللون الازرق او الاحمر لا فرق فهي مصابة بداء عمى الالوان الخلقي الذي ابتليت به منذ الولادة ثم تحدث الاستاذ ربيع خشانة من الناحية القانونية حول حماية الملكية الفكرية وما تحتاجه من جهد متواصل ودؤوب لأنه وكما يبدو وهناك ثقافة استباحة في المجتمع السوري وهذا يحتاج لسنوات لكبح جماح عمليات القرصنة..‏