الدكتور حعفر الدندشي شاعر ومؤرخ, في اغترابه القسري تتوفي شقيقته هيام عنده في فرنسا , والبقية في مرثيته هذه
اسامه ا لدندشي



هيام
مِنْ بعض آلامنا تَستَنجدُ العِبَر
هل يَنفعُ الدمعُ عندَ الموتِ يا فِكَرُ
لا تجرحي أدمُعي يا عين إن هطَلَتْ
مازالَ في عمقها قلبٌ سيعتذرُ
ويمرحُ اليأس في الأعماقِ منفعلاً
ويسأل الوجدُ عن نفسٍ ستصطبرُ
وبين ذاكَ وهذا راح يعتبرُ
كلٌّ بدار فناءِ العمر ينتظرُ
تعجّلَ الموتُ يا أُختاه في شغفٍ
فلو تأنّى على أيامكِ العُمُرُ
فكَم أحنُّ إلى نجوى تحاصرني
برقّةِ العطفِ والتحنانُ ينفطرُ
أيا أُخيّةُ مُن يرثي لحالتنا
ومن يَضيعُ ضياعاً... دربنا وُعِرُ
وكلُّ لونٍ تراه العين مكتحلاً
ووجه كلِّ ضياءٍ ناصعٍ قَذرُ
زِنّا بهِ العمرَ،قال الموت: ينقصكمْ
بعضَ العذابِ فذوقوا الحزنَ واعتبروا
أنا الوسيط الذي يبكي بوحشتهِ
ويزرع الوجدُ حولي ما سينتشرُ
لسوف أبكي مدى الأيام ما برحتْ
نفسي على الأرضِ حتى يدمع الحجرُ
فإنّني الآنَ مشتاقٌ و يلذَعُني
جمرٌ بروحي، يميناً، شوقها عَطِرُ
أعيش والحزن حولي لا يفارقني
فلو تأنّى عليَّ الحزن يا بشرُ
لقد تمادى على عمري بقامته
أ أستحقُ تمادي الحزن يستعرُ؟
وضعتَ يا حزنُ أحمالاً على كَتِفي
وفي فؤادي وروحي، كيف أصطبرُ؟
تهبُّ في الشوق يا أُختاه عاصفةٌ
فتمطر الحزن والأحزانُ تبتكرُ
فما حباها أراها اليوم تنقُلُني
إلى مَصَبِّ ببعضِ اللومِ يندحرُ
تقول لي خلسةً: هلاَّ تسامحني
كفّي (هيام)إليك العذر يعتذرُ
أنا الرقيق بدمع كم يحاسبني
إذا الفراق تولّى الأمرَ ينتصرُ
كفى(هيام) كفى يا أُختُ قد شمتتْ
بنا الليالي ودمع الحزن يقتدرُ
دعي الليالي مع الأيام تجرحني
لتستردَّ شذا الذكرى وتعتصرُ

أتذكرينَ الرُبى من حول تلكلخٍ
باروحةٌ سألتْ:هل ياترى كَبِروا
فما أُجيب...بأنّ الموتَ فرّقنا؟
بعد الوداد على التحنان نقتصِرُ
وبين بعض مروجٍ حولَ قريتنا
كلُّ الزهورِ بها تبكيكِ يا قمرُ
أتذكرين تلالاً حول منزلنا
ومغربَ الشمسِ فيها حيث تُعتَصرُ
ويشهدُ النجمُ عن ودٍّ يباركنا
فوقُ المصاطب كان الفجرُ ينتظرُ
وكنتِ لي تارةً في الدارِ مَدرسةً
وكنتُ أُضحوكةً في الدار تُعتبرُ
وكم دعوتِ بناتَ الحي في خَلَسٍٍ
ينظرن عينايا في ألوانها الخطَرُ
وإن فشيتُ بلا قصدٍ لخير فتىً
عن بعضِ أسرارنا، والذنب يُغتَُفرُ
لصالحٍ، بعلكِ المرحوم نذكره
ترحّماً في حنايا القلبِ يَعتَمرُ
فشيتُ أسرارنا يا أخت عن عبثٍ
وقلتُ عن والدي أو عنكِ ما خبروا
وكان يسألُ عن همّام مقتبساً
بعضَ المعاني ويوحي عنكِ يا قمرُ

فكان خير قريبٍ في عشيرتنا
وأضمر الموتُ أن يأتيه يختبرُ
وكنتِ في غربةٍ من بعد غربتنا
وراحتِ الوردةُ الزهراءُ تعتصرُ
من المصاعب أثقالاً تواجهها
بكلِّ حزمٍ إباءٌ يُطرَبُ القدرُ
أرى بناصرَ برهاناً لنا أبداً
كأنّه مشعلٌ للجيل يُعتبرُ
وتلك نسرين برّاً سوف تدّخرُ
بُنيّةٌ كم يعاني قلبها العَطِرُ
وكم تلوّع نيروزٌ وحكمتهُ
يلملم الصبر بالقرآن يعتبرُ
قضيتِ بالصبرٍ حقَّ العمر شامخة
على المصاعبِ بالإيمان ننتصرُ
وكان فتحاً مُبيناً لا تشوههًُ
سوى بريق عيونٍ حسّدٍ نفروا
تعجّل الموت يا أختاهُ يُنذرنا
بما وعِدنا جميعاً يُدهَشُ البصر
فإنّ تقلّب عمر الناس قاطبةً
مع المآسي وفي الأفراح نُبتَكرُ
سيصفع الموتُ فينا غير مُكترثٍ
بما نعاني، حياةٌ زانها القدرُ
26-30/5/2008أخوك الأوسط