السلام عليكم


--------------------------------------------------------------------------------

الأخفش



الأخفش: لقب جماعة من العلماء، ذكر السيوطي أحد عشر منهم - والخفش صغر العين وضعف البصر خلقةً - وأشهر الأخافش ثلاثة من النحاة واللغويين هم:

الأخفش الأكبر:

(ت 177هـ/793م)

أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، ولد بهَجَر بالبحرين، وكان مولى قيس بن ثعلبة، سكن البصرة ودرس على أبي عمرو بن العلاء كما لقي الأعراب وأخذ منهم.

يظن أنه أول من فسر الشعر تحت كل بيت، وكان الناس قبله إذا فرغوا من القصيدة فسروها، وله ألفاظ لغوية انفرد بنقلها عن العرب.

أخذ عنه جماعة من العلماء، منهم: عيسى ابن عمر وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو زيد الأنصاري، والأصمعي، كما أخذ عنه سيبويه فكان ذلك من أسباب شهرته.



الأخفش الأوسط

(ت نحو 215هـ/830م)

أبو الحسن سعيد بن مَسْعَدة البصري، أصله من بلخ، كان مولى لبني مجاشع بن دارم من تميم، أقام في البصرة، وكانت تزخر في تلك الحقبة بالعلماء والأعلام من النحويين واللغويين، فأخذ عن طائفة من علمائها منهم سيبويه [ر] وهو أعلم من أخذ عنهم، وحمّاد بن الزبرقان، وأبو مالك النُميري، كما صحب الخليل بن أحمد واطلع على مؤلفات أبي عبيدة مَعْمَر بن المثنى والحسن البصري والأعمش وغيرهم.

عدّ أحد أئمة النحاة البصريين، ولقي من لقيه سيبويه من العلماء لأنه كان أسنّ منه، وقد أصبح الأخفش الطريق إلى كتاب سيبويه بعد وفاته، وكان قد خالفه في كثير من آرائه في حياته، ولكنه بعد رحيل سيبويه إلى الأهواز إثر المناظرة التي جرت بينه وبين الكسائي [ر] توجه الأخفش إلى بغداد وانتصر لشيخه فسأل الأخفش الكسائي عن مئة مسألة نحوية فأجابه الكسائي إجابات خطَّأه فيها الأخفش، فاعترف له الكسائي بعدها بالفضل وأحب أن يتأدب على يديه، وقرأ على الأخفش كتاب سيبويه سراً فأعطاه الكسائي سبعين ديناراً.

كان الأخفش قدرياً من دون غلو، وكان من علماء الكلام المبرزين في الجدل، وقد عدَّه العلماء ثقة صادقاً فيما يرويه، ولم يكن يقول ما لا يعلم، ولا يأنف أن يقول: لا أدري، واتصف بالتواضع مع شيوخه.

صنف كتبا كثيرة في اللغة والنحو والعروض والقوافي منها: «معاني القرآن» و«الأوسط في النحو» وقد رجع في مسائله إلى مذهب سيبويه. و«المقاييس في النحو» و«كتاب المسائل الكبير» وكان تأليفه جواباً عن مسائل سأله عنها هشام الضرير النحوي. وقد اعتمد على هذا الكتاب بعض الكوفيين. وله كتاب «وقف التمام» وكتاب «الأصوات» وكتاب «صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها» وكتاب «القوافي» وكتاب «الاشتقاق» وكتاب «العروض» وكانت له مشاركة في علم العروض،وهو الذي أضاف البحر المتدارك إلى الخمسة عشر بحراً التي أحصاها الخليل.

أما أبرز كتبه فهو كتاب «معاني القرآن» وفيه يفسر الأخفش معاني كلام الله لغوياً، وقد سبقه إلى تفسير القرآن لغوياً معمر بن المثنى وقطرب. تناول الأخفش السور القرآنية كما وردت مرتبة في المصحف، واستعان بالآيات القرآنية في تفسير آيات أخرى، كما تناول القراءات المختلفة وأقام حولها الدراسات الصرفية أو النحوية أو الدلالية أو الصوتية، وبين أثر اختلاف القراءات في المعنى، مفضلاً منها ما كان أجود في العربية.

وتقوم دراسة الأخفش على السماع، وقد عرف لهذا «بالأخفش الراوية»، وقد اتبع فيه منهج المدرسة البصرية، وفي الكتاب اهتمام ظاهر بالشعر الذي يستشهد به على صحة ما يذهب إليه، وقد وضع تفسير غريب كل بيت شعر تحته. واستفاد من أقوال العرب في القياسات اللغوية والدراسات الصوتية، وذهب في تفسيره معاني القرآن مذهب المعتزلة، وابتعد عن الاستشهاد بالأحاديث النبوية لجواز نقلها بمعانيها، كما ابتعد عن الاستعانة بالأخبار والقصص والإسرائيليات في عمله التفسيري.

ويبدو في كتابه واضح المنهج والعبارة، منطقياً في التنسيق، متمكناً مما يعرضه من علوم قادراً على نقل العلم وتقريب علوم العربية إلى أذهان تلاميذه، بحيث يمكن أن يعد كتاب «معاني القرآن» كتاباً تعليمياً واضحاً في بسط القضايا اللغوية في القرآن الكريم.

أخذ عن الأخفش عدد كبير من الرجال الذين تمتعوا بشهرة واسعة في ميادين اللغة والنحو، من هؤلاء: أبو عثمان بكر بن محمد المازني البصري وأبو عمر صالح بن إسحق الجرمي وسهل بن محمد السجستاني والعباس بن فرج الرياشي وآخرون، وأفاد منه عدد من شيوخ مدرسة الكوفة يمكن أن يعد الكسائي على رأسهم.

استفاد كثير من العلماء من كتبه، كالثعالبي الذي استفاد من كتابه «غريب القرآن» كما أخذ عبد القادر البغدادي من كتابه «أبيات المعاني» وعدت الأشعار التي أوردها من الشواهد التي يستشهد بها.

طعن فيه معاصره الجاحظ واتهمه بالجشع والبخل، كما وصف كتبه بالاستغلاق والصعوبة.


الأخفش الأصغر:

(ت 315هـ/927م)

أبو الحسن (أبو المحاسن) علي بن سليمان ابن الفضل، ولد في بغداد، ثم أقام بمصر ما بين (287-305هـ/900-918م) ثم رجع ماراً بحلب في طريق عودته إلى بغداد.

درس على المبرد وروى كتابه الكامل، كما أخذ العلم عن ثعلب وغيره من علماء البصرة والكوفة، وشرح نوادر أبي زيد الأنصاري، وكان في النحو يمثل المدرسة البغدادية التي جمعت ما بين مدرستي البصرة والكوفة. وروى عنه أبو عبيد الله المرزباني والمعافى بن زكريا الجريري.

كان ثقة، إماماً في اللغة والأدب، ذكر المؤرخون له مصنفات منها: كتاب «الأنواء» وكتاب «التثنية والجمع» و«شرح كتاب سيبويه» وكتاب «المهذب» وكتاب «الاختيارين» جمع فيه مفضليات الضبي والأصمعيات، وعلق عليها شرحاً يفسر بعض الغريب ويوضح بعض المعاني البعيدة. أولع بمداعبة ابن الرومي الذي هجاه هجاء قبيحاً ثم مدحه بعد ذلك. مات فجأة في بغداد عن عمر يناهز الثمانين.
__________________