يقول الله - تبارك وتعالى -: [وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ(20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ(21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ(22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ(24) أَلَّا يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(25) اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ(26) ]. {النمل
خرج الهدهد وهو طير من طيور الله يسبح بحمد ربه في الهواء فرأى شيء غريب مخالف لعقيدته, رأى أقوام يعبدون الشمس بدلا من خالقهم ومولاه, فتحركت الغيرة على العقيدة في قلب الطير وأبى أن يسجد أحد لغير الله لأنه علم أن الشرك شؤم ووبال، وهي حقيقة يجب أن يعرفها الجميع. كيف يسجدون لغير الله؟ وكيف تخضع رؤوسهم وتنحني رقابهم أمام المخلوقين؟؟ كان المفروض أن يرتفع الرأس و يشرئب العنق, وتنتصب القامة أمام المخلوقات لأن المخلوقين سواسية أمام الله في العبودية، وإن كانوا يتفاوتون في المقامات...فالجبهة لا تذل إلا لله، والظهر لا ينحني إلا لواهب الحياة، وهي كرامة أعطاها الله للإنسان الكريم.فالعبودية بالنسبة للإنسان مقام عالي، لا يختارها إلا العارفون، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خـيّـره الله بين أن يكون ملكاً رسولاً أو عبداً رسولاً فاختار جناب العبودية على مقام الملك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عرف الحقيقة، وكيف لا يعرفها وهو معلم الحكمة؟! حقيقة إن الهدهد كان مؤمناً، بمعنى أنه لا يعرف إلا الله وحده [وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم].
وحقيقة أن الهدهد هذا عالم ومدرك لخفايا بعض الأمور التي لا يعلمها إلا أهل العلم..
ما مر الهدهد على القوم المشركين مرور اللاهين ولا تأول موقفهم ولا قال: إنهم جاهلون لكنه انتفض وجاء لنبي الله - عليه السلام - بالخبر اليقين..
قد يقول قائل: إن الهدهد هذا أُعـدّ إعداداً خاصاً، وإنه كان من جنود سليمان المكلفين بالحراسة، وإنه في منزلة العقلاء العارفين.. وقد يكون هذا الأمر حقاً، لكن المهم في الأمر تلك الغضبة والانتفاضة من طير، بينما نجد بعض الناس وهم أبناء الإسلام، ومع هذا يمرون على مشاهد قريبة من هذا النوع فلا يغضبون ولا ينكرون، بل قد يبررون موقف المخطئين الضالين عن طريق التوحيد. آه ثم آه لو مر هذا الهدهد هذا على بعض ديار المسلمين اليوم ورأى ذلك الإقبال وذلك الاندفاع إلى التساهل والتهاون في عبادة الله، آه ثم آه لو سمع تلك الصيحات والعبارات والاهتمام المبالغ فيه من بعض المسلمين تتوجه لغير الله. آه ثم آه لو رأى المسلمين يبكون ويحزنون لغير الله. آه ثم آه لو رأى قلوب المسلمين وما بها من حب الدنيا ومال وجاه وسلطان وغرور وأمراض القلوب. حقيقة مؤسفةٌ مُـرةٌ،
فمتــــــــى ينتبه لها المســـلمون..... ودعاة الإسلام؟؟
متى نعود و نرتقي بعبادتنا إلى الله؟؟ متى نخلص ونتقن في عملنا؟؟
متى يحب المسلم أخيه المسلم في الله؟؟
متى نؤثر بعضنا على بعض؟؟ متى نتقي الله حق تقاته؟؟؟
ولنا مع الهدهد عبرة خـرج وهو يسبح الهواء رأى شيء مخالف وهو يطير في السماء أقوام يعبدون الشمس ولم يسمعوا لله نـــداء فــــلم يكتف بالإنكار والصمت بل عرض نفسـه للإيذاء ولم يقل أني هدهد صغير...ضعيف ...و مالي بالأقوياء بل جمـع قوته وهمته ووضح الأمر لسليمان - عليه السلام - أمير الأمراء وســار الهــــــدهـد ينشــــــر الدعــــــوة ببراعة وحســــــــن أداء،،
منقول