انتِحَار ..
,,,

ضَاقَتْ عَلَيهِ الدُّنَى - قَهْرًا - يَفُجِّرُهُ=وَ أَطْبَقَتْ فَوقَهُ الأرْزَاءُ تَعْصِرُهُ
مُذَبْذَبٌ , مُعْدَمُ الآمَالِ أَوَّلُهُ=وَ خَائِرٌ بِانْقِضَاضِ البُؤسِ آخِرُهُ
تَقَاذَفَتْهُ - عَلَى أَمْوَاجِ فِتْنَتِها -=وَ جَرْجَرَتْهُ إِلَى القِيعَانِ أَبْحُرُهُ
وَ أَنشَبَ اليَأسُ أَنيَابًا بِمُهْجَتِهِ=وَ نَاءَ كَلْكَلُهُ بِالهَمِّ يَكْسِرُهُ
مُحَطَّمُ العَزْمِ , تَعْدُو فِيهِ أَخْيِلَةٌ=عَدْوَ الخُيُولِ عَلَى نَقْعٍ تُثَوِّرُهُ
وَ هَانَ فِي عَينِهِ أَنَّ البَلَاءَ عَلَى=مَا انْحَلَّ مِنْ عُقَدِ الإيمَانِ يُجْبِرُهُ
( تُرَى ) - تَسَاءَلَ - ( مَا نَفْعُ الحَيَاةِ ؟ وَ قَدْ=- إِلَى سَوَادٍ - مَضَى بِالجَدْبِ أَخْضَرُهُ ؟ )
هَمَى القُنُوطُ عَلَى أَفْكَارِهِ , وَ رَبَتْ=فِيهَا التَّخَارِيفُ لَمَّا اهْتَزَّ خِنْجَرُهُ
وَ مِنْ وَرِيدٍ , مَشَتْ سِكِّينُهُ - هَذَرًا -=إِلَى وَرِيدٍ , بِحَدٍّ ثَارَ يَنْحَرُهُ
يَا قَاتِلَ النَّفْسِ , مَا الذَّنْبُ الذِي اجْتَرَحَتْ ؟=وَ أَيُّ رِجْسٍ بِهَا - جَهْلًا - تُطَهِّرُهُ ؟
وَ مَا خَطِيئَةُ جِسْمٍ أَنتَ سَاكِنُهُ ؟=بِأَيِّ حَقٍّ بِحَدِّ السَّيفِ تَشْطُرُهُ ؟
مَا الأمَرُ إِلَّا لِرَبِّ البَيتِ مُنْفَرِدًا=وَ لَا مَصِيرَ سِوَى مَا اللهُ يَقْدُرُهُ
وَ لَسْتَ فِي هَذِهِ الدُّنيَا سِوَى رَجُلٍ=أَصَابَهُ مِنْ هَوَى الشَّيطَانِ أَخْطَرُهُ
فَاسْتَبْدَلَ الخَيرَ شَرًّا , فِي ضَلَالَتِهِ=فَنَابَهُ - غَفْلَةً - مَا كَانَ يَحْذَرُهُ
وَ مَا جَزَاءُ الذِي بِالإنتِحَارِ هَوَى=إِلَّا حَرِيقَ اللَّظَى , نَارٌ تُسَعِّرُهُ
وَ ذَاتَ حَدٍّ بِهَا - يَومَ الحِسَابِ - كَمَا=- قَبْلًا - حَزَزْتَ بِهَا جِيدًا سَتَعْقِرُهُ
( لَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ) أَمْرٌ اللهِ , نَزَّلَهُ=وَ سُنَّةُ المُصْطَفَى - هَدْيًا - تُفَسِّرُهُ
وَ ذَاكَ حُكْمٌ مِن التَّشْرِيعِ جَوهَرُهُ=أَنَّ الحَيَاةَ مَصِيرٌ لَا نُغَيِّرُهُ
فَأَنتَ مُلْكُ إِلَهٍ , وَ الوُجُودُ لَهُ=وَ قَتْلُكَ النَّفْسِ أَمْرٌ لَيسَ يَغْفِرُهُ
وَ الرُّوحُ أَمْرٌ , بِهَا يَخْتَصُّ خَالِقُها=مَنْ رَامَ نُصْرَتَهُ , لَابُدَّ يَنْصُرُهُ
لَا تَفْقِدِ الأمَلَ , الإنسَانُ مَا عَصَفَتْ=بِهِ المَقَادِيرُ إِنَّ اللهَ يَجْبُرُهُ