أغنيات / نصوص سردية قصيرة / للروائي محمد جبريل
-----------------------------------------------------
أغنيات
قصص قصيرة
(الطبعة الأولى)
محمد جبريل
***
الإهداء
إلى محمد زكريا عنانى
***
" ليست الموسيقا ـ فى الواقع ـ إلاّ منصة وثب نطلق من عليها العنان لأهوائنا العاطفية الخاصة ، لتحريك ذكرياتنا العاطفية ، أو سلسلة من التداعيات ، تعمل الموسيقا باعتبارها مجرد خلفية ، وليس باعتبارها شيئاً نصغي إليه " .
جون هوسبرز
***
* أغنية للمهد *
.....................
كان جدى يروى لنا الحواديت . لا أذكر أن أبى روى لنا حدوتة ، أو حكاية . إنما هى ملاحظات سريعة عن مشاهداته فى العمل ، أو فى الطريق . ننصت إليه ونحن جلوس حول مائدة الطعام . لم تكن أمى تتحدث إلينا بغير الشخط والنطر ، فلا حكايات ، ولا حواديت ، ولا ترنم بأغنيات . الزاد الذى كنا نلجأ إليه ـ فضلاً عن حواديت جدى ـ هو حكايات بابا صادق ، ثم بابا شارو ، فى برامج الأطفال بالإذاعة ..
المرة الوحيدة التى غنت فيها أمى لنا أذكرها جيداً . لامست الإسكندرية تأثيرات الحرب العالمية الثانية . وكنا نعانى الخوف من أصوات المدافع المضادة للطائرات . استعدت أمى وأختى للهبوط ـ ذات ليلة ـ إلى المخبأ القريب . أصر أبى ـ كالعادة ـ على أن نظل ـ أخى وأنا ـ فى الشقة ، فالرجال لا يلجأون إلى المخبأ . علا صوت المدافع ، فأجهشنا بالبكاء . تراجعت أمى عن النزول ، واندست فى الفراش بيننا . همس صوتها ، ثم علا ، بالأغنية :
خد البزة واسكت .:. خد البزة ونام
أمــك السيـدة .:. وأبوك الإمام
وأبوك سعد باشا .:. طالع للأمام
ونمنا .