معين حاطوم
الميثادية الديناميكية وفلسفة المسارات
رسالة فلسفية تسعى الى تنظير فلسفي جديد شامل في عشرين مدخلاً وعشرين مخرجاُ !!
تنشر توالياً
ميتافيزيقا السبب
المدخل الأول
عن الكل الذي تجزأ
كي أتجاوز صلابة البداهة, ومخاطر الفرضيات الفكرية, وكي لا أكبو في مهاوي الإستدلالات الخاطئة, فسأستهل طرحي الفلسفي هذا بأكثر الظواهر مباشرة قبالة يقيننا الفكري والحواسي.
التصور الأولى:
أولى المظاهر التي يتصدى لها العقل البشري للكون,هي كون الكون حضوراً واقعاً ومباشراً بعلائقه المتباينة مع الحواس والإدراك, وهو بفعل مباشرته الطبيعي, وبفعل تبدّيه الواضح, غني عن الإستنتاج المنطقي والإثبات العلمي.
فالكون, إذن, ظاهرة واقعة موضوعية من حيث حضوره ومثوله ويُُسر صلته الأولى مع الأنا المتأمل, وإن عكس ذلك لهو وضع غير قائم, لا في الإمكان ولا الفعل.
تعليل:
لأن ما يتبدى ويتواصل مع الحواس والعقل الناظر يجب أن يكون شيئاً كي يتبدى ويتواصل, ولأن الشيء كي يتبدى ويتواصل يجب أن يكون موجوداًً, إذن كل ما يتبدى ويتواصل هو موجود بالضرورة.... من حيث أن اللاوجود لا يتبدى ولا يتواصل من باب الإستحالة.
حقيقة:
عرض 1- ومن هذا المنطق القائم أمام وعينا, عن يقينية التواصل بين العقل الناظر وبين الوجود, نستنتج بأن الوجود ليس من إختراع العقل الناظر.. وإنما الوجود هو عينة واقعة تقف قبالة العقل بكل مظاهرها دون وحين يلتقط هذا العقل كل ما تبثه من صفات وجودها.
عرض 2: كون التواصل بين الوجود والعقل قائماًَ دون وسيط لا ينفي وجود المادة "1" كوجود –ما- خارجاً, ولا ينفي وجود التعقل كفعل العقل والإدراك... وكون المادة لا تنتقل بذاتها إلى العقل, وكون العقل يلتقط أعراضها ومظاهرها وصفاتها, شكلها وإمتدادها, حركتها وسكونها لا ينفي إستيعاب وجودها والنفاذ إلى حقيقتها حتى وإن أخطأ في فهمها وتعليلها, وهذا لا يعني البتة أنها مجرد مادة تحل عليها فقط القوانين الميكانيكية التي تؤثر على حواسنا فيؤدي التماس الميكانيكي مع الحواس والمخ إلى نشوء الأفكار.
فرض-أ- : لأن التواصل بين العالمين يستحيل أن يتم دون إمكانية حدوثه... فلا بد أن ما يسبب حدوثه خارج عن وجود الطرفين.... أو أنه سبب يوحد بينهما.
فرض-ب-: أن ما هو خارج,هو جزء مستقل داخل حدود إستقلاليته كجزء من الوجود فقط, والعقل الناظر هو أيضاً جزء مستقل داخل حدود إستقلاليته فقط.
تعليل إستنتاجي: إمكانية حدوث التواصل المباشر بين العقل الناظر وبين الوجود أو الموجود الخارج عنه بواسطة وسيط موجود.... وكي يتم العبور من الموجود إلى العقل الناظر, يجب أن يمر داخل مسار موجود, أي داخل حيز... ولكن ما يمر داخل مسار الوجود ليس الموجود بذاته.... وإنما إشارات تتحقق بالصفات كالصورة والطعم والحجم والصلابة والليونة والحركة والسكون وغيرها من الصفات. فإن كان الأمر كذلك, فهذا يعني أن كل موجود يبث معلومات عن وجوده داخل مسارات كونية, ويستطيع أن يلتقط كل بث كوني بقدر ما تسمح له جزئيته.... وهذا يعني, إن ما يستقبله الناظر من الموجود الخارج عنه هو يقيني من حيث كونه بث كوني مستقْبِل, ولكن يقينية هذا البث تتغير بمدى الفهم والتعليل والإستنتاج وسلامة الحواس... أي بحجم جزئية الجزء المستقبل.
_____________
1- الفيلسوف جورج باركلي (1685-1753) إيرلندي الأصل, أنكر وجود المادة خارج الفكر, وأن كل ما نصادفه من مجموعة تجاربنا ما هو إلا مجموعة من الأفكار علتها الأولى هو الله عز وجل.
2- لوك (1632-1704) فيلسوف إنجليزي رأى أن العالم هو مجرد آلة ميكانيكية تمسك حيزاً وتتميز بصفات : الصلابة, الشكل,الإمتداد,الحركة, السكون, وهي تؤثر على حواسنا فتنشأ الأفكار.
المسألة الثالثة:
الطرح الوجود هو مجموعة من الأجزاء غير النهائية, وكل جزء هو مستقل داخل حدود وجوده الذاتي. ولكنه مرتبط إرتباطاً وثيقاً بما يحيطه من موجودات.
تعليل:
لا يعقل وجود جزء لذاته... فإن كان لذاته بطلت جزئيته, وبطل فعل التواصل بينه وبين الموجودات الأخرى, أو ألغيت لعدم لزومها. ففي الوضع الذي لا يحتاج أي جزء موجود إلى موجود آخر كي يضمن بقاءه أو يفي إحتياجاته, إنقطعت الصلة بينه وبين هذا الموجود "الآخر".
المسألة الرابعة:
الطرح :
بدافع الجزئية المستقلة داخل الوجود, فالصلة بين الموجودات ليست صلة عضوية مباشرة.
تعليل:
ينبع من هذا بأن الصلة بين الموجودات في أصولها الكونية هي صلة تخاطر حرة لا سيطرة على للجزء عليها. إنها تتم بين الموجودات لكونها موجودة ومترابطة بالإصول الأولى للبدعة.
المسألة الخامسة:
الطرح:
الجزء هو قسم من كل... ولا يعقل أن يكون الكل جزء من جزء حتى ولو حمل الجزء صفة الكل...
الإستنتاج:
إن الكون هو مركب من أجزاء مستقلة, فهذا لا يعني البتة أن الإصول الكونية هي إصول مجزئة.. لأن الجزء لا يشتق إلا من الكل.. والكل هو واحد.. من هنا ينبع بأن الإصول الجزئية للكون هي كل واحد غير مجزأ, بمعنى أن قبلية الكون كما نراه بمظاهره المختلفة وبتناقضاته وإئتلاف أجزائه وتنافرها الواحد عن الآخر, وتعدادية أشكالها وتباين سبلها, كان كلا واحداً لا تناقض فيه ولا أجزاء مستقلة داخل حدود إستقلاله, وإنما أجزاء تابعة عضوياً لكل- شامل – مستقل .
المسألة السادسة :
عرض:
إن ما هو موجود هو الكل....
• لا يوجد إضافة وجودات أخرى إلى الوجود... لأنها حين تدخل تخوم الوجود تتحد به فيبقى وجوداً واحداً.
• الأجزاء التي تُركب الوجود ليست إضافة إلى الوجود... وإنما هي الوجود بعينه مجزءاً.
• لا يوجد في الوجود وجودان. بناء عليه فإن من جزأ الوجود ليس وجوداً إضافياً وإنما هو الوجود نفسه.
____________
3- التخاطر: الوعي والإدراك التلباتي الذي يتم دون الإعتماد على الحواس.
المدخل الثاني
القانون الذي يلغي ذاته
الطرح:
كي لا يلغي قانون السببية ذاته, فلا بد, في تراجعه اللانهائي نحو السبب الأول, أن يكون السبب الأول وليد اللاسبب, كضرورة منطقية.
تعليل:
من طبيعة العقل أن يرد كل الظواهر إلى مسبباتها, ومن طبيعته أن يُلم بمزايا هذه المسببات وخصائصها, ابتداء من تحليل الظاهرة كمركب إلى أجزاء, ومن ثم إلى أجزاء الأجزاء حتى يتجاوز العقل حدود مادية الجزء القائم فعلاً إلى وجوده المجرد, كسبب أول بالقوة, أي حين ينتقل معالجة التعليل والتحليل من عالم المحسوس إلى عالم القوة الإمكانية, فإن زاد العقل إمكانا سبباً آخر إضافياً, أبطل هذا السبب إمكانية السبب الأول, وإن أكتفي, انعدم سبب السبب الأول لإنعدام سببه المدرك. هذا يعني أن قانون السببية أن إستعان بذاته لتعليل وجوده ألغى بدايته الضاربة في المطلق, أي ألغى ذاته في مصدرها الأولى.
ولكن ورغم هذا,فإن قانون السببية الذي يلغي ذاته بتناقض ماهيوي, لا يلغي وجود الوجود الذي نستمد تبيان أصوله من هذا القانون.. وهذا يعني أن الوجود السببي هو وجود النقص وليس وجود الكمال. وهذا يعني أن هذا الوجود الناقص أبدع من وجود أعلى مرتبة وأكمل... من الوجود الإلهي الذي لا يحتاج إلى سبب كي يوجد سبب.... أنه النوعية الإبداعية اللاسببية, أنه الله عز وجل.
حقيقة:
يستطيع الكمال أن يوجد موجوداً ناقصاً... أو كاملاً بدافع السبب الكافي لكماله, ولكن الموجود الناقص لا يستطيع إيجاد موجود كامل من باب الإستحالة.
طبيعة الباري
طبيعة السبب الأول( القدرة)
الطرح:
• القدرة لا يلزمها المثل ولا القانون.
• القدرة لا يلزمها الزمان ولا المكان.
• لا يلزمها التمرحل والصيرورة.
• لا يلزمها الجوهر ولا الماهيات.
• لا يلزمها السبب
• لا يلزمها الوجود
تعليل:
لأن صفات السبب الأول الواجبة منطقياً, والمستمدة من وجوب وجودها كنقيض لا سببي للوجود السببي, أي, لأن صفات السبب الأول لا سببية في قدرتها ووجودها, ولأنها تملك صفة الإبداع المفروضة استنتاجاً, أي إبداع وجود من عدم.... اذن, فالسبب الأول لا يحتاج في إبداعه إلى قانون أو مثل أو نموذج أو ماهية أو جوهر قبلي كي يبدع موجوداً إضافة لوجوده... أنه ما يشاء حين يشاء ولمجرد أن يشاء. فينتزعه تواً من عدم إلى وجود بكامل صورته وكامل شكله وكامل قانونه. فلا يحتاج إلى نموذج قبلي, قانون يعمل بوفقه كي يوفق في بدعته. وبناء عليه, فهو لا يحتاج إلى التنبؤ ولا التمرحل ولا إلى الزمان ولا إلى الحيز المكاني ولا إلى السببية كقانون لأنه قانون ناقص لذاته ولا يتيسر وجوده إلا بدافع البدعة.
حقيقة:
إن كان الكمال المطلق هو صفة واجبة لطبيعة الله... وإن كانت طبيعته ومشيئته ما فوق السبب, أي لا سببية في فعلها بل إبداعية... تومض لمداركنا حقيقة يقينية وهي: إن الله كمال لا ينقصه إلا النقص.. وهذا الكمال هو أسمى كمال يمكن للعقلية أن تعقله... ولكن ولكي يصبح بدافع الضرورة المنطقية كمال الله كمالا لا ينقصه إلا النقص,ولكي يستقر على الإكتفاء الذاتي بكماله فقد أوجد النقص الكامل, أوجد السبب أوجد الكون في نقائه الأول.
تعليل إضافي:
إن كانت طبيعة الله عز وجل كما ورد أعلاه, فهي في إكتفاء ذاتي...
لأنها تحوي في وجودها القدرة على إبداع كل ما يشاء, فإن كان كل ما يشاء متضمناً في قدراته فهو لا يطمع بشيء هو مالكه.. ولأنه لا يمكن لأي شيء أن يكون قائماً خارج إرادته.. إذن هو مكتف بذاته.. لأن الضرورة المنطقية تعلمنا أن لا أحد يطمع بشيء هو مالكه... ولأنه مكتف بذاته فهو لا يحتاج إلى الوجود ولا يتحكم فيه إلا إذا شاء.
وجود واحد
الطرح:
الله عز وجل أوجد وجوداً واحداً رغم من يدعي: أن من يوجد وجوداً واحداً يوجد إثنين.
تعليل:
لأن ما أوجده الله وجوداً يحوي كل ما يمكن أن يوجد, ولأن الوجود هو وجود سببي, ولأن كمال الله لا ينقصه إلا النقص, فقد أبدع فقط النقص الذي ينقصه متماثلاً بوجود لا ينقصه شيء سوى الكمال.
الوجود في نقائه الأول
تصوّر:
* لقد أبدع الله وجوداً سببياً متمثلاً في قدرة سببية توازي في قدرتها قدرة الله المبدعة... إلا أنها في مسار السببية... أي أن المستوجد الأول في نقائه الأول ملك من الله عز وجل قدراته الفائقة وصفاته الخالدة التي لا يستوعبها فكر ولا حدس عدا ثلاث صفات:
الأولى: الإكتفاء الذاتي
الثانية: الإبداع.
الثالثة: التنبؤ
التعليل الأول:
كي يملك الشيء الإكتفاء الذاتي فعلى الشيء أولاً أن يكتفي بذاته. ولكي يكتفي بذاته وجب أن يكون كل شيء فيه, ولأن المستوجد الأول خالياً مما سيذكر أعلاه إذن فهو موجود ناقص لا يستطيع, ولا يملك نعمة الإكتفاء الذاتي!
التعليل الثاني:
لأن المستوجد الأول, أوجد في تخوم الوجود السببي, ولأن الوجود السببي خالياً من العدم, ولا يستطيع أن يكون جزءاَ منه, فلا يستطيع هذا الوجود إبداع شيئاً من لا شيء أو وجوداً من العدم لإنعدام العدم في وجوده. ولأن صفة الإكتفاء الذاتي تلازم فقط من يوجد وجوداً من لا وجود, إذن, تسقط هذه الصفة من صفة المستوجد الأول...
ولأن التنبؤ غير وارد في طبيعة المبدع الأول لعدم لزومه, فهي أيضاً غير وارده في صفات المستوجد الأول.
تفسير:
التنبؤ غير لازم, لأن الله عز وجل, حين يبدع شيئاً يبدعه بداية ونهاية دفعة واحدة ووحدة إبداعية واحدة, إنه لا يتعامل مع الإبداع بشكل سببي, أي لا يركب جزءاً من جزء حتى يتنبأ بنتيجة المركب... ومن يعتمد التنبؤ, يعتمده إستناداً عل أسس وقوانين قبلية, وصور ومثل أفلاطونية وتجربة, وتمرحل زمني حتى نضوج المركب والوصول إلى غائيته التركيبية.... وهذا ما لا يلزم في قدرة الإبداع.
الصفات الواجب وجودها في المستوجد الأول
* قدرة حية
* قدرة سببية مطلقة
* واحدة لا أجزاء فيها.
* واعية وعياً مباشراً لذاتها حساً وتخاطراً
*مستقلة لعدم وجود قدرة ثانية في تخوم وجودها.
* لا تناقض في ما بينها.
* لا وجود للشيء "الجزء" لعدم وجود نقيضه.
* لا وجود للحب... لعدم وجود الكراهية والمقت والحقد.
* لا وجود للحرية... لعدم وجود الجبر والعبودية والقسر.
* لا وجود للخير والعدل... لعدم وجود الشر والظلم والإفتراء والتنكيل.
* لا وجود للطمع والإستيلاء... لعدم وجود الحاجة.
* لا حاجة لوجود الصدق.... لعدم وجود الكذب والرياء والنفاق.
* لا حاجة لوجود الشرف... لعدم وجود الفساد والتردي.
*لا وجود للسلام.. لعدم وجود الحرب والعنف.
*وهي ليست جوهراً... لأنها تنقسم وتتكاثر
تعليل:
إنها قدرة قادرة على صياغة نفسها كما تشاء, مادة أو روحاً... مادة خام غير محددة, فعالة,لكل ما يمكن أن يكون موجوداً.
حقيقة:
البداية: ما كان, كان وجوداً ليس كوناً!!
المدخل الثالث:
الخلْق غاية الوجود
الطرح:
لأن الوجود في صفائه الأول, كان كاملاً في مستوى السبب, وناقصاً في مستوى البدعة, ولأنه كان يعي نفسه وعياً حسياً مباشراً, فاستشعر عدم إكتفائه الذاتي, الذي يستحيل وجوده إلا في طبيعة الله عز وجل, القادر على إيجاد شيء من لا شيء أو وجود من العدم, أصبحت غايته البديلة للإبداع – غاية الخلق... أي خلق شيء من شيء... ولأنه الموجود الوحيد. فلم يكن لديه وجوداً إضافياً ليخلق منه ما يشبع إكتفائه الذاتي, ولهذا لم يكن أمامه إلا أن يبدأ بصياغة نفسه من جديد... أن يخلقها خلقاً لم يكن قائماً حين أبدع.
تعليل:
لو كانت غاية الوجود الثبات على ما هو عليه, لبقي كما كان عليه, ولكن صفة الخلق, وصياغة الجديد من القديم هي صفة واقعة معاشة ومُدْرَكة لوقوعها فعلاً في لحظة زمنية مؤاتية, ولولاها لما توالت العصور وتغيرت الأرض وامتد الكون...
التفكك شرط الصياغة الجديدة
قانون الإلغاء.
الطرح \ التصور :
حين نظر الوجود إل نفسه ووعاها بما هي عليه, رفض على ما هي عليه بدافع إستقلاليته غير المشروطة, وقرر بوعيه الفكري المشرش في كل جزء من أجزائه أن عليه تغير نفسه من وجود لذاته إلى كون سببي بأعراضه, فجزأ نفسه إلى ما لا نهاية من أجزاء.
تعليل:
كي يُصاغ شيء من جديد فلا بد أن يتفكك من تآلفه الآني إلى أجزاء, ومن ثم يُصاغ من جديد, إعتماداً على تركيب هذه الأجزاء لخلق شكل جديد للشيء المصاغ.
إنعدام النبوءة
ولكن, ولأنه لا يملك صفة التنبؤ, التي لم تكن لازمة في طبيعة الباري تعالى, فلم يضمنها في بدعته, لم يستطع المستوجد أن يتنبأ بما سيحل فيه, حين قرر إلغاء ذاته التي هي في طبيعتها عرض سببي مباشر غير جوهري, حينها عمت الفوضى وتفجرت العشوائية بين الأجزاء اللانهائية للوجود,فسبحت في حيزها اللانهائي على غير هدى ممعناً في الإنقسام.
تعليل:
أمعن في الإنقسام لأنه حينها, لم يكن أي قانون ليحد من عملية الإنقسام والإلغاء الذاتي.
الروح
الواعية التي لم تنقسم
الطرح:
فرض1- حين ينقسم موجود إلى أقسام لا نهائية... وحين يكون هذا الوجود هو الوجود الوحيد... ينتج أن التواصل بين أجزاء الوجود قد ألغي وبطل بفعل التشظي والتفكك....
فرض2- إن كان هذا الموجود استناداً على صفاته التي تؤكد أنه موجود حي وواع – يملك روحاً ووعياً, فلا بد أن وعيه وروحه قد فسدا وإنقرضا, وأضحى الوجود بأجزائه جسيمات ميتة لا حياة فيها ولا وعي ولا غاية تهدف إليها.
نقيض الفرض:
إلا أن ما هو وموجود, هي أجزاء وجود, ومظاهر تتميز بالوعي وبالحياة والحركة التي تنم عن وجود الروح.
التعليل:
الروح الواحدة لم تنقسم وأيضاً الوعي, لأنهما, كما يفرض المنطق من الفرض العام,لطبيعة المستوجد في نقائه الأول إن الروح الواعية فيه هي تخاطرية, أي بمعنى, أنها تشترك في كل جزء من الوجود دون أن تكون جزءاً منه... وهذا يعني, أنه كلما كثرت الأجزاء كلما تعاظمت الروح الواعية, ويزداد سلطانها وإنتشارها, وذلك لأن كل جزء من الوجود يحمل في صفاته صفة الكل, كما يحمل الكل صفة كل جزء, وإلا إستحال وصف هذا المستوجد كقدرة سببية وطاقة هائلة قادرة على أن تكون سبباً لكل ما يمكن أن يكون.
مثال:
أنه كمثال المرآة, فحين تكون واحدة كاملة, ترى بأنها بكليتها تلتقط الصورة (أ) بكاملها. وحين نقسمها إلى إثنين, فسنرى الصورة(أ) كاملة في القسمين, وإن قسمنا القسمين إلى عشر اقسام , فسنرى الصورة (أ) عشرات مرات... وإن كسرنا العشر افسام إلى ما لا نهاية من الأقسام, فسنرى الصورة (أ) إلى ما لا نهاية.... وهذا يعني أن مرآية المرآة في كلها الوجودي, تنتقل بكاملها إلى ما لا نهاية في أقسامها.
تفسير:
لو أن المرآة هي التي إنقسمت لإستحالت الرؤية من أي جزء من المرآة ... ولكنها, كما تبين التجربة حين إنقسمت, إن مرآيتها إنحسرت وتآلفت دون إنقسام, ومزيداً من التجارب تدلنا على أن الجزء الفاسد في المرآة لا يستقبل مرآيتها, فلو أحدثنا ثغرة في وسط المرآة ونظرنا إليها, لرأينا أن الجزء الذي يتزامن ويتطابق مع الثغرة يختفي من الصورة, ولو صدعنا المرآة دون كسرها لرأينا بأن الصورة قد تشوهت, بينما لو كسرناها إلى آلاف الأجزاء المستقلة, لرأينا أن كل جزء يعمل عمل المرآة الكاملة.
حقيقة:
التواصل في أصوله الأولى في المستوجد الأول كما في المرآة, هو تواصل تخاطري... فكل جزء يبث نفسه ويستقبل إشعاع غيره... وكلما إنقسمت أو تكاثرت الأجزاء تكاثر البث والإشعاع, نتعلم من هذا بأن المرآة حين كانت واحدة كانت أجزاؤها تتخاطر في ما بينها روحاً ووعياً. وهذا يعني مبدئياًً أن الروح الواعية كمنت في كل جزء وشاركت في ضمانة بقائه كجزء يخدم الكل الواحد, وحين تفكك هذا الواحد إلى أجزاء لم تتفكك الروح الواعية, لأنها بطبيعتها واحدة... يلتقطها كل جزء فيحيى بواسطتها دون أن يكون جزءاً منه. وكأن لكل جزء من الوجود أكان مستقلاً مندمجاً دالة كونية تلتقط الروح الواعية المشعة في كل جزء من الوجود قسراً حتى يفسد الجزء فيتوقف عن إلتقاط هذا البث.
التواصل والمسارات الكونية
الطرح:
حين كان الوجود واحداً... نعني به إنه لم يحوِ على أجزاء مستقلة... وإنما, كان كل جزء عبارة عن جسر للجزء الذي يليه, كأطياف اللون, يبدأ بجزء من أطيافه اللانهائية ليكوّن واحديته التي تساوي 100%, ولكننا حين نفصل طيفاً واحداً من سلسلة الأطياف التي تكوّن اللون الواحد نلاحظ بأن هذا الطيف يكتسب لوناً مستقلاً ويتعرض لوحده إلى التأثيرات الضوئية والظلال.
لقد كانت الروح الواعية, حين كان الوجود على هذه الشاكلة, جزءاً , أيضاً, غير مستقل, مرتبطاً إرتباطاً عضوياً مباشراً مع الكل في وحدة مشتركة, فكان تماس مباشر وفّرَ حدة التخاطر بواسطة التواصل الحسي المباشر.... ولكي لا نكبو في هوة التناقض, نجيب قبل أن نسأل, ما هو الجزء في المستوجد الأول الذي قرر أن يتمرد على شاكلته التي أوْجد بها, فقرر أن يصيغ نفسه صياغات جديدة؟ والإجابة طبعاً هي, بما أن كل جزء يحوي صفة كل جزء, وكل جزء يحوي صفة الكل كما يحوي الكل صفة الجزء, إذاً فالقرار لا يقع على جزء واحد وإنما على كل الأجزاء, ولأن هذا الكلام يبدو متشاكساً مع المنطق, فلا بد من أن نعلل.
تعليل:
لأن المستوجد واحد في روحه وصفاته, ولأنه كان عرضاً صافياً لوجوده, لا جوهر فيه ولا ماهية, ولكونه قدرة سببية, قادرة على كل شيء إلا الإبداع الإكتفاء الذاتي والتنبؤ, فكان لكي يقرر كل قرر كان عليه أن يستند على قدراته اللانهائية في إيجاد ضمان لبقائه في تخوم الوجود... والضمان, منطقياً حين يتعسر التنبؤ.... فكلما تقرر شيء لا قدرة تنبئية في لمستقبله... يجد المنطق نفسه يحدد الضمانات اللازمة كي لا يتم الفساد... أنه واجب كل القرار, وهو نابع من الحيوية الطبيعية النابعة من المنطق السببي... وطبيعة هذا المنطق تفرض على المستوجد الأول أن يحول ما لا يقسم فيه.. أي الروح والوعي إلى جوهر قسري ليقود به حملة صياغاته الجديدة.
حقيقة:
الجوهر القسري هو جبر منطقي لقرار لا تنبؤ لنتيجته.
الفوضى العشوائية وبداية النظام الكوني
الطرح:
بات واضحا من النص والمسار المنطقي في هذا الطرح بأن المستوجد الأول جزّأ نفسه إلى أجزاء كي يًُصيغ نفسه من جديد, بشكل يبلغ بواسطته الإكتفاء الذاتي, ولكنه لم يملك قدرة التنبؤ, ليتنبأ بما سيحل به من فوضى وعشوائية وتآكل في واحديته, وإمعان الأجزاء في إنقساماتها لإنعدام أي قانون يحد من ذلك. هنا كان لا بد للجوهر الواعي الذي لم ينقسم من أن يجدد سيطرته التواصلية مع الأجزاء الكونية الأولى التي إستمرت في الإنقسامات, فأشرفت على حافة الإلغاء الذاتي, فأوجد المسارات الكونية التي يستطيع كل جزء منه أن يتصل بواسطته مع الجوهر القسري, فيأخذ منه روحاً ووعياً بقدر جزئيته ومسبتها من التجزيء.
وهنا كان لا بد من إيجاد القانون الأول من أنظمت الكون... فأوجده الجوهر القسري.. وكان قانون الحب.
تعليل:
كي تتوقف الأجزاء عن إنقسماتها اللانهائية الهادفة إلى الإلغاء الذاتي... كان لا بد لهذه الأجزاء من أن تتوقف عن العملية التجزئية والإلغاء الذاتي على يد القانون لم يكن قائماً قبلاً...
قانون حب البقاء
هو قانون يعمل في ماهيته على الحد من عملية الإلغاء الذاتي والمحافظة على البقاء.... فكلما أحب الجزء ذاته كلما دأب على المحافظة على هذه الذات.... وكان لكي يعمم هذا القانون فقد بثه الجوهر القسري محمولاًُ بالوعي التخاطري لكل أجزائه المتناثرة.
إذن الحب هو قانون كوني وليس حالة نفسية, أنه قانون حب البقاء, حب الذات,على الشاكلة التي هي عليه, وبقدر ما تستطيع هذه الذات أن تعب من هذا القانون.... كالهواء, يستطيع كل مخلوق أن يتنفسه بقدر حاجته ... ولا يستطيع أحد أن يسيطر عليه.
قانون الحرية
الطرح:
أن حب الذات لم يحم الجزء من الفوضى العارمة العامة والذاتية فأوجد قانون الحرية....
تعليل:
صحيح بأن العبودية والجبرية والضرورة هي تناقض للحرية في مفهومها العام, ولكن, ووفق هذا الطرح, فإن هذه المفاهيم وما يتلوها من سلوك غير حر كالدكتاتورية والقوننة الظالمة بجميع أشكالها, ما هي إلا نقيض للحرية لكونها فوضى ومغالطة تكوينية ذاتية تناقض الإصول القانونية الكونية المتجسدة في قوانينه... فالحرية هي قانون كوني أوجد كنظام ليحد من الفوضى والتلقائية العشوائية التي لا يحدها قانون أو نظام والتي تسربت إلى ذاتية الجزء وليس إلى علائقه الرجودية مع موجودات أخرى.
وعي لحظي ...حب...حرية وإستقلالية
بداية التكوين وفق تصورنا هي روح واعية فطرية تخاطرية... لحظية في مثولها, تستقبل بموجب مسارات كونية لا نهائية متباينة في طولها وتأثيراتها قانون الحب وقانون الحرية.... وهو بهذه القوانين يحافظ على بقائه ويوازنه قبالة قانون الإلغاء, وينظم وجوده الذاتي بحرية وإستقلالية مطلقة, ولكن الأجزاء اللانهائية للمستوجد, ورغم مساواة القوانين بينها, ففي إستقبالها لدى الأجزاء يختلف هذا الإستقبال من جزء لجزء بدافع نوعية وطبيعة التجزئة التي آل إليها. إذن, يوجد قانون مساوٍ... ولا يوجد تساو في إستعاب وتفعيل هذا القانون.... من هنا بدأت الفروق وظهرت المراتب بين الجزء والجزء.... فقد تجد جزءاً لا يستقبل من هذين القانونين الكونيين سوى 10% بينما قد تجد جزءاً آخر يستقبل 40% وآخر 70% والخ من النسب التي تحدد فعالية كل جزء.
تعليل:
لقد نحى العقل البشري منحى به يرد الحرية إلى جزئية الكائن الموجود, ولكن الحرية لا تستطيع أن تكون جزءاً من التكوين الجزئي, لأنها حين تصبح جزءاً تصبح منقادة إلى طبيعته الجزئية فتلغي ذاتها أولاً, وتتغير نوعيتها فيستحيل تفسيرها إلا على يد نقائضها, ولهذا وصل العقل البشري بمجمله التفسيري إلى أن الناظر يشير إلى ما ليس بحرية, ولكنه لا يستطيع , الإشارة إلى ما هي... وذلك لأن المبدأ الأول لتحديدها يلم به الخطأ النسبي, بينما هي قانون مطلق ولكن إنعكاساته نسبية إلى المعكوس فيه في تجسيده.
كذا الحب, فقد نزع العقل البشري إلى رده لإلى حالة نفسية تتوج بالرغبة المحددة.... فنتج مجموعة من الحالات الحُبّية المتباينة "كحب الأم" والعشق أو الغرام والصداقة والأخوة وحب الإنسانية, ولأن التفسير الذي أتى به العقل البشري لهذه الحالات هي تفسيرات حالة وليست تفسيرات قانونية نتجت عنا هذه التباينات والفروق في التفسير والتحليل. بيد أننا في هذا الطرح نرى أن الحب هو أولاً وقبل كل شيء قانون كوني يمنع عملية الإلغاء الذاتي ويحافظ على بقاء الموجود داخل الوجود, ومنه نبعت كل الحالات الأخرى وفق دنوها وبعدها من هذا القانون في حلوله داخل الذات الجزئية.
التباين الشكلي للأجزاء
لأن ما كان. كان واحداً. فقد كان له شكلاً واحد, ولأن هذا الواحد شاء لنفسه أن يتجزأ, فقد نتج من الشكل الواحد, ما لا نهاية من أشكال المتباينة ! فنتج عن ذلك قانون الواحد هو ... هو, أي, إلا يتطابق الشكل إلا مع نفسه. ولا يختلف عما سبقه أو تلاه إلا إختلافاً تدريجياً تجد أصوله السببية من نوعيته وبنيته والشكلية, في تآلفه وتطابقه عما سلف, أو في تقاربه الأكثر تطابقاً لظروف حدود الشكل وشكله.
تعليل:
إذا كان الكل واحداً, فقيام الجزء فيه هو حالة إمكان غير محدد بفعل أو بتحقيق, ولأنه لكي يتم التحقيق من إحالة الإمكان إلى فعل وجبت صفة التنبؤ, ولأن صفة التنبؤ غير قائمة في طبيعة الكل الواحد, الذي هو المستوجد الأول في وحدته وإستقلاله ونقائه ممن لا داع لأن يكون فيه لأن يكون فيه فقد تشظى بتلقائية متمردة عما هو فيه, وتجزأ بفوضى وعفوية دون أن يُقسم بتخطيط أو بتدقيق أو بحساب, فخرج كل جزء مختلفاً عما سبقه وعما لحقه بشكل تدريجي حتى إتسعت حلقة الإختلاف إلى ما لا نهاية من الإمكانيات الشكلية.
الصراع... والخروج من الذات الجزئية
لأن الحب والحرية هي أقصى الأنانية, فقد بدأت هذه الأنانيات تتصادم وتتصارع ... تتجاذب وتتقاذف.. تتدافع ليمسك الواحد منها حيز الآخر... فأختلط حابل المستوجد بنابله.. وعمت فوضى كونية لا يحدها نظام ولا يلجمها قانون... فلم يكن هناك قانون تتصرف بموجبه هذه الأجزاء المتناثرة في الفراغ الكوني....
تعليل:
كما إنه, كي يتم توحيد قيمتين في قيمة واحدة فلا بد أن تتوفر في البنى المنطقية أسس وقوانين الجمع بين الطرفين. وكما أنه كي تساوي بين قطبين لابد وأن تتواجد في أركان عقائلنا ماهية المساواة... كذا ما تم, فلم يكون قانون يسمح لهذه الأجزاء المستقلة من الخروج من ذاتيتها المغلقة كي تتساوى وتتهادن وتتآلف لتكون نشئاً أو شكلاً جديداً.
العطب البنيوي للجزء
ولأن عشوائية التفكك الأولى للمستوجد الأول, أخرجته من وحدته السالمة, وأقصته عن مكانته الوظيفية ومكانه كجزء في كل, فقد حل عطب قسري في جزئيته حين أجتث من مكانه وتاه في الخلاء الكوني ممعناً في عملية الإلغاء كأمر وإرادة أولى للمستوجد الأول من أجل إعادة صياغة نفسه من جديد. إلا أن العطب الذي حل بكل جزء كان عطباً متبايناً بين الواحد والآخر... في إحدى الأجزاء كان العطب محمولاً لم يمنع من الجزء القيام بمهامه الكونية في تحقيق إستقلاليته, وذلك في درجات متباينة مع حجم العطب الذي أصابه... وهناك أجزاء سيطر الخراب على جل مسارب جزئيتها... فتوقفت عن القيام بمهامها كما يجب وأصبحت كي تحافظ على بقائها المريض وإستقلالها, أضحت تتخذ أنماطاً سلبية عدائية كي تتطفل وتقتنص من الأجزاء الأخرى قدراتها على البقاء كي نبقى. فولد الشر الذي هو ناتج هذه العماليات السلبية.
ولأن الشر تصرّف مرضي لا يخدم غائية الوجود وهي التطور والنشوء في عودته إلى الكمال, فلقد دعت الحاجة بأن يقوم الجوهر القسري بصياغة قانون جديد من أجل عدم التآلف مع الجزء الشري كي لا تتوقف عملية البحث عن صياغة كاملة للوجود تستطيع الصمود أمام مسيرة الخلود.
دحض الشر ... أصل الخير
لا يوجد شر نسبي... وإنما ما يتراءى للبعض على أن الشر لجهة معينة قد يكون خيراً لطرف آخر, ما هو إلا خطأ وسطحية وبلبلة بين الإصول الأولى للخلق ونضباً في الفهم لأسس البدعة الجوهرية, وخلطاً بينها وبين النفعية الآنية. فالشر هو شر... ومن يفيد منه, هو من كسد به السلوك الخيّر لنيل الخير. ولأن الوجود بما- هو حي بكل أجزائه رغم التفاوت النسبي في حيويته بين الجزء والجزء والفروق الجمة بين الجزء والجزء الحي الذي ينمو بين الجزء الراكد فقد شرع المستوجد الاول قانوناً لا يفهم إلا في مطلقيته. قانوناً لا يختلف البته عن أي قانون كوني, وهو قانون دحض الشر كأساس للخير العتيد ولنوعية السلوك التي تشترط البقاء الإصلاح لروح الوجود الباحثة عن صياغة جديدة يستقر به الوجود لأكثر مدة على خط الزمن اللانهائي.
السلام قانوناً كونياً
أعتاد بنو البشر النظر إلى السلام على أنه حالة من حالات الإتفاق, أو عملية من العمليات السياسية... وإن كان هذا التعريف صحيحاً في تخومه اليومية, فهو ليس كذلك في إصوله الماهيوية... فالسلام وفق هذا المنحى النظري الذي نسعى إليه هو قانون القوانين الكونية.... وهو الذي يسر للكون أن يتنامى, يتطور وينشأ سالكاً في تطوره وتقدمه وتحوله من شكل إلى شكل ومن صياغة إلى أخرى!! أنه قانون التهادن, قانون التسامح والقبول... أنه محاولة تقبل الآخر على ما هو عليه لمجرد أنه " آخر" !, إنه الجسر والوسيط لخروج الجزء المستقل من اعتكافه في إستقلاليته وتمرغه في حبه لذاته والتهني بحريته التي لا يحدها حد. أنه المنظار المقدس الذي يكشف للجزء الكوني الذي تغرب عن أمه الكل, وجود الأخر وتفهم هذا الوجود وضرورة وجوده في فسحة الحيز ذاته الذي يشغله!
السلام قانون مطاط, لين يلائم نفسه لنقائض الأطراف فيلحم بينها كمن يرتق مزقاً في ثوب بال... وهو سيد النشوء وسبب الإرتقاء... ولولاه ما تكونت الأشكال وهي تبني حضورها الوجودي, تطوره وتسعى بفعل شوقها الفطري إلى الكمال المطلق في الحفاظ على قدرة الترميم والتجويد لأنيتها الناقصة.
يتبع