السلام عليكم
في قصيدتي
أقسمتَ علينا بالحب:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=8933
اشكر شاعرنا وابن البلد: الدكتور هزاع لتقييمها.
أضمرت السرَّ علاماتٍ
وضفائرُ موتي ياربي
تتناثرُ حيرى ذا جنحٍ
مكسور الرف بلا سرب
بيتان لايتم أحدهما بدون الآخر
وهذا يسمى بالتضمين
وهو علة من علل القافية
فيجب أن يكون كل بيت وحدة بذاته
تضمين وفهمته تماما من أستاذنا الكبير : هزاع ,تمنيت لو وجدت له نصا شارحا له عبر النت.فما وجدت غير مايلي واتمنى من الشعراء ان يتحفونا بالمزيد للعلم.
التضمين معروف لدى علماء البلاغة ، وهو إدراج مقاطع من القرآن أو الحديث ضمن أبيات شعرية، مثل قولهم :
فإن الله خلاق البرايا *** عنت لجلال هيبته الوجوه
يقول إذا تداينتم بدين *** إلى أجل مسمى فاكتبوه
وقوله :
رحلوا فلست مسائلاً عن دارهم *** أنا باخع نفسي على آثارهم
وقوله :
إن كنت أزمعت على هجرنا *** من غير ما جرمٍ فصبر جميل
وإن تبـدلـْتَ بـنا غـيرنا*** فحـسبنا اللـه ونعم الوكيل
وقولهم :
لقد أنزلت حاجاتي *** بوادٍ غير ذى زرع
وقولهم:
إذا ما حـللت بـمغـناهمُ *** رأيـت نعيماً وملكاً كبيرا
وقد يسمى اقتباساً ، وقد يكون من القرآن ، أو من الحديث ، أو من الشعر ، أو من غيره، ولا مانع منه إذا كان في سياق لا يعرض النص الأصلي للسخرية، أو النقص، أو الامتهان، أما تضمين بلاغات القرآن وأساليـبه اللفظية، فهو أوسع من ذلك ، والمقصود بها: أن يضع الشاعر، أو المتكلم، أو الكاتب عبارة من عنده على وفق عبارة قرآنية، تنـتمي إليها من حيث الأصل ، وتفترق عنها بالتصرف الكبير في لفظها وسياقتها.و المقصود ألا يكون ذلك عبثاً بالقرآن ولا تلاعباً ولا تعريضاً له بالسخرية أو الامتهان، والله أعلم .
سلمان العودة-الاسلام اليوم
الاقتباس والتضمين في شعر ابن الرومي
--------------------------------------------------------------------------------
الاقتباس هو "أن يضمن المتكلم كلامَهُ كلمةً أو آيةً من أيات كتاب الله" والمتصفح لديوان ابن الرومي تبهره هذه الغزارة في المعاني القرآنية التي يبثها الشاعر -هنا وهناك- في مختلف قصائده على شكل اقتباسات , حتى لنكاد نجزم بأن ابن رومي كان يحفظ القرآن الكريم , أو كان يقرأه باستمرار في أقل تقدير .
وهذه الكثرة من الاقتباسات جعلت العقاد يقول عنه بحق " .. ومايصحب ذلك من أحكام في الدين ومقتبسات من أدب القرآن , فليس في شعراء العربية من تبدو هذه الشواهد في كلامه بهذه الغزارة والدقة غير شاعرين اثنين أحدهما صاحبنا والثاني المعري"
والاقتباس يأتي على وجهين : الأول لايخرج به المقتبس عن معناه , وأمثلته كثيرة عند ابن الرومي , منها قوله في هجاء الشعراء :
منقول عن منقول
التضمين في شعر ابن الرومي:
فقد احتفظ ابن الرومي بالحكم الذي أناطه الله تعالى بالشعراء في قوله تعالى { وأنهم يقولون مالايفعلون} . فلم يخرج بالآية عن معناها الأصلي في اقتباسه بأن جعل المعنى المقتبس في ذم الشعراء , ولايخفى ما أكسب هذا الاقتباس المناسب من قوة لمعنى البيت , وفي البيت الثاني أضاف ابن الرومي معنى آخر لا اقتباس فيه , لكن الشاعر احتفظ فيه بصيغة العبارة القرآنية في الآية الكريمة ومن أمثلة ذلك أيضاً , في رثاء البصرة :
أين فلك فيها وفلك إليهـا
منشآت في البحر كالأعلام
ِ
فقد عمد في وصفه للسفن إلى الاقتباس من قوله تعالى { وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام }
أما الوجه الثاني من الاقتباس فهو الذي يخرج به المقتبِس عن معناه , ومنه قول ابن الرومي :
لئن أخطأتُ في مدحيكَ ما أخطأت في منعي
لقد أنزلـتُ حاجاتـيبوادٍ غيـرِ ذي زرع ِ
فقد كنى بالشطر الثاني من البيت الثاني عن الرجل الذي لايرجى نفعه , والمراد به في الآية الكريمة { ربنا إني أسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ... الآية} أرض مكة .
وقد كان ابن الرومي وجه قارورةً إلى بعض أصدقائه ليوجه له فيها مربى , فأرسله إليه في قارورة غير قارورته, وكانت مكسورة , فانفعل ابن الرومي للأمر وبحث عما يساعده على صياغة معان مستوفاة يصف فيها ماجرى , فلم يجد أحسن من الاقتباس من قوله تعالى { وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} فأخذ الشطر الثاني من الآية المتعلق بالموءودة وخرج به عن معناه الأصلي ليضيفه إلى قارورة المربى , فقال
قد وصلتْ قارورتيوحاجتي ماوصلتْ
تسيـلُ مستعبـرةًبأي ذنـبٍ قُتلـتْ
وقد يجني على ابن الرومي هوسه بالمعاني واستسلامه لشيطان شعره وانفعالاته عندما يبحث عن صور ساخرة في أهاجيه , فيعمد إلى الاقتباس من القرآن الكريم في مواضع فاحشة مشينة . وابن الرومي رجل متقلب المزاج ’لايعبأ بشيء عندما يستغرق في معاني أهاجيه , حتى لو تعلق الأمر بأقدس المقدسات , وإن بعض الفنون جنون !!
وإذا كان علماء البلاغة قد استملحوا الاقتباس , فإنهم استحسنوا التضمين باعتباره أحد الفنون البديعية التي يحسن بالشاعر طرقها . وكما كان ابن الرومي شديد الكلف بالاقتباس نراه أيضاً كثير الولع بالتضمين , إذ يعمد إلى مخزونه الشعري الواسع وينفث منه نفثات -هنا وهناك- في مختلف قصائده لتدعيم معانيه واستيفائها .. والتضمين عند ابن الرومي يوحي بالخصوبة والتنوع , فقد يضمن أنصاف الأبيات , كما في قوله يستعطف لأخيه
أنا إسحاق لاتغضب فأرضىبعفوك دون مأمول الثـوابِ
أعيذك أن يقول لك المرجي(رضيت من الغنيمةِ بالإياب)
فقد عمد إلى بيت امريء القيس :
وقد طوفت في الآفاق حتى=رضيتُ من الغنيمة بالإيابِ
ونراه كذلك , وهو بصدد الحديث عن النساء - لدى رثائه للمغنية بستان- يرجع إلى مخزونه الغزير , فتأسره أطياف النساء في إحدى قصائد عمر بن أبي ربيعة , ولايملك إلا أن يضمن شطراً من قصيدته التي يقول فيها :
أبصرتها ليلة ونسوتهـايمشين بين المقام والحجر
قالت لها أختها تعاتبهـالنفسدن الطواف في عمر
فيقول ابن الرومي:
وإذ مشيكم مذكري غناءكممشي الهوينا سواكن البقر
وإذ فسادي بكـم يذكرنـي(لنفدسن الطواف في عمر)
وإذا كان ابن الرومي يضمن أنصاف الأبيات نجده يضمن الأبيات كاملة في عتابه للقاسم بن عبيد الله , إذ ضمنه بيتاً مشهوراً ينسجم وسياق قصيدته , ويزيد معانيه إيحاءاً وقوة , فقال
ذكرتمونـي بالتـي أسديـتـممثلاً لمثلـي لامحالـةَ يضـربُ
(أإذا تكون كريهة أدعـى لهـاوإذا يحاس الحيسُ يدعى جندبُ)
وإذا كان أفضل التضمين عند الحذاق هو الذي لايلوذ فيه الشاعر بالواسطة فإننا لانعدم هذا الصنف عند ابن الرومي ومن ذلك قوله مادحاً
ولم يمش قيد الشبر إلا وفوقـهُ(عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ)
وأجود من ذلك ما يصرف فيه الشاعر المضمن وجه البيت المضمَّن عن معنى قائله , وأمثلته كثيرة عند ابن الرومي اكتفي منها بقوله :
ياسائلي عن خالد , عهدي بهرطب العجان وكفه كالجلمـدِ
(كالأقحوان غداةَ غب سمائهجفت أعاليه وأسفلـه نـدي)
فقد ضمن ابن الرومي هنا دون أن يلجأ إلى أية واسطة , ثم صرف قول النابغة في صفة الثغر
تجلو بقادمتي حمامة أيكـةبرداً أسف لثاتـه بالإثمـدِ
كالأقحوان غداة غب سمائهجفت أعاليه وأسفله نـدي
إلى معناه الذي أراد بكثير من اللباقة والذكاء ..
هذا غيض من فيض , وإلا فإن الحديث عن الاقتباس والتضمين في شعر ابن الرومي يطول ويتشعب , والمجال لايسع , والوضع لايسمح , فقد كلّت يداي من الضرب على (الكيبورد) .
يقولون مالا يفعلون مسبـة
من الله مسبوب بها الشعراءُ
وماذاك فيهم وحده بل زيادة
يقولون مالايفعلُ الأمـراءُ
في إدارة الكلام على الكلام "من التضمين إلى التناص" ـــ د.وفيق سليطين
يعد المصطلح، من حيث هو تركيز للمفهوم، علامة دالة في بناء الثقافة، تكشف عن تراكمها وتحولاتها، وأسئلتها النوعية المحددة لمجاراتها عمقاً واتساعاً، في ضوء الحركة التي تجدد بها أفق اشتغالها المعرفي، ومن هنا كان المصطلح يتقدم، في حركة هذا النسيج التاريخي المعقد، بوصفه سيرورة تفارق واختلاف، يعاد إنتاجها في تغاير كاشف عن عمل العقل، وموصول بالرؤى الجديدة، التي تتعين وتتميز بحمولاتها المفهومية، فتفضي إلى مزيد من التنقيح والتعديل والإضافة، بما يلزم عنه إعادة الشحن والتعريف.
ونتوقف هنا عند واحد من المصطلحات النقدية والبلاغية هو مصطلح "التضمين" المقابل التراثي، نقدياً، لمصطلح "التناص" في الثقافة النقدية الحديثة، ولاشك أن إدارة أحدهما في مقابل الآخر، على هذا النحو الإجرائي، تسعف على تبين الحدود الذاتية المعرفة لكل منهما، وتفيد في تسليط الضوء على جانبي الاشتراك والمغايرة، والالتقاء والافتراق بينهما. وهذه الحركة التي تحكم الجمع والمباعدة بين الاثنين، لا تتوقف عند رسم المعالم الذاتية الخاصة بكل منهما فحسب، بل إنها تتجاوز ذلك إلى الكشف عن اختلاف الأطر الثقافية المحددة، وعن تغاير منظومات المعرفة التاريخية، تغايراً واسعاً وعميقاً يتركز –ويتكشف أيضاً- داخل الدال "المصطلحي" من حيث هو آلة نقدية ومفهومية.
يتمثل مفهوم "التضمين" ضمن إطار النقد القديم وشبكته العاملة، في أن يُضمِّن الشاعر شعره بعض غيره، ويجري التضمين على الشعر نظيراً لجريان الاقتباس على القرآن والحديث في التقسيم المعتمد. ولقد تناول ابن حجة في "خزانة الأدب" الكلام على التضمين تحت تسمية أخرى هي "الإيداع" فقال: "والإيداع الذي نحن بصدده هو أن يودع الناظم شعره بيتاً من شعر غيره، أو نصف بيت، أو ربع بيت، بعد أن يوطئ له توطئة مناسبة" وبمقتضى ذلك، فإن الكاتب عموماً قد يدخل في كتابته أقوالاً مشهورة لغيره. وقد تفطن إلى ذلك ابن المعتز وعدَّه من محاسن البديع. وفي متصل هذا الاستخدام المشار إليه بـ"التضمين" أجاز البلاغيون عكس البيت المضمن، بأن يجعل صدره عجزاً، وعجزه صدراً، الخ ومن أمثلته ما نجده عند ابن نباتة الذي ينظم أبياتاً، فيأتي لها بأعجاز وصدور من شعر الحطيئة وطرفة بن العبد يقول:
إذا جئته تعشو إلى ضوء كأسه
"تجد خير نارٍ عندها خير موقدِ"
تحدثك الأنفاس فيه عن اللمى
"ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ".
فشم بارقاً قد خولتك ولا تشم
"لخولة أطلالاً ببرقة ثهمدِ".
وللنقاد القدماء آراء في التضمين ومواقعه في الشعر فمنهم من يرى أن التضمين الجزئي أوقع في النفس وأحسن من التضمين الكلي، ويسوق شاهداً على ذلك قول أحدهم:
كنا حبيبين في بؤس نكابده
والقلب والطرف منا في قذى وأذى
والآن أقبلت الدنيا عليك بما
تهوى فلا تنسني، إن الكرام إذا
وينبه بعد ذلك إلى أن التضمين الجزئي المقتصر عليه في البيت الثاني، يشير به القائل إلى قول المتنبي:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكرا
من كان يألفهم في المنزل الخشن
وهذا الذي أوردناه هو ما يعلق عليه الصفدي قائلاً: "وهذا عندي أشرف من التضمين الكامل، وأطرب للفهم، وأعذب للسمع، وفيه من البلاغة حسن التضمين، مع مافي ذلك من الاختصار الذي هو من أشرف أنواع البلاغة، لأنه يرفع عن المخاطب مؤونة الإصغاء وقرع السمع بما هو محفوظ مقرر في الذهن".
ولقد شاع التضمين، وانتشر على العموم، شيوعاً مفرطاً عند أصحاب التصنع البديعي، وبات مقصوداً إليه في منحى من الاستعراض، ومهارة الاستخدام، والتوظيف الدال على طول الباع، وسعة الاطلاع، ورسوخ القدم، والتمكن من التصرف بهذا النوع، بحيث إن شاعراً يعرض له على نحو لا يخلو من الظرف والتهكم، فيقول:
أطالع كل ديوان أره
ولم أزجرْ عن التضمين طيري
أُضمِّن كل بيت فيه معنى
فشعري نصفه من شعر غيري
وعلى أية حال، فإن التضمين بقواعده المقررة التي درج عليها النقد القديم، يصون الحدود. ويحفظ المسافة بين شاعر وآخر، بضمانة نقاء الصوت الفرد واستقلاله، وتعيين عتبات الفصل والوصل بين النص الجديد وآخره المضمَّن، ولا يختلف الأمر كثيراً سواء أكان التضمين كلياً أم جزئياً، واضحاً أم خفياً ذلك أن الممارسة النقدية هناك كفيلة بحل خيوط النسيج المتشابكة وإرجاع كل منها إلى أصله ومصدره على نحو يتقرر معه، ضمناً أوعلناً، القول بوحدة الهوية في صفائها المطلق وانغلاقها على جوهرها الخاص، وهو ما لا يكون مع الانتقال من قيد التضمين إلى انفتاح التناص، ومع التحول من تخوم الثقافة القديمة إلى الآفاق الجديدة التي ترتادها الثقافة المعاصرة ومعلوم أن هذه الحركة تنطوي بالضرورة على القطع بين طريقتين في النظر ورؤية العالم، وتشير إلى ما يرافقها ويتمخض عنها من استحداث أجهزة معرفية وعدة مفهومية تتجاوز بها ممكنات العالم القديم وتخترق أبنيته المعرفية المتشكلة.
مع المقدمات الحوارية لاستواء القول بالتناص نقدياً، لم يعد الأسلوب هو الرجل لأن كل كاتب يشق طريقه في الإبداع اعتماداً على نصوص الآخرين ومحاورتها، وبهذا لم يعد الكاتب مصدراً للنص عالياً ومتفرِّداً، ولم يعد النص في صدوره وتشكله صورة للهوية في تطابقها مع ذاتها، إذ ليس هناك من نص لا تقطنه أصوات الآخرين أو لا يعتمد في وجوده على إعادة توجيه لخطابات الآخرين، لكن ذلك لا يقوم على مبدأ الحضور المباشر، لأن النصوص المدمجة والمحولة بأساليب شتى تذوب في المحلول العام للنص الجديد بحيث تغدو متشرَّبة فيه وذائبة في نسيجه ومكوناته، وليست بقعاً نافرة ومختلفة تنضاف إليه وتظهر على سطحه قابلة للعزل والاقتطاع، ومن هنا لم تعد الشعرية في تنظيرها الجديد نابعة من سنن محددة، أو منبعثة من ذات نقية لا تلتبس بسواها، إنها إذاً مجال لتقاطع شفرات متعددة تتبادل وتتفاعل، وتولد الخاصية النصية في تراكبها لا في آحادها، وإذا ما دفعنا ذلك شوطاً إلى الأمام والأعلى، تبين أن هذه الممارسة تدمغ الثقافة بطوابع الاختلاط والهجنة والتداخل، وتستولدها من حركة هذه الإنتاجية العالية المعرَّفة بقدرتها على الصهر والتحويل، متجاوزة المفرد والبسيط، والذاتي، ومحولة لكل
عنصر من هذه العناصر إلى حضور بغيره، مما يؤدي إلى هدم أسطورة الذات المتمركزة، صانعة المعنى ومرجعه في تفردها الأسلوبي، ومن هذه المقدمات جميعاً يمكن أن تُلتمس وثبات المعرفة ودلالاتها الكبرى في التحول من التضمين إلى التناص.
جريدة الاسبوع الادبي
http://www.awu-dam.org/alesbouh%2020...isb981-012.htm