الأم التي خرجنا من رحمها الطاهر المطهر هي التي علمتنا العودة إليه في حنين الأطفال للدمى .. وفي شوق أعمق من شوق الشعراء لمحبوباتهم ..
ولكن بعد أن تنضج مشاعرنا ويستقيم سلوكنا .. ويكبر العقل .. ذلك العضو الذي يمارس البحث الدائب الدائم .. لنظل خاضعين لسلطانه .. ماشين خلف فلسفته في رضا تام .. واستسلام عجيب ..
والعقل مهما كان كبيرا وجباراً يبقي صغيراً وساذجاً وهو بين قدمي أمه الأولي التي علمته العودة إلى نقطة البدء .. بل إنه ليتما هي مع حركات الأطفال بحركاته المتحررة من التصنع والتزمت والوقار ..
والرغبة العارمة في العودة إلى المحضن الأول .. هي رغبة متجذرة في النفس والعقل والجسد .. تعلمنا الحب الذي هو أحد أسباب سعادتنا و "السر" الذي يكشف لنا طبيعة علاقتنا مع " حواء "
فالحب يوقظ فينا طاقة البحث عنها في واقع مليء بالمحاذير والتناقضات كي ندخل عالم الأنثى التي إن لم نجدها واقعاً اخترعناها في خيالنا على شكل قصيدة أو لوحة أو أغنية أو أي شيء أخر ينبض جمالاً وجلالاً ..
والفضل لحواء الأولى .. والأنثى الأم التي جئنا من رحمها لا نعقل من أمرنا شيئاً حتى إذا انتصب فينا فعل الاختيار لم نختر غير طريق العودة .. حيث الطريق مبلل بالماء معطر بالشهد وانقضاء الحرمان والقلق والانتظار