لو سألوه ما اختار ذلك الكفن ليلتف به ويرقد في باطن الدار بعيدا عنبي ويترك الكرسي بجواري خاويا وكلمات الأهل والأصحاب تدق في عقلي وتضغط على عنقي بدقات من ناقوس كنيسة عتيقة انفلتت أحبالها............
بنفس الفستان الذي تمنى أن يراه علي آخر ساعاته........بقيت به يوما وليلة وقالو إنهم يجهزون الجسد ليودعوه مثواه الأخير.........
وجلست مستسلمة للمصير المجهول........ضاع مني الطريق...........ضاعت مني "يس".......فتشت عنها في الحقيبة....في الأوراق......وحتى في ذاكرتي.......تبخرت...........لم أفلح مرة واحدة أن أقول أكثر من الكلمة الاولى ......وأسترجع بإرادتي صوت والدتي وهي تقول :-
إن أعياك واستعصى عليك أمر فعليك بـ "يس"..أين هي........هي نفسها استعصت علي فلم أجدها
ورحت في إغفاءة من كثرة المهدئات التي أطعموني وسقوني إياها
وصحوت على صوت أمي وهى تنبهني
- مها.......مها...أفيقي
وكان أول ما نطق به لساني أين خالد........؟؟؟
وأجابتني منها الدموع فعدت أعي كل ما هربت منه باغفاءتي القصيرة.................أعي حقيقتي بدون "يس" سقط علي الوعي بأنني بلا زوج........أرملة.........اصبحت أعي ما بتلك الكلمة من مشاعر الفقد والضياع والوحشة..........عاصفة تقتلع القلب والوجود وتزلزل الكيان كالبركان ...فمنذ أن رأيته شاحبا مسجى على السرير ينسكب عليه ضوء شفق شفيف ،من ملمس الدبلة فى أصبعي ينتشر في جسدي كالنمل الزاحف احساس بالفقد والترمل............فصحرائي كانت لها رمال سافية .....وحر لافح..وزمهرير قاس ينفذ حتى العظام ......وفوق كل هذا فإن صحرائي تبرأ منها القمر