يبدو أن العلماء نجحوا أخيرا في الكشف عن أحد جوانب الأسباب المهمة التي تؤدي إلى الاصابة بسرطان الرئة، وهو ما يعني تمهيد السبيل أمام معالجات ناجعة لهذا المرض الخبيث.
ويقول الباحثون أنهم أدركوا أن جزيئا يعرف علميا باسم "سي دي ـ 44" يلعب دورا مهما في وقف أو تفعيل التهاب الانسجة، وهو أمر مهم في معرفة طبيعة رد الجسم واستجابته للعطب الذي تتعرض له أجزاؤه المختلفة.

ويعرف عن التهاب الانسجة أن استمراريته لفترة طويلة تسهم في تحويله إلى مرض مزمن، وبالتالي تعرض الانسجة إلى تلف شبه دائم.

ويعرف عن نوع من الأمراض الرئوية المزمنة الذي يصاب به المدخنون بشكل رئيسي أنه يعمل بذات الطريقة، بمعنى تعرض الانسجة إلى عطب دائم غير قابل للعلاج.
أما الدور الذي يلعبه جزيء سي دي ـ 44 فيتمثل في أن وظيفته التنظيفية المهمة التي تقع ضمن جهود الجسم من أجل إصلاح ما تضرر من الانسجة المعطوبة.

ويعتقد العلماء أن سي دي ـ 44 له دور مهم في عملية التخلص من الخلايا الميتة في المنطقة المصابة، ويمكن ان يساعد على وقف انتشار الالتهابات، مما يساعد الانسجة البنائية الاخرى على القيام بدورها الاصلاحي.

لكن في حالة المرض الذي يصاب به المدخنون تصل درجة التلف في انسجة الرئة إلى الحد الذي لا يمكن بعده وقف الضرر او اصلاحه.

وقد تمكن العلماء في الولايات المتحدة من اثبات اهمية هذا الجزيء وللمرة الاولى، في تجربة على حيوانات المختبر.

فقد تمكنوا من تحديد المورث الذي ينتج سي دي ـ 44 في الفئران، وادركوا بعدها أن الالتهاب لم ينحسر او يتوقف كما كان مفترضا في السابق.

ويقول أحد الباحثين وهو الدكتور بول نوبل إن التجربة ساعدت فريق البحث على فهم بعض الاساسيات المتعلقة بعملية الالتئام، وماهية الظروف التي تحفز الالتهاب في الحالات التي لا يوجد فيها التهاب لسبب آخر.

كشف مثير

يشار إلى أن الالتهاب يعتبر أحد المظاهر الشائعة في العديد من الامراض، من ضمنها مرض الربو والتهاب المفاصل الروماتزمي.

لكن من غير الواضح للعلماء إن كان هذا الجزيء يلعب دورا مشابها في أمراض كهذه، أو حتى له دور أصلا في أمراض غير رئوية.

ويقول الدكتور ايان المحاضر في بيولوجيا الخلايا في جامعة ادنبره الاسكتلندية إن الكشف الجديد مثير وهام علميا، ويشير إلى أن الوسط العلمي المختص ظل مهتما في هذا الموضوع منذ عدة أعوام.

ويوضح أن سر الاهمية في عمل الفريق الامريكي، المنشور في مجلة ساينس العلمية، يتمثل في أنه ركز على دور سي دي ـ 44 في التخلص من الخلايا الميتة بدل دوره الآخر المنشط والمحفز للالتهابات.