نظمتُ هذه القصيدة إبان تنفيذ العدوان الإسرائيلي لمجزرة قانا الثانية والتي تزامنت مع قصف اسرائيلي لغزة أيضا وكان العرب ينظرون ، فقط ينظرون ، والآن تكابد غزة ما تكابد والعرب ينظرون ، فقط ينظرون ، لذلك أردت أن أنشر قصيدتي هذه لأنها نلائم لما يجري الآن
إلى فؤاد السنيوره عندما بكى في اجتماع وزراء الخارجية العرب بسبب مجزرة قانا الثانية يوم 8-8-2006
أنا يـا فؤادُ أمامَ عينِك أنـحني=وَأُجِلُّ دمعكَ من صميمِ فـؤادي
كم سالَ من أحداقِ عينـي مثلُه=دمـعٌ يُـكابِدُ حَرقَـةَ الأكبـاد
دمعُ الـرجالِ وليس يعرف قدْرَهُ=غـيرُ الرجالِ الصّـيدِ والآسـاد
لكننـي أُلقـي عـليك مَلامـةً =بـيْـضـاءَ لا ترقى إلى الأحقاد
هل كان دمعُكَ في الحوادثِ غالياً=لِـتُـهِـلَّـهُ في حَضْرَةِ الأوغاد
وزراءِ أنـظِمـةِ النذالةِ والـهوا=نِ الـطائـرينَ إلى رِضا الأسياد
ما مـجلسُ الأمنِ الذي يرجونَهُ=إلا صـدىً مُـتـأَمْرِكٌ ومُعادي
الذلُ ملـئُ عُـروشِهمْ ولأَجْلها=يَرْضونَ بالـخُـزْيَا والاسْتعـباد
لِمن اشتكيت لمن بكيت؟ أما تعي=أن لا حـياةَ لِـمن ترى وتنادي
ماذا أَضفتَ لِسمْعهمْ وَأَضفْتَ في=أبصارِهم من وَحْيِ الاستشهـاد
هل هذه الأولى التي شافوا بِـها=قُـطراً شَقـيـقاً داميَ الأجساد
وعواصماً دُكَّـتْ على أعراضِها=ورقابـها فـي قبضـةِ الـجلاد
هل هذه الأولى التي سَـمِعوا بِها=مَنْ تـستَغـيثُ لعرضِها وتنادي
لـم تلقَ مُعْتصِماً يُلبـّي نَدْبـَها=ويُغـيـثُـها من أسْرِها ويُفادي
هل هذه الأولى التي غَطّوا بـها=زَحفَ العُلوجِ على ثَرى الأجداد
مِنْ مالِهم تُبْنـى مَراكبُ قَصْفِنا=وبِـنَـفطهم تجري إلى الإخـماد
سِتون عاماً في فلسطين استُبِحْـنا=كالشِّياهِ لِصاحـبِ الـمـيـعاد
مازال يـحملُنا الشَّتاتُ ولم يزَلْ=قـهرُ الـمخيمِ شاخِصَ الأبعاد
في قلبِ كلِ مُـخيمٍ مطـبوعـةٌ=أشْـلاءُ مَـجـزرةٍ ودورُ حدادِ
صَبـرا وشاتـيلا تُراثٌ أحـمرٌ=نَـمضي وَنُـورِثُـهُ إلى الأحفاد
والآنَ غـزةُ تَـسْـتَحِمُّ بِدَمِّها=وَتَنوءُ تـحتَ القاصِفِ الـهدّاد
قانـا بِثـانِـيةِ الـمَجازِرِ تُبتَلَى=وجِـراحُـنا مَـجهولةُ الأعداد
من كل أنواعِ الـمَجازِرِ خَصَّنا=صَـهيونُ واستَعدى على الأولاد
يَـدُهُ تَطالُ دِماءَنا أَنـّى يَـشا=ءُ وقَـدْ طَـغَى بِـتَعَـنُّتٍ وعِناد
أعلافُ أَمريكا تُـبَطِّرُ خَـيْلَـهُُ =وتَـمُـدُّه بِـتَـفـوُّقٍ وعَـتَاد
هـي هَـمُّها أنْ تَسْتَبِدَّ بِشَرْقِنا= وتبث فيه أذرعا وأيادي
هـي عِـنْدَنا فَوقَ العَدُوِّ عدوةٌ=هي أصل ذاك الشر ولإفساد
هـي ذئبُ هذا العصرِ في غاباتِهِ=يسعى وحيدا دونما أنداد
تَـنْـهَى وَتَأْمرُ في العبادِ ودِينُها=يَـقضي بِـمَنطِقِ سَيِّـدٍ وعباد
فـتكبـرتْ وتعملقتْ حتى رأتْ=كلَّ الـخليقةِ تـحـتها كجراد
جعلتْ مصالـحَها إلـهاً مُطلقاً=تـجتاحُ مَنْ يَرميـهِ بالإلـحاد
وكرامةُ الـمُـستَضْعَفينَ وحَقهُمْ=فـي شَـرْعِها رَقمٌ بِلا تِـعـداد
هـي تـزرع الأحقادَ في أرحامِنا=وعلى الـمواسمِ تُبْتَلى بـحصاد
وتـقولُ إرهابٌ تَـوَلَّدَ واعْتدى=يـجبُ اقتلاعُ رَبـيـبِـهِ الولاد
لكنما هَـيْهاتِ فَهْـيَ بـبطشها=تُذْكي لَـهيبَ السَّخْطِ والأحقاد
فَـتهيجُ ثاراتُ الـمُهانِ وَيرْتَأي=أنَّ الكرامـةَ تُـفْتَدى بـجِـهاد
ويـظلُّ حزبُ اللـه حراً دونَـه=خَـرْطُ الـقَـتـادِ مُعزَّزاً بِقَتاد
وتـظلُّ أفراحُ الـجنوبِ رَهينَةً=بِيَدِ الـمُحَطِّمِ رَوْعـةَ الإنشـادِ
أنا بين ناريْنِ اصْطَلَيْتُ وَحَثَّنـي=قـلبـي إلـى السُّقيا والاستِبْراد
نارِ الـتَّعزُّزِ بالـمُقاومَـةِ التـي=أَعْـيَـتْ على مُتَـبَـطِّرٍ شدّاد
وبنارِ عاطِفتـي على الأرْزِ الذي=آلتْ بَواسِقُـهُ لِـحقلِ رَمـاد
لبنانُ تَـبكيـهِ الـحياةُ فَبَعدَهُ =تـبقَى الـحياة بِلا هوىً وبلاد
لا غَرْوَ إنْ غرِقَ الرجالُ بدمعهم=وتَلـفَّعَتْ كُـلُّ النِّـسَا بِسَواد
فَاذْرِفْ دمـوعَكَ يا فؤادُ فإنـها=فَـيْـضُ الأسَى مِن مُهْجَةٍ وفؤاد
إنـي عَذرْتُكَ واعتذرت لمدمَعي= فـمَصائِـبُ الأحْرارِ كالأطْواد
[/poem][/poem]