--------------------------------------------------------------------------------

فى وقتٍ مبكِّرٍ من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية ، ظهر هذا اللون الخاص من فن التصوير ، الذى يُعرف اليوم باسم : المنمنمات - وكانت تسمَّى قديماً : التزاويق ! وقد طوَّر الفنانُ المسلمُ هذا الفنَّ الذى ورث أصوله من الحضارت السابقة على الإسلام ، خاصةً الحضارات الهندية والفارسية .. وهو ما يؤكِّده بشكل مباشر ، أنَّ أولَ كتابٍ عربى ظهرت فيه المنمنمات كان كتاب (كليلة ودمنة) وهو فى أصله كتابٌ هندى ، ترجمه الفرس إلى لغتهم قبل الإسلام بعِدَّةِ قرون ، ثم ترجمه ابن المقفَّع إلى اللغة العربية فى أوائل القرن الثانى الهجرى .
وقد استمرَّ فنُّ المنمنمات فى التطوُّر ، بفضل فنَّانين (أغلبهم من أصولٍ فارسية) أشهرهم الفنان المبدع : بهزاد الذى رسم كثيراً من الكتب ، أشهرها ملحمة الشاهنامة لفردوسى .. والفنان : أقاميرك الذى رسم مؤلِّف الشاهنامة (لفردوسى) فى مساجلةٍ مع شعراء البلاط الغرنوى ، فكانت هذه اللوحة البديعة:

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


وتوالى ازدهار فنُّ المنمنمات خاصةً فى البلاد الشرقية من العالم الإسلامى ، وصارت عملية تزيين المخطوطات بالرسوم ، من الانتشارِ الواسع الذى خلَّف لنا مجموعةً كبيرة من المخطوطات المزوَّقة ، بل من المنمنمات المستقلة فى أوراقٍ مفردة .
وقد اشتهر بالتخصُّص فى هذا الفن ، مجموعةٌ من الرسَّامين الذين برعوا فى توشية الكتب واللوحات بهذه الرسوم ، وكثر عددهم وتعدَّدت طبقاتهم .. حتى أنَّ أحد المؤلِّفين -فيما يخبرنا به المقريزى - أفرد كتاباً عنهم ، عنوانه : ضوء النبراس وأُنس الجلاس فى أخبار المزوِّقين من الناس.
والمتأمَّل فى المنمنمات يلفت انتباهه هذا السطح الغنىُّ بالتفاصيل الدقيقة التى لاتملُّ العينُ من متابعتها ، وهذا الثراء اللونى والتنوع الكبير داخل كل منمنمةٍ .. كما يلفت الانتباه من حيث المنظور ، هذه الرؤية الأفقية للعالم ، وكأننا نراه بعينٍ علوية أو بحدقة طائر ثاقب البصر ، انبسط العالم أمام ناظريه بشكلٍ سحرىٍّ ولنتأمل هذه النماذج المختارة .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المصدر ... http://www.ziedan.com

منقول