زرقاء اليمامة(الشام)

خليّ الزمـانَ يمـرُ ثـم تمهلـيِ

وتوقفي في الشام ثـم تأملـي ِ

سترين أنَّ الشامَ جاوزَ حسنُهـا

حسنَ الحبيبةِ فـي اللقـاءِ الأولِ

ذهبٌ وإنْ يعلُ الغبـارُ إطـاره

من محنةٍ لا بـد يومـاً ينجلـيِ

والشام أنضر أن يجف رحيقهـا

فواحـةٌ كبنفسـج كقرنـفـلِ

إنْ غاضَ نبعٌ أو تأخـر هاطـلٌ

قلنا لها يا شامُ من دمنـا انهلـيِ

قد كنت زرقاء اليمامة انبئـتْ

أعمىً أصماً سـادراً لـم يعقـلِ

أمويـةٌ عربيـةٌ فـي نهجـهـا

ولسانهـا القـرآن لـم يتبـدلِ

عشقُ الشآم مخلدٌ فـي خافقـي

كالشعرِ لم يُقتـل ولـم يتحـولِ

فإذا تآكلت النفوس وأُوهمـتْ

بالهذر لم أغضب ولـم أتملمـلِ

وعرفتَ أثوابَ العروسِ يلوكها

وعرفتُ نابَ الجـرذ فأرُالمنـزل

وعرفتُ من سبحوا على أوهامهم

وترهلوا والشعـر لـم يترهـلِ

تركوا مآثرهم وضاعوا كلهـم

بل ضيعوا فيهم نقـاءَ المنهـلِ

وأنا أغردُ في الخميلـة شاعـراً

وجناحُ نسرٍلي وصوتُ البلبـل

وحبيبتي والله أبـدع حسنهـا

بفـمٍ يزينهـا وجفـنٍ اكحـلِ

أنا يا حبيبة قد نسيتُ مواجعـي

ما دمت كالزهر الأريج وأنت لي

وعلى ضفائرك الحرير أصابِعـي

وعلى جبينك قبلتـي فتقبلـي

وأنا الذي اخترتُ الطهارة مذهباً

في العشقِ مثلُ العابـدِ المتبتـلِ

ومددتُ روحي كي اريحك فوقها

ولك الدلال فغـردي وتدللـي

ونثرت جسمي في المدائن كلهـا

واخترت قلبك يا حبيبةُ منزلـي

وقرأت في التاريخ فيك تفاؤلـي

ونظرت من عينيك للمستقبـلِ

هي دعوة المختار تمنـح شامنـا

بركاتها كالغيث يهطل من عـلِ



د. محمد رائد الحمدو