\

خَوَاطِرُ مُسْتَأْجِر !
مع ذكر حَمَامٍ كان يسكن مع إلفه شباك غرفتي كان هذا الحوار :
شعر : د. محمود بن سعود الحليبي


عُشِّي كَعُشِّكَ ، لاَ يُخْفِي مُعَانَاتِي
فَلِي كَمِثْلِكَ أَفْرَاخِي وَآهَاتِي
جَمَعْتَهُ أَنْتَ مِنْ قَشٍّ بِلاَ ثَمَنٍ
أمَّا أَنَا فَاسْمَعَنْ بَثِّي وَمَأْسَاتِي
مِمَّنْ تفرُّ ؟ فقَلْبِي لاَ يُطَاوِعُنِي
وَلَسْتُ أَقْوَى عَلَى جَرْحِ الحَمَامَاتِ !
لاَ تَحْمِلنْ هَمَّ أَمْنٍ ؛ أَنْتَ في دعَةٍ
إِنْ كُنْتَ آمنتَ هَمًّا لِلإِجَارَاتِ
أَجَلْ .. لِمِثْلِكَ صَيَّادٌ يَعِنُّ سِوَى
هَيْهَاتَ لَيْسَ كَصَيَّادِ المَسَرَّاتِ
يا أَنْتَ .. إنْ شِئْتَ أَطْلَقْتَ الجَنَاحَ . أَنَا
مَنْهُوكَةٌ بِعُرَا حِمْلِي جَنَاحَاتِي
تَرَاهُ أَنْتَ على بُعْدٍ يَسِيرُ . أَنَا
لاَ لَسْتُ أَدْرِي مَتَى تُسْبَى رِيَالاَتِي
يُزْجِي عَلَيَّ سَلامًا كُلَّ آونةٍ
يَنَالُ بِالغَمْزِ فِيهَا مِنْ سَلاَمَاتِي !
دَوْمًا أَرَاهُ وَلَوْ خَالَفْتُهُ طُرُقِي
كَمَا يُشَارِكُني حِينًا مَنَامَاتي !
فَتَارَةً عَابِسًا أَلْقَاهُ فِي حُلُمِي
وَتَارَةً صَارِخًا يُودِي بِرَوْعَاتي !
وَتَارَةً مِثْلَ كَفٍّ أَمْسَكَتْ عُنُقِي
تُريدُ قَذْفِيَ مَنْ سَطْحِ العِمَارَاتِ
أَوَدُّ أَنْسَاهُ لكِنْ لَيْسَ يَتْرُكُنِي
كَأَنَّنِي صِرْتُ مِنْ بَعْضِ القَرَابَاتِ
مَا إِنْ أُسَرُّ بِمَالٍ رُحْتُ أَجْمَعُهُ
حَتَّى أُشَيِّدَ كُوخًا فِي الغَدِ الآتِي
حَتَّى يَحُطَّ كَمِثْلِ البَازِ مُفْتَرِسًا
كَفِّي وَمَا احْتَضَنَتْ لِيْ قَائِلاً : هَاتِ !
فَأَصْفِقُ الخَمْسَ بِالخَمْسِ ابْتَدَاءَ أَسَىً
تَزُفُّهُ لِخِبَاءِ اللَّيلِ وَيْلاَتِي
مَالِي إِذَا حَفَرَتْ يُمْنَايَ حُفْرَتَهَا
أَتَى لِيلْقِمَ فَاهَا كَفُّهُ العَاتِي ؟!
أَبْنِي وَيَهْدِمُ آمَالِي بِزَِوْرَتِِهِ
بِئْسَ الزِّيَارَاتُ مِنْ كُلِّ الزِّياراتِ !!
وَلِي كَمِثْلِكَ إِلْفٌ غَيْرَ أَنَّكَ لاَ
تَشْكُو كَمِثْلِيَ مِنْ سَوْطِ العِتَابَاتِ
أَكَادُ أَصْغُرُ فِي نَفْسِي إِذَا شَرَدَتْ
عَلَى جَوَادٍ سَرِيعٍ فِي الخَيَالاَتِ
وَفَتَّلتْ مِنْ حِبَالِ النُّطْقِ أَلْسِنَةً
ِبهَا تُمَجِّدُ مُلاَّكَ العَقَارَاتِ
إِلْفٌ تَمَادَى مَعَ الأَيَّامِ خَاطِرُهَا
فِي الأُمْنِيَاتِ وَفِي أَقْصَى الطُّمُوحَاتِ
تَفَنَّنَتْ فَوْقَ ذَاكَ الثَّغْرِ أَسْئِلَةٌ
لَهَا ؛ فَجَاءَتْ بِأَلْطَافِ العِبَارَاتِ :
مَتَى تَكُونُ لَنَا أَرْضٌ نُقِيمُ بِهَا
عِزًّا تَغَارُ لَهُ مِنِّي صَدِيقَاتِي ؟!
مَتَى سَيَفْرَحُ أَطْفَالِي بِمُنْتَجَعٍ
فَيَقْفِزُونَ بِهِ بَيْنَ الفَرَاشَاتِ ؟!
تَدْعُوهُمُ فِيهِ أَلْعَابٌ ، وَتَسْحَرُهُمْ
بُحَيْرَةٌ حَقَّقَتْ حُلْمَ الإِوَزَّاتِ ؟!
مَتَى أُكَرِّمُ أَضْيَافِي بِأَنْدِيَةٍ
تَسْبِي العُقُولَ وَتَزْهُو بِالمَتَاعَاتِ ؟
مَتَى أَرَى لِيَ قَاعَاتٍ مُجَنَّحَةً
وَمَطْبَخًا وَاسِعًا يُبْدِي مَهَارَاتِي ؟!
مَتَى سَيُصْبِحُ لِي فِي مَسْكَنِي شُرَفٌ ؟
تَكَادُ تَخْنِقُ أَنْفَاسِي غُريفَاتِي ؟!
أُرِيدُ يَا فَارِسَ الأَحْلاَمِ ! أُمْنِيَةً
رَسَمْتَهَا أَمْسِ لِي فِي قَلْبِ لَوْحَاتِي !
أُرِيدُ يَا سَيِّدِي بَيْتًا ، أَتَسْمَعُنِي ؟!
أُرِيدُ قَصْرًا مُنِيفًا مِثْلَ جَارَاتِي !
رَقَّتْ حَمَامَةُ شُبَّاكِي لِمَوْجِدَتِي
وَاسْتَعْبَرَتْ إِذْ رَأَتْ مُنْهَلَّ عَبْرَاتِي
وَأَرْسَلَتْ مِنْ هَدِيلِ الشَّجْوِ أَوْدِيَةً
مِنَ الحَنَانِ بِهَا مَرْعًى لأَنَّاتِي
وَلَمْلَمَتْ مِنْ ضَنَى أَفْرَاخِهَا ، وَرَنَتْ
إِلَيَّ فِي نَظْرَةٍ لَمَّتْ مَتَاهَاتِي !
وَنَقَّرَتْ عُشَّهَا : ( خُذْهُ ) مُوَدِّعةً
: سَأبْتَنِي غَيْرَهُ فَوْقَ الشُّجَيْرَاتِِ !!!