" جوجل " العجيب وهدهد سليمان
أيهما أسرع؟
أناعمكم " google " في الجَو.. جُلْ ولا تَخَفْ
قالوا لي: " جُلْ، باحثا سائحا.. عائما في الماء ، سابحا في الفضاء.. باحثا في رفوف المكتبات، منقبا في خزائن المراكز العلمية وفي النوادي والجامعات.. اتصل بمن تشاء من سكان العالم ".
جاء ذلك كله بعد أن عرفوا مستوى خدماتي الرفيعة وذهلوا من سرعتي البديعة.. أنا محرك البحث العظيم.. الذي لا تعيقه جبال ولا تحده حدود ولا وديان.. لا تقف في وجهه بحارولا قارات.. لا يصعب عليه قطع آلاف المسافات..أنا العابر للأجواء كلها، أبرية كانت أم بحرية أم جوية..؟
أنا المتفضل على الناس كافة من دون مقابل ذي أهمية تذكر..
أنا صديق الجميع.. لاسيما وقد أعتبرني بعضكم أكرم من حاتم الطائي المعروف عندكم بكرمه وفضله على ضيوفه..
أثناء ممارسة عملي الالكتروني التقيت صدفة بأحد الأطفال المدمنين على تصفح شبكة الأنترنت فسألني- بعد أن قدمت له خدمة مستعجلة عمن أكون ؟
فقلت له بكل فخر: أنا في الجَو.. جُلْ، ولا تخف.. أنا دليلك ورائد مسيرتك أيها الطفل الباحث عن وسائل التسلية وكنوزالعلم والمعرفة.
أنا عمكم " جوجل " الذي لا يرفض لكم طلبا ولا خدمة.. لا أبخل على أحد منكم بمده يد المساعدة وإعانته في بحوثه ونجدته.. وكأنني سيارة إسعاف أو فرقة طب استعجالي.. ما أطلب منكم إلا التزود و التمكن من هضم واستيعاب ما تتحصلون عليه من معرفة..فكما تعلمون أولا تعلمون لم يعد باستطاعة الكتاب التقليدي والقرص المضغوط والأسطوانة المرنة منافستي في تقديم الخدمة السريعة سرعة البرق.
لا أسأل أحدا منكم عن هويته إن كان مسلما أم مسيحيا، يهوديا أم بوذيا..مؤمنا أم كافرا، إن كان صادقا في تعامله معي أم كاذبا.. مهذبا أم صعلوكا، ذلك ليس من مهامي.. فأنا مخلوق مطيع ، سخرني الله رب العالمين لأكون في خدمة العلم والناس كافة دون استثناء.
غيرأن هناك بعض المنافسين المتطفلين الذين يحاولون - عبثا - أن يكونوا في خدمتكم بدلا عني .. ولكن هيهات أن يتمكنوا من اللحاق بي.. لا أريد ذكرأحد منهم حتى لا أشهر بهم، فرداءة خدماتهم تجعلني أغض الطرف عن ذكرهم..
لا تصدقوا.. أن هناك من باستطاعته أن يحملكم على جناح السرعة ويطير بكم عبر الأجواء كلها لتجوبوا العالم بأسره في لمح من البصر، ويحدد لكم مواقع المدن والقرى وحتى الشوارع والأزقة، بخرائط غاية في الدقة والوضوح مثلي
.. أكاد أقول: أني قد تفوقت على الهدهد الذي قال لنبي الله سيدنا سليمان عليه السلام في القرآن الكريم أنه قد وجد إمرأة لها عرش عظيم:
" قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك...
وإني عليه لقوي أمين..
( الآية 39 من سورة النمل )
وأصدقكم القول أن الذي فاقني سرعة ولم أتمكن من مجاراته هوذاك الذي قال:
" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ...
( الاية 40 من نفس السورة )
ذلك لا علم لي به.. فلا تؤاخذوني. أنا عمكم " جَوجُلْ " أجوب الدنيا طولا وعرضا..لا أتعب ولا أنام..عندي عناوين كنوزالعالم .. اسألوني عن مواقع وعناوين ملايين المدونات وعن مئات وآلاف الصحف والمجلات وعن ملايين صناديق بريد الأهل والأقارب والأصدقاء.. وعن أماكن ومواقع الشركات والمؤسسات والهيئات والإدارات والمعاهد والمراكز الخاصة والمتخصصة، لأدلكم عليها وعلى تخصصاتها وعلى نوعية وكثافة وغزارة ما تحتويه خدماتها التي تحتاجون إليها. واعلموا أن لا أجنحة لدي ولا أرجل، أنا لا أطير في السماء، ولا أسبح في الماء، لا أمتطي صهوة جواد.. ولا أركب سطح سفينة.. ولا استقل سيارة.. ولا أصعد حافلة .. ولكنني بمجرد لمسة بسيطة من أصابعكم على الفأرة
( الماوس ) الالكترونية الموجودة أمامكم، انطلق بسرعة الضوء..باحثا عما تريدونه .. ولا أظنكم تجهلون سرعة الضوء - يا أبنائي - التي تبلغ ثلاث مئة ألف كلم في الثانية.. وليس كسرعة الصوت التي هي أقل من ذلك بكثير..فأنا إذن أشبه إلى حد كبير في سرعتي وتقديم خدماتي هدهد سيدنا وسيدكم سليمان عليه السلام كما ذكرت لكم .
- الطفل: ولكنك لم تخبرني عن كيفية مجيئك إلى عالمنا هذا ؟
- جوجل: أنا أحد الأخوين أمريكي الجنسية، عالمي الخدمات، جئت نتيجة لتطورالبحث العلمي الذي أرسى أسسه ومبادئه وثبت قواعده أجدادكم العرب الميامين.. فاعلم أني جئت نتيجة عملية اكتشاف الصفرالذي ابتدعه أجدادكم القدامى، فلولا ذاك الصفرما كان هناك حاسوب ولا جاء عمك " جوجل" إلى الوجود.. واعلم أيضا أني لا أعتمد في سرعتي الفائقة وتقديم خدماتي الجليلة، إلا على الله الواحد الأحد، الذي زودني بسر وجود الحركة ومنافع الألياف البصرية البلورية وذرات الهواء المتناهية الدقة والصغر..أي أني جئت نتيجة عملية الدوران.. دوران حركة الأشياء حول نفسها، الصفروالواحد.. 0101010101 كدوران العجلة..واللولب والبرغي وما إلى ذلك، فكما تعلم كل شيء يعتمد في سيره على الحركة.. كعملية الخرط الحديدي لدى الخراط ... الكواكب تدور في حركة صفرية متواصلة، منذ أن خلق الله الكون وما فيه.. كدورة المياه..الموجودات كلها تدور، هي عبارة عن حركة دورانية لا تتوقف.. أي أن هناك دائما منطلقا ومنتهى لكل شيء.. ولادة فطفولة فشباب ثم كهولة وأخيرا شيخوخة فهرم.. حتى لا يعلم بعد علم شيئا..
وهكذا صرت خادما للبشرية جمعاء.. فاشكرالله الذي هدى الناس لمثل خدماتي السحرية..
أنا الآن.. وفي كل حين رهن إشارة منك.. موجود في كل مكان.. في مقهى الانترنت.. وفي منازل العالم المزودة بجهازحاسوب ومتصلة بالشبكة العنكبوتية للمعلومات.. سواء مباشرة بأسلاك أو بدونها.. أنا متواجد في كل هاتف محمول متطوروفي كل قارة.. في كل سيارة وباخرة وغواصة.. وفي كل طائرة.
- الطفل : ولكنك لم تخبرني عن المسالك والطرق التي تعبر من خلالها إلى بيوت الناس وإلى المؤسسات والإدارات والهيئات والدورالحكومية..
- جوجل: كل الطرق عندي تؤدي إلى مبتغاك.. عبرالبحر في كوابل.. وعبر البر في خيوط نحاسية.. وعبرالجو في موجات أثيرية.. ألم أقل لك أن لا حواجز تقف في وجهي ولا حدود ؟!
عبدالقادربوميدونة
الجزائر