-
باحث في علم الاجتماع
الغرب والإسلام من الوعد المشئوم إلى قرار التقسيم ضاعت فلسطين! (98)
مصطفى إنشاصي
مما يؤسف له أن هذه السلسلة من المقالات على أهميتها لإدراك ما لم يدركه الكثيرين طوال عقود النكبة وعاشوا على أوهام تنفيذ القرار 194 الذي ينص على عودة اللاجئين إلى ديارهم، وها هم يعيشون يوميات حرب الإبادة لغزة وإلغاء الانروا ووقف نشاطها في الاراضي الفلسطينية، ومازالوا لا يفهموا ذلك...!
كيان العدو جزء من الاستراتيجية الأمريكية!
كما أن أمريكا في الفترة من أيار/مايو 1948م وحتى نهاية ذلك العام، حققت للعدو الصهيوني أشياء كثيرة، منها: قرار أمريكا بعدم إرسال ضباط مراقبة الهدنة، ومعارضة أمريكا مناقشة بند فلسطين في الجمعية العمومية، ووعدت الإدارة الأمريكية العدو الصهيوني بالاعتراف بحدوده عند النقطة التي تصل إليها قواته. السياسة تفسها مارستها الإدارات الأمريكية لليوم.
وفي كانون الثاني/يناير 1949م رفعت درجة اعترافها بالعدو الصهيوني من الاعتراف الواقعي إلى القانوني، ورفعت درجة التمثيل الدبلوماسي معه إلى درجة سفارة. كما بدأت تقدم له مئات الملايين من الدولارات لدعم وجوده واقتصاده تحت مسميات عدة.
ومنذ عام 1950 بدأت توقيع الاتفاقيات الثنائية معه في المجالين العسكري والأمني. وهذا الدعم الأمريكي الواسع للعدو الصهيوني كان ومازال الهدف منه جعله جزء مهم في الاستراتيجية الأمريكية، فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي في عام 1949م قائلاً: (إن "إسرائيل" مهمة إستراتيجيا ويجب دعمها). وابتداء من عام 1951م قررت وزارة الدفاع الأمريكية بلسان وزيرها أن يكون للعدو الصهيوني دور متميز على أساس: (أن تقوية "إسرائيل" تساعد الدول الغربية على المحافظة على التوازن والاستقرار في "الشرق الأوسط" ... فبالإمكان الاعتماد على "إسرائيل" لمعاقبة واحدة أو أكثر من الدول المجاورة، التي تجاوزت تصرفاتها تجاه الغرب، حدود اللياقة المسموح بها).
أمريكا ترفض حق عودة اللاجئين
إن العصا التي تتكئ عليها الولايات المتحدة للتدخل في شؤون وطننا الداخلية هي الصراع العربي- الصهيوني، وقد كان ولازال المعضلة الرئيسة فيه هي إصرار اللاجئين الفلسطينيين على احتفاظهم بحق العودة إلى أراضيهم وبيوتهم التي شردوا منها عام 1948م. إن هذا الحق مسقط في السياسة الأمريكية منذ بداية النكبة، ولا تؤمن الإدارات الأمريكية المتعاقبة به. ذلك لأن كل الرؤساء الأمريكيين أوفياء للأسس التي وضعها الرئيس الأسبق ولسون للسياسة الأمريكية المعادية للعرب، التي تقوم على أساس دعم قيام الكيان الصهيوني وتوفير الدعم المادي والسياسي والأمني له، والعمل على حمايته ...إلخ.
وهذا هو الذي أزم حل قضية عودة اللاجئين منذ ذلك التاريخ، حيث اعتمدت حكومة ترومان سياسة تقوم على توطين اللاجئين، ودمجهم الاقتصادي في المحيط العربي. وهذا ما أعلن عنه ممثل أمريكا في لجنة التوفيق الدولية الثلاثية، التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة من ممثلي فرنسا وتركيا وأمريكا، وأقرها بروتوكول لوزان في 12 أيار/مايو 1949م، فقد أعلن في اجتماع اللجنة في بيروت:
(إن "إسرائيل" لا تقبل عودة اللاجئين، والخير أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة عملياً بدلاً من التمسك بها نظرياً، وهناك حقيقة واقعة وهي أن جميع اللاجئين لن يعودوا ... فمن الصعب أن يعود هؤلاء اللاجئون لأقاليم يسكنها قوم غرباء عنهم. فيجب التفكير في إعادة استيطانهم من جهة، وإعداد المشروعات اللازمة لعودتهم للحياة العادية). وذلك مبدأ أساسي من مبادئ العقيدة البروتستانتية والسياسة الأمريكية.
ومن أجل ذلك أيدت الحكومة الأمريكية إنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كفرصة لتوطينهم في غير ديارهم، ودفعت غالبية ميزانيتها. وضغطت على الدول العربية البترولية خاصة كي تفتح أبوابها أمام الفلسطينيين للعمل فيها وبأجور مغرية جدا، وتسهيل كل السبل أمامهم لنسيان الوطن والقضية، كما حاولت أن تغري بعض الدول العربية لتوافق على توطين اللاجئين في بعض أراضيها.
كما حددت أمريكا منذ ذلك التاريخ، تاريخ معين تتوقف عنده أمريكا عن تقديم المساعدات للاجئين، وذلك لإكراههم على الاندماج في البلدان التي هُجروا إليها. وهذا ما حدث من أمريكا منذ سنوات، وأدى إلى توقف كثير من أوجه الدعم والخدمات التي كانت تقدمها الوكالة للاجئين نتيجة النقص الحاد في موارد تمويلها. وكذلك التضييق من الدول العربية على الفلسطينيين الذين سبق لها أن فتحت لهم أبوابها على مصراعها للعمل والعيش فيها، ونسيان وطنهم وعدم التفكير في الخروج من هذه البلدان.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى