العام موشك على نهايته. عرفت ذلك من أشياء عدة، هي: ١. أنا في البيت (وأخيراً) على اعتبارها عطلة رسمية. ٢. ها أنا أكتب منشوراً على صفحتي المهجورة مجدداً. ٣. الزينة تتنامى منذ مطلع ديسمبر في الشوارع، وواجهات المتاجر، وعلى شرفات المنازل. يبدو منظرها ساحراً حال عُزلتها عن سياق معاشنا اليومي. ٤. بطاقات التهنئة من جهات الاتصال كلها! ففي هذا الوقت تشعر العناكب بالتعاسة؛ ذلك أن العلاقات الواهنة تلوح بوجودها البارد في العام الجديد. مع ذلك، أحملها من عام إلى آخر خشية أن أفلتها إلى الأبد. ٥. قوائم جرد الكتب في وسائل التواصل الاجتماعي. هي الأخرى يبدو عدد المنجز منها مدهشاً لولا ارتباطها بواقع المثقفين والعالم. (يمكنك أن تزعم بأني أقول هذا -غيظاً- لأن قائمتي = صفر). ٦. دفاتر الخطط السنوية التي تلزمنا بتدوين أهدافنا ثم ترمي بنا في مساحات وعرة، وتستدعي منا ركضاً متواصلاً يفقدنا الرغبة في إنهاء صفحاتها. لا أعتقد أن هناك من يتجاوز الشهر الثالث معافى من اليأس. بالمناسبة، ما أسعارها الآن؟ ٧. الأمنيات. لكنها تختلف عن الأهداف؛ لأن الأخيرة تكون محتملة الحدوث (يفترض ذلك)، وهي قريبة. أما الأماني فهي لا تأخذ الجغرافيا، ولا الراهن، ولا الإمكانيات في الاعتبار. إنها تتجاوز ذلك كله إلى شيء بعيد. هو الأمل. أفضل ما نملكه، وأسوأ ما نفعل! ٨. الندم. يظهر وخز في الضمير والقلب وبهما معاً تبعاً للخيبة. فقد نتطاول في الأمنيات، ويأخذنا الأمل أبعد مما يحتمل هذا الوقت البخيل. وفي مثل هذه الأيام نكتشف (للمرة المليون أو أكثر) أن النسيان أو التجاهل فخ. وعلينا أن نحاول مجدداً في الوهم. ربما، هذا العام يتغير شيء. أي شيء. ٩. الذاكرة تنشط؛ فنستدعي المجريات جميعها أو نزعم ذلك. أعرف بأننا لا نستطيع أن نستجلب اللحظات والأفكار والمشاعر كلها. وأن السنة بوسعها احتمال حدث أو حدثين أو ثلاثة على مستوى الرؤية ورغبتنا في الاختزال. ففي عامنا المنصرم كان الزلزال ثم الأزمة الإقتصادية ثم خراب متوحش في العالم هنا وهناك على نحو مستمر. قد يخطر في بالك سؤال عن ذاكرتي الخاصة. سأجيب بأن اليومي لم يعد له معنى حيال هذا الدفق من "عاجل الأخبار". لكن لو دققت في تفاصيل هذا الوقت الداكن لعثرت على نعم كثيرة واضحة وغزيرة. قد يكون من بينها النجاة إلى لحظة الكتابة هذه أو العافية في جزء من وجودنا. لكن الذاكرة منحازة للألم في أكثر المرات. ١٠. ليس لدي قائمة قراءة قديمة أو جديدة (تأكدت مزاعمك السابقة)، ولا أهداف قريبة المنال أو بعيدة (سؤال السعر مجازي)، ولا رجاء صادق أو يأس غامر (لا تأخذ نهاية الفقرة ٨ على محمل الجد)، ولا جهات اتصال عامة أو قريبة أود مشاركتها هذا الانتقال الذي يبدو كأنه من مركب إلى آخر، وهو في الحقيقة الغرق نفسه. (هو شكل آخر لأقول ليس لدي رغبة في الاحتفال). كما أنني لا أشعر بشيء (خاص) سوى الحاجة إلى النوم دون كوابيس أو قلق أو منبه. حسناً، إنها سهلة جدا لكن دون هذه العلامات كلها. ١١. الحافة فكرة.د. نهى حسين