كتب عبدالحميد المعايطه
بيوت العزاء نقمه وليس نعمه
يقول عواد مع ساعات المساء توفي والدي وهو رجل كبير بالسن ولكنه كان محبوبا ومن أهل اصلاح ذات البين ذهبنا به للمستشفى وتم تحويله للطب الشرعي وفي الصباح توزعنا أبناءه الثلاث واحد في الطب الشرعي والآخر ذهب لتجهيز قبر والدي وانا كان دوري لتجهيز طعام الغداء بعد الدفن حيث ذهبت إلى ملحمة صديق وبدوره ارسلني الى شقيقه في احد المزارع وتم اختيار الذبائح وإجراء اللازم وذهبت للبحث عن مطبخ ليقوم بطهي الطعام وسجل لنا قائمه كبيره بالمستلزمات واحضرناها وكل ١٠ دقائق يتم طلب شيء ما واذهب لاحضاره
اما في الجانب الاخر لم يتم تشريح والدي لوجود سيره مرضيه حيث تم تغسيله وتكفينه ووضعه في مسجد البلده وانا لازلت اجهز في الطعام أقيمت صلاة الظهر وصلاة الجنازه وتم نقل الجثمان الى المقبره وبعد أن اطمأنيت على طعام الغداء انه أنجز ذهبت للمقبره لوداع والدي ولكن لم أستطع وداع والدي حيث كانوا قد اتموا مراسيم الدفن واصطف الجميع لتقبل العزاء وقد شاهدت في المقبره مدخنين هواتف رنينها متواصل كل اثنين او ثلاثه في منطقه وسواليفهم وضحكاتهم تعلو المكان ولا يعرفون حرمة الميت او حرمة المقبره وانا كان وقوفي على بوابة القبر استجير بالناس من خلال دعوتي لتناول طعام الغداء في صيوان تم بناءه لهذا الغرض واقول الي بحب المرحوم يحضر الغداء
ومن تم توجهنا الى الصيوان وكان الجلوس وكأنهم لم يخرجوا من المقبره ولا كأنهم في عزاء ضحك دردشه استغابه تعليقات على كل من يدخل للعزاء وتعارف والدخان كغيمه فوق الرؤوس
تم وضع المناسف والمياه على الطاولات وكان عددها ٥٠ منسف للرجال و٢٥ للنساء وتم دعوة الرجال للتقدم على الميسور وانا بينهم انادي بأعلى صوتي من يريد شراب من يريد مياه من يريد خبز شراك وانا اتجول بين الطاولات كنت اسمع همسا
من هذا الهمس منهم من يقول اللحم غير ناضج ويبادره اخر بالقول هذا روماني وليس بلدي وطاوله أخرى من يقول الرز غير ناضج واخر يقول الطباخ شغله مو صح وينبري اخر ليؤكد لهم ان بأن الجميد سوري
واخر المياه ساخنه وتعلمون الأحاديث التي تدور بين الجميع
وانا لم أستطع منع دموعي من التساقط كونني اخر العلم بأبي وهو حي وقبل ان ينتقل للرفيق الأعلى ولم اشاهده بعدها وكم كنت اتمنى ان اقبل جبينه مودعا له عند رب رحوم
نهاية حديثي احبتي اقول لكم ومن تجربه
كان العزاء ٣ ايام لم نذق طعم النوم وكنا كل يوم نوصي على مايقارب من ٢٥ الى ٣٠ منسف للرجال والنساء وناهيك عن كراتين المياه والقهوه والتمر الذي كان من اجود الأنواع
وكانت الخلاصه عشرة آلاف دينار على الاخوه الثلاث وغير قادرين عليها لولا وجود البنوك
وتساءلت مع نفسي مالذي حدث ولماذا
هل العزاء يرفع من قيمة المتوفي ويحجز له جناحا في الجنة
هل هذه المصاريف الغير ضروريه هي حسنه عن روحه وهل تقبل عن الله
اكثر من اسبوعين بعد العزاء ووالدتي تستقبل نساء البلده وبيت شقيقي يتم استقبال الأقارب فيه وبكارج القهوه وكراتين المياه والتمر هي سيدة الموقف
السؤال الى متى نبقى في مخالفة سنة رسولنا الكريم
الى متى نقبع وراء المثاليات الى متى نبقى اسيرين للعادات والتقاليد
هل نجد من يصرخ بأعلى صوته كفى لبيوت العزاء
هل نجد خطباء الجمعة يتحدثون عن هذا الواقع وعن مانهى عنه رسولنا الكريم
كفى نفاقا
كفى بهرجه
من أراد أن يصنع غداء فليصنعه في بيته ومن أراد العزاء فليكن على المقابر
وهذه قصة شخص فجع بوالده وما واجهه ولازال الحزن يخيم عليه فقط لانه لم يقبل جبين والده ويودعه الوداع الاخير