معركتا كعوش وتل العزيزيات وحسني الزعيم والشهيد جواد أنزور
سأتحدث اليوم عن معركتين مهمتين جداً للواء الثاني في الجيش السوري، تولت فيهما الكتيبة الشركسية دور قوات المغاوير، فتحقق نصر كبير في زمن الهزائم. إذ سيطر الجيش السوري على منطقة واسعة من أراضي فلسطين غربي نهر الأردن، واحتفظ بها حتى عام 1956، وهو نصر منح حسني الزعيم شعبية كبيرة بوصفه بطلاً حقيقياً حقق انتصارين كبيرين في ظل تراجع جميع الجيوش العربية، وكان ذلك ممهداً لانقلابه السهل على الرئيس شكري القوتلي.
1- معركة كعوش
تسبب قرار وزير الدفاع أحمد شرباتي غير المدروس بعبور نهر الاردن من جنوبي بحيرة طبريا من أجل تحرير ((الناصرة وصفد)) اللتين وقعتا تحت احتلال قوات الهاجانه بعد انسحاب جيش الانقاذ، تسبب بكارثة حولت الانتصار المبدئي في سمخ إلى هزيمة.
وكانت القوات السورية قد سيطرت على سمخ في 18 أيار مكبدة العدو خسائر فادحة في الأوراح والعتاد، تجاوزت 113 قتيلاً، بينهم قائد القوة المدافعة وقائد وحدة الهاجاناه، إضافة إلى 10 أسرى مقابل ستة شهداء سوريين و11 جريحاً.
وزار رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي ووزير الدفاع أحمد شرباتي الرتل السوري في سمخ، ووجهاه بمتابعة التقدم لاحتلال صفد والناصرة، وهو ماكان يعارضه قائد اللواء الذي كانت لديه خطة أخرى تقضي بتعزيز المواقع السوري في سمخ والمنطقة المحيطة بها.
وقعت الكارثة واستقال وزير الدفاع، وتم تعيين الزعيم حسني الزعيم بدلاً منه، فبدأ بتنفيذ الخطة البديلة التي كان يدافع عنها، وهي الدخول إلى فلسطين عن طريق جسر بنات يعقوب في القطاع الأوسط من الجبهة السورية.
زج الزعيم بقوات اللواء الثاني على محور القنيطرة – كفر نفاخ- جسر بنات يعقوب، ولم ينجح الهجوم الأول الذي تم بتاريخ 5 حزيران. غير أن الهجوم الثاني الذي اعتمد على دخول قوة كوماندوس اقتحامية مكونة من كوكبة الفرسان في الكتيبة الشركسية يوم 8 حزيران، تمهد لدخل اللواء الثاني، فنجحت الخطة وعبرت كتائب من اللواء الثاني المخاضة لأن الجسر كان مدمراً، واشتبكت مع القوة المتمركزة في مستوطنة كعوش من المساء حتى الفجر، ودخل السوريون المستوطنة التي امتلأت بجثث 120 من المستوطنين المسلحين والجنود النظاميين، تلا ذلك احتلال تل أبو الريش الذي يتحكم بالمنطقة . وكان من نتيجة نجاح الهجوم السيطرة على مثلث على شكل قوس غرب نهر الأردن، قاعدته جنوب بحيرة الحولة، ورأسه على شواطئ بحيرة طبريا الشمالية الغربية حتى تل الشمالنة. وعلى إثر ذلك عقد اتفاق الهدنة الأول بتاريخ 11 حزيران لمدة أربعة أسابيع.
2- معركة تل العزيزيات
وبعد انتهاء الهدنة الأولى نجحت قوة إسرائيلية في احتلال تل العزيزيات الواقع ضمن الأراضي السورية. وبعد محاولات فاشلة لتحريره، استدعى رئيس الأركان حسني الزعيم الرئيس أول (رائد) جواد أنزور على عجل، وكان قد تقاعد من الجيش، لتحرير التل الذي يمتلك أهمية استراتيجية خاصة، وكان مطلوباً استعادته قبل سريان اتفاق الهدنة الثاني في 16 تموز.
وتجاهل المقاتلون البرقيات التي وصلتهم حول اتفاق الهدنة وواصلوا معركتهم حتى حرروا التل في ليلة 18 تموز، حيث استشهد الرئيس أول جواد أنزور على بعد خمسين متراً من القمة، فتابع الملازم عواد باغ المهمة وأنجز تحرير التل كاملاً صباح 18 تموز، وقد حاولت لجنة الهدنة الدولية إخراج القوات السورية من التل، غير أن الافادات التي تلقتها من المشاركين في الهجوم أكدت أن التحرير تم قبل سريان اتفاق الهدنة .
وعقدت اتفاقية الهدنة الثالثة الدائمة في 10 كانون الأول عام 1948، وكانت هناك ثلاث جزر من أراضي فلسطين الإنتدابية، في الشمال والوسط والجنوب، تحت سيطرة القوات السورية.
الصورة: ضباط وعناصر الكتيبة الشركية في الجيش السوري يتوسطهم الرائد الشهيد جواد أنزور.
عن صفحة تيسير خلف