لماذا أكتب عن غناء النساء؟ لسببين:
الأول: الفن طبيعة الإنسان وروحه وإشراقه، والدين الحق يؤمن برسالة الفن النبيل، ولا يطمس موارد الإشراق والسعادة، والرسول نفسه استمع للغناء، وأثنى على غناء أنجشة وغناء حمامة.
الثاني: مواجهة ثقافة الكراهية، فهناك آلاف الفنانين والفنانات، وملايين من المؤمنين يحبونهم ويستمعونهم، وهؤلاء إخوتنا ويستحقون كل احترام، ويجب أن تتوقف ثقافة الكراهية المتبادلة، وهناك مثلاً مائة رواية ضعيفة يرويها الخطباء على نسق هذه الرواية: النظر إلى المغنية حرام وغناؤها حرام وثمنها حرام وثمنها كثمن الكلب وثمن الكلب سحت، ومن نبت لحمه من السحت فإلى النار- أخرجه ابن عدي
.........
هذه الثقافةالبائسة يجب أن تنتهي، وأن يحب الناس بعضهم بعضاً، ملايين من الناس يحبون أم كلثوم وعبد الحليم وفيروز ووردة وأسمهان .. وهؤلاء نجوم إبداع وسعادة، ولا أدري لماذا يجب أن نعلم أولادنا كراهية المغني وشتم المغنية؟
بالطبع: هناك غناء ماجن فاحش لا يمكن قبوله، وينكره كل مؤمن عفيف..
............
أما استماع النبي الكريم لغناء الصحابية الجليلة المغنية حمامة فهو وارد في صحيح البخاري وصحيح مسلم والنسائي والترمذي 12 مرة، باب الدرق وباب العبدين وباب النكاح، وحمامة مغنية معروفة تكنى أم بلال، كانت تغني مع صاحبة لها وهي مولاة (معتقة) لحسان بن ثابت وقيل لعبد الله بن سلام، وقيل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه
المرجع: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج2 ص44..

إن تأويل الحديث بأن الصحابية المغنية أم بلال وزميلتها كانت طفلة صغيرة غير مقنع أبداً، ولو كان كذلك لم يعترض عليها أبو بكر، بل كانت مغنية معروفة وموهوبة ومثقفة تحيي حفلات المدينة المنورة، ويستقبلها كبار الصحابة باحترام وتقدير، وظلت تغني إلى آخر أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه،فهل ظلت طفلة؟؟ وقد ورد ذكرها في شروح الكتب الستة وسأورد بالأرقام والصفحات في الحاشية.

أما استماع الصحابة فقد عدد الإمام الشوكاني عشرات الصحابة الذين كانوا يستمعون الغناء من النساء ومن الرجال، وأهمهم عمر وعثمان وحسان بن ثابت وعبد الله بن سلام والنعمان بن ثابت وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير
المرجع: نيل الأوطار للشوكاني ج 8 ص 114
....
إنني لا أعتقد ان إباحة الفن وتشجيعه مرتبط برأي السلف ولكنني أعترض بشدة على ان السلف كانوا قساة جفاة، بل كان فيهم من يعشق الفن ويحبه، وفيهم من لا يهتم بذلك...
أما ثقافة الكراهية البائسة فلا يجوز على الإطلاق أن نشارك فيها باي وجه