مفهوم الأديب الألكتروني
د. ريمه الخاني
مذ درست هندسة الشبكات Mcse المطروحة ميكروسوفت 2008، والحياة الألكترونية تقفز قفزا لاتمشي مشيا، وقد عانيت حتى استطعت تقبل الدراسة بالمقلوب، عمليا ثم نظريا، بحيث أن الكتاب يقرأ بعد التطبيق العملي، حيث بات الكتاب عبارة عن مرشد فقط( كتالوج) وكأنك تتعلم كيفية استعمال آلة ما، هذا دعاني لرؤية كل شيء ومقابله عمليا، هذه هي الحياة ومن اقتصر اهتمامه على المجال النظري، فهو فاشل بكل المعايير، لأنه عندما يحتاج لتطبيق مادرسه سوف يرتبك ويطبق خطأ ربما، لا بل غالبا أيضا، فمعظم الوظائف تطالع السيرة الذاتية للعمل ، تقييم على أساس الخبرة العملية، التي تكون هي الحكم دوما، هنا نقول:
مادفعني للتفكير بالمنهج التطبيقي الأدبي، اعتقاد الطالب، أن دراسته التطبيقية منحصرة بمعرفة الأنماط الأدبية فقط، بينما هذا الإلمام واللإتقان ، مطلوب في كل المجالات، إعلاميا، صحفيا بحثيا في كل الاختصاصات، للتعبير عن المادة المدروسة بلغة سليمة على الأقل.
نعاني كأدباء من تردد خريجي كليات الأدب و قصور عام، في الإقدام على الكتابة الأدبية كنقد يختصر مراحل الدراسة، كبحث يبرهن على هضم المواد المدروسة، لكن العالم التطبيقي أوسع بكثير مما ورد، وسوف ينتقل العالم لمراحل متقدمة جدا، قدم لها مؤلف كتاب خمسون سنة مقبلة وصاحب كتاب 23 طريقة للحرب، إنها ستغدو على المدى البعيدغير مسلحة إلى حد ما، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة في مواقع التواصل، مفاهيم جديدة مدهشة ، تتشوف المستقبل، وأظن أنه مؤكد للمعومة أصل بطريقة ما، مفادها (بتصرف):
لاتجعل أولادك ما بعد مواليد 2010 يحلمون أن يصبحوا أطباء أو مهندسين أو صحفيين الخ..
حاول تغيير أحلامهم، بحيث تتواءم مع الواقع، فالعالم يتغير في كل ثانية، في كل دقيقة ولحظة لذا علينا أن نتغير بدورنا لنتفاهم مع الجيل الجديد، قبل اتساع الهوة التي تكبر كل يوم.
ففي عالم 2030 سوف تختفي ملياري وظيفة من العالم، ويتوقع أن يحل محل الكهرباء الطاقة البديلة، من شمسية ومولدات ذات الأداء الراجع الخ..
وهذا يمكن قياسه على الأدب والثقافة بشكل عام، حيث سيصبح التواصل افتراضيا، والانتشار الأدبي افتراضيا أيضا، لذا فما كنا نقدمه من ذاتية أدبية وتعبير حول الحزن والفرح، إن لم يوظف عمليا لخدمة هدف بناء ما، فهو ليس ذا بال، سوى كلام كلام كلام.. ولن يلتفت له الجيل المعاصر إلا بقدر ما، يستجيب مع من لاقيمة للوقت لديه.
الأدب دخل في كل النصوص الإعلامية في كل مجلة وعمل وتقرير، كمثال، هو موظف بعناية لهدف ما غالبا، وعليه فلم يعد هناك أدب للأدب أبدا، بات متغلغلا في كل مناحي الحياة فالعالم يجب أن يحسن صاحبه التعبير عما لديه من فكر بوضوح، بجملة واضحة ذات معنى واحد، نحن لانفكر في المستقبل بأبعد من عدة سنوات أو أكثر ، العالم يفكر بخمسين سنة للأمام.
فماذا عن الأدب في عام 2050؟ز
قم للمعلم وفه التبجيلات كاد المعلم أن يكون رسولا.
حطمتها منذ زمن جامعة :MIT [1]التي حمّلت 130 مليون معلومة متاحة للدارسين وشهادات معتمدة عالميان، وطبعا موجه حسب تفكريهم هم، ومن سبق هو من سيحتل الساحة مستقبلا، ومازلنا نعطي الشهادات على "إن" فقط التي شرحها سيبويه، وندرس "ابن عربي" في جامعة السوربون ، والذي لن يوصلنا للقمر..فنسبّح الخلاق على ماخلق، الشاهد هوأننا نريد علوما عملية، فمانستعمله من غوغل ونظام مايكروسوفف، وواتس وفيس، كله يعطيهم قصب السبق في التحكم بنا، لأن العلم سبق الأدب، فهل يصبح الأدب ذو ثوب علميّ مثلا؟، مقابل هذه القوة وهي قوة العلم، علينا أن نكون مؤثرين بطريقتنا، حتى نجد طريقا للقمة يوماما.
علينا التوقع والحلم الحقيقي، والسعي للوصول إليه، يُتوقع حسب ماورد في مواقع التواصل، أن مهمة المعلم ستضمر، والكتب المدرسية ستختفي، لأن العالم الافتراضي وعالم الذكاء الاصطناعي سوف يطغى على 80% من عالم الثقافة والعلم، علينا أن نكون مهيئين دومان للنقة النوعية والتهيؤ لها ،وتخزين الإحصاءات لكل خطوة مفيدة جديدة تدعلنا نعمل برؤية واضحة، وعلمية قوية كما يعملون- نحن نعاني من فقر الإحصائيات العربية- بل وابتكار جديد يبهر العالم أيضا نملكه ولايملكونه.
المعلم لن يستطع تخزين الكم الهائل من العلوم التي تنتشر حولنا بشكل مخيف.الصحفي والأديب سيصبح عبارة عن تطبيق ألكتروني خاص بكل أديب، تضطلع على أدبه تنقده ألكترونيا وتمضي..
الصحفي لديه من الأدوات مايجعله لايحتاج لكي يكون في الميدان، المعلومة ستصبح سهلة التناول تماما.
كل شيء غدا تطبيقا ألكترونيا، كل شيء البيع والشراء والعقارات الخ..والأدب سيغدو معه أمرا مبرمجا يعناية موظفا لأمر ما وليس معلقا بالهواء بمشاعر لاتسمن ولاتغني من جوع.
المكتبات ستصبح ألكترونية بالكامل، والكتب الورقية مخزنا محتفيا فقط، حتى الموظفين سيصبحون عبارة عن ربوتات عاقلة، كل شيء له صلة برأي العامة والاستبينات تجمعه المواقع من زوارها، الواقع سيتقلص للربع، فكل شيئ سيأتي إلى بيتك، وستنادي لكل اجهزة بيتك الذكية كي تلبي طلبك في تقديم أيس كريم في سهرتك على التلفاز الذذي بات يدري مواعيد رجوعك للمنزل بيفتتح سهرته معك!.
حتى المحاسب سيختصر نفسه بتطبيق فقط، إذن لكي تغدو أديبا ناجحا وقلما ممبزا، اطلع على كل جديد ومهم، كون مذهبك الفكري، وانطلق عبر تطبيق خاص بك.
الأمور التي عليك تفهمها جيدا وتفهم أولادك:
أن يبحثون عن كل جديد، مادام كل شيء بات متاحا معرفيا، ويكوّنون الخدمات الخاصة به مثلا كمصطلح الأديب الألكتروني، عليك تعلم عدة لغات، للتفاهم مع العالم الواسع، وعليك تعلم كيف تستثمر معارفك جيدا حيث تحل وتكرس فائدة مادية لك معها، وربما عليك أن تعلم ابنك أن يكون مبرمجا في المستقبل زللبرمجة اختصاصات أيضا، فهي مهنة الغد المطلوبة بقوة، فعالمنا عالم اختصاص الاختصاص، حتى علم الطب سيُختصر في علم الجينات المهم الذي سيقلب الطاولة على الأمراض، أو كي نواجه العبث بها وبنا، و من خلاله سيعرف العلماء مستقبلك الصحي ، وليس ماضيك وهو الأهم.علم الحواسب سوف يختصر بأمن المعلومات حيث أن معظم كل ماتتفوه به مخزن على المواقع،و الحروب الجديدة لن تكون بالسلاح ، ليس هذا ماكتبه "سن تزو" في كتابه فن الحرب، بل هذا ماكتبه من بعده : "روبرت غرين "في كتابه 33 استراتيجية للحرب.
إنها حرب العلوم والمعلومات، لذا فالأديب الألكتروني، هو الصورة الحديثة المأمولة لمستقبل النص الأدبي، الذي تحتاجه كل العلوم للتعبير عما فيها من مواد علمية وثقافية، يختصرها تطبيق.
يحمل المنهج وقسم يتصل مباشرة مع المعلم، وقسم تعرض في الوظائف، إن لم ترسل على بريد المعلم الخاص بالمدرسة.
حاليا نفخر أنه لدينا منهجا تطبيقيا لكليات الآداب تردم الهوة التطبيقية، والتي تحتاجها الأقسام الأدبية، وتختصر الحاجة لها بثلاث كتب وهي:
خصوصية الأدب
والإرادة الأدبية
ومصائب النقد.
يختص الأول بمرحلة ماقبل الكتابة كمعرفة أكاديمية مهمة، ويختص الثاني بالأنماط الأدبية وإتقانها أما الثالث فتطبيقي نقدي مهم، وسوف يتحول المنهج إلى تطبيق بدوره يلبي الحاجات البحثية والسريعة للطالب.
لن نوارب لو قلنا: أنه بعد تلك الجولة، لايمكن الاستغناء العنصر البشري تماما في أهم الساحات التربوية، والتجارب التي عرضت عبر المواقع، عن صفوف مدرسية يقودها معلم آلي خداع للطبيعة البشرية، وطعن بإنسانيتها.
لذا فأمر التوازن مطلوب حتما، كما نرى، مهما طغى العامل التقني على كل شيء.وكذا الأديب الألكتروني، هل يمكننا تخيل أديب افتراضي فقط؟ ماذا بقي لنا من إنسانيتنا؟ .
موضوع مفتوح..
كونوا بخير وبالتوفيق للجميع.




[1] معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أو معهد ماساتشوستس للتقنية، ويعرف اختصارا ب"إم آي تي" هي جامعة بمدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس تأسست عام 1861. ويعتبر هذا المعهد من المعاهد المتألقة عالمياً.