في داخل كل إنسان منّا جملة واحدة.. لو قيلت له في وجهه لشطرته إلى نصفين.. ولحمل صدى أحرفها معه إلى قبره.. جملة تحمل في ثناياها عيب ذاته الأكبر.. العيب الذي لم يمكنه أبدا أن يتخلص منه.. وأمضى عمره وهو يهرب من مواجهته..

بعض الناس.. وهبهم الله البصيرة ليقرأوا هذه الجملة .. لكنهم بدل أن يرموك بها ليحطموك.. يساعدونك لتخطيها دون حتى أن تلاحظ ذلك .. هؤلاء هم ورثة الأنبياء الحقيقيون.. وهذا التغاضي الذكي.. هو أجمل ما يمكن أن يصدر من إنسان باتجاه إنسان آخر..

#ديك_الجن

واعلم يا فتى أن العرب لما أرادوا وصف شخص كثير المال، لم يأتوا بكلمة تدلّ على الحال بل على النتيجة التي يؤدي إليها الحال.. فقالوا عن كثير المال، غنيّ.. أي استغنى بماله عن الناس.. وأنهم حين أرادوا وصف شخص معدم المال، أتوا أيضا بكلمة تصف حاله ومآله، فكانت كلمة فقير.. أي أفقره عوزه إلى الناس وأحوجه إليهم.. وشاهد ذلك تراه في قول عز من قائل.. يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد.. أي أنكم تحتاجون الله ولا يحتاجكم..

وعليه، فإياك إن صادفت في حياتك رجلا كثير المال أن تتسرع بوصفه بالغني.. إلا لو حقق شرط ذلك.. وضمن له ماله كرامة وقدرا لا يضطر معهما للتذلل عند الناس.. فكم من رجل تحوي خزائنه ما لا يمكن قياسه.. لكنك تراه متذللا على أعتاب ذي سلطان أو متمسحا بذيل ذي منصب.. فما ذاك بالغني.. وعلى الجانب الآخر، فلا يدفعك حال الرجل رث الثياب شعث الهيئة أن تصفه بالفقير.. إلا لو حقق شرط ذلك.. فإن منهم من هو قانع بما أوتي.. راضٍ بما أعطي، لا يسأل الناس ولا يتملقهم.. ولا يُبَدِّل عزة نفسه بكنوز الإنس والجان.. وما ذاك بالفقير..

وقل اللهم لا تجعلنا تبعا لأحد من خلقك.. ولا تحن جباهنا إلا لعظمتك.. واجعلنا من المستغنين بك، المفتقرين إليك.. واكفنا اللهم بحلالك عن حرامك.. وبفضلك عمّن سواك ..

#ديك_الجن