بسم الله الرحمن الرحيم
محاولة لحصر القرآن العجب الذى سمعته الجن
فى سورة بعينها
( 1 )
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه
أما بعد ، فهذه محاولة تدبرية لحصر وتعيين السورة التى استمع إليها نفر من الجن من تلاوة النبى فقالوا : " إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا "
وهى الحادثة التى تقصها علينا سورة الجن بشىء من التفصيل
أما الغرض من هذا البحث فقد جاء قدراً ، ودون إعداد مسبق له ، حيث جاء إمتداداً لبحثى حول " ظاهرة الإحالة القرآنية إلى سورة الأنعام " ، وهو البحث الذى تم عرضه فى هذا الملتقى تحت عنوان " سورة الأنعام وهذا السر العجيب "
أقول إن بحثى الحالى جاء إمتداداً لموضوعى السابق عن الإحالات القرآنية ، حيث كانت سورة الجن من السور التى لفتت نظرى إليها بمطلعها ، فهذا المطلع رأيتُ أنه يتضمن إحالة إلى غيره من القرآن ، وذلك فى قوله تعالى حاكياً عن الجن : " سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا " ، لأن هذا القول يشير حتماً إلى سورة أخرى غير سورة الجن بالطبع ، سورة استمع إليها نفر من الجن فقالوا هذا القول ، تلك كانت نقطة البداية فى هذا البحث
وسوف يجد القارىء الكريم أننى قد خلصت فى بحثى الحالى إلى نتيجة مؤداها :
إن التدبر الواعى لسورة الجن سوف يهدينا إلى أن القرآن العجب الذى سمعته الجن لن يخرج – فى الغالب - عن سورة الأنعام تحديداً ، فذلك هو أقوى الإحتمالات على الإطلاق ، حسبما تدل الشواهد العديدة التى خرجنا بها من هذا التدبر .
ولكن هذا لا يمنع من وجود إحتمال آخر يتعلق بكونه يخص سورة أخرى غير سورة الأنعام ، ولن أتعرض لذكر هذا الإحتمال الآن حتى نفرغ أولا ًمن عرض شواهد وأدلة الإحتمال الأول والأقوى والخاص بسورة الأنعام
وقد كان من المفترض أن أُضم هذا البحث إلى موضوعى السابق عن سورة الأنعام ،ولكنى عدلت عن ذلك لعدة أسباب ، منها طول هذا البحث واحتياجه إلى مساحة كبيرة لعرضه عرضاً وافياً ، وكذلك لإختلافه النوعى عن الإحالات الأخرى ، حيث الإحالة هنا لا تشير إلى آية واحدة ، وإنما إلى سورة كاملة ، أو على الأقل إلى آيات كثيرة منها ، يُضاف إلى ذلك ما ذكرناه عن وجود إحتمال آخر لكون الإحالة تخص سورة أخرى غير سورة الأنعام
لكل تلك الأسباب رأيت ألا أضع هذا البحث فى موضوعى السابق عن سورة الأنعام
كما رأيت أن أعرض الأمر على حضراتكم مستطلعاً لآرائكم ومستفتياً لكم فى مدى قوة الأدلة المرجحة لهذه السورة أو تلك
وفى المشاركات التالية سوف أعرض أولاً للأسباب التى دعتنى إلى حصر ما سمعته الجن فى سورة الأنعام ، والموفق هو الله
( 2 )قال تعالى :
ï‚· قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا
ï‚· يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا
ï‚· وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا
ï‚· وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا
ï‚· وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
إن التدبر الواعى للآيات سالفة الذكر يكشف لنا أن نفر الجن الذين استمعوا إلى ما كان يتلوه النبى من قرآن قد تأثروا للغاية بما سمعوه إلى الحد الذى أنشأ لديهم إعتقادات جديدة غير التى كانوا يعتقدونها فى السابق
تلك العقائد الجديدة قد استفادوها من إستماعهم لسورة من القرآن كان يتلوها النبى ، إن هذا هو أول الخيط الذى سوف يقودنا إلى التعرف على ما سمعوه تحديداً ، فكيف ذلك ؟
إن ذلك يكون بالنظر فيما قالوه عما كانوا يعتقدونه من قبل ، ثم مقارنته بما علموا خلافه وضده والذى استفادوه من استماعهم لسورة من القرآن
فلننظر فى هذا الأمر بتدقيق أشد :
أولاً : نستفيد من قول الجن : " وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً "
أنهم كانوا يعتقدون فى أن الله له صاحبة ، أى زوجة ، وبالتالى يكون له ولد - تعالى الله - وأنهم لما استمعوا إلى سورة من القرآن علموا من خلالها أن هذا الإعتقاد كان خاطئاً تماماً ، هذه واحدة
والآن ، إذا ما بحثنا فى القرآن كله عن المواضع التى نفت عن الله تعالى إتخاذ الصاحبة والولد معاً ، فلن نجد هذا المعنى إلا فى موضع واحد فحسب ، هو قوله تعالى فى سورة الأنعام :
" وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّايَصِفُونَ
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " سورة الأنعام – 100 ، 101
ويلفت نظرنا هنا عدة أمور ، منها : أن الآيتين المذكورتين قد بدأتا بالحديث عن الجن
ومنها إشارتها الأولى إلى ما نسبه المشركون لله سبحانه من البنين والبنات بغير علم
ثم أخيراً وهو الأهم إشارتها الثانية إلى نفى الولد والصاحبة معا ، وهذا هو مربط الفرس
إن آيات كثيرة فى القرآن قد تحدثت عن تنزيه الله عن إتخاذ الولد ، وتلك الآيات نجدها مبثوثة فى العديد من السور ، ولكن ليس فى أىٍ منها ذكر للصاحبة تحديداً
أما سورة الأنعام فهى الوحيدة – بعد إستثناء سورة الجن - التى نزّهت الله سبحانه عن إتخاذ " الصاحبة " تحديداً ، وهذا معناه أن الجن إذا كانوا علموا بذلك التنزيه من القرآن فليس أمامهم إلا مصدر واحد يمكن أن يكونوا قد تلقوا عنه هذا المعنى ، ذلك المصدر هو سورة الأنعام بلا ريب .
ثانياً : يؤيد ما سبق ذكره ما قاله شيخ المفسرين الإمام الطبرى عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة الجن :
وأنَّاظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنُّ على اللَّهِ كَذِباً ، حيث قال :
" قالوا : وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذباً من القول ، والظنّ ههنا بمعنى الشكّ، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحداً يجتريء على الكذب على الله لما سمعت القرآن ،لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولداً ، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذباً في كلّ ذلك ، فلذلك قالوا : وأنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً ، فسموه سفيهاً. "
والآن أدعوك أخى الكريم إلى أن تتأمل العبارات السابقة من تفسير الطبرى والتى جعلتها باللون الأحمر ووضعت تحتها خطوطاً ، وستجد أنها تدل بوضوح تام على أن تنزيه الجن لله سبحانه عن إتخاذ الصاحبة قد أفادوه من سماعهم للقرآن
وإلى نفس هذا المعنى ذهب الصابونى فى " صفوة التفاسير " حيث قال :
"وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ظ±لإِنسُ وَظ±لْجِنُّ عَلَى ظ±للَّهِ كَذِباً " أي كنا نظن أن أحداً لن يكذب على الله تعالى لا من الإِنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه ، فلما سمعنا هذا القرآن وآمنا به علمنا أنهم كانوا يكذبون على الله في ذلك "
أما العلامة ابن عاشور فنجده قد أحال بصراحة آيات سورة الجن إلى آيات سورة الأنعام تحديداً ، وذلك حين قال :
" والاقتصار في بيان تَعالِي جدِ الله على انتفاء الصاحبة عنه والولد ينبىء بأنه كان شائعاً في علم الجن ما كان يعتقده المشركون أن الملائكة بنات الله من سروات الجن وما اعتقاد المشركين إلاّ ناشىء عن تلقين الشيطان وهو من الجن ، ولأن ذلك مماسمعوه من القرآن مثل قوله تعالى : سبحانه " أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة " في سورة الأنعام (101) "
أرأيت أخى الكريم إلى قوة الأدلة التى تُرجِح أن تكون سورة الأنعام هى القرآن العجب الذى استمع إليه هذا النفر من الجن الصالح رضى الله عنهم
ومع ذلك فليس هذا كل شىء ، بل يوجد مزيد من الأدلة القوية المرجحة لهذا الأمر
وسوف نستعرضها لاحقاً بعون الله وتيسيره ، فأدعوا لأخيكم بأن ييسر الله له
( يُتبع إن شاء الله )
جزاك الله خيراً أخي العليمي المصري . . على هذا لبحث المفيد إن شاء الله تعالى ،
وأرى أن أهم ما يمكن أن يُستفاد من هذه الظاهرة " ظاهرة إحالة بعض السور إلى سور أخرى " ، هو الإستفادة في معرف تتابع نزول السور _ أو على الأقل بعض أجزئها - ، ومن ثم إمكانية ربطها مع سيرة الرسول في سيره في بلاغ الرسالة من أجل تحقيق غايتها في الواقع ، الأمر الذي يوضّح ويبيّن الظروف والأحوال التي نزلت فيها تلك السور أو بعض أجزائها ، وهو ما ُيعرف بقرائن الحال أو " سياق الحال " ، والذي بدوره يُساعد على فهم مراد الله تعالى من كلامه ، فهماً أقرب إلى الصحة . . [ فمعرفة مقتضى الحال الذي ورد فيه الخطاب تُعين على فهم المراد منه " . ومن ثم ، فلا بد لمن أراد أن يفهم مراد الله تعالى من كلامه فهماً صحيحاً ، أن يسير على منهج رئيس في الفهم لا يمكن إغفاله وهو " السياق " أو " المقام " أو " الحال " الذي نزل النص لمعالجته ، لأن العلم بخلفيات النصوص وبالأسباب وبالأحوال التي وردت فيها وسننها الإلهية الضابطة لها . . يورث العلم بالمناط الذي جاء الوحي لمعالجته ، وبكيفية معالجته ، مما ينـفي الإحتمالات والظنون غير المرادة ، ويقطع الطريق على المقاصد المغرضة التي لم يُردها الشارع الحكيم ولم يرُمْها ، ويصحّح ما اعوجّ من أساليب التطبيق " ].
[ ففهْم حقيقة الواقع الإنساني الذي تعمل فيه الرسالة أمر مطلوب شرعاً ، سواء عند فهم المعالجات الشرعية أو عند تنزيلها على الواقع أو عند فهم المنهاج وكيفية السير ، وهو ما يُعرف في أصول الفقه بـ " تحقيق المناط " . ذلك أن الرسالة والشريعة ما جاءت إلا لمعالجة الواقع الإنساني وتغييره وصياغته حسب مراد الله تعالى ، وهو أن يكون الدين لله وحده ، وهذا يقتضي فهم حقيقة الواقع الإنساني وفهم سننه الإلهية التي تحكمه ، فهماً يُمَكّن حملة الرسالة من تلك الصياغة للواقع . . ].
وتفصيل هذا الأمر موجود في بحث ( منهاج النبوة في تحقيق الغاية من الرسالة الخاتمة ) الجزء 4 ، فليرجع إليه من أراد الإستزادة والتفصيل . .
(جواد عيسى العدرة )بارك الله فيكم الأستاذ الفاضل العليمي على هذا الموضوع الجميل
وحقيقة بودنا أن نعلم هذه الآيات التي استمع لها الجن
فليتنا نجد بعض الآثار عن الصحابة في تحديد السورة
أما ما خلصتم له من أن السورة هي الأنعام
فإنه يشكل عليه بأن سورة الأنعام من حيث ترتيب النزول نزلت بعد سورة الجن حسبما ذكره أهل العلم انطلاقا من الآثار الواردة في ترتيب السور حسب النزول
فأرجو أن تثبتوا لنا بارك الله فيكم نزول الأنعام قبل سورة الجن
حتى يستقيم لكم البحث الذي خلصتم له
وفقكم الله لكل خير
في انتظار إجابتكم تقبلوا مني أحر التحايا
أخوكم في الله عبد العزيز لمسلك المغربي (عبد العزيز المسلك)
إجابة السؤال الأول:
الآيتان كلتاهما تتحدثان عن علاقة ما بين الجن وطائفة من الإنس فهذا هو الرابط بينهما
وقد حصر الإمام الطبرى هذه العلاقة فى أمر واحد هو إستعاذة رجال من الإنس برجال من الجن ، ولا أرى أى إشكال فى هذا ، وإن كنتُ أرى أن آية سورة الأنعام أوسع وأشمل فى معناها مما فسرها به الإمام الطبرى ، بمعنى أنها تشمل ما ذكره ثم تتجاوزه إلى معانى أخرى ، لأن علاقة الإستمتاع هنا متبادلة ولا تقتصر على طرف واحد فحسب ، وذلك بنص القرآن : " استمتع بعضنا ببعض"
بل إننى أذهب إلى أبعد من هذا ، حيث أرى أن الإستمتاع هنا قد يشمل المتعة الحسية واللذة الجسدية ، فمن الجن إناث وذكور مثلنا تماما ، وقد يقع بعضهم فى عشق بعض الإنس ، وهو ما يطلقون عليه وصف " الجن العاشق " ، فمن الممكن مثلا ً أن تقع إحدى نساء الجن فى عشق أحد رجال الإنس ، أو العكس ، ولكن هذا موضوع آخر ، ولا أريد أن أستطرد إليه أو أخوض فى تفاصيله الآن
إجابة السؤال الثانى:
يمكن تصنيف موضوع الإحالات فى باب : تفسير القرآن بالقرآن
كما يمكن تصنيفه فى : علم أحكام القرآن ووجوه الإستنباطات
وأشكرك على إهتمامك ومتابعتك (العليمي)
أخى العزيز الدكتور نصيف ، حفظه الله
إنه لمن دواعى سرورى أن ينال هذا البحث إعجابكم
أما عن الروايات المتعلقة بواقعة إستماع الجن إلى القرآن فإنها كثيرة
فمنها روايتين وردتا فى الصحيحين : البخارى ومسلم
ومنها رواية أخرجها الترمذى عن جابر رضى الله عنه
ومنها رواية أوردها ابن اسحق فى سيرته . . . . . . فالروايات كثيرة أخى الحبيب ، وقد أورد الإمام البيهقى العديد منها فى كتابه " دلائل النبوة " ثم حاول التوفيق بين الروايات المختلفة منها ، وذلك بإرجاعها إلى مناسبات عديدة ، بمعنى أن واقعة سماع الجن للقرآن الكريم قد تكررت أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة ، وهو الأمر الذى وافقه عليه بعض العلماء
ولكن ما يعنينا هنا وبالدرجة الأولى أن تلك الروايات – على كثرتها – لم يأت فى أى ٍ منها تحديد صريح وقاطع لإسم السورة التى استمع إليها نفر الجن ، ومن هنا لم يكن أمامى من سبيل لمعرفتها غير الإجتهاد من خلال التدبر القرآنى
ثم أقول : وحتى لو إفترضنا أنه توجد رواية لم نعلم بها وفيها هذا التحديد القاطع لما استمعوا إليه ، فإن تكرار هذه الواقعة أكثر من مرة كما ذكرنا آنفا يجعل من الصعوبة بمكان الجزم بأن تلك الرواية تختص بالواقعة التى تقصها علينا سورة الجن تحديداً ، والتى هى موضوع هذا البحث
أرجو أن أكون قد أجبت بالسداد
ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه
وجزاكم كل خير أخى عبد الله
أما عن القرآن الذى استمع إليه نفر الجن والمشار إليه فى سورة الأحقاف فهذه مسألة أخرى وربما استلزمت إجراء بحث آخر، لأن واقعة استماع الجن إلى القرآن لم تحدث مرة واحدة فقط حسبما تفيد الروايات العديدة بشأنها ، وإذا رجعت إلى ردى على أخى الدكتور نصيف تبين لك ذلك
أكتفى بهذا القدر من الردود اليوم ، على أن أستأنف بقية الردود غداً إن شاء الله
فليعذرنى باقى الأخوة الأفاضل ، والسلام عليكم
أعتقد أن البحث يحتاج ليكمل على الوجه المطلوب إلى دراسة حديثية مدققة تجمع المرويات التي أشرتم إليها وتنقدها وتجمع بين الثابت منها، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بمتخصص في علم الحديث فلا بأس، والله أعلم. (محمد نصيف)
وأنا أضم صوتي إلى صوت أخي د محمد نصيف ، وأتمنى على مَن عنده دراية في هذا الباب أن لا يبخل علينا بعلمه . .
وتزداد أهمية الموضوع - في نظري - إذا استطعنا تقدير وقت وظروف نزول سورة الأنعام وسورة الجن . . أو غيرها من السور ، وربطها بسيرة الرسول الكريم لما لذلك من أثر في فهم مراد الله من كلامه بشكل أقرب للصحة ، كما ذكرت في مداخلتي أعلاه .
هذا والله أعلم(جواد عيسى العدرة)
الأخ الكريم / العليمي حفظه الله ونفع به .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فممرت اليوم ببحثك الماتع – جزاك الله خيرا ، وقرأت تعليقات من شارك في هذا العرض الجيد ، شكر الله لهم جميعا ، وأضم صوتي إلى الأخوة الفضلاء نصيف والعدرة والضرير ، وفق الله الجميع .... ثم إليكم مشاركتي .. أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
روى الترمذي ( 3291 ) عن جابر - - قال : خرج رسول الله ïپ¥ على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا ، فقال : " لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودًا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " .
والحديث رواه - أيضًا - البيهقي في ( الدلائل ) : 2 / 232 ، والشعب ( 2493 ، 4417 ) ، وابن عدي في ( الكامل ) : 3 / 219 ، والحاكم : 2 / 473 ، وصححه ووافقه الذهبي .
وله شاهد عن ابن عمر رواه ابن جرير : 27 / 72 ، والبزار ( 2269 – كشف ) ، وقال الهيثمي في المجمع : 7 / 117 : رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي : وثقه ابن حبان ، وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح ا.هـ . ومثله يصلح في الشواهد ، فالحديث حسن ، وصححه السيوطي في ( الدر المنثور ) : 7 / 690 ، وحسنه الألباني في الصحيحة ( 2150 ) .
ولفظ حديث ابن عمر - - أن رسول الله ïپ¥ قرأ سورة الرحمن - أو قرئت عنده - فقال : " ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ " قالوا : وما ذا يا رسول الله ؟ قال : " ما أتيت على قول الله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالت الجن : لا بشيء من نعمة ربنا نكذب " .
وفيه دلالة على أن الذي استمعه الجن ليلة الجن هي سورة الرحمن .
وأما عن التناظر الموجود بين سورتي الأنعام والجن ، فهو كثير في آيات القرآن ، ولا يمكن به وحده الجزم بأن الذي استمعه الجن وترتب عليه قولهم في سورة الجن هو سورة الأنعام ؛ لأن الإيمان الصحيح كاشف للعقائد الباطلة .
فمع تسليمي - أخي الكريم – لهذا الجهد المتميز – جزاك الله خيرا ، إلا أن الأمر يحتاج إلى جهد أكبر للجزم بنتيجته ، وفقك الله وسددك .(محمد محمود إبراهيم عطية)
ى أن أسجل هذه الملاحظات ، ولا أقطع بشىء
ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه
ثالثا ً: سورة الأنعام هى كذلك أكثر السور ذكراً للفظ ( الشياطين ) بصيغة الجمع هذه ، حيث ورد فيها ثلاث مرات ، وذلك فى الآيات : 71 – 112 – 121 ، ولم تنافسها فى هذا غير سورة البقرة
تلك ملاحظات عددية تصب فى صالح النتيجة التى خلصنا إليها ، وهى وإن كانت لا تكفى وحدها للإستدلال بها ، فيمكن على الأقل الإستئناس بها
وقد يكون من المفيد الآن أن أذكر مواضع ذكر الجن فى سورة الأنعام ، وهى كالتالى :
أولا ً :
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُُ(103)
ثانياً :
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)
ثالثاً :
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)
وبهذا القدر أكون قد عرضتُ أدلتى وأفرغت وسعى ، فإن كان من توفيق فهو من الله ، وإن كان من خطأ أو نسيان فهو من نفسى والشيطان
والحمد لله على ما أنعم وتفضل : العليمي المصري
https://vb.tafsir.net/tafsir32262/#.WwUxULiHMsY
القرآن العجب الذى سمعته الجن ، فى أى سورة نجده
vb.tafsir.net
بسم الله الرحمن الرحيم محاولة لحصر القرآن العجب الذى سمعته الجن فى سورة بعينها ( 1 ) الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه أما بعد ، فهذه محاولة تدبرية لحصر وتعيين ...