ومضة "مرعبة" .. أيش يعني" استمتع بالحياة"؟!

هذه الومضة ابنة لمشروع .. قد لا يرى النور!!
عنوان المشروع " لماذا يا "لبر"!! أو من رواية إلى رواية."
و"لبر" هو تدليل"للبرالي" .. وهذا إطلاق "مزاجي" – بتقديم الزاء على الجيم – وإلا فلست أعرف توجه كاتب الرواية التي أقصد .. ولن أذكر اسمها الآن!!
كما أن "المشروع" كله قد يكون للخاصة فقط !! باستثناء افتتاحيته (لماذا يا"لبر" ).
والمقصود أننا كلما قلنا أن "النساء شقائق الرجال" ولا خوف عليهن من العمل "المتخلط" – هذا بالتعبير "الشنقيطي" – جاء "اللبر" ليكتب لنا "قصة "أو"رواية" تثبت عكس ذلك!!
في الرواية التي أعني .. يدخل"البطل" إلى المشفى .. وهو في"الاستقبال" يسمع موظفين اثنين يتحدثان عن"زميلتهما" وأنها طلبت "إجازة" .. وتضاحكا لسبب الإجازة .. بعض الأمور الخاصة بالنساء دون الرجال .. كتبها بالإنقليزية!!
فما كان منه إلا أن كتب إهداء على كتابين وتركهما لها .. فاتصلت به ... ثم تقابلا .. وكانت في وداعه .. وهو في طريقه إلى الخارج للعلاج من دائه الخطير ..
هذا ملخص "العتب" على أخينا"اللبر" .. والذي يقدم في تلك الرواية "دليلا" لإخواننا "المتشددين" أن المرأة عندما تختلط بالرجال .. اختلاطا دائما،وليس عابرا،فثمة مشكلة.
المهم أن مؤلف الرواية .. ذكر روايتين من ضمن مقروءات "بطله" .. فقرأتهما .. أما الرواية الثانية فهي "العرق"لجورجي أمادو ..
الجامع بين الروايتين"البذاءة والفحش" .. ولكن شتان بينهما ..فالثانية "مؤدلجة" كلها عن صراع الفقراء للتشبث بالعيش .. وظلم الأثرياء .. والوعي الطبقي .. إلخ.
أما الأولى .. فعلى شكل "مذكرات" .. ممدوحة من الصحف الغربية والنقاد .. بل ومن"جورجي أمادو".. "زاتو"!! ..
المهم .. أنني وجدت ظلالا من هذه الرواية في أكثر من رواية عربية .. كما اشار مؤلفها إلى أن بطل روايته المدعو "أندراش" تمثل أو قلد "جوليان" بطل "الأحمر والأسود" لـستاندال .. فذهبت إلى إحالته .. وهكذا ..
الأهم .. أن تحليل السيد "أندراش فايدا" بطل "ستيفين" أو "ستيفين" وهو يُنطق "أندراش فايدا" تحدث عن أمر وجدت له شبها بواقعنا العربي .. الإسلامي ..وكأننا نتمثل خطى الغرب .. كما تمثل"أندراش" خطى "جوليان"!!
فإلى الومضة ..
كتب "ستيفن فيزينشيي" :
(بدا أن الناس غير مهتمين إلا بشراء وبيع الضروريات الأساسية. يقضون أوقات فراغهم في مشاهدة التلفاز في حجر ترفيههم الكائنة تحت الأرض،يجلسون خلف مواقد الشواء في حدائق منازلهم الخلفية،أو يقودون سياراتهم الجديدة متسكعين. يبدو أنهم خائفون من الخروج بعيدا عن الأشياء التي ابتاعوها مؤخرا،أو الرفاق الذين ساعدوهم على اختيار البيت،الأثاث،العربة. كان عالما متزمتا،لكن لحسن الحظ كان بإمكاني الحصول على لمحة ضئيلة فقط منها. اعتاد الناس على مستوى معيشتهم وفجأة اصبحوا مهتمين بالحياة. شيدت بنايات،رممت شوارع كاملة ببيوت قديمة وتحولت إلى محلات ملابس غريبة،معارض فنية،مكتبات،ومقاهي رصيف،وفي الأمسيات الدافئة يتجول عبرها عديد من الناس،بحيث صارت تستغرقني ربع ساعة لقطع شارع واحد. ارتفعت نسبة الطلاق ارتفاعا كبيرا،وكذلك نوادي القيادة،الهيئات النسائية لمساعدة الفنون،جمعيات نقاش الكتب العظيمة والمنظمات الأخرى التي يمكن أن تقدم عذرا لزوجة عندما تشعر باتخاذ عشيق. هذه هي الظاهرة التي أصبحت تعرف بالثورة الجنسية في أمريكا الشمالية،وأنا عقدت العزم على الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن.){ ص 221 (في مدح النساء الأكبر سنا) / ستيفن فيزينشيي / ترجمة : صلاح صلاح / مؤسسة الانتشار العربي / الطبعة الأولى 2002 }

استمتع بالحياة !

هذه عبارة بت أرها ممجوجة لكثرة قراءتي لها .. بطل الومضة السابقة .. قال "مهتمين بالحياة".. فمن أين أتيتُ بالاستمتاع بالحاة!
سأخبركم .. إحدى من قابلهن السيد "فايدا" وهي امرأة متزوجة .. دار بينهما حوار طويل .. قد نراه إن كتب الله – سبحانه وتعالى – للمشروع أن يتم .. ولكن المهم .. أنها قالت له في حوارهما :
"ليس لأني أحب زوجي كثيرا"أضافت بتعاسة أعظم"لكني لم أخنه يوما" ){ص 215( في مدح النساء الأكبر سنا ...)}
وبعد سنوات .. التقيا .. فأخبرته أن زجها،لا يخونها فقط،بل يحكي لها مغامراته،مع سكرتيراته،تقول ..كأنه يريدني أن أصفق له !!
فيعلق "فايدا" :
"حسنا هذ يعني أن رأيك لا يزال الأهم بالنسبة له . ذلك يعني أنه لا زال يحبك"
"اشك في ذلك. لكني لم أعد في الواقع قلقة على زواجي. لقد قررت أن أستمتع بالحياة"
نظرت إليّ نظرة واعدة،لكني كنت على موعد،ولم أكن لأفوته هذه المرة. تكلمنا أكثر عن الطقس في تورنتو،وافترقنا كأحباء. أعداء قدامى،أصدقاء جدد.){ ص 223 – 224 (في مدح النساء الأكبر سنا) ..}
"الاستمتاع"بالحياة .. إفراز غريب عن ديننا .. الذي يقول لنا : "المال والبنون زينة الحياة الدنيا " الكهف 46. وسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول،فيما معناه "حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب .. وجعلت قرة عيني في الصلاة" أو كما قال عليه الصلاة والسلام..
بل في الحديث الآخر،ما معناه ( وفي بضع أحدكم صدقة ... قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته يكون له فيها أجرا؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر) أو كما قال عليه السلام.
النصرانية .. المحرفة .. من جهة و"الكابتة" حتى عن الحلال من جهة أخرى – أعني الرهبانية – هي الأم الشرعية لكراهية الحياة .. التي يقصدها "زرق العيون " حين ثاروا على دينهم المحرف .. القاتل .. الحارق للعلماء .. الكابت لجزء من تركيبة البشر .. وخصوصا مع المبالغة في الأمر .. فأدى ذلك إلى "انفجار" .. بدأ – أقول لعله ،فلست مطلعا على الأمر – بمتنفس "الاصلاح" – أو البروتستانتية .. والتي بدأت في القرن السادس عشر .. ثم،خصوصا بعد الحروب الطاحنة .. انفجر الوجع ليأخذ صورة انتقام من "الماضي الكابت" .. وعُضد ذلك بعدم يقين ديني .. أو إلحاد صريح.
هكذا رأينا الأمر ينتقل من "الرهبنة" إلى تنظيم الدعارة .. وقد كتب بيجوفيتش :
(البورنوجرافيا بالنسبة للبعض هي أحد أشكال الحرية ودقرطة المجتمع. و البورنوجرافيا هي تحقير للسيادة الأخلاقية لإنسان آخر. وخصوصا النساء ..إلخ. يوجد اتفاقان دوليان حول انتشار البورنوجرافيا،ومن المميز أن الاثنين كانا في بداية هذا القرن 1910 م في باريس،و 1923م في جنيف. ولكن بقدر علمي لم يعرفا التطبيق بعد ذلك إذ لم تحتملهما عملية الدقرطة) : بيجوفيتش ص 180 ( هروبي إلى الحرية )
ويعطينا لمحة أخرى :
(بعض المعطيات عن النظافة : "القديس أمبروزيا "لم يستحم طوال حياته حتى لا يعرف"متعته بلمس جسمه"ورائحة لويس الرابع عشر كان يمكن شمها على بعد عدة أمتار. وكان"ليوناردو دافنشي"يذهب إلى النوم محتذيا جزمته،ولم يكن يرغب في خلعها،لأنه كان يعتبرها جلده الآخر. وأثبتت"إيزابيلا أراجونسكا"بأن من الضروري الاستحمام بعد الولادة،وليلة الزفاف.
وبإيراد هذه المعطيات،فإن مجلة"يوروبيو" عام 1985 تستنتج ما من شك إذن بأنه في وسط وجنوب أقاليم أوربة هؤلاء هم على صلة بنظرة الكاثوليك عن الحياة،ونزعة العيب من الحمام الروماني في العصر الوثني. إن مؤرخي الطب يعلنون بأن الفضل في تقليل الوفيات لا يعود إلى الأدوية الجديدة،وإنما أولا لتقدم النظافة. ) : ص 257 – 258 (هروبي إلى الحرية) .
هؤلاء القوم القذرون .. ربما من المُبَرر أن تصدر عنهم الدعوة لـ"الاستمتاع بالحياة" .. خصوصا مع غياب اليقين بوجود "يوم آخر" .. أما الذين "يأجرهم" دينهم إن أتوا شهوتهم – في الحلال – ويتوضؤون .. ويغتسلون .. يغتسلون .. ويتوضؤون ..
وحبب إلى قدوتهم – صلى الله عليه وسلم – من هذا الفانية النساء والطيب .. وجعلت قرة عينه – بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم – في الصلاة .. فإلى أي استمتاع بالحياة يدعون!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني