ومضة من كتاب"التنوير الزائف" للدكتور جلال أمين :

اكتب بماء الذهب





هذه ومضة .. تستحق أن تكتب بماء الذهب .. للدكتور جلال أمين :

اكتشفنا – أو اكتشف بعضنا على الأقل – أن التقدم ليس حتميا،وأن التاريخ الإنساني ليس كالسلم الذي يقف البعض على درجاته العليا والبعض الآخر على درجاته الدنيا،ولا هو كالطريق الواحد الذي يتقدم فيه البعض خطوات على الآخرين،وإنما هو كمجموعة من الطرق المتشعبة،لكل طريق مزاياه وعيوبه،واختار الغرب أن يسير في أحدها فكسب أشياء وخسر أشياء،وأن هذا الخيار كان حكيما إلى حد كبير،ومحكوما بظروف اجتماعية وبيولوجية ونفسية مختلفة،ومن السخف محاولة إقناعنا بأن هذا هو”الطريق الوحيد”الذي يمكن السير فيه،ويجب السير فيه بسرعة وإلا كنا متخلفين (..) أما التخلف فأنا أعرف الآن ما هو إنه ليس إلا هذا الشعور بالعار فأنت لست متخلفا إلا بقدر شعورك بالعار إزاء هؤلاء الذين يسمون “متقدمين”وسوف تظل متخلفا مهما زاد متوسط دخلك ومهما ارتفع معدل نموك ومهما زاد ما في حوزتك من سلع وخدمات طالما أنك تشعر بالعار لأنك لا تملك ما يملكوه (..) نعم نريد إطعام الجوعى وتوفير الكساء والمأوى المناسب لمن لا كساء أو مأوى لهم وزيادة السلع الضرورية ،ولكن هذا في حد ذاته ليس مبررا للشعور بالعار بل لعل أول شروط النهضة هو التخلص من هذا الشعور بالعاروإلا كانت النتيجة إذا استمررنا نرفع شعار التنمية ونفهمه على النحو الذي نفهمه الآن إذا استمررنا نسمي أنفسنا متخلفين ونحدد هدفنا بأنه اللحاق بمستوى المعيشة في الغرب ستكون النتيجة أننا بعد خمسين عاما أخرى من”التنمية”سيكون لدينا محلات ماكدونالد أكثر وكوكاكولا أكثر وبلو جينز أكثر وأيضا سلاح أكثر وإعلانات أكثر وأفلام جريمة أكثر وشذوذ جنسي أكثر ومخدرات أكثر وستكون المرأة المصرية أو العربية خلال هذه الفترة قد حققت بالطبع نجاحا باهرا في الحصول على مساواتها بالرجل :كلاهما يتمتع بنفس مستوى المعيشة وبحرية الحصول على نفس الكمية من الماكدونالد والبلوجينز والمخدرات والإعلانات (..) لماذا يفرض عليّ أن أقبل أن زيادة نسبة النساء العاملات خارج المنزل بأجر “أي لدى الغير”هو دائما أفضل من العكس؟){ ص 9 – 15 (التنوير الزائف) / د.جلال أمين / القاهرة / دار المعارف “سلسلة إقرأ}.
استومضها لكم : س/ محمود المختار الشنقيطي المدني

س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب